سؤال
لدي سؤال يهمني حقاً معرفة الجواب الخاص بي بل ويعني لي الكثير، مثلاً أنا حينما أستمع لشخصٍ لديه مشكلات وهو يقصها عليَّ أشعر بعبءٍ كبيرٍ، وبأنني أحتمل طاقة سلبية كبيرة يضُخُّها الشخص الآخر وأنا أستوعبها، فأشعر بالضيق والحزن.
سؤالي إليكم أنتم المنخرطين في مجال الجانب النفساني: كيف تتعاملون مع الطاقة السلبية التي يضخها الآخرون حين يسردون عليكم تفاصيل إشكالياتهم،أحزانهم، ما يؤرقهم؟ كيف تستقبلون هذا كله وتستطيعون الانفصال عنه وممارسة حياتكم؟ هل توجد حيل معرفية لهذا؟ هل يوجد مجال للهروب ولو مؤقتاً مما تسمعه وتواجهه كمتخصص وفصله عما أنت عليه كإنسان؟
أن تصغي للآخر وتسمعه وتستوعب معاناته وبكاءه ونشيجه وتناقضاته وبؤسه، كل هذا كثير على المستوعب، فحينما نتحدث عن أوجاعنا للآخر نحن نتقاسم معه الوجع والقهر والحزن والآسي،لكن ما ذنب الآخر؟
أتمنى حقاً الحديث حول الأمر،عمَّا يعانيه المتخصص والمعالج النفسي، عن العبء الذي ينوء تحته، كيف يحتمل الأمر؟
أنا لا أُلمِّح للسياق النفسي على أنه سياق صعب أو غير محتمل، أبداً والله، فقط نحن جميعنا همومنا وأحزاننا ومشكلاتنا وأعصابنا مرهقة، لكن لا يخطر لنا أن نسأل عن المتخصص بهذا السياق ماذا يواجه، ننظر له على الأغلب على أنه يمتلك أعصاباً من فولاذ أو يمتلك معارفاً سحريةً خارقةً تُحصِّنه من الإشكالات النفسية.
السؤال بصورة مختصرة: أنت بالمجال النفسي كيف تتعامل مع ما تواجهه في هذه الحياة؟ كيف تتعامل مع الطاقة السلبية التي يضخها مرضاك والحالات التي تتابعها؟
كيف تفصل ذاتك عن الذوات الأخرى؟ كيف تحافظ على اتزانك؟
11/11/2020
رد المستشار
البشر في تواصل مستمر بعضهم مع البعض الآخر، والغالبية منهم تميل إلى التعاطف مع الآخرين، لكن هناك من الناس من لا يميل إلى التعاطف ولا يبالي بمشاعر الآخرين.
من جهة أخرى يمكن أن يتعاطف الإنسان مع مشاعر الآخرين ويستوعب المعاناة التي يمر بها غيره، وفي القطب الآخر هناك من لا يبالي بمشاعر وأزمات غيره، وبدلاً من ذلك يفكر بتأثير المشاعر عليه فقط، لذلك حين يقول الإنسان أنه يحمل عبء مشاعر الآخرين فهو ليس بالضرورة متعاطف متفهم أو مستمع، وإنما متعاطف قلق بتأثير مشاعر الغير عليه.
النصيحة العامة هي أن يراقب الإنسان البالغ ما يلتقطه من مشاعر وعواطف الآخرين، ويسأل نفسه إن كان هو:
١_ متعاطف مستمع فقط.
٢_ متعاطف يتفهم ويُدلِي برأيه للآخرين بصورة موضوعية.
٣_ متعاطف قلق يتأثر بمشاعر الآخرين ولا يقوى على التخلص من الفائض منها وتأثيرها عليه.
لا بأس بمتعاطف مستمع فقط، والأفضل متعاطف يتفهم، وأما المتعاطف القلق فلا فائدة منه.
يراقب العامل في الصحة النفسية مشاعره تجاه الآخرين، ويتحدث مع المشرف عليه بين الحين والآخر.
وفقك الله.
واقرأ أيضًا:
الطبيب النفسي الجيد = منصتٌ جيد م