وسواس قهري الشبهات : قلق أم وسواس ؟ م5
قلق أم وسواس
السلام عليكم ورحمة الله، في الحقيقة بعد قرائتي لردودكم وكل تلك الإرشادات، نجحت بشكل ممتاز في تجاهل العديد من الأفكار، وقل مستوى الأرق بشكل كبير، فصرت أأرق مثلا عدة أيام قليلة في الشهر وليس مثل السابق.
ولكن ما حصل معي، أنني ذهبت لقريبة لي وهي أخصائية نفسية ماهرة، أخبرتها بما حصل معي منذ البداية، وأخبرتها عن وساوس الشبهات والأرق، فأخبرتني أنني لا أعاني من وسواس قهري، بل حالتي هي قلق زائد نتيجة لبناء هويتي في جيل المراهقة، وأنني سأقلق من أي شيء وأن هذا طبيعي جدا.
وأعطتني نصائح للتغلب على القلق، مثل مناقشة الأفكار ومنطقيتها وإعطائها حقها في الظهور وتشتيت التفكير بأمور أخرى، وأن عملية تشخيص الوسواس القهري عملية معقدة جدا لا يمكن لأحد أن يشخصها عن بعد. وفعلت ذلك، ولكن لا تتخيلون مقدار الإزعاج الذي حصل لي بعدما ناقشت الأفكار، صرت أدور بحلقة لا نهائية من التفكير المعمق، فكل فكرة يأتي بعدها فكرة أخرى أحيانا منطقية وأحيانا غير منطقية، وصرت أفكر بشكل مبالغ فيه، حتى أنني جلست يوما كاملا قلقة من لا شيء ولم أقم من الفراش بسبب كثرة التفكير.
حاولت أن أشتت تفكيري وأن أعطي القلق حقه، ولكن لم يفد بشيء، لذلك قررت العودة لطريقة تجاهل هذه الأفكار رغم أنني لا أعلم إن كانت قلقا عاديا أم وسواس قهري.
بصراحة لا أنكر أنني كنت أشعر في الماضي وأقول لنفسي أحيانا أنني فعلا لا أعاني من وسواس قهري لأنني أقنعت نفسي بذلك وصدقت الأمر، ومن ثم بدأت معاناتي. أي أنني أقنعت نفسي بأنني أعاني من وسواس قهري حول النوم وبدأت أختلق الأفكار.
ومثلا صرت الآن أتعمق ليس بأفكار النوم، بل بطريقة التعامل مع هذه الأفكار، فصرت أحسب ألف حساب، ماذا لو أتت هذه الفكرة كيف سأتصرف معها، وماذا لو قلقت من هذه الفكرة ولم أنم، وماذا لو لم أستطع تغيير طريقة تفكيري وتغلبي على الأفكار؟ إذن ما الحل، هل ما أعاني منه قلق عام أم وسواس قهري؟
وأود أن أقول شيئا أخيرا، أتمنى فعلا الإجابة عليه، هذه الأخصائية نفسها نشرت في أحد الأيام عن تأثير تربية الأطفال بشكل غير سليم على سلوكهم في الكبر، وأن فاقد الشيء لا يعطيه إلا إذا مر بعلاج
فتبادرت في ذهني فكرة أنه "لن يمكنك تغيير طريقة تفكيرك وتعاملك مع الأفكار هذه دون أن تمري بعلاج"
فهل ذلك صحيح أيضا.؟
18/1/2021
وأضافت في رسالة أخرى تقول
القلق
السلام عليكم، أريد أن أقول شيئا حول استشارتي عن الأرق، وهو أنك دكتور أخبرتني أن أتعايش مع القلق وأدعه يمر وألا أبالغ في ردة فعلي، بصراحة فعلا، حينما تجاهلت الأفكار قل القلق بشكل كبير ونادرا ما يأتي.
ولكن إذا فعلت ذلك، أي تركت القلق كما يشاء، ألن تتكرر نفس الدوامة من الأرق مثلما حصل معي سابقا في شهر رمضان؟ بأنني قلقت وتركت قلقي يمر كما يريد، والأمر استمر عدة أيام كثيرة من الأرق والقلق. ولكنني حينما قررت التوقف عن القلق والتفكير حينها استطعت تجاوز الأمر.
فلم أفهم تماما ما القصد بعدم المبالغة برد الفعل. وأن لا أهتم برد فعلي ؟ وأيضا أن الحل الأساسي لمعالجة الأفكار هو تجاهلها. فمثلا إن قلقت حول عدم النوم أتجاهل الأمر، فكيف يكون بهذه الحالة تجاهل القلق أمرا خاطئا.؟
18/1/2021
وفي رسالة أخرى أرسلت تقول:
القلق
السلام عليكم، أعلم أنني أسأل بشكل زائد، وأنه ربما ستفقدون الأمل لكثرة أسئلتي وأنه يجب علي زيارة مختص ليساعدني. ولكن الأمر المفرح أنني استطعت التعامل مع الأفكار التي كانت تؤرقني من قبل ولا تتكرر معي الآن بشكل كبير مثل السابق.
لكن المشكلة الأكبر الآن هي القلق... القلق الملازم للأفكار، والقلق لوحده، وظهرت كل أسئلتي هذه التي سأطرحها بعدما سمحت لنفسي بالانخراط والتحليل لقلقي مثلما ذكرت في رسالتي السابقة. لأنني في السابق كنت أطمئن نفسي بأشياء بسيطة وأتجاهل الأمر تماما. لذلك انتابتني أسئلة أخرى وأود أن أطرحها
- كيف يمكنني أن أفرق بين الفكرة الوسواسية التي يجب تجاهلها والقلق الذي لا يجب تجاهله. يعني خلال النهار حينما أقلق لأنه ربما لن أنام، وأقلق من الأرق... أقول لنفسي "أنه لا يوجد سبب لعدم نومي، فأنا طبيعية والنوم حاجة بيولوجية تحصل عند جميع الناس بشكل طبيعي، وأنا لا أعاني من أي مرض دماغي يمنعني من النوم" فهكذا يذهب القلق مباشرة (رغم أنه يتكرر مرات أخرى لكن الأمر مسيطر عليه)، أي أناقشه بطريقة منطقية فيذهب.
أو مثلا حينما أقلق من الأرق في تلك الليلة، أقول لنفسي أنني أستطيع الآن التعامل مع الأفكار التي كانت تعيق نومي بشكل جيد تقريبا، فليس هنالك الآن سبب لأن أقلق حول نومي، وليس هنالك سبب فكري أو جسدي يمنعني من النوم لذلك لا داعي للقلق، وأخبر نفسي أن لا أقلق وحينها أهدأ، وأفكر بطريقة إيجابية وأشتت تفكيري عن القلق، وأحيانا يبقى بعض مشاعر القلق ولكن لا أهتم لها بل أتجاهل وجودها، فهل هذه طريقة لكبت وتجاهل القلق أم هي طريقة صحيحة؟
لأنني إن تركت نفسي لأقلق كما تشاء، فلن يتنهي الأمر مطلقا لأنني جربت الأمر فعلا أن أترك مشاعري كما تريد، ولكن الأمر حينها ازداد ودخلت بدوامة لم تنتهي، ولكن هنا، هل هذه هي أفكار أم قلق؟ يعني هل هذه فكرة وسواسية أم قلق؟ لا أدري كيف أشرح الأمر ولكن الأفكار المتعلقة بالنوم التي طرحتها سابقا استطعت التعامل معها بشكل ممتاز بفضل إرشاداتكم، وتعود أحيانا بشكل خفيف ولكن أستطيع التعامل معها بشكل جيد، ولكن بقيت الآن هذه التحليلات الزائدة لطريقة التعامل مع كل شيء "إن أتت هذه الفكرة كيف سأتعامل معها، وإن أتى القلق وقت الامتحانات كيف سأتعامل معه"..... كل هذه تحليلات زائدة وقلق يأخذ من وقتي الكثير، فكيف أتعامل معه؟
وبعض القلق من عدم النوم أحيانا يأتيني خلال النهار، وأتعامل معه مثلما قلت، فهل تعاملي مع هذا القلق صحيح أم لا؟ وأخاف فعلا من أن أترك قلقي وأدعه يمر، من أن يتكرر نفس القلق في رمضان وأن يخرج الأمر عن سيطرتي
يعني إن تركت نفسي لأقلق كما قلتم وألا أتجاهل الشعور، فسيكون تأثير القلق مثله مثل الأفكار الوسواسية سيمنعني هو أيضا من النوم كذلك وهذا ما لا أريده!! فجربت لعدة ليالي نمت فيها متأخرا لأن أسمح لشعوري بالقلق (لأنني نمت متأخرا)، بأن يبقى وجربت أن أناقش القلق بطريقة منطقية، ولكن مجرد أنني قلقة منعني من النوم، رغم أنني لا أفكر بالموضوع.
وسؤال آخر هل تحليلي الزائد لطريقة التعامل مع القلق والوساوس تعتبر شيئا غير طبيعي؟ لأنني أشعر أن الأمر زائد عن حده، فأنا أقوم بطرح أسئلة كثيرة ولا متناهية وأبحث وأفكر في الأمر كثيرا.
مثلا حينما كتبت هذه الرسالة وقلت أنه تخلصت من الأفكار المتعلقة بالنوم أتتني فكرة أو قلق حول "ماذا لو عادت هذه الأفكار، ماذا لو أتت غيرها، ماذا لو عاد القلق وتفاقم من جديد" فهل هذا يعتبر قلقا أم أفكار؟؟ ولاحظت أيضا مشكلة جديدة، هي توقع مجيئ الأفكار والقلق من لا شيء، وأنتظر الأفكار الوسواسية لأن تأتي.
يعني أقلق أنه من الممكن أن تأتي فكرة معينة تعيق نومي هذه الليلة، ولا أنام بسبب هذا القلق، رغم أن الفكرة نفسها غير موجودة ولم تأتي، ويرتبط الأمر أحيانا مع امتحاناتي، فمثلا صرت أتوقع أن تأتي فكرة معينة جديدة حول النوم وتؤرقني في تلك الليلة وأتخيل أنني لا أستطيع التعامل معها، فهل هذا قلق أم وساوس وكيف أتعامل معه بشكل صحيح؟
وحينما أحلل بشكل زائد الأمور وأقلق من الأفكار حينما تأتي في المستقبل، هل هو قلق أم وسواس؟ وكيف أتعامل معه، وهل هذا التحليل الزائد الذي يسبب لي قلقا، هل هو قلق من المستقبل طبيعي أم شيء زائد يجب أن أتخلص منه؟
سؤال أخير حول القلق: حينما أتجاهل فكرة معينة حول النوم، أشعر أحيانا حينها بالقلق، فأتجاهل الشعور وأكمل مشوار التجاهل، وأقول لنفسي توقفي عن القلق، إنها فكرة غير صحيحة ولا تؤثر على النوم، فهل هذا الأمر يعتبر كبتا للقلق أيضا؟ والأمر المخيف في تلك اللحظة، هو أن يأتيني قلق من عدم النوم بالإضافة إلى القلق المصاحب للفكرة نفسها، فكيف أتعامل معهم؟؟
وإذا لم أكن قلقة في اللحظة الحالية من موضوع كان يقلقني في السابق أي حينما أفكر فيه، أبدأ بسؤال نفسي، لماذا لست قلقة الآن من هذا الموضوع وقد قلقت عليه من قبل؟، ويجب عليك القلق و.... ومن ثم أقلق رغم أنني في الحقيقة لست كذلك.
وأحيانا، حينما أنام متأخرا قليلا، أكون موقنة وأعلم أنه لدي عدد ساعات قليل نوعا ما، ولكن أن أنام هذه الساعات القليلة خير من أن أقلقها، وأنا موقنة بذلك ومقتنعة ولكن هنالك قلقا لا أدري ما مصدره، لمجرد أنني تأخرت في النوم يأتي ويمنعني أحيانا من الخلود للنوم.... أو أنام وقتها بشكل سطحي... ومثلا أفكار قلقية مثل" لم تنامي جيدا الليلة، لذلك لن تنامي التي بعدها" وأفكار مثل هاي، قلقية أم وساوس؟
ويحصل معي أحيانا أنني نفسي لا أكون قلقة، بحيث الآن لا أهتم إن لم أنم مثل السابق ولكن هنالك قلقا بداخلي رغم أنني لست مهتمة بذلك،
فما تفسير كل تلك الأمور؟
18/1/2021
رد المستشار
الابنة الفاضلة "نور" أهلا وسهلا بك على موقع مجانين وشكرا على ثقتك، ومتابعتك خدمة الاستشارات بالموقع.
من الواضح أن لديك أكثر من مشكلة مع المفاهيم التي تناقشينها معنا وتخلطينها معا.... فالقلق حالة معرفية شعورية عامة تتسم بالخوف والتنبه وعدم القدرة على الاسترخاء أو الراحة، وأما الأرق Insomnia فقد يكون أحد أعراض اضطراب القلق Anxiety Disorder وقد يكون لأسباب أخرى..... وأما التوجس فهو الأفكار الخائفة حول شيء ما غالبا في المستقبل مع الميل إلى توقع الأسوأ وأحيانا عدم أو لا تحمل الشك "ل.ت.ش"...... طبعا كل هذا (أي القلق والتوجس والأرق) موجود في مريض القلق المتعمم..... والذي تتعلق مخاوفه عادة بأمور حياتية ظاهرة المنطقية بالنسب للشخص... لكنها مبالغ فيها ومزمنة بشكل مزعج.
أما الوساوس أو الأفكار الوسواسية فتتميز بالصفات التالية: وجود محتوى عقلي معين (فكرة، صورة، اندفاعة، رغبة) أو محتويات تسيطر على التفكير، وهذه المحتويات كثيرا ما لا تكون لها صلة بالمشاكل الحياتية التي يتعرض لها المريض، ورغم وعي المريض تماماً بأن هذه المحتويات نابعة منه هو وليس لأي شخص آخر دخلٌ بها إلا أنه يدرك أنها زائدة عن الحد وهو لذلك يحاول أن يتخلص من المحتوى العقلي التسلطي بصفة مستمرة أو أن يحيده بأداء فعل ما، وكلما أجبر نفسه على إيقاف هذا الفعل تعرض لضغط نفسي عنيف مما يؤدى به إلى معاودة الفعل مرة أخرى.
فهل بذا وصلك الرد على سؤالك (كيف يمكنني أن أفرق بين الفكرة الوسواسية التي يجب تجاهلها والقلق الذي لا يجب تجاهله).... أظن التفريق أصبح سهلا نوعا ما لكنني أحتاج سؤالك عن القلق الذي لا يجب تجاهله ؟! إنه بالتأكيد القلق الصحي المفيد الذي أنت بعيدة عنه كل البعد مع الأسف؟ ثم أن قدرة الإنسان على تجاهل القلق المرضي محدودة إلا إذا استطاع تجاهل الأفكار (التي قد تكون وسواسية أو لا) وقد تكون اجترارية (في القلق المتعمم أو الرهابي أو الاكتئاب أو الوسواس أو ما بعد الكرب الرضحي...إلخ)... فهو هنا يستطيع تجاهل القلق بتجاهل الأفكار ورائه.
طبعا طريقة تفكيرك وتحليلك لكل شيء هي طريقة مرضية وكثيرا ما يميز هذا الشك في القدرات المعرفية والنزوع إلى تحليلها مرضى الوسواس وهو جزء من مشكلات الأفكار حول الأفكار.... أي فكرة الإنسان عن عملياته العقلية وثقته في قدرته على مناجزتها والتي تظهر فيها نقائص في مرضى الوسواس......
يعني بصراحة تجاوزت قريبتك الحد المعقول في محاولتها طمأنتك..... بنفيها أن يكون اضطرابك وسواسيا.... ولا أدري في أي مجال غير الوسواس هي ماهرة؟ خاصة وأن اضطراب الوسواس القهري أصبح يشخص ويعالج بنجاح عبر الإنترنت.... الأهم من ذلك أن مطالعة ما دار بينك وبين مستشاري مجانين على مدى ست استشارات يجعلنا نقول لك ويقول لك أي قارئ حصيف "لو عصرناك لن يسيل منك إلا عصير الوسوسة !! وتقولين قلق أم وسواس؟"، لكن وكي لا تغضب منا قريبتك فأعلميها أن تشخيصها صحيح لأن لديك اضطراب قلق مع اضطراب الوسواس القهري.
تسألين (فتبادرت في ذهني فكرة أنه "لن يمكنك تغيير طريقة تفكيرك وتعاملك مع الأفكار هذه دون أن تمري بعلاج" فهل ذلك صحيح أيضا.؟).... أي علاج تقصدين ؟ فإذا كان العلاج متعلقا بـ (تأثير تربية الأطفال بشكل غير سليم على سلوكهم في الكبر، وأن فاقد الشيء لا يعطيه إلا إذا مر بعلاج) فهذا كلام عن موضوع آخر وطريقة علاج أخرى غير ما نعرف نحن أنك تحتاجين وبشدة... فبسرعة من فضلك... ولا تسألي شيئا على مجانين قبل أن تأخذي خطوة العرض على طبيب نفساني.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.
ويتبع>>>>>>>>> : وسواس قهري الشبهات : قلق أم وسواس ؟ م7