أمين واختيار شريك الحياة!
حيرة في الخطوبة: مثالية؟ شعور باستحقاق زائد؟.. ساعدوني.
اسمحوا لي على الإزعاج، إن لم يتمكن الأستاذ أحمد من الإجابة لانشغاله أرجو أن يجيبني وأن يعطيني أحد الأساتذة الآخرين من وقته.
لقد حدثت تطورات، حيث تغير تعاملي مع الخطيبة، وأصبحت لا أُكثِر الكلام معها كَذِي قبل (ربما أردت تجهيزها نفسيًّا حتى لا تُصدم، أو ربما كي أفكر دون ضغط لا أدري)، وأحست هي بذلك.
الضغط يزداد عليَّ أكثر، أنا الآن لا اراها غير جميلة، ولكن عادية، ليست بالجمال الذي أبحث عنه، وفي نفس الوقت الكل يتمناها زوجة لخُلُقها و دينها، وأخاف أن أُضيَّعها، هل هذا طمع وحرص زائد؟
أريد إعلامكم أن الأمر قد يُذكِّرَني بتغيير أبي لوظيفته ذات يوم، الأمر الذي كلَّفه غاليًا... من جهة أخرى أخاف أن يبقى المشكل بعد الزواج (أي شعوري بأنني أستحق أجمل منها، وأبقى أقارنها!).
هناك من كانت لديه نفس المشكلة، ونصحه أحد المستشارين بالبحث إن كانت الزوجة تتوفر بالحد المقبول الأدنى، فكيف أعرف هذا الحد وأنا أميل إلى المثالية؟ هل هذا هو وقت علاج المثالية؟ أم يجب عليَّ تقبُّل مشاعري وآرائي تجاهها؟
ما زاد حيرتي أيضًا أنني اكتشفت علامات تدل على تعلُّقِها بي، وأنا شخص لا يحب إيذاء أي شخص دون حق... أنا في دوامة لا أحد يعلم بها، فحتى المُقَرَّبين لم أجرؤ بعد على استشارتهم... أرجو أن تشيروا عليَّ بكل تركيز... وبارك الله في مجهوداتكم.
26/1/2021
رد المستشار
أهلا وسهلا بك يا "أمين" مرة أخرى. أرجو أن تكون متابعتك هاته بعد قراءتك لردّي عليك وليس قبلها.
بالنسبة لنقطة أنّها متعلّقة، الزواج ليس شيئا للمجاملة والطبطبة، هي عشرة حياة، وإن خفت أن تؤذيها وأنت غير مقتنع بها، فستؤذيها أكثر وقتَ لا تجد من قبول أذاك بُدّ، ولا يمكنك لا أنت ولا هي تغيير الآخر. فأي أذى أكبر إذن؟
الزواج خطوة مهمة ومصيرية في الحياة، عدم الإقدام عليها لو ظهر لنا شيء أفضل من الفراق بعدَه، لأنّ الطلاق له آثار سلبية خصوصا على المرأة، وإن لم يكن طلاقا رسميا فقد يكون طلاقا معنوّيا وربما هو أسوء !!!
بخصوص ترددك في كونها متدينة وخلوقة، أنا عندي تساؤل (هل قرأت ردّي أولا؟) ثم المتدينات والخلوقات ممّن ستروق لك انقرضن؟ لماذا تتحدث عن أخلاقها ودينها وكأنك تتخيل نفسك في "زمن الفتنة" ونُدرة الخلق والدين، الدنيا أوسع من نظرتنا لها يا صديقي.
أما عن نصيحة بعض المستشارين لغيرك بأن ينظر هل تتوفر على الحدّ الأدنى، نصيحة قد تكون جيدة للسائل آنذاك، لكنّي لا أراها جيدة بالنسبة لك، أنت تمارس ضغوطات لتقبل وبها وتتقبّلها قائلا "لماذا أرفضها وهي متخلقة وكثيرة الخطّاب ومتدينة"؟! لذلك تُمارس نوعا من "الانضباط الأخلاقي" اتجاه اختيارك للزوجة، كأنّك تشعر بالنقص لأنك تريدها رائقة لك من حيث الجمال!! أنت لا تُنظر أخلاقيا، إنما تختار من تناسبك وهي أيضا ستقبل بك إن كنت تناسبها، إن كنت تناسبها وهي لا تناسبك فلا تتزوج بها، وإن كان العكس لا يجدر بها أن تقبل بك أيضا !! ببساطة هكذا.
كيف تعرف الحدّ الأدنى؟ لن تعرفه حقيقة إلا إذا خفّضت من معاييرك و"نهمك" للفوز بكل شيء! وأقول لك سرّا، الشباب المحافظ يراهن كل شيء على الزواج!! فهو ينتظر من المرأة أن تلبي كل رغباته العاطفية والجنسية والفكرية والوجدانية، يكون هذا عند غير المحافظين، لكن في المحافظين يكثُر بسبب أنّ القواعد الأخلاقية عندهم أكثر من غيرهم، ويعرفون جيدا أنّهم إن شعروا بالنقص لن يعوضوه مع امرأة أخرى حتى لو كان مجرّد استظراف لعقلية أو توافق فكري!! هذا الشعور مفزع، ويصنع ردّة فعل مفادُها محاولة الفوز بكل شيء إذا ما تزوج.... لا يريد أن يتنازل عن أي جزء أو تفصيل في الزوجة، ويجب أن تحقق له كل أمانيه ! وواضح أنّ هذا غير ممكن.
لذلك تأكد من ارتباطك بمن تعجبك من أول انطباع كما قلت لك، ولا تضطر لممارسة مجهود عقلي لتقبّلها ! فهذا دليل على رفضك إياها. يمكنك أن تجد من تعجبك بصفاتها الأخلاقية أو أقل بقليل، وهذه أفضل لك من متخلقة ومتدينة للغاية لكنك ترفضها شكلا ولا تقتنع بجمالها. والسبب بسيط لأنّ وجه المقارنة مع النساء الأخريات لن يكون على مستويات خفية مثل طريقة التفكير أو نمط التديّن أو تفاصيل الأخلاق، ما تراه من النساء خارج بيتك هو ظاهرهنّ فقط، لذلك سيبقى الصراع على هذا المستوى في أغلب الوقت، لذا إن ارتبطت بمن لا تقنعك جمالا، فستتعرض للمقارنات رغما عنك، ولن يظهر لك الفرق جليا في الأخلاق والدين، أما لو أخذت أقل منها دينا وخلقا (على فرض هناك معيار واضح يعني!) لكنها تعجبك شكلا، فلن تعيش صراعا مع ما تراه من النساء الأخريات.
شعور الاستحقاق مسمّى، لكنّه قد يكون له مسمّى آخر وهو "عدم الشعور بالأمان" insecurity هو الذي يجعلك تميل للمثالية لأنه تخاف من قلقك المستقبلي وأن يسحق صراعا نفسيا بين رغباتك وبين واقعك. يجب أن تنزع من أحشائك فكرة أنّ الزواج سيحقق لك كل شيء، وأن امرأة على وجه هذه البسيطة لتجمع لك ما ترغب في كوكتيل واحد، يجب أن تقتنع بأن الشريك مثله مثل تجاربك الحياتية بل مثله مثلك أنت، كنت تتمنى أشياء لكنك لم تنل إلا بعضها، شكلك، عرقك، مستواك الاجتماعي، نوع أسرتك، كل هذا أخذت منه شيئا وتمنيت شيئا لم تجده.... هكذا هو الزواج، وأيضا الإنجاب، فلن تنجب اطفالا كما تتخيلهم ولن يكونوا كما تصنعهم مخيلتك.
أظن أنّ طريق التشافي هو نوع من الإحباط وتقبّله، ونوع أيضا من التشاؤم المعقول الذي يخفّض من عتبات الأماني والتطلّعات ليجعلنا أكثر إحساسا بالنّعمة وتقبلا للنقص.
وأؤكد عليك للمرّة الألف، اعتبارات الزواج والدوام أكبر من "تعلقت بي ولا يمكنني أن أخذلها الآن" لو افترقتما ستُشفى وستَشفى، ويمضي كلّ لحياته بخيباتها وتجاربها ونضجها، أما لو أخذتها وأنت كل مرة تحاول إقناع نفسك أنها جيدة لك فتظلمها أكبر ظلم في حياتها وهي غافلة تماما عن معاييرك القاسية فيها وحكمك الجارح اتجاهها.
فشدّ حيلك وخذ قرارا عقلانيا نابع من النظر في التّبعات وليس نابع من جبن في مواجهة آلامك أو آلامها، أو تهرّبا من موقف حرجا معها أو مع أسرتها
تحياتي وتمنياتي الأجمل لك.