حديث النفس الكفري يحزنني
مرض نفسي ووسواس واكتئاب
أرجوكم أنقذوني فقد أصبحت بلا وعي... أنا عمري 24 سنة، أصبت بصدمة نفسية بسبب عدم حصولي على وظيفة. أنا أعاني منذ 11 شهر حيث أصابني وسواس في العقيدة، وبعدها سب في المقدسات _والعياذ بالله_، ووسواس الوالدين... بعدها قررت أن ألتزم وأصلي فبدأت بقراءة فتاوى شيوخ عن غض البصر إلى غير ذلك، فأصبحت نفسي لا تريد الخضوع لي، وبدأت أشعر بثِقَل في العبادات وفي الأحكام وفتاوى بعض الشيوخ.
أصبحت حياتي غير طبيعية من ضعف تركيز وكأني في عالم آخر، وأدعو الله وأتصدَّق بنيِّة الشفاء والخلاص من هذا، ولم أعد كما كنت، أصبحت قاسي القلب، أنفر من الدين، كنت أدعو الله سابقاً وأنا مرتاح والآن لا، لم أعد أخاف، أعيش حياة مأساوية، كرهت نفسي.
لماذا الناس تفعل الكبائر، وأنا عندما أرتكب معصية أحس أن الله سيغضب عليَّ؟!... أنا لم أعد أتكلم مع الفتيات في الفيسبوك لأنه حرام، لكن نفسي لم تعد مرتاحة من هذا السلوك، أريد أن أُطبِّق ما أمر به الله لكن لا أستطيع في هذا الواقع المُظلم.
نفسي أصبحت سيئة، فعندما كنت أستغفر كنت أحس بالذنب سابقاً، أما الآن فلا أحس بالذنب رغم أني أستغفر، أصبحت متكبراً، أريد أن أرجع كما كنت، لم يعد هناك طعم للحياة.
علماً بأن هذا حصل لي عندما لم أحصل على وظيفة بسبب الوساطة، مع العلم أني متفوق جداً ومتأكد أنهم أخذوا مكاني... لماذا الله لا يساعدني؟، عندما أتذكر ما حدث أغضب وأبكي... وقال لي أبي أن الأرزاق مُقسَّمة، لكن هل عندما الشخص يدفع رشوة للحصول على وظيفة دون مجهود يكون هذا رزق من الله؟! أم أن هذا ظلم من العبد وسيحاسب عليه يوم القيامة؟
1/12/2020
رد المستشار
أهلًا بك وسهلًا مرة أخرى يا "فادي" على موقعك مجانين..
مضى حوالي أربعة أشهر ولم أجد لديك أدنى تحسن في تعاملك مع المشكلة، وتقبلك للواقع بشكل إيجابي... هذا الإصرار في رفض الواقع والاعتراض عليه سيزيد مشكلاتك النفسية، ولن يفيدك بقرش واحد؛ لهذا كان الاعتراض على القدر أمرًا مرفوضًا شرعًا، وكان الإيمان بالقدر خيره وشره ركنًا من أركان الإيمان؛ وقال الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام: ((وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)) [الضحى:5]، لم يقل له: فتسعد، ولا فتصبح أغنى الناس... وإنما (فترضى)، لأن الرضى هو الذي يجلب السعادة، ويجلب الغنى، والغنى غنى النفس.
لا أدري هل مشاعرك هذه وليدة الاكتئاب، أم اكتئابك وليد هذه المشاعر وهذا الاعتراض! ولكن على كل حال كلاهما يقوي بعضه بعضًا، ولابد من كسر هذه الدائرة التي تعيشها بين اليأس والتشاؤم، والاعتراض على قدر الله تعالى.
اعلم أن اختيار الله لك هو الخير يقينًا وقطعًا، أبعدك عن الوظيفة التي تمنيتها لخير يعلمه، سواء أبعدك بصاحب واسطة، أو بعدم كفاءة، أو بإضاعة أوراقك... كل هذه أسباب لا تهمنا، الذي يهمنا أن عدم حصولك على العمل فيه خير لا تعلمه.....، تستطيع اكتشافه إن نظرت إلى المشكلة بعين الرضى والقناعة أن ما جرى عليك هو الخير
ما أصابك هو من أبسط أبسط المشكلات التي تصيب الشباب، وردة فعلك المبالغ فيها تجاهها، مع الأعراض الأخرى التي ذكرتها، تجعلني أميل إلى أن دواءك عند الطبيب النفساني، وأن المواعظ لن تنفع لوحدها معك، على أنك لن تتحسن إن لم تطبق المواعظ ولم تغير من طريقة تعاملك مع الحياة. الحياة كلها عثرات، ولعلك إن حققت حلمًا من بين عشرين حلمًا فأنت محظوظ وعظيم.
كل شيء مقدر، الرزق المادي وغيره، ومهما فعلت فلن تنال ما كتبه الله لغيرك، ومهمها فعل غيرك فلن يأخذ منك شيئًا كتبه الله لك.
أعني: بالمحصلة هذه الوظيفة ليست لك، لم تكتب لك، وإنما مررت بهذه التجربة لتنال أجر الصبر إن صبرت ورضيت. أما غيرك فقد يأخذها بطريقة حلال بأن يكون أكثر كفاءة منك، فيبارك له في رزقه، وقد يأخذها بطريقة غير مشروعة، كأن ينالها بالواسطة وهو غير كفؤ لها، فيأخذ الراتب مقترنًا بالأوزار، وتمحق منه البركة، فلا يستفيد منه الاستفادة المرجوة. ولو أنه لم يأخذ الوظيفة بالظلم لجاءه الرزق نفسه من مكان آخر بالحلال وبالبركة لأن مقدار رزقه مكتوب لا يتغير، ولكنه آثر الحرام، لطمعه وعدم قناعته بما قسمه الله له من إمكانات ومجالات أخرى للعمل.
وأذكرك بحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: (يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ). رواه الترمذي
هذه وصية عظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا عبد الله بن عباس عندما كان عمره 10 سنوات، فما بالك وأنت في الرابعة والعشرين؟!
أرجو أن تتحرك وتخرج من هذه الدائرة، تذهب إلى الطبيب، وتبحث عن أعمال أخرى، فحياتك ليست معلقة على هذه الوظيفة، ولعل الله تعالى أبعدها عنك ليضعك في مكان أفضل يناسبك أكثر منها، ربما يكون الراتب أقل ولكنك تجد ذاتك فيها وتكون سعيدًا....
الرضى هو السعادة وهو ركن الإيمان، فتعلم كيف تبحث عن الجمال والخير في الأحداث التي ظاهرها السوء، وستجد نفسك في عالم آخر..... وفقك الله