غير سعيدة وأرغب بالموت
تعرضت للتحرش في صغري من أخي الأكبر مني، وكان يُهدِّدُني ويوصفي بالجاني بدلًا منه، كان عندي 6 سنوات، وهذا غير الضرب والتهديد المستمر لرفضي لهذا الأمر.
لم أكن أفهم شيئًا، واعتبرت نفسي مذنبة، حتى شاهدت برنامج في التلفاز يعرض بعض المشاكل المُشَاِبهة لي فكانت الصدمة من وقتها، فهمت أنه كذاب وكل اللي كان بيحصل أنا مش غلطانة فيه، ولأني مكنتش فاهمة كنت مصدَّقاه من كتر التهديد.
كنت بنام بدري جدًّا وأُرغِم نفسي على النوم عشان كنت مفكَّرَاه هيقولُّهم عليَّا، وكمان كان بيتريق على، شكلي كان بيكرهني وبيحاسبني على النفس اللي بتنفِّسُه، كان بيعاملني بقرف، وحتى الملعقة مكنش بياخدها مني.
الوقت اللي عرفت فيه الحقيقة فضلت في صدمة كام يوم، وبعدها قررت إني أركز في الدراسة والمذاكرة وبس، وكان اعتقادي اللي لسه مستمر إني لا هتجوِّز ولا هكمِّل معاهم على أساس إني مختلفة ومش من حقي أكمل حياتي عادي زي الباقي، وتقبَّلت الأمر كدا، وكان أكتر حاجة توجعني أو تكسرني إني أسمع نفس المشكلة مع حد تاني، كنت برجع وقتها للصفر.
والمشكلة إني دايمًا علاقتي مش كويسة مع أصحابي، ودايمًا يسيبوني، وده كان بيأثَّر بردو عليَّا.
واستمر الحال لحد قبل نتيجة الثانوية، وقتها كان حالي أصعب بكتير وخصوصًا إني داخلة حاجة بمعارضة أهلي، وإن محدش كان بيساعدني، بالعكس بيحبطوا فيَّا، وأنا كنت وقتها بخاف من أي صوت عالي ومن الخلافات اللي بتحصل في البيت، كنت بنهار وأول ما أسمع صوت عالي بروح أوضتي وأعيَّط بشكل هستيري، وقتها طلعت على السطح وكنت عايزة انتحر لولا إني راجعت نفسي وقررت أحاول تاني، وإن مافيش سبب أموت عشانه.
والحمد لله بعدها دخلت كليهة الهندسة اللي كنت عايزاها، وإن المفروض أكون مبسوطة، بالعكس محسِّتش بأي سعادة، ومن هنا كل حاجة بحقَّقها مبحسِّش بأي سعادة، وحاولت أتكلم مع نفسي وأفتح كل القديم تاني وأحل المشكله بهدوء، وبرضو معرفتش أَنهِيه وخصوصًا إنه أنا مش مُتَقَبِّلة لا اللي حصل ولا مُتَقَبِّلَة أقبله كدا.
حاولت بقا أتكلم مع حد من البيت يساعدني، قلت لخالتي ومحستش بأي اهتمام وإنها قالتلي شوية كلام كدا ولا ساعدني بحاجة، وحسيت بالخذلان منها وده كان صدمة تانية.
بعد كده دوَّرت على النت والفيس على دكتور نفساني لأني كنت في وضع صعب، وإنه دايمًا بفكَّر إزاي أنتحر، واتعرفت على شخص، وشوية شوية حكيتله كل حاجة، وبرضو نفس الكلام، وبعدها حبيته، بس بعد كده عرفت إنه بيحب واحدة وإن أنا بالنسبة له أخت بس، وهنا الصدمة التالتة لأني حسيت إنه الموضوع ده السبب إني مش ليَّا أصدقاء خالص.
بقيت أتكلم مع ربنا كتير، وأما بنام بحضن المصحف، وبرضو الوضع لسه مستمر وزاد سوء... الفترة دي مبقاش عندي رغبة لأي حاجة، ولا حتى أعمل مشاريع الجامعة، ومتأثَّرهة جدًّا في الدراسة، ودي آخر حاجىة لسه مخسرتهاش في حياتي، عشان كده رجعت أدوَّر تاني على حل.
5/1/2021
رد المستشار
قرأت رسالتك أكثر من مرة، وعرفت قدر المعاناة التي أنت فيها. منذ طفولتك البريئة تحملين ما ينغص نفسك ويكدرحياتك ويحزنك.. ولربما ما مر بك جعل حياتك جحيما.. لم تبوحي بما يختلج صدرك وكبرت وكبر معك الألم.... يبدو واضحا من رسالتك أن طفولتك تخللتها أحداث مؤلمة من تحرش جنسي من أخيك وسوء معاملة من قبل الإسرة. وخوف ترعرع في نفسك من سوء المعاملة التي تعرضت لها في طفولتك.
.... ليس ذنبك انك تعرضت للتحرش الجنسي في الصغر (تعرضت للتحرش في صغري من أخي الأكبر مني وكان يهددني)، وأنت غير مسؤول عما حدث لك، وأنك كنت طفلة لا تقوى عن الدفاع عن نفسك.... لكن يبدو واضحا أن الاستقرار وأمان الأسري وعلاقتك.
لا شك أن تعرضك للتحرش في سن مبكر ترك أثراً بالغاً عليك. لربما بداء شعورك بالذنب فما أخشاه هو معانة الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة وغيرها مثل إيذاء النفس والجسد كما ذكرت رسالتك.. ولكن الخوف تملكني وأنا أسطر لك هذه الأحرف عندما راجعت كلماتك (وقتها طلعت على السطح وكنت عايزة أنتحر لولا أن راجعت نفسي...... دائما بفكر إزاي أنتحر)... بالطبع رسالتك لا تشير إلى إيذاء النفس فحسب بل إلى فكرة الانتحار......لا.... لا.. يا بنتي.... ليكن ما كان من الأمر.... لابد أن توقفي هذه الفكرة أو الرغبة.... ليكن ما مضى أمرا انتهى الآن وأنت تقرئين هذا الرد المتواضع..
انتبهي لما سأكتبه لك، وبكلمات بسيطة.. وعليك أن تدركي وتعي الأسطر التالية......
من علامات التحذير والخطورة في رسالتك ما يلي:
• التحدث حول الانتحار أو الإشارة إليه كما ورد في رسالتك أكثر من مرة
• التحدث حول الموت أو الكتابة عنه.... كما ورد برسالتك (مجرد الكتابة أو الإشارة أو التحدث عن الموت أو الانتحار)..
• الإصابة باضطراب نفساني، مثل الاكتئاب (واضح من خلال التعبير في رسالتك)...
• وجود أفكار انتحارية سابقة
• الشعوربالذنب واليأس
• الانسحاب من التواصل الاجتماعي
• الاكتئاب...... وهو واضح في رسالتك
يا صغيرتي.... أحس أنك تواجهين، ضغطاً متزايداً من الأسرة، وخاصة النزاعات لأنك نشأت ولا تزالين تعيشين في بيئة عائلية غير مستقرة مع الشعور بالوحدة وفقدان الأمان اضافة الى العزلة الاجتماعية، مع ماض من من الإهمال والإساءة (الجنسية، الجسدية، أو العاطفية)... لا شك أن تعرضك للتحرش في سن مبكر ترك أثراً بالغاً عليك. احذري من الشعور من الذنب.... وما مر مر.... لا تنظري للماضي.... وعلى الرغم من ذلك أشعر بأنك قوية وقادرة على تغيير حياتك...... ليكن ما مضى أمرا انتهى الآن وأنت تقرئين هذا الرد المتواضع.... لا يتملكك الحزن والأسى واليأس أو حتى الغضب. بل أجدر بك أن تحاولي طمأنة نفسك أولا.
وسؤالي لك...... ما الذي دهاك يا صغيرتي؟... ستقولين ماضي طفولتي والتحرش.... ذاك ماض قد ولى.... فليكن أيضا من الماضي.... لا ذنب لك ولست مسؤولة عما كان، وحاولي أن تستغلي اللحظات في دعوتك إلى الله والتقرب إليه وأن تحمديه على كل شيء.... حاولي أن تغيري من نمط حياتك وأسلوب تفكيرك..
حاولي التخفيف من حالتك:
• التواصل مع الأصدقاء وأفراد العائلة أو الانضمام إلى مجموعة توفر فرصًا لتحسين مهارات التواصل.
• ممارسة أنشطة ممتعة مثل المشي والتنزه
• تذكري نجاحاتك.
• كلما شعرت بالارتباك أو الخوف أو الخجل.. تذكري الهدوء "وخذي نفساً للاسترخاء"
كافئي نفسك، عندما يكون أداؤك الاجتماعي جيداً
إليك ما يمكنك فعله لتقديم المساعدة لك في حالة عدم الرغبة في زيارة طبيب أو اختصاصي:
• أن يكون لديك وضوح بأن الحالة لديك اكتئاب بسيط
• التحدث أو الكتابة عمَّا تلاحظينه وعن سبب شعورك بما تعانين.
• احكي عن مشاعرك وأحاسيسك وأيضا عن مخاوفك
• التعبير عن استعدادك لمواجهة واقعك
• اقترحي بأن عليك مهام معينة يمكنك أداؤها
ابدئي بخطوة واحدة.... لا يتملكنك الحزن والأسى واليأس....