الشخصية المازوخية وهلوسات مقيتة
السلام عليكم، تحية طيبة، وبعد... أود أن اشكر القائمين على هذا الموقع على جهودهم المستمرة، أخص بالذكر: أ.د وائل ابو هندي، أ.د سداد جواد التميمي، وتحياتي للجميع.
أنا الآن بعمر السابعة والعشرين، وبعد رحلة وعي في اكتشاف للذات من عمر 22 حتى اللحظة أشعر أني أمشي على دائرة، ودائمًا ما أعود للبداية في حلقة مفرغة.
في أول مراحل البلوغ الجنسي وممارسة العادة السرية في عمر 12 كانت أفكاري الجنسية تدور حول المازوخية "femdom" إلخ... أتخيل تلقي الإهانات من آنسات المدرسة ومن كل امرأة مسيطرة في المجتمع المحيط، مع عدم وجود أي شهوة في مشاهدة فيلم إباحي طبيعي.
أنا الابن الأكبر، لي أربعة إخوة، أتذكر جيدًا في الطفولة أمي وهي تشكي لي همومها ووجعها من أبي الذي كان يسِئ لها باستمرار، وتصور له بأنه ظالم وسيء الخلق مثل إخوته وأخواته وعائلة جدي كلها، كان أبي وأمي يتخاصمون ويتقاطعون لفترات طويلة في نفس المنزل، وكنت أقف بصف أمي دائمًا ومشاعر الذنب والأسى تمتلكني، وبنفس الوقت الكره والحقد والغضب على والدي، ولكني لم أقوى على فعل شيء فهو والدي أيضًا، فكنت أحاول أن أُعوِّض أمي بمساعدتها بأعمال المنزل والمطبخ أحيانا فأشعر برضاها بعض الشيء، وترد هي بقولها "الله عوَّضني عن مائة بنت فيك يا وليد"، فكنت أجالسها دائًما (حتى مع أصدقائها أحيانًا)، وأحاول تقليدها في بعض الأحيان... أما أبي فلم يهتم لأمري، ولم يكن لي قدوة، ولم أحب أن أجالسه لأني كنت أراه شخصًا سيئًا يسئ لأمي ويجعلها حزينة.
أتذكر مرة في عمر الخامسة أو السادسة في روضة الأطفال كنت جالسًا في المقعد الأخير لوحدي، وتبوَّلت على نفسي، وشعرت بالدونية وكأني بلا قيمة... ومرة أخرى في الروضة أتذكر عندما قامت معلمة كنت أحبها بالمزاح مع صديق مُشاغِب في الصف فجعلته يستلقي على الأرض ودعست برجلها على صدره، لا أدري ما هذا التصرف لكن في وقتها شعرت بنشوة وسعادة غامرة ولأول مرة.
بالانتقال إلى المرحلة الابتدائية من المدرسة اأذكر أني كنت من الأوائل والمجتهدين، وكنت أحب المشاغبة.
في المرحلة الإعدادية بدأت مشاعر الذنب والحزن على أمي تستفيض، وبدأتُ بممارسة العادة السرية على صور ومقاطع أقدام لنساء وتخيُّل الذل والإهانة عند هذه الممارسة، هكذا حتى أنهيت الثانوية العامة وقررت السفر لوحدي للدراسة في كندا كوني لدي أقارب هنا، وبدأت تعاطي الحشيش المخدر مع أصدقائي في الجامعة، وكان مفعوله سحريًّا معي وكأنه فتح لي بصيرتي وجعلني أُحلِّل وأكتشف ذاتي بشكل مُعمَّق، فمع كل جلسة حشيش لوحدي بدأت أكتشف نفسي وأقرأ في علم النفس وتحليل الشخصيات، وتعمَّقت بتحليلات فرويد (عقدة أوديب، والنرجسية، والمازوخية، والسادية... إلخ)، وتذكرت مواقف (بعضها في هذه الاستشارة) من الماضي لم أكن لأتذكرها لولا البصيرة والتعمق والاستبصار قمت بذكر.
توصلت إلى أني شخصية مازوخية، وشعرت بالعار من نفسي، بل وكرهت نفسي حتى أُصِبت باكتئاب وعزلة، فسلوكياتي وأفكاري مُهدِّمَة للذات بالمجمل، وأفكاري وشهواتي الجنسية مازوخية بحتة وفقط، ولا أستطيع الارتباط بفتاة وإقامة علاقة جنسية صحية معها، علاقاتي بشكل عام أغلبها تعود لي بالضرر أو الفشل، أحلامي نرجسية ليست حقيقية.
هنا بدأت أبحث عن علاج لاضطراب الشخصية المازوخية، وأجوب المواقع على الإنترنت، فشدَّ انتباهي العلاج السلوكي المعرفي، فأقلعت عن ممارسة العادة السرية على أفلام "الفيمدوم" وأشباهها بصعوبة هائلة، واستبدلتها بأفلام أكون فيها أنا المسيطر والسادي.. في البداية لم تُوجَد شهوة، ولكن مع الوقت تحوَّلت شهوتي لهذا النوع من الـفلام كما كانت لعكسها من قبل... وبدأت بتحدِّي نفسي في العلاقات الاجتماعية والخروج من قوقعة الخجل والذنب والعار، أخطأت وفشلت وتحمَّلت عقبات هذا التحول حتى على حساب بعض الأشخاص أحيانًا، وحاولت تحقيق عملية تماهِي الطفل الموجود بداخلي مع أبي (الدخول في الذكورة كما وصف فرويد) بعيدًا عن مشاعر الذنب والعار والكره لأبي، بل بدأت أحبه وأتقمَّص دوره وأتخذه قدوة لي، وشعرت حينها بقيمة ذاتي وكأني حققت نفسي، وتحولت لشخص جديد كليًّا على كافة الأصعدة تقريبًا، مع وجود هذا الإحساس بالنرجسية، لكن لا بأس به كونه ليس طاغيًا عليَّ، لكن هذه الفترة لم تَدُم.
وبمرور سنة تقريبًا بدأ وسواس يلعب في رأسي فعدت إلى الحشيش، وبدأت أتوصل لاستنتاجات بأنني لست بشخص سوي جنسيًا، فمن الممكن أن أكون مثلي سلبي أو فتاة بجسم شاب، وعدت إلى دوامة لا خروج منها من الأفكار المقيتة (مع احترامي لجميع الأشخاص طبعا).
هل خلف قناع المازوخية شخصية مثلية أو متحولة جنسيا؟ هل هي هلوسات فقط وشكوك أم حقيقة؟ هل في صغري تماهيت مع أمي ولن أستطيع تغيير هذا الواقع؟ أما أنها فقط أفكار الشخصية المازوخية التي تؤدي دائما إلى الضياع؟.. كل هذه الأسئلة والضياع عاد بي إلى عاداتي القديمة من أفلام مازوخية وغيرها من سلوكيات سيئة حاولت التخلص منها، لأني هكذا أشعر بمساحة من الأمان.
الآن أنا مُحبَط ومكتئب، وتراودني أفكار سلبية كثيرة لا مخرج منها... كيف يكون العلاج والتعافي؟.. أنا في دوامة لا أعرف كيف أخرج منها، وهذه الأسئلة والأفكار السوداوية ترافقني منذ الطفولة حتى الآن وكأنها أثقال على أكتافي... أريد أن أرميها وأمضي قُدُمًا... أرجو المساعدة.
1/1/2021
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
الجزء الأكبر من رسالتك يتطرق بالتفصيل الى ذكريات الطفولة وتحليل شخصيتك وخطلك الجنسي استناداً إلى نظريات المدرسة التحليلية... بعدها تتطرق إلى علاج نفسك بنفسك كي تتخلص من خطلك الجنسي... لكن ما هو جدير بالملاحظة في رسالتك هو فشلك في الانتقال إلى موقع جديد في الحياة رغم اقتراب سنوات العمر من العقد الرابع... بعبارة أخرى يمكن الاستنتاج بأنك مشلول الحركة نفسياً بسبب عقد الماضي وتمسُّكَك بوضع رواية حياتك في إطار منحرف لا علاقة له بواقع الحياة.
لا يوجد في رسالتك ما يشير إلى إصابتك باضطراب نفساني جسيم، وحتى إشارتك إلى البعد النرجسي يبدو خالياً من القناعة الموضوعية... الصراحة أن تحليلك لشخصيتك تحليل ذاتي بحت هدفه الغير واعي هو الهروب من تحديات الحياة المختلفة وتجاوز نفايات الماضي... روايتك عن الطفولة ليس بغير طبيعية، وغالبية من كانت ظروفهم مشابهة لحياتك تجاوزوا عتبة النضوج العاطفي، أما أنت فلا تزال هارباً من الحاضر، وبدلاً من دراسة ظروف حاضرك والتخطيط للمستقبل توجَّهت نحو نظريَّات تحليلية تفتقد إلى القناعة العلمية ساعدتك على الهروب.
الإنسان الهارب من تحديات الحياة في حاضره يتوجه نحو زنزانة يجلس فيها لفترة طويلة رغم أن مفتاح باب الزنزانة في يده هو لا غير.... هذا يفسر توجهك نحو مواقع جنسية لا علاقة لها بالواقع واستعمالك الحشيش بين الحين والآخر.
لذلك فان نصيحتي لك هي كما يلي:
1_ توقف عن البحث على شخصية جنسية في إطار الخطل الجنسي المازوشي أو غيره، فهي عملية عقيمة في حالتك، وعليك وضعها في إطار الهرب من تحديات الحياة.
٢_ لم تتحدث بإسهاب عن ظروفك الاجتماعية، ولكن ما هو ملاحظ في رسالتك أنك لا تزال طالباً... ابحث عن عمل ما حتى لو كنت طالباً، ومن خلاله تسعى إلى الدخول في شبكة اجتماعية سليمة.
٣_ ابتعد عن استعمال العقلنة "Intellectualization" في تحليل الماضي والحاضر... هذه العملية الدفاعية لا تساعدك، بل وتشل حركتك النفسية وتطورها.
٤_ ‘ن كنت لا تعاني من أعراض طبنفسية فلا تراجع طبيباً نفسانياً.
٥_ تُقلِع عن استعمال الحشيش.
٦_ لا تفتح موقعاً جنسياً على الإنترنت.
وأخيراً: لا ينقلك من زنزانة الخطل الجنسي سوى البحث عن الحب الحقيقي في واقع الحياة.
وفقك الله.
ويتبع>>>>>: في زنزانة الخطل الجنسي بورنو وحشيش ! م