مشاكل لا نهاية لها
السلام عليكم... نفع الله بكم وبعلمكم... أريد استشارة فضلاً وليس أمراً.
لا أعرف من أين أبدأ، ولا طاقة لي بالكلام، وهذا يمنعني من مواجهة مشاكلي وحلها، طاقتي استُنزِفًت حول الناس والأخصائيين والعالم، لا أقدر على الكلام حقاً مع أحد فيما يخصني.
لا أعلم كيف أعالج مشاكلي وأحلها، وغيري لن يفهمي، حقاً لست قادرة على الكلام، فقط أبكي وأشعر بالموت وكأن قلبي ودمي بهما نار تحرقني... ما الحل؟
والله تعبت وأريد حلًّا لما بي دون أن أنطق أو أكتب... فعلت المستحيل لأخرج مما أنا به حتى على الورق، ولا أستطيع.
أتمنى الجواب، واعتبروها أول مشكلة لي...
جزاكم الله خيراً، وبارك بكم.
2/1/2021
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الكريمة: "تالا" حفظها الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، وبعد
أهلًا وسهلًا بك في موقعك، نسأل الله أن نكونَ عونًا وهديًا لك، ألحظ مِن طريقة كتابتك أنك واعية وذكية، وقادرة على توصيف مشكلتك بطريقةٍ سَلِسة مُرتَّبَة ومختصرة، لذا عليك في البداية أن تحددي سبب المشكلة، وهل هي ناجمة عن سبب مرضي (نفسي) أم أنها ناجمة عن نقص في الثقة بالنفس وضعف في قدرتك على مواجهة ضغوط ومشاكل الحياة والتعامل معها أو ما يسمى بـ (فن حل المشكلات)، ولا شك في أنك اذا تمكنت من تحديد سبب مشكلتك سيسهل عليك إيجاد الحلول المناسبة لها.
الأسباب المرضية (النفسية) لضعف القدرة على التعبير عن الأفكار والمشاعر هي: اضطراب الشخصية، ضعف التركيز والاستيعاب، الإصابة بالقلق أو الاكتئاب، الوسواس القهري، الرهاب الاجتماعي والتلعثم أمام الناس من ما يفقد المرء القدرة على التعبير، كذلك الإصابة بـ "الأليكسيثيميا" Alexithymia أو (اللامفرداتية) أو ما يسمى بنقص الانسجام النفسي أو ما يعرف أيضا بـ (فقد العواطف)، وهي حالة ضعف في الشخصية للتعبير عن العواطف والمشاعر والتعلق الاجتماعي، والعلاقات الشخصية، وهي ظاهرة قابلة للعلاج، فالعلاج يمكن أن يملأ الفجوات في الذكاء العاطفي، والمعالج المتخصص في علاج "أليكسيثيميا" يقوم بالاستماع إلى الشخص المصاب بهذه الحالة ويعمل على تشجيعه لقول ما يريد.
لذلك أنصحك بمراجعة طبيب نفساني مختص لتحديد سبب المشكلة، وكتابة علاج مناسب لحالتك في حال إذا تبين أن سبب المشكلة راجع لأسباب مرضية (نفسية).
أما إذا كان سبب المشكلة هو ضعف في الثقة بالنفس، أو بسبب إصابتك بالإحباط لكثرة الضغوط والمشكلات حولك وعدم قدرتك على مواجهتها والتعامل معها، أو بسبب عدم امتلاكك لمهارة (فن) حل المشكلات، فالأمر بسيط – إن شاء الله تعالى – وعلاجُه سهلٌ مَيسور، لكنه يحتاج إصرارًا ومتابعةً وصبرًا منك؛ بالإضافة إلى العمل على نفسك لتطوير مهاراتك في حلّ المشكلات، ويمكنك الاستعانة بالنصائح الآتية :
- عدم الاعتماد على الآخرين في حلّ مشاكلك، فالتغيير يبدأ من الشخص نفسه، لذا عليه التغلّب على التحدّيات التي تواجهك من خلال التفكير بأسلوب جيد واعٍ، فأنتي وحدك من يستطيع أن يخدم نفسه، وقادرة – بإذن الله – على حلّ جميع مشاكلك مهما كانت.
- شجعي نفسك وذكريها بشكل دائم على أنّها قادرة على مواجهة الصعاب والتحديات المختلفة، إلى جانب العمل على تحفيزها بمختلف الوسائل
- فكري في تطوير الثقة الدائمة بالنفس، واعتبارهما كجزء من رحلة الحياة اليومية الاعتياديّة، إذ إنّ الحياة تحوي العديد من الجوانب المتغيرة الديناميكيّة، لذا من الضروريّ التعلّم من خلال التجارب، بالإضافة إلى تنمية الجوانب الشخصية سواء على الصعيد الأخلاقيّ التعامليّ أم على الصعيد المهنيّ
- يتوجب عليك أيضا أن تقومي بتحديد المشكلة التي تواجهينها، وتعرفيها بوضوح للوصول إلى حلّ عمليّ، اكتشفي مصدر المشكلة وسبب حصولها، واعزليها عن المشاكل الأخرى الثانوية لتحاولي فهم كيف نشأت، ومن ثمّ السعي وراء البحث عن حلول لها
- ابدئي بطرح أفضل الحلول للمشكلة التى تواجهك، وعليك أن نقتنعي أن حل أى مشكلة لا بد أن يتضمن مكاسب وخسائر
- يجب أن تدركي ضرورة تفتيت القوى التى تسبب لك المشكلة بمعنى "أن لا تجمعي كل الخصوم فى مواجهتك
- المناقشة فى وجود الانفعالات لن تؤدى إلى حل، بل ستؤدي إلى زيادة المشكلة وتعقيدها، فيجب التوقف عن فعل هذا
- المرونة أو "التلون الانفعالي" أمر هام يجب أن تضعيه فى الاعتبار لتكوني قادرة على امتصاص جزء من المشكلة
- اجمَعي حولك صديقات واثقات مُتحدِّثات؛ فمُعاشَرةُ هؤلاء تُكسبك الثقة والمران، اكتبي وتخيَّلي أنك تكتبين لشخص ما أو مجموعة ما، ثم اقرئي ما كتبته بصوتٍ مرتفعٍ، وتخيَّلي وجود هؤلاء الأشخاص حقيقةً أمامك
- حاولي الالتحاق بدورات أو معاهد الخطابة والقيادة، ففيها الممارَسة والتطبيق العملي المستمر، وتابعي دراستك فالتعلمُ بابٌ واسعٌ يُعزِّز الثقة، ويُكسبك المهارات اللازمة للخطابة والحوار والتقديم
- مارسي هواياتك المفضلة، وخذي قسط كافي من الراحة لمدّة تقدّر بـ 7-8 ساعات في اليوم، فالتعامل مع المشاكل اليومية قد يسبب الإجهاد والتعب العام في الجسم
- من وقت لآخر احرصي على ممارسة بعض الرياضيات الخفيفة مثل "المشي في الهواء الطلق أو جلسات اليوجا" أو حتى جلسات الاسترخاء فهي بمثابة الأكسجين لحياتك النفسية
ولا تنسي طلب العون ابتداءً من الله؛ فهو الهادي والمعين
وفقك الله ورعاك،،،