أعاني من وسواس الردة، فطمئنوني
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته... أُعلِمكم أنني أعاني من وسواس قهري شديد في موضوع الكفر والردة، فكل حركة أو كلام أو تعبير وجه أشعر أنني وقعت في الكفر من خلاله، وذلك يومياً... كما أصلي صلاة التوبة وأتشهد مرات كثيرة حتياطاً.
من المواقف التي عانيت منها اليوم بعد العديد منها التي تجاهلتها ووسوستها هو هذا الذي حصل معي ولم أستطع قهره والتغلب عليه، قد يكون غريباً نوعاً ما، حيث كنت أشاهد برنامج مصارعة، وأحد المصارعين له حركة قاضية تسمى بالإنجليزية "trouble in paradise" والعياذ بالله، فأنا أقر أنها عبارة كفرية، لكن في لحظة ذهول وسهو نسيت نفسي مع الأحداث وقلت "trouble in...." وأدركت ما كنت على وشك قوله فأوقفت العرض وضاق صدري عليَّ، وأنا على وشك البكاء في صدد كتابتي هذه السطور.
هل قولي للعبارة نسياناً دون تكميلها يُعَدُّ كفراً؟ هل أصلي التوبة؟ أهذا وسواس وجب عليَّ تجاهله كباقي الوساوس التي انتصرت عليها اليوم؟ أم أن عليَّ أن أجدد إسلامي؟ أنا جد حائر الآن، وسأصلي صلاة العشاء التي على وشك الآذان بعد قليل معاملاً نفسي كمسلم، راجياً ربي _سبحانه وتعالى_ أن أبقى على إسلامي.
طمئنوني
رحمكم الله.
11/10/2020
ثم أرسل مرة أخرى يقول:
أفكار تخبرني أنني كفرت، ولا أعلم هل هي صحيحية أم خاطئة.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته... أرجو إخفاء هويتي في هذه الاستشارة التي أنا بصدد كتاباتها، وجزاكم الله خيراً.
سوف أحكي لكم ما أعاني منه الآن تفصيلا... قد منَّ الله _سبحانه وتعالى_ عليَّ بالالتزام في الأونة الأخيرة، وأصبحت تراودني أفكار عديدة، أفكار كفرية واستهزاء بديني الذي أحبه كثيراً، وتعابير وجه وتبسمات، وأقوال أتلفظ بها تجعلني أظن نفسي كافراً، لكن أتغلب عليها أحيانا وأوكد على نفسي أنني لازلت مسلماً، فالآن مثلاً أذَّن الآذان لصلاة العشاء، وأمي التي تعلم أنني أصبحت محافظاً على ديني، كما أعلم أنها تعلم شيئاً عمَّا أعانيه من وساوس قالت لي "أستتوضأ ثانيةً؟"، قلت لها "نعم"، فقالت "لم لا تحافظ على وضوئك؟" وقلت لها "بأنني أخرجت ريحا" إلا أنني قلتها بطريقة غير مؤدبة في عاميتنا، كلمة بذيئة نوعا ما وتدل على خروج الريح، وفور تلفظي بها شعرت بالذنب، هل تلفظت بتلك الكلمة البذيئة التي تدل على خروج الريح في الوقت الذي أمكنني فيه أن أقولها بطريقة مؤدبة تليق بسياق الدين والصلاة استخفافاً واستهزاءً بالإسلام وشرائعه؟! فقد كان بإمكاني قول أنني أخرجت ريحاً، ولكن قلت تلك الكلمة في المقابل.
بعض الأفكار الأخرى تخبرني أنني فعلت ذلك لأُبّيِّن لأمي أنني لازلت أتكلم كلاماً بذيئاً رغم التزامي أو شيء من هذا القبيل، لا أعلم ما الصح وما الخطأ... هل كفرت من خلال هذا الكلام؟ هل قصدت الاستهزاء بهذا الفعل؟ أم أنني قلت ذلك لأنني متعود على مثل تلك الكلمات مع أمي؟
كلما صدرت مني هذه الأفعال تخبرني أفكار بالمبادرة إلى التوبة من الكفر، لكن لا أعلم هل أنا كافر الآن؟ وهل كان قصدي الكفر بالفعل؟
سأعامل نفسي كمسلم، وأرجو الله أن أكون كذلك، وسأصلي الشفع والوتر الآن راجياً الله أن أكون على إسلامي... كونوا صريحين معي، طمئنوني إن كنت باقٍ على إسلامي... سأبدأ الآن التعوذ من الشيطان الرجيم، وسأمضي في عبادتي وطاعتي لله، وسأحاول تناسي الأمر.
أكرر أنني أريد إخفاء هويتي،
وجزاكم الله خيرا.
1/10/2020
ثم أرسل بعد 3 أيام يقول:
هل أنا راض بالكفر؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أولاً: أرجو منكم إخفاء هويتي وعدم كشف معلوماتي الشخصية، حفظكم الله.
أعلم أنني أكثرت من الأسئلة المتعلقة بالوسوسة، لكنني في حاجة لمن يستمع لما لدي من أفكار تراودني وتجعلني أعتقد نفسي كافراً، فاصبروا معي _جزاكم الله خيراً_، وتعمقوا في حالتي هذه التي أعتقد كونها مختلفة عن جميع الحالات المصابة بالوسواس التي قرأت عنها.
قد اكتشفت حديثاً أن تارك الصلاة كان محل خلاف بين أهل العلم في قضائه لما فات من صلوات، فهناك من قال "أنه كفر، وعليه لا يلزمه القضاء"، وهناك من قال "أنه يلزمه تعويض ما فات من صلوات لأنها تبقى في ذمته حتى يوم القيامة"، وبحكم أنني حديث التوبة النصوح والصادقة إلى الله تعالى، وبمواظبتي على جميع الصلوات في أوقاتها بدون استثناء تذكرت موضوع القضاء بعد الترك، فبحثت واحترت قليلاً حول قضائها تبعاً لخلاف أهل العلم، فتذكرت أنني ارتددت عن دين الإسلام _والعياذ بالله_ قبل توبتي حيث كنت مستهزئاً بالدين قائلاً لكلام يتعاظم عليَّ نطقه الآن بعد الهداية من رب العزة _أحمده وأشكره_، فقلت أن من ارتد عن دين الإسلام _أسأل الله لي ولكم العافية من الله عز وجل_ قد حبطت أعماله ولا يلزمه إذن قضاء ما فات وما ترك، وأن توبته من الردة تجب كل شيء.
هنا بدأت الأفكار تتسلط عليَّ أثناء صلاتي، وتقول لي "أنني اتخذت الردة عذراَ حتى لا أقضي ما فاتني _والعياذ بالله_، وأنني راضٍ بكفري السابق _أستغفر الله_ وأنني فرح به (أكتب هذا وأنا أشمئز)" فلم أكترث وحاربتها، لكن لم أرتح، وبدأت أتذكر ما قمت به من استهزاء بالدين سابقاً، وأنا نافر من ذلك حتى أتأكد أني ارتددت بالفعل قبل التوبة، فجائني صوت قائل "أنني عمدت تذكر كل ذلك رغبةً فيه وتهرباً من قضاء الصلوات الفائتة" فلم أكترث ثانية وصليت، ولكن لازلت غير مرتاح، فبحثت في موضوع قضاء المرتد لما فات، واكتشفت أنه يقضي ما فاته (قبل ردته) وليس أثنائها، فعزمت على قضاء ما فاتني من صلوات _والله عليم بما في صدري_، إلا أنني وفي صدد كتابة هذه السطور لازلت مقبوض الصدر، فهناك أصوات تخبرني أنني كافر أرضى بالكفر وأتخذه عذراً للتهرب من قضاء الصلاة الفائتة، وأنه وجب عليَّ التوبة فوراً، وأنني يئست من رحمة الله تعالى.
لا أعلم هل أنا مسلم الآن؟ هل صلاة العشاء التي أنهيتها لِتَوِّي مقبولة؟ هل أنا من أهل النار؟ هل أتوب؟ أم أن هذه مجرد وسواس وأنا على ديني؟ وإن لم أتب وكنت بالفعل كافراً راضيا بالكفر وتوفيت على هذا الحال؟ حتى عندما أردت أن أرسل فتوى أستفسر فيها وقلت أنني في حاجة لمن يفتيني غلب على ظني أنني أشركت من خلال هذا الكلام.
كل هذا لازلت أحاربه الآن وأنا غير مرتاح، وسأتحرى صلواتي وصيامي قبل الردة وسأقضيهما، أنا أحب ربي ورسولي حباً لا يوصف، ولكن قلبي يخبرني أنني كافر... ما رأيكم في حالتي؟ وقبل أن تخبروني أنني في حاجة لطبيب نفسي فإنني لا أستطيع أن أخبر أهلي بما يحصل معي، فأنا لا أبدي لهم معاناتي مع الوسواس، ولازلت أعمل على محاربته وحيداً.
أيا كنت يا من تقرأ هذه الاستشارة، لا تتجاهلها، ولا تقل لي أنني عليَّ الذهاب لطبيب أو عدم الاكتراث لها، فأنا لا أستطيع، وهي تراودني على الدوام، لكن سأحاربها بذكر الله منتظراً إجابتكم.
جزاكم الله خيراً.
14/10/2020
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "حسان"، وأهلًا بك وسهلًا على موقعك مجانين
طبعًا لا تكفر ببدئك لكلمة "trouble in..". أولًا: ليس كل عبارة غير لائقة تعد كفرًا. ثانيًا: لم تكت متعمدًا. ثالثًا: أنت لم تكمل العبارة ولا ترضى بها. وليس عليك تجديد إسلامك سواء لأجل هذه الكلمة أو لأجل غيرها؛ تجديد الإسلام ونطق الشهادتين يعزز الوسواس لديك ويزيده، فاستمر على التجاهل ومعاملتك لنفسك أنك مسلم –وأنت فعلُا كذلك- بارك الله بك.
كذلك ما ذكرته في إضافتك عن سؤال أمك لك إذا كنت ستعيد وضوءك مرة أخرى وما جرى بعد ذلك...، لا علاقة لهذا كله بالكفر لا من قريب ولا بعيد، ولن تجد أحدًا يقرك على تفكيرك هذا، ولا على ربطك بين الكلمة وبين الكفر، إنه وسواس محض بكل معنى الكلمة!
وأما قضاء المرتد لصلاته، فهي مسألة خلافية، ومن الطبيعي أن تميل نفسك لترك القضاء، وأن تفرح به، فالقضاء ثقيل على النفس....، ثم من قال أصلًا إنك راضٍ بكفرك السابق؟ لو كنت راضيًا عنه لما تركته، أنت تبحث عن حكم يتعلق بفعلك، والسؤال عن الأحكام لا علاقة له بالرضى والبغض. هذا إن صدقتك أنك كنت مرتدًا ولم يكن كلامك وأفعالك لا علاقة لهما بالردة.
اخرج من هذه الدوامة وخذ بقول من قال بوجوب قضاء الصلاة على المرتد بعد توبته، وهم الشافعية، لأنك بالفعل قد تكون غير مرتد! وبهذا لن يوسوس إليك الشيطان أنك ترضى بالكفر لتهرب من الصلاة، فإنك مطالب بالقضاء على كل حال. وعمرك ما زال صغيرًا ولا أعتقد أن قضاء ثلاث أو أربع سنوات أمر صعب.
ما يحصل معك هجوم من الشيطان بسبب غيظه منك، يريد أن يصدك عن التزامك بجعل الدين صعبًا وثقيلًا عليك، وبإقناعك أنك كافر لا فائدة من التزامك، وبالتالي تترك الالتزام وتثلج صدر إبليس. عندما يلتزم الإنسان يجب أن يتذكر قوله عليه الصلاة والسلام: ((فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيء فَدَعُوه)). متفق عليه
ليس عليك أن تتعلم كل ما فاتك دفعة واحدة، ولا أن تأتي به في يوم واحد، هذا لا يستطيعه بشر فلن يطالبك الله به، وقال عليه الصلاة والسلام: ((إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ)) رواه أحمد. حتى ترك المنهي عنه دفعة واحدة لا يقدر عليه الإنسان، فالنفس تجد هذا ثقيلًا وتنفر منه وما تلبث أن تترك التكاليف كلها ضجرًا وطلبًا للراحة، فلا تصل إلى الله تعالى ولا إلى غايتك في مرضاته. وأن تصل متأخرًا خير من ألا تصل.
تابع التجاهل ولا تفكر في الماضي، ما مضى فات وانقضى، فلا تُضِع عمرك فيه. انظر فيما عليك الآن وما تخططه للمستقبل، ما زلت في مقتبل العمر، والحياة بحاجة إليك وإلى نشاطك وآمالك وإنجازاتك المستقبلية، وليست بحاجة إلى ما تجتره من أخطاء الماضي.
تعوذ بالله من الشيطان، وكفَّ عن التفكير، وانشغل بخططك للمستقبل، ولعل هذا يساعدك على الشفاء دون الذهاب إلى الطبيب
عافاك الله وأعانك.