هل أنا شخص طبيعي يمر بمرحلة مراهقة أم مريضة نفسية؟
السلام عليكم... أتمني أن تكونوا بخير وصحة وسلامة... لا أعرف من أين أبدأ، القصة معقدة قليلًا، لكن سأبدأ من البداية.
عائلتي واجهت مشاكل كثيرة منذ أن كنتُ طفلة، وازدادت هذه المشاكل حتى وصلت إلى الطلاق والذهاب إلى المحكمة.
عندما كان عمري 3 سنوات أخذني جدي ليبعدني عن هذه المشاكل والعيش معه، وأمضيت مع أمي وجدي إلى أن أصبح عُمري 6 سنوات، على ما أتذكر كانت من أفضل أيام طفولتي.
تصالح والداي وحان الوقت للرجوع إلى المنزل، وكانت جدتي (أم أبي) تسكن معنا، ومرَّت فترة عادية تقريبًا إلي أن أصبح عُمري 9 أو 10 سنوات، ولم أكن ألعب مع جار أو صديق، ولم أخرج كثيرًا من المنزل، كنت ألعب مع أختي وأوقات أخرى مع أقاربي الأصغر مني.
أما عن المدرسة فلم أذهب إليها كثيرًا بسبب مناعتي الضعيفة، ولم أكن أستطيع التكلم بطبيعية أمام المعلمة والزملاء حيث كنت أتعرَّق كثيرًا وأتوتر أكثر عندنا يُوجَّه لي كلام، كنت طفلة تشرد بذهنها كثيرًا، ولم أكن أحب جدتي على الإطلاق، وقررت في مرة أن أضع لها أدوية في زجاجة الماء الخاصة بها، أخذت بضعة أقراص وطحنتها جيدًا ووضعتها في زجاجتها بهدف قتلها، وعندما حان الوقت لتشرب الماء أعطيتها الزجاجة وذهبت أنتظر موتها، مرت بضع دقائق واكتشفت جدتي بأن أحدًا وضع لها الدواء في الماء، وبررت ذلك بأنني فعلت كذا لأساعدها في أخذ دوائها سريعًا، مرت فترة ونسيت هذه القصة.
أصبحت في الصف السادس الابتدائي، لم أتغير، ظللت مثلما أنا، كنت حاولت أن أصنع صداقات لكنها كانت صداقات مصلحة ولم أكتشفها إلَّا في وقت متأخر جدًّا، وكنت وقتها ضحية تنمر، ولم أعلم وقتها أنه تنمر، وقلت لنفسي أنه مزح خاص بالزملاء، ولم أكن محبوبة في مدرستي.
كنت أحب جدي كثيرًا عندما كنت صغيرة، كان مقرب لي جدًّا، كان يغني لي ويلعب معي رغم كبره وانشغاله، كان يأخذني من المدرسة من وقت لآخر ويشتري لي بعض الحلويات في علبة ويرافقني إلي المدرسة بالسيارة.
في يوم دراسي عادي كنت أجلس مع زميلتي ونتحدث، بعدها وقفت فتاة لم أتحدث معها مطلقًا (اسمها سارة) وقالت وهي تشاور لي بإصبعها "هذه الفتاة تُمثِّل علينا، هي غنية وتعيش في منزل كبير جدًّا وتذهب إلى المدرسة بسيارة حديثة"، وقتها نظر لي الطلاب، نظراتهم كانت مرعبة، لكنني أعلم أنهم لم ينظروا لي بهذه الطريقة، كانت رؤوسهم كلها باتجاهي، لم أستطع أن أتكلم غير أنني قلت أنها شيطانة، عندما قلت هذا نظر لي معظم الطلاب وقالوا لي أن أعتذر، ولم يقل أحد أنها مخطئة، بل كانوا ينظرون لي كأن ما قالته حقيقة مع أنه لم يكن كذلك.
مرَّ علي هذا اليوم أسبوع وتوفي جدي بحادث طريق، على الرغم أنه كان يمشي بعيدًا عن طريق السيارات، كان خبر موته غير مفهوم لي لأن فكرة أنه رحل لم تدخل إلى عقلي، لم أبكي كثيرًا لكن التفكير كان مسيطرًا على عقلي في هذا الوقت، ومرَّت فترة واعتدت على الوضع.
انتهيت من المرحلة الابتدائية وذهبت إلى المرحلة الإعدادية ومعي صديقة واحدة فقط، كانت أقرب أصدقائي، انتقلت معها إلى المدرسة الإعدادية، وكوَّنت صداقات بالفعل، وبدأت أسيطر قليلًا على نفسي، وتعلمت كيف أتكلم بدون خوف.
أصبحت في الصف الأول الإعدادي، كنت أدعو على نفسي بالموت، وكنت أخربش يدي ورأسي نادرًا عندما يحدث شجار، وكنت أحاول أن أخنق نفسي حتى يتوقف والدي عن طرد أمي من المنزل، لكن دون فائدة، وظلت تأتي في مخي أفكار وسيناريوهات تلقائيًّا أن سارة تحاول أن تضربني وأنا أدافع عن نفسي وأضربها حتى أرى الدم، وكنت أتخيل كل أنواع الضرب أو أني أخنقها بيدي، كنت أفكر في الفكرة هذه بطريقة مجنونة وبدون أن أشعر، قررت في مرة أن أقابلها وأن أضربها، وقلت في نفسي أنه لن تكون هناك مشكلة إذا ضربتها قليلًا أواخنقتها قليلًا،و بحثت عنها في مواقع التواصل الاجتماعي لكنني لم أجدها، سألت عنها لكن لم يعرف أحد أين هي الآن، حتى رقمها لم يجده أحد.
ظللت متمسكة بالسيناريو حتى وصلت إلى الصف الثاني الإعدادي، كنت أعلم أنه آخر عام لي في هذه المدرسة لأنني سأنتقل لمكان بعيد وإلى مدرسة جديدة، ووقتها اكتشفت أن كل شخص صادقته كان صديقًا مزيفًا، وأفضل صديقة لي صديقة مصلحة لأنني كنت أخذها معي لدرس الرياضيات.
انتقلت بالفعل لمنزل جديد ومكان أفضل وإلى مدرسة أحسن، كوَّنت أصدقاء حقيقيين وهم معي إلى الآن، ووقفوا معي في الأوقات السعيدة والحزينة.
حاليًا أكره البشر، عندما أمشي بجانب بشري في الشارع أشعر أنني لا أمشي (لكن الواقع أنني أمشي)، شعور غريب أحس به كأنني أمشي بجسدي تاركةً روحي أو عقلي ورائي... اكتشفت منذ فترة قريبة أنني لا أثق في أي أحد، لا أستطيع أن أترك أشيائي مع أقرب صديقة لي لبضع دقائق، عقلي سيقتلني من كثرة التفكير، أخاف أن أذهب للنوم لأنه الوقت الذي أكون فيه مع عقلي فقط.
في الواقع أنا أكره البشر خصوصًا الرجال، أضع في اعتباري أن كل الذكور يُعنِّفون النساء، وأن الذكور أعقل من النساء، وأن الذكور يتحكمون في النساء... أنا أعلم أنه ليس جميع الذكور سيئين، لكن أبي وأغلبية الرجال الذين أعرفهم هكذا.
لا أريد أن أكون مثل أمي، أن يهينني رجل وأن يشتمني ويخونني، وبعد كل هذا أكون ساكتة، أنا مرعوبة من هذه الفكرة... أحس أن روحي مُستنزَفَة بمعنى الكلمة، شعور لا يمكنني وصفه، وقلت لنفسي أنني في مرحلة مراهقة وأنه شيء طبيعي أن أشعر بهذا الشعور، أو أنها مرحلة اكتئاب وسوف أمر منه بطبيعية، ظللت بهذا الوضع أكثر من شهر، وكل يوم يزداد الأمر سوءً، التفكير وشعور أن روحي مستنزفة والتفكير و التفكير طوال الوقت.
الآن أنا بالصف الثاني الثانوي... كان عندي مشروع أفكر في أن أبدأ فيه، وبالفعل بدأت فيه، لكن لم أكمله... وموهبتي في الرسم ذهبت، لا أستطيع الرسم مثل الأول... ودراستي لا أستطيع أن أكملها، لا أشعر بأنني بخير أبدًا، أفكاري مشتتة وغريبة ومتعبة، لا أستطيع التحمُّل، وقلت أنه شيء طبيعي وأنني سأرجع بشكل طبيعي لكن لم يحدث، تذكرت ما فعلته في جدتي والسيناريو وكل شيء، بدأت أشك إذا أنا شخص طبيعي أم لا.
هذه أول مرة أتكلم في هذا الموضوع، عادةً لا أتكلم عن مشاكلي النفسية، هذه أول مرة... أنا مشتتة وروحي مستنزفة... أريد أن أنتهي، وفي نفس الوقت أريد أن أكمل حياتي، حقًّا عقلي سينفجر، لا أعرف كيف أتكلم عن طريقة تفكيري أو بما أحسه، لا يمكنني وصف شعوري أو طريقة تفكيري، لم أذهب لطبيب نفسي من قبل، وهذه أول مرة أكتب هنا.
آسفة إذا وُجِدَت أخطاء إملائية أو كلام غير مفهوم... هل أنا شخص طبيعي يمر بمرحلة مراهقة؟
هل الأفكار التي تأتي لي أفكار طبيعية؟ هل سأكون بخير؟
16/12/2020
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الفاضلة _حفظها الله_، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلًا وسهلًا بك في موقعك، ونحن نرحب دائمًا بأسئلتك واستفساراتك، ونسأل الله أن يفرج كربك وأن يكتب لك الأجر، كما نسأله تعالى أن يهدي والدك فقد أساء غاية الإساءة إلى والدتك بطرده لها وتعمد إهانتها، فقد أوجب الله تعالى عليه رعايتها والعناية بها خاصةً أنها من الضعفاء في أسرته، فبعد وفاة والدها أصبحت يتيمة، وقد أوصى الله تعالى _عزوجل_ باليتيم فقال: "وأما اليتيم فلا تقهر"، وعلى والدك أن يتوب إلى الله، وأن يحسن معاملة والدتك، وأن يستوصي بها خيرًا، فإن فعل ذلك وجد ربَّه توَّاباً رحيماً.
الابنة الكريمة، أريدك أن تعرفي أنَّ نموذج والدك مُكرَّر علينا في موقع الاستشارات، ونراه غير قليلٍ في رسائل الفتيات والشباب، ومع ذلك لم يمنعهم قسوة الوالد أو بُعْده عن الله أو انحراف أخلاقه أوبطشه المُدمِّر من تحقيق النجاح، وأن يقفوا على أحزانهم، ويَمتطوا صهوة آلامهم لتدفعهم إلى الأمام ليُثبتوا لوالديهم والناس من حولهم أن ظلم البشر لا يمكن أن يمنع نفسًا من أن ترنو إلى النجاح وتسمو فوق القِمم متى ما توفَّر لديهم الإيمان بالله والثقة فيه والتوكل عليه.
فهوِّني عليكِ يا صغيرتي، وتذكِّري أن والدكِ واحد من الرجال لا يُمثِّل إلا نفسه، وتأمَّلي حال الرجال ممن تعرفين من الأهل أو الأصدقاء أو غيرهم، فستجدين من النماذج الصالحة ما يبث الثقة في نفسكِ من جديد ويجدِّد فيها روح الأمل والتفاؤل، غير أن النصيحة تبقى واجبة لمثل هذا الوالد حتى ولو بدا لكِ أن حالته مَيئوس منها وأنه لن يتغير، فقد هدى الله من هم أشد ظلمًا وأكثر بطشًا منه، والقلوب بيد مالكها يُقلبها كيف يشاء _عز وجل_، فابحثي في محيط العائلة عن شخص يحترمه والدك ويقدره، والأفضل أن يكون من عائلته كأعمام أو جدٍّ، لعلَّ فيهم من ينصحه ويرشده إلى الخير.
أما فيما يتعلق بحالتك النفسية، وشعورك باستنزاف الروح، ورغبتك أحيانًا في خنق نفسك والتخلص من حياتك، ودعائك على نفسك بالموت، وتشتت الأفكار، والتفكير المستمر المبالغ به، وعدم الثقة في الآخرين أو الشعور بالأمان معهم، وعدم استمتاعك بمواهبك التي كنتي تستمتعين بها كالرسم، وعدم قدرتك على إكمال دراستك والاستمتاع بها، واجترار الأحداث القديمة مع الرغبة في الانتقام، وإلقاء اللوم على النفس، والميل لإيذاء الجسد، وعدم القدرة على إكمال ما بدأتيه من مشروعات، كل هذه الأعراض يا صغيرتي تشير إلى إصابتك بما يسمى "بالقلق الاكتئابي" وهو التفكير المبالغ فيه (في أحداث الماضي والحاضر والمستقبل) مع عدم القدرة على الخروج من دائرة التفكير، ووجود أفكار سلبية مصاحبة تؤدي بالشخص إلى الشعور باليأس والإحباط، وفقدان الأمل، والاكتئاب، ونقص في القدرة على الاستمتاع بمباهج الحياة، وحدوث خلل وظيفي (سواء في الدراسة أو العمل)، فهذه الأعراض ليست أعراض مؤقتة للمراهقة (لاسيَّما مع شعورك بأن الأعراض تزداد سوءً بمرور الوقت).
لذلك أنصحك بزيارة أحد الأطباء النفسانيين في منطقتك ليقوم بوصف دواء مناسب لحالتك من مضادات القلق والاكتئاب الحديثة المناسبة لعمرك، والتي ستُسهِمُ بدرجة كبيرة في تخلصك من القلق والتفكيرالزائد، وستحسن من حالتك المزاجية ومن أدائك الدراسي في القريب العاجل بإذن الله تعالى.
والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
واقرئي أيضًا:
نفسي عصابي: خلطة قلق واكتئاب Anxiety Depression