نوبة هوس؟ أم صرع الفص الصدغي؟
السلام ورحمة الله وبركاته... أنا شخص انطوائيٌ ونادر الخروج من البيت. هناك حالة مررت بها قبل الحجر المنزلي حيث كنت متضايقاً وأندب حظي على ظروفي وحالتي المادية بحكم أني عاطل وأخي الأصغر مني توظَّف مُؤخراً مما زاد عليَّ الأنظار، لكني استجمعت قواي وإيماني بربي ورجعت أصلي.
العجيب أني أحسست بآيات ربي وهي تُتلَى في مسجدنا وأنا أسمعها كأنها تُقرَأُ لي ولحالتي خصوصاً، فرحت كثيراً أن ربي معي ويسمعني، وصرت محافظاً على صلواتي... بعدها بيوم مررت بأسعد لحظة في حياتي وكنت في نشوة وراحة وهدوء عالي لم يسبق أن مررت به، وكأن الله منَّ عليَّ بنعمة راحة البال هذه، وصرت أبحث عن سبب هذا الشعور واعتقدت أنها نعمة البصيرة والحكمة أو أن العين الثالثة فُتحت عندي، وأصبحت أتعامل مع نفسي على أني امتلكتها.
بعدها أصبحت أخرج أكثر من البيت، وبدأت أتواصل مع بعض الأصحاب الذين هجرتهم بسبب مشكلة صارت بيننا قبل سنين وغضبت منهم آنذاك وهجرتهم، وبدأت أعتذر منهم وأطلب منهم أن يسامحوني، ورجعت إلى مائدة وجلسات الأهل، وكنت كثير السَّمَرِ والمُزاح في بداية الأربعة أيام الأولى، وكنت في مزاج رائع، وصرت أشاهد مقاطع تثقيفية ودينية بكثرة، وأصبحت أخطط لحياتي، وأعددت قائمة بأهدافي وطموحاتي لمستقبلي، لكن النوم كان عندي قليلاً ومتقطعاً حيث كنت أنام ثلاث ساعات أو ساعتين وأستيقظُ نشيطاً، لكن أظن أن الموضوع بدأ يخرج من عندي عندما اعتقدت أن التلقائية والعفوية هي سر حياتي، وبدأت أتعامل في حكمي على الأمور وقراراتي على شعوري، ثم أُتبِعَهُ بأن الله يعطي بعض عباده هذه القدرات ومنها التخاطر، بعدها صرت أتكلم بسرعة وأصبحت ثرثاراً وأفصح عن أشياء سرية لا تقال للأهل، بل وأزينها وأحلِّلُها من عندي مثل شربي الحشيش (كنت أتعاطاه مرة في الشهر سابقاً وأقلعت عنه قبل شهر ونص تماماً، أي قبل بداية هذه الحالة) أو تعاطيي لحبوب نفسية ("لوسترال" أخذته بدون وصفة، ثم أوقفته في بداية هذه الحالة).
مررت بحالات اكتئاب، واصطحبني الأهل إلى المستشفى وأعطوني بعض الفيتامينات والمسكنات ومنوم "إنسولين"، لكن لم يجدي نفعاً معي... وفي صباح اليوم التالي مررت بنوبة هلوسة وهذيان قوية بدأت فجأة (أوصفها بيَقَظَة مرتفعة وتوقف للزمن)، وأصبحت أرى أهلي يتناوبون على دخول الحمام لتبذير الماء، وصرت أراهم كأنهم تَلبَسَهُم الجن وأنا الإنسي الوحيد في البيت، وصرت عصبياً معهم، وبدأت أجادلهم برعونة لكي أُحرِّرُهم من تلبُّس الجن بهم، وهم ساكتون ومستغربون وأنا أصرخ وأُرَدِّد "الله أكبر" بصوت عالي مع شعوري بالخوف بأن شيئا كبيراً سيحدث وأنا المنقذ الوحيد للمنطقة منهه، بعدها حاولت أن أضرب أحد إخواتي، والحمد لله أنهم منعوني وتجمعوا عليَّ كلهم دفعة واحدة وطرحوني أرضاً بسبب نشاطي الزائد، بدأت أصرخ أكثر وأضرب بيدي ورجلي على الأرض بقوة وأنتفض، وكنت في هذه اللحظة أتوقع أنهم سينحروني مثل الخروف، وبدأت أستعد للموت، ثم طلب الأهل سيارة الإسعاف، وكنت جامداً وساكتاً طول الطريق إلى مستشفى "الأمل"، وكنت شاخص النظر للأعلى في لمبة الإسعاف الداخلية (باعتقادي أن الطاقة قوة من قوى الرب تشحنني) معتقداً أن الحكومة عرفت بنعمة ربي عليَّ وسيقتلونني هناك، والحمد لله وصلت هناك وأعطوني إبرة مُهَدِّئة ووضعوني في غرفة مغلقة، وغفوت فيها فترة وجيزة ورجعت البيت.
وصفوا لي "ريدون" لأتناوله لمدة أسبوع، وصرت أنام أفضل، واستقرار المزاج إلى المتوسط، ولكن الضلالات أصبحت مستمرة هي والمناوشات ولكن بدون هياج من تآمر البيت علي، وبدأت أعتقد أن الحكومة الآن هي من ستنقذني وتجعلني ثَرِيًّا لأني مفيدٌ لهم.
المهم رجعت للمستشفى بعدها بأسبوع ووصفوا لي "أتابينا" لكن بعدها رجعت عصبيتي مع الضلالات الكثيرة ومنها: أن البيت مسحور بواسطة ماء العمارة وماء شربنا، وصرت أرمي العلب في الشارع وأتخلص منها مع التكبير بصوت عال.
ذهب بي جاري إلى طبيب _جزاه الله خيراً_ وتكلمت بشكل موجز مع الطبيب ولم أفصح عن الكثير لأني ظننت أنه يمتحنني وأنه هو وجاري يعملون مع الحكومة ووصف لي "سيركويل ١٠٠ مجم" و "زيبركسا ٥ مجم" و "ريدون ٢ مجم"، واستمريت شهر على هذه العلاجات وتحسنت كثيراً الحمد لله في نهايات أبريل إلى الآن، وبعدها لم أرجع للدكتور بسبب عدم مقدرتي على تحمُّل التكاليف.
سؤالي يا دكتورنا:
ما هو تشخيصكم لحالتي؟ وما هي نصيحتكم؟
7/11/2020
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
ما هو غير مذكور في استشارتك: تاريخك الطبي السابق، تاريخك الشخصي، والتاريخ العائلي الصحي، ولم تذكر حتى عمرك وظروفك البيئية.
الحالة هي نوبة "هوس ذهاني Psychotic Mania" بدون أدنى شك، وتشخيصك هو "اضطراب الثناقطبي الأول".
ولا أُحَبِّذ التعليق على خلطة العقاقير التي تم استعمالها.
احتمال تكرار النوبة عالي نسبياً، ولا بد من مراجعة طبيب نفسي أو مركز حكومي للصحة العقلية حيث تسكن، وإذا كان هذه هي النوبة الأولى فلا حاجة إلى عقار للوقاية من الهوس الآن، ولكن يجب الحديث عن العوامل التي قد تدفعك نحو انتكاسة في المستقبل وكيفية مراقبة العلامات المبكرة، وعمل فحوص طبية روتينية.
وفقك الله.
واقرأ أيضًا:
اضطرابات وجدانية: هوس واكتئاب Bipolar I