هل أعاني من اكتئاب ثنائي القطب؟.. أتعبني التفكير
السلام عليكم... ليس لديَّ قدر كافي من الحماس، لكنني تعبت جدًّا من الاحتيار في مشاكلي، دائمًا ما أقول لنفسي أني لا أُصدِّق أنني لديَّ أي شاهد أو دليل على كلامي، وأحس أنني أحاول لفت الانتباه لي عَبَثًا، لأنني ليس لدي أصدقاء كثيرون وكل عائلتي تكرهني وتحاول إعاقتي في الحياة، لن أقول أنني لست مُمْتنَّة أو شاكرة لأني موجودة معهم لأنهم السبب في توفير الاحتياجات المادية، ولكنهم لا يدرون أنهم أيضا لا يتوقَّفون عن صرفي إلى دواَّمة من التفكير والاكتئاب لا يتحملها أحد... أبي كان كثير الحب للعمل، ومتشدِّد، ولا يحب الخير لنا من ناحية أن يكون لدي راحة وأصدقاء... وأمي أيضًا أحس أنها تحسدني وتحاول أن تجعلني ضحية لها، ولكني لا أقول لهم كل شيء لأنني لا أريد همًّا فوق هَمِّي، ولأنني واثقة أني أفعل الشيء الصحيح بإخفاء نقطة ضعفي، وأنَّه لا أحد يستطيع فهمي تمامًا في الحياة إلَّا نفسي.
أنا في الجامعة الآن، أحسّ بالإحراج لأنني الآن أفضح نفسي ولا أجد أي حلٍّ آخر، وأحس بالفضيحة لكل شيء تسبَّبت به، وأكره كل الناس ومن عرفتهم من الأصدقاء والعائلة والأقارب، لأن أَمَلِي انعدم من كثرة طَعْنِهِم لي بالغيبة، والانغماس في الكلام الجارح، وتصديقهم لأمي وأبي، وأُصنِّفُهم الآن من النرجسيين لأنني أُحِيلُ الأمر بطريقتي إلى الطبيعة، فلا أدور في الدوَّامة التي تقتلني من الهمّ ولَوْم نفسي والإحساس بأن الجميع يتربص بي في كل مكان و زمان... كفاني من كُرْهِي لنفسي عدم اهتمام أهلي بي، لدرجة أنِّي لا أقوم بالأشياء الطبيعية إلَّا تمثيًلا وادِّعاءً لوجود قناعة تقنعني بأني أعيش... أحس أني فقدت القوة والتعبير، مع أني لم يكن عندي أي قدر منه بسبب عائلتي التي ربَّتني على الكتمان والتحمُّل وعدم اهتمامي بالمشاعر والأحاسيس، و يقيسون كل شيء بالمظاهر.
مع كل ما قُلْتُه الآن أحس أنني أُخرِجُه من نفسي إخراجًا، وهو مؤلم جدًّا قَوْلُه، وأنا بقناعة أنه لن يفيدني معرفة ما يخفيه الناس أم لا، فسوف تكون نهايتني وحياتي مؤلمة بسبب ما أعتبره حياة مُزيَّفة.
قبل أربع سنوات أُصِبْتُ والله أعلم بحالة اكتئاب حادة، ولم تتوفر لي الظروف الصحيحة حتى أعطيه أي اهتمام، ولكني أُصبِحُ أحاول وأحاول بجِدٍّ أن أُوقِفَ جميع أفكاري الّتي كانت تشجعني، وقبل ما حدث لي الاكتئاب لم أكن أدري أصلًا ما هو، وأحسست أنني أحلم وقت استيقاظي... في مراهقتي المبكرة كان لدي فقط القليل من الأصدقاء، دائمًا ما كنت الفتاة الخجولة التي تحب الهدوء، ولا تتكلم أبدًا، وتستحي، ولكني لم أكن كالتي تتبادل الآراء، فقد كان كل ما يقال عني من ناحية أمي وأبي والناس يتماشى معي، وأتركه يمُرُّ ولا يؤثر في، فأنا لم أكن أعرف حتى كيف أتوقف عن العزلة لأنني كنت أعاني من رهاب اجتماعي، ووضعي في البيت لم يساعد، فكالعادة كنت مُهمَلَة من ناحية ما تُحِبُّه البنات والأطفال، وكُلَّما رأيت ناسًا لديهم عائلة تتمتع بالعاطفة العالية والحب كنت أحس بالغيرة والحسد والقهر العظيم (ما كنت أتوقَّعه _والله حَسِيبي_ أنه لن يفارقني، وأنه مُصمَّم لي خصِّيصًا كألم يعيش معي إلى أن أموت وأُبعَث عليه).
على كل حال، كل ما قُلْتُه أثَّر عليَّ فِعْلًا، ولكن طبعًا كنت طفلة (ولا أزال مقتنعة أني بنفس الحال، فقط حالفني الحظ)... وكنت ممتازة في الدراسة، وكثيرًا ما يمدحني الجميع على تفوقي واجتهادي، وطُبِعْتُ على أن الهادئين دائمًا ما يحبهم الناس، ولكم الحقيقة فإنهم يتعبون ويفقدون الأمل لأن الناس لا يعطونهم أي حق في شيء أصلًا، فلم يروهم أهلًا للكلام، فقط تعال افعل ما تشاء. وقد أصابني الكلام عن طفولتي بالدَّوَار، ولكنني أحاول أن أحصل حقيقةً على استشارة وتشخيص طال انتظاري وتَعَبِي عليه من دون جدوى.
حسنًا سوف أتابع... أعلم أن فترة المراهقة فترة تغيُّرَات وتعلُّم وهرمونات، ولكنني كشخص لم يَرَ نفسه في موقف الشجاعة والجرأة والحياة السعيدة والصداقات والناس قط، لم أجد ما يسادعني، فلجئت إلى تطوير النفس، وحاولت بكل ما استطعت أن أقرأ وأُطبِّق، إلَّا أن عائلتي كانت دائمًا تحُثُّنِي على التنظيف والخروج معهم وفعل كل أنواع الأشياء التي إن فعلتها لن يتوقف الإحساس بالقهر، لأنني أريد عائلة تحبني وتهتم لما أريد، ولا تُعَنِّفُني أو تجعلني أتمنَّى حياة طبيعية، فكل الكلام الإيجابي أصبح عادة صعبة، ولكني ظللت عليها، وكنت أُصلِّي وأدعو الله، وأحسست أن الوقت قد يتوقف ويأتي يوم القيامة فجأة، ولم يكن هناك وقت للتوبة... وكنت أّزِيد من أَلَمي بكل الطرق لأنني لم أتوقف عن الخوف ورؤية نفسي كالنَّاجين من الفتنة، الأفضل من الغير، وأن عزل عائلتي لي عن العالم هو خير الدنيا والآخرة، لكني توقفت عن كل ما كنت أفعله من رياضات وعزل نفسي وعصبية وأفكار مُنهِكَة ومُتعِبَة للعقل، واعتقادات لا آخر لها.
عندما بلغت السادسة عشرة من العمر كانت أول رحلة لي إلى تركيا، حيث تُهْتُ قليلًا في التفكير، وكانت العُطْلَة الصيفيَّة عبارة عن وقت خرجت فيه شيئًا فشيئًا من جلد الماضي، ولم أكن أعرف إلى أين، ولم أعد أعرف معنى الحياة... انفتح أُفُق تفكيري، ربما لم يكن لها معنى محدد أو لم يكن هناك داعٍ لكل ما فعلته في السابق، أستطيع أن أعيش وأكون من أريد، ولكن لم يكن كل ما قلت حقيقيًّا بالكفاية، فقد كنت أحس بأنني أصبحت مُقصِّرَة في الدين، أتكلم وأغتاب وأفعل أي شيءٍّ أريد بدافع عدم السماح لأن يكون التوتر والخوف دستور حياتي مرة أخرى... كان عقلي كأنه ارتخى وأخرجَ كلَّ ما فيه، وأمتلَأ بالكثير من الأفكار التي كلما تكلمت عنها أتهموني بالسلبية، والتي أصبحت عنوان حياتي في تلك السنة... ولا أدري ما أقول، فدرجاتي في الدراسة ساءت، مظهري لم يعد يهم، لم أعد أقول لنفسي "إنهم سوف يعلمون أنك من عائلة متشددة"، فقط كنت أقول "فَلْيَعلموا"، نعم أريد أن أقنع نفسي أني مُقرِفَة وأن لا أحب يحبني، أصلًا لا أريد أن يحبني أحد، ولا أحتاج أحد حتى أن أحس بالسعادة، وكان مساري في تلك الناحية.
أتمنَّى أن الصورة وضحت قليلًا عن"لِمَا كنت أحس بالشك في نفسي؟"، لم أعرف من أنا وما سِعَة قدراتي... كان مخيفًا جدًّا أول يوم حصلت فيه كل الأشياء التي قُلْتُها لأنها أول مرة أحس بالاكتئاب والفرح في نفس الوقت، وكنت أكره نفسي بشدَّة لبعض الأشياء، ولكني أجد الراحة فيه، والتعب والأفكار المُنْهِكَة كذلك، ومحاولة السلوك في سلوك الإيجابية كان بالنسبة لي كفكرة سيئة، حتى أني كتبت لنفسي عَهْدًا بأنه لا إيجابية أو تطوير لنفسي بعد اليوم.
قلت كل ما قلت لأختي، وأنه قرار أكثر من صواب، لكن بطريقة لا يفهما إلَّا العظماء... ملأ كل شيء وكل تفكيري لدرجة أني عندما أرى صوري في تلك الأيام أرى أني كنت لا أهتم بمظهري، ولا أدري أبدا لِمَا كنت أقول أني سعيدة مع أن كل ما كان يحصل لم يُؤشِّر إلى تغيير أصلًا في حياتي، فمن كان يكرهني ويتنمر عليَّ بالعكس أصبح يزيد عدوانيته، وعائلتي ظلت كما هي، فقط كنت مقتنعة بشيء لا أدري ما هو، ثم بعد كل ما حصل لمدة لست متأكدة منها... كانت أطول سنة ونصف في حياتي، ولا أظن أنني سأنسى كم عانيت لأظل في تلك الصورة "الشجاعة" لنفسي، وأن أقاتل الآخرين بها، فمنها أصبحت عندي قناعات وآراء قوية لم يتوقَّعها منِّي أحد، حتى لدرجة أن بعض المتنمِّرين ظنُّوا أني بالفعل قوية ولا أعطيهم بالًا.
بعد السنة تلك قررت أن أتوقف عن كل ما أصبت نفسي به من الاكتئاب... توقَّفت وفكَّرت "لِمَا لا أُغيِّر حياتي؟"، و وجدت نفسي في مسار أكره كل السلبية فيه، أقرأ كتب عن الإيجابية، كنت أستيقظ وأقول لنفسي كلامًا إيجابيًّا، أُطبِّق كلَّ شيءٍ أقرأه، أُكلِّم النَّاس بنيِّة أن يصبح لدي أصدقاء، أحاول جاهدة أن أصبح عادية، أحاول أن البس ملابس كالآخرين لأظهر منهم، كنت فعلًا أريد كل شيء عندهم، وقلت لنفس "لم لا أفعل ذلك؟ ما الصعب؟!"... عقلي كان يؤلمني من كثرة التفكير، وكنت مُشتَّتة من كثرة الأفكار، كنت أخاف منها لأنها تَجرِفُني، وأقول لنفسي "سوف أصبح من أريد أن أكون بالفعل"، كانت أول مرة وصلت فيها لتلك الدرجة من الوعي الذاتي، ولا أدري كيف، ولكنها خطط تحمست لفعلها من كثرة القهر، لا أدري هل كان الآخرون يجدونني مُزَيَّفَة، ولكنني كنت خائفة من الفشل والتوقف والأفكار، كانت كبيرة جدًّا لعمري، وتحسَّن مِزَاجي بعد شهور تقريبًا، ولكن تفكيري وتوتُّرِي عاد يُخوِّفُني من الماضي.
أنا الآن محتارة، كيف فعلت كل هذا بدون مساعدة؟!.. كم كنت أكلم أختي ليل نهار (لأنني لم يكن لدي أصدقاء) عن "الإيجابية عمومًا"، وكنت كثيرة النُّصْح والتوبيخ لها عندما تُعْطِي والدي أي اهتمام عندما يحاولون صرف انتباهنا عنه... ظللت على هذه الحال لسنة تقريبًا، كانت محاولة جريئة ومخيفة جدًّا بالنسبة لي، كانت متعبة... وكان أبوايَ يظُنَّان أنِّي أفعل الرياضة من أجل أنهم قالوا لي أنها مهمة، ولكني فقط كنت داخليًّا أفكر في الاستقرار في نفسي، السفر، القراءة، الإيجابية، وأنه لا أحد يستطيع إيقافي عنها... الآن أحس بأنني لا أريد كل هذه الأفكار.
بعد عام وعطلة صيفية مُجهِدَة عند أقاربي قرَّرت أن أفقد الأمل في المحاولة... مررت بأصعب تحوُّل لأنني ظننت أن ذلك سيدوم، وأني سأظل سعيدة... عادت حياتي تتحوَّل شيئًا فشيئًا إلى الاكتئاب، فكَّرت فالانتحار ولكني اخاف من الله، شيء ما في داخلي كان يقول لي أن "هذه محاولة، ولكن سوف أكتئب لأرتاح، ثُمَّ في العام التالي سوف أرفع معنوياتي أفضل، أنا فقط أحتاج للسنة أن تمر بسرعة"، وما حدث أني لم أُوفَّق بسبب كورونا، خِطَطِي كُلُّها هُدِمَت، وأنا عَالِقَة محتارة، يحزنني أنني سمحت لهذ السنة (2020) بأن تُوقِفَ تلك الإيجابية التي دامت من السنة التي قبلها، وكل الأحداث متسلسلة حسب استطاعتي... وحسبي الله...
أدعو أن يرشدني، ثم أتمنى مساعدتكم...
وشكرًا.
2/2/2021
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع.
تفصيل الأعراض الطبنفسية أعراض موجبة
Positive Symptomsتوجد أكثر من إشارة إلى أفكار اضطهادية زورانية مزمنة ولكن مطابقة لمزاج اكتئابي.
أعراض سالبة
Negative Symptomsلا توجد إشارة إلى فقدان الاندفاع إلا مع حالة اكتئاب وجدانية.
التوازن الوجداني
هناك إشارة واضحة لنوبات اكتئابية طويلة المدى منذ منتصف أعوام المراهقة تصاحبها أفكار انتحارية. لا يوجد وصف لحالة هوس مقنعة في الاستشارة وربما هناك رد فعل هوسي دفاعي.
الفعالية المعرفية
لا يوجد أي دليل على تدهور الفعالية المعرفية.
سلوكيات
لا توجد إشارة إلى سلوكيات منحرفة.
تاريخ طبي Medical History اضطرابات طبية لا توجد. التاريخ الطبنفسي
Psychiatric Historyلا يوجد.
التاريخ الشخصي
صدمات Trauma
لا توجد أي إشارة إلى صدمات نفسية واضحة.
تأزم عائلي
Family Conflictsهناك تأزم عائلي مزمن.
تاريخ مهني Employment
طالبة
تاريخ علاقات حميمية
Intimate Relationshipsلا توجد إشارة.
تشخيص طبنفسي محتمل:
اضطراب وجداني رديد.
احتمال اضطراب الشخصية
توصيات الموقع
رسالتك تبدأ بالسؤال هل أعاني من اكتئاب ثنائي القطب؟ ولكن محتوى الاستشارة لا يشير إلى نوبة هوس واضحة وإنما إلى أعراض قلق واكتئاب تكاد تكون مزمنة.
الاضطراب الوجداني الذي يظهر في أعوام المراهقة يحتاج إلى مراجعة طبنفسية وعلاج نفساني أو بعقار أو أكثر أو كليهما (وهذا هو الأفضل). من جهة أخرى ما يمكن أن تفعليه هو التعامل مع الحياة وظروفك البيئية بصورة إيجابية بدلا من زيارة عقد الماضي والتمسك بها.
توجهي صوب طبيب نفساني.
وفقك الله.
ويتبع >>>>>: اضطراب وجداني رديد : الثناقطبي م