أصبحت في سجن من مشاكلي النفسية
أبلغ من العمر 15 عامًا، أعاني من بعض المشاكل النفسية التي صارت تُشكِّل عليَّ حملًا ثقيلًا، أنا متفوق جدًّا علميًّا، وأحب الله جدًّا، وأتمسك به كثيرًا، وأهتم بكل جوانب حياتي (خصوصًا الرشاقة والجمال).
منذ صغري كان أبي _رحمه الله_ يكرهني _والله أعلم_، لا أريد أن أظلمه ولكن كل تصرفاته كانت تدل على ذلك، كان يضربني ويظل ينتقدني كثيرًا، وبالفعل كرهت أبي وتمنيت أن يموت حتى مات.
وقبل موت أبي (من حوالي سبع سنوات) بدأت باختراع شخصيتين خياليتين اسمهما "ندى وسارة"، وهما بمثاباة حياتي كلها، فمعظم الوقت أتكلم معهما وأشاركهما كل شيء، ومع الوقت صرت أُشكِّل لهما حياة حقيقية فعلًا (أسماء، أصدقاء لهما، صفاتهما الجسمانية والنفسية، كلياتهما الدراسية، أشياء كثيرة)، ولا أعرف لماذا أتعلق بهما!.
قد أبدو مجنونًا ومُعقَّدًا حرفيًّا، لكني متفوق ودائمًا ما أُحقِّق أعلى الدرجات _والحمد لله_، أقصد ان حالتي العقلية جيدة، فما تفسير هذا؟
أتعرف؟.. لقد وضعتموني في موقف محرج عندما وجدت خانة الهوايات، فأنا لا أفعل شيئًا غير المذاكرة، والصلاة، والتسابيح، والرياضة، والاهتمام بالبشرة، وركوب المواصلات للذهاب للدروس، وما إلى ذلك... هذا مُلخص يومي تقريبًا، فلا أخرج للتنزه في الأماكن العامة كالحدائق والكافيهات والمطاعم.
ثانيًا: بعدما بلغت من العمر 14عامًا صرت أهتم بالجمال والرشاقة، وبالفعل ضغطت على نفسي وفقدت 50 كيلو جرام في 6 شهور _ولله الحمد_، وصرت أهتم ببشرتي وشعري وملابسي، وبالفعل أنا جميل وجذاب _ولله الحمد_، ولكن وبكل صراحة _أسال الله أن يغفر لي ذنبي_ السبب الحقيقي ليس إرادتي أو اقتناعي بالتخلص من السمنة لمخاطرها الصحية مثلًا، بل إن السبب الحقيقي هو حقدي على كل من يتمتع بالجمال أو الرشاقة، لذا فقمت باستغلال هذا الحقد والغيرة في سبيل فقداني لوزني وغيره لكي أصبح وسيمًا، وغالبًا ما أحمل معي مِشطًا ومرآةً لكي أتاكد من مظهري، فهل هذا وسواس؟
ثالثًا: في الأوقات الأخيرة بدأت أشعر بالضيق من أمي، فإنها أصبحت صعبة المزاج وكثيرة الصراخ عليَّ (تمامًا كما كان يفعل أبي)... الصراحه أمي طيبة وأحبها منذ صغري، لكن صرت أكره كثيرًا صوتها العالي _في أغلب الأوقات_، وصرت أخاف وأرتعش كلما تفعل هذا أو كلما تُوجِّه لي الكلام... لا أكرهها شخصيًّا، ولكن أكره تصرفاتها، وقلت لها ولكن طبعًا بلا فائدة.
في الماضي كنت أبكي فقط، ولكن الآن أنا أرتعش وأخاف، بل وأشعر بالرعب الشديد ويزداد حقدي للكل من حولي... وما يجعلني سجين مشاكلي أنني أخاف الله _رب العالمين_ لأن الاعتراف بالكره والحقد حرام قد لا يُحاسب عليهما الشخص ماداما في قلبه، ولكن يحاسب عليهما عندما يتحدث بها، لذا فأنا أخاف أن أتكلم مع أحد بخصوص هذا.
ساعدوني جزاكم الله خيرًا...
أسأل الله العلي العظيم أن يعفو عنَّا، وأن يغفر لنا ويرحمنا.
16/1/2021
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله.
نقول للسائل العزيز: ألاحظ أنك تقسو على نفسك بإطلاق الأحكام المُبرَمَة، وأنصحك بإعادة النظر في كثير من هذه الأحكام، فأنت على الأرجح لم تكره أباك يومًا، ولكنك لم تكن سعيدًا ببعض صفاته وتصرفاته، وهذا أمر طبيعي لأن البشر ليسوا مثاليين ولا كاملي الأوصاف، وكما أن لديك صفات جميلة وأخرى سلبية، فكذلك والدك، وكذلك والدتك التي بدأت تتضايق من بعض تصرفاتها، وهناك فرق بين أن تتضايق من بعض تصرفات إنسان ما وبين أن تكرهه، ومن المؤكدأانك سوف تعثر على صفات كثيرة تحبها في والدك ووالدتك اللذان أحسنا إليك _بكل تأكيد_ كثيرًا منذ أن ولدت.
ونفس الكلام ينطبق على أحكامك القاسية على نفسك، فمن العجيب أنك تقول أننا أحرجناك بالسؤال على الهوايات لأنه ليس لديك أية هوايات (سوى الصلاة والتسبيح والرياضة والاهتمام بالمظهر)!!، فماذا تسمي هذه الأنشطة بالله عليك إن لم تكن هوايات؟! ولماذا تحكم على نفسك بسوء النية في فقدان الوزن تقول أن دافعك كان الحقد والكراهية لأولئك الذين يتمتعون بحسن المظهر؟ لماذا لا تسميها غبطة (أي حسدًا محمودًا) وتنافسًا في الخير؟ ومن الذي قال أن رؤيتك لصفة جيدة في غيرك وتمنِّيك وسعيك للتحلي بها هو حقد مذموم؟ لقد رأيت غيرك رشيقًا فتمنيت الرشاقة وسعيت إليها فَنِلتَها، وهذا شئ ينبغي أن تُهنِّئَ نفسك عليه لا أن تعذبها باللوم والأحكام السلبية، (وأرجو ألَّا تكون قد فقدت الوزن بشكل مبالغ فيه أو بشكل يؤثر سلبًا على صحتك).
أما عن شخصياتك الخيالية فهي دليل على أنك تحتاج إلى حياة اجتماعية أغنى وأفضل، حياة تمتلئ بالأصدقاء الحقيقيين والمخلصين الذين تتبادل معهم مشاعر الود والاحترام والنصيحة المخلصة.... فاخرج من قوقعتك يا صديقي، وتعلم أن تحب نفسك وتعطيها حقها من المدح والاحترام، ثم أن تحب والديك وتغفر لهما ما لا يَنفَكُّ عنه الناس من النقائص، ثم تعلَّم أن تحب الناس وأن تكون نافعًا لهم بشكل أو بأخر، وسوف تجد الكثير من أقرانك الذين يُسعِدُهم أن يلعبوا دور الصديق والرفيق الحقيقي (لا الخيالي).
وفقك الله ورعاك.
ويتبع >>>>>: مشاكلي النفسية سجن ! والمفتاح معك ! م