صدمة وفراق وعدم استيعاب
السلام عليكم ورحمة الله. أنا ياسر، عندي 24 سنة، في أوائل سنة ثالثة جامعة، تعرفت على بنت وأعجبت بها، ثم اعترفت لها بحبي لها وبنيتي للزواج بها، وبادلتني نفس الشعور، وصارحتها بأن ظروفي المادية صعبة وأنها ستأخذ وقتاً طويلاً حتى تتحسن (يعني لما أتخرج وألاقي شغل وكده، وبعدين أتقدمله) رضيت بظروفي وتفهَّمَتها ووعدتني أنها ستكون معي وستنتظرني مهما حدث، هي كانت في 2 ثانوي.
المهم في رابعة جامعة فاتحت أهلي في الموضوع، وأبدو رفضاً تاماً وقاطعاً وجازماً وحازماً بحجة أنها من مكان غير المكان اللي بعيش فيه، وإنهم ميعرفوش عنها حاجة ولا أهلها ولا تربيتها... أنا من أرياف، وهنا ليهم ثقافات وأفكار مختلفة، وإن اللي نعرفه أحسن من اللي منعرفوش، ونشوف ليك واحدة من هنا نعرفها أحسن إلخ.
صارحتها بالحقيقة المرة، وطبعاً أنا لسه متخرجتش ومفيش في إيدي أي حاجة عشان أقدر أتقدم لها، وقلت لها إني مش هقدر أخد خطوة زى كدة إلا بموافقتهم، حتى لو هغصب عليهم مفيش في إيدي حاجة لأني لسه باخد مصروفي من أبويا.
المهم سبنا بعض فترة، وفي الفترة دي جاءت لي فرصة وظيفة حكومية تقدمت ليها وامتحنت الامتحان الأولي للوظيفة، وكان فيه امتحان كمان لو اجتزته سأتوظف، رجعتلها مرة تانية وكلمتها، لقيتها اتقرى فاتحتها على إنسان تاني من عندهم... إلخ، عاتبتها إنها إزاي تعمل كده، والحب اللي بيننا ووعدها ليَّا، قالت لي إنها تعبت مني جامد وزعلت وعملت كده عنداً فيَّا وعشان تخفف من مشاعرها شوية.
بعد كده امتحنت الامتحان الثاني للوظيفة والحمد لله وفقت فيه، وهي سابت الإنسان اللي كانت مرتبطة بيه، ورجعت أكلمها مرة تانية، وكلمت أخوها وعرفته بالحقيقة وإني متمسك بيها وعايزها ولما تيجيلي الوظيفة هاجى وأتقدم، وفاتحت أهلي مرة تانية وأبدو موافقة نوعاً ما. المهم جاءت الوظيفة واشتغلت وتقدمت لها وخطبتها وكانت أسعد أيام حياتي بجد، أنا بحبها بجنون.
أنا مصاب بمرض الذئبة الحمراء (مرض مناعي مزمن)، قلت لها أقول لأهلك فرفضت وقالت خلي ده بيني وبينك، احترمت رغبتها ومقلتلهمش، وبعد فترة حوالي 5 شهور من خطبتنا أخوها أصيب بنفس المرض، وكان المرض ده شديد عليه جداً في البداية لأنهم أخدوا وقت في التشخيص وكده.
عادي استمرت علاقتتنا، وسألت الدكتورة اللي بتابع معاها إذا كان المرض هيأثر على حياتي الجنسية أو الخلفة أو كده فطمنتني وقالت لي إنه عندي بدرجة بسيطة ومش هيأثر ولا شيء، ونقلت لها كلام الدكتورة.
بعد فترة لقيتها جاية بتقولي إنها وهي بتتكلم مع واحدة صاحبتها وبتسألها عن المرض ده أهلها سمعوها وحصل مشاكل كبيرة جدا وإني إزاي مقولهمش حاجة زى كده من البداية، وقالت ليهم إنها اللي طلبت مني ده، وقعدوا يسألوا دكاترة كتير عنه وقالوا إنهم مش مستريحين، وفي الآخر قالو ليها "القرار قرارك لو هتكملي أو لا"، كلمتني وأنا طمنتها إن المرض عندي بدرجة بسيطة مش زى أخوها، وإني تمام وهي من ساعة ما عرفتني متعبتش التعب اللي هو الشديد يعني.
طبعاً أخوها خوِّفها جامد لأنه كان عنده المرض شديد، وقالها متكملش... المهم سابوها فترة تاخد القرار لوحدها، وقالت لي "سيبني فترة أفكر ومتكلمنيش خالص لحد ما أوصل لقرار"، سبتها كام يوم وبعد كده كلمت واحدة صاحبتنا إحنا الاتنين وخلتها تكلمها وتحاول تهديها وتقنعها... المهم صاحبتي دي سألت ليها أكتر من دكتور وطمنوها تماماُ، وإديتها أرقامهم وقالت ليها تكلمهم، وسألت كذا حد عنده نفس المرض وعايشين ومتجوزين ومخلفين عادي، وبرضو إديتها أرقامهم وهي مكلمتهمش.
وكان القرار بالانفصال، ومن ساعتها أنا مُدَمَّر نفسياً تماماً، بعد 4 سنين حب بيننا تنهي كل حاجة بالسهولة دي! دايماً الأفكار بتطاردني والذكريات وكل حاجة حلوة كانت بيننا، بفكر فيها كتير جداً ومش قادر أستوعب إن الموضوع انتهى خلاص، حاسس إني في حلم أو كابووس وعايز أصحى منه، نفسي أقدر أريح عقلي وأعرف ليه هي سابتني، ليه باعت كل حاجة! ليه مقدَّرِتش اللي أنا عملته عشانها، أنا وقفت قدام أهلي كلهم وكنت هخسرهم عشانها، أنا أول ما خطبتها عملت جمعية بمرتبي كله عشان نعرف نتجوز في أقرب وقت، ليه هي فضلت راضية ومتمسكة بيا لحد الفترة دي بالذات؟! ليه طلعت الموضوع ده وعرفته لأهلها؟! هي كانت موافقة ومتقبلة، ليه تسيبني عشان حاجة مليش إيد فيها؟! حاسس إن الموضوع ده فاكس تماماً وإن فيه سبب آخر ورا الانفصال، واجهتها وكلمتها وقالت إن ده السبب.
أرجوكم قولوا لي تفسير للي حصل ده، وإيه السبب في إنها تسيبني بالسهولة دي، وقولولي على حاجة أقدر أتحكم فيها في أفكاري، حاجة أقدر أخرج بيها من اللي أنا فيه، أنا مصدوم صدمة عمري، كنت ممكن أتخيل أي شيء في الدنيا إلا إنها تسيبني، راهنت عليها بحياتي كلها وللأسف خسرت الرهان.
أرجو عدم نشر الإستشارة على الموقع، وأن تظل البيانات هذه سرية ولا يطَّلِع عليها أحد غير الاستشاري،
وأعتذر على الإطالة.
14/10/2020
رد المستشار
الابن المستشير:
لا أعتقد أن حجب الاستشارة عن النشر سيكون ممكنا، ولكنني أتفق معك، وأؤكد على إدارة الموقع أن تحجب من البيانات والتفاصيل ما يساعد على تجهيل شخص السائل. أنت تعيش حاليا دراما إنسانية متضخمة في تأثيرها عليك لأنها الخبرة العاطفية الأولى لك في عالم الواقع.
أنا وأنت وكل إنسان يمكن أن نسمع أو نتكلم عن الموت والفقد والفراق والسفر والصحة بعد مرض، والمرض بعد عافية، وأية خبرة إنسانية، ونقول كلاما نظريا جميلا، والكتب، والروايات، ومنشورات الفيسبوك، ومواقع الانترنت تمتلئ بالحكايات والقصص والخبرات، ويظل الأمر مختلفا تماما حين نمر نحن بتجربة عملية واقعية قد يخفف من تأثيرها أن نسمع أو نطلع على خبرات مشابهة، حتى نعرف أننا لسنا وحدنا في هذا العالم الذي تعرض لهذه الخبرة!!
ورغم أننا نعرف أن طبيعة الحياة تتضمن الاختلاف بين البشر في التقديرات، وأن تقديرنا للأمور، ورؤيتنا للأحداث، وتفضيلات أن تسير في اتجاهات معينة، وأن ما كل ما يتمناه المرء يدركه....إلخ، رغم هذا نتألم حين تقع لنا أحداث على غير المراد والمشتهى، وهي من ضمن الفجوة بين الحياة النظرية، والحياة العملية!!
الأهم من سؤال: لماذا؟! الذي تحبس نفسك فيه حاليا، وهو سؤال لا يفيدك إجابته كثيرا – مهما كانت، وقد أعرضت هي واختارت ألا تكمل في الارتباط، وهذا من حقها، وهي تمارس حقها في الرفض الذي أحسب أنه ليس سهلا عليها، ولكنها اختارت هذا، وقد وقع فعلا، والسؤال الأهم هو: إذن ماذا؟!
هل تتوقف حركة الناس في الحياة بعد أية حادثة سير تقع على الطريق؟!
هل يمكن أن يقرر لاعب كرة – يبحث عن المجد والشهرة والأرباح – فإذا به يتوقف عن اللعب لأنه تعرض لخشونة غير مقصودة، أو متعمدة أثناء اللعب في إحدى مباريات دوري كرة قدم؟! والدوري ممتد، والمباريات كثيرة.
الحياة ممتدة يا عزيزي ما شاء الله لها أن تمتد، والإصابات جزء من حياة أي لاعب على مسرح الحياة، والإصابة لا تبرر التوقف عن اللعب، والعلاقات تتضمن ما حصل لك، وأكثر، والبديل لتعرضنا لحوادث السير واللعب، والبديل الآمن للوجع والإرتباك، والتساؤلات، والاهتزاز هو أن نتوقف عن اللعب، ونجلس في مقاعد المتفرجين!!
لا تستعجل مشاعرك، وخذ وقتك في التعافي من علاقة أخذت منك، وأخذت منها، وهكذا تفعل الحياة، ونفعل فيها وبها حتى تنتهي حلقة وجودنا الأرضي، وننتقل إلى حياة أخرى غير هذه التي نعرفها.
أرجو بجانب الألم والحيرة أن تجد مكانا بداخلك لللإمتنان حيث أن الإصابات هي من لوازم الحركة، وأنت تتحرك، ومن الحركة وحدها نتعلم، ومن تجاربنا ننضج.
أرجو أيضا أن ترفق بنفسك، وتعتني بصحتك فهذه مسؤوليتك أولا وأخيرا، وأن تتذكر أن هذه الفتاة قد أسدت لك معروفا، من حيث لا تحتسب – ربما.
لأن مال زواجك منها، وأنت مصاب بالمرض المزمن بدرجة خفيفة، وطبقا لقوانين الوراثة، ومع إصابة أخيها بنفس المرض، فإن هذا من شأنه أن يرفع جدا من احتمالية إصابة أطفالكما بنفس المرض حيث الجينات قوية من جهة الأب والأم. تابعنا بأخبارك، ودمت حيا متحركا.