وسواس
مساء الخير... شكرًا على كل مجهوداتكم في مساعدة كل شخص على هذا الموقع.
أنا مشكلتي مش هعرف أحدِّدها في قصة لأن حياتي عمومًا ملخبطة... يعني وإحنا صغيرين كان جيراننا مُتسلِّطين وبلطجية، وتعلَّمت من عنفهم ضدِّنا الخوف، وأي مشكلة أتحطّ فيها بطني توجعني وأرتعش وأخاف، وتعلمت من هروب أبويا في الخناقات وإنه يسيبنا لوحدنا أنا وأمي وإخواتي في نص الخناقة ويمشي إني مليش سند، وشيلت فوق طاقتي من صغري إني أشتغل وإني كده جامدة مع إن أغلب قرارتي كانت غلط.
ومقدرتش أجيب مجموع للجامعة في ثانوي، ودى مشكلة منغَّصة عيشتي إلى الآن، ودايمًا عندي عقدة إن 5% كانوا هيغيروا حياتي لو دخلت الجامعة، مكنتش هسافر وأنا في المعهد وأشتغل وأقابل جوزي اللي كان متجوز مرتين قبلي وأكبر مني بـ 16 سنة، وأمه كانت جنبه في خراب بيته التاني بموافقتها على إنه يدوَّر على عروسة... من جوايا كنت حاسة إنه مينفعش وإن أهلي هيرفضوه وهتحجِّج بيهم وأرفضه لأنى كنت بحبه، لكن لما قال هجهِّزها ومش هكلِّفْكُم حاجة وافقوا، وبما إني كنت بحبُّه مقدرتش ألاقي حجَّة وأرفضه، مش عارفه ليه!، بس للحقيقة كنت مكمِّلة في إنى جامدة أوي، وأهو عريس مش هيكلفكم ملِّيم، وبقالي 11 سنة في مصايب وهم علشان مفشلش.
أكتر حاجة تعباني إنِّي لما بتعرَّض لموقف في جوانب حياتي عمومًا أو مع عيالي دماغي مبتفصلش أبدًا، حتَّى لو تعليق على فايسبوك بفضل أفكَّر وأفكَّر، وأنام وأصحى على التفكير فى الموقف، وبتعب مع تكرار "أنا كان مفروض أقول كده، وأعمل كده"، وبأنِّب نفسي وأجلدها... حتى المواضيع الخاصة بالدين والتاريخ والإرهاب والبلاوي اللي حوالينا بفكر وأفكر وأفكر فيها، وأفضل أسأل ليه وإزَّاي جوَّه دماغي لما بتكون هتنفجر، وأزعل وأتقهر.
ده غير مواقف من طفولة ومراهقة لسه فاكراها سواء تحرش أو حتى موقف زميلتي اللي شتمتني في ضهري وكأنِّي كنت فارضة نفسي عليها علشان روحت لها بيتها أكتر من مرَّة (كنت بروح لصحابي بيوتهم ومقدرش أعزمهم في بيتي لأن أبويَّا بيتحرَّش بيهم)، مكنتش فضولية، ولا بفرض نفسي على حد.
مش قادرة أكمِّل أكتر من كده،
بس لو فيه حل لكل اللخبطة دي يا ريت ألاقي مساعدة.
8/2/2021
رد المستشار
مرحبا بك على موقع مجانين للصحة النفسية. ونعتذر عن التأخير في الإجابة على سؤالك لظروف طارئة.
أولا لا يجب أن تقعي في فخّ افتراض أنّ حياتك ستكون أفضل بسبب قرار واحد أو حادثة واحدة، هناك الكثير من الاحتمالات في هذه الحياة ولا تسير الحياة وفقا لمعادلة دقيقة مدروسة مسبقا، وقد يخرج لنا السيء من الجيد والعكس، وقد يستمر السيء كما قد يستمر الجيد... احتمالات الحياة هي ما يجعلها ممكنة العيش ويجعل التعافي متاحا للناس.
كل قرار نتخذه له تبعاته وقد يكون منفصلا تماما عمّا نعيشه حاليا، فردود أفعال الناس تختلف اتجاه نفس الظروف. المهم هنا هو ألا تضيفي ثقلا إضافيا عليك وتجلدي نفسك على قرارات ماضية ولو فعلتُ لكُنتُ لأنها أولا مجرد افتراضات وليست شيئا واقعيا، ثانيا لأنّها لن تتغير، وثالثا (وهذه هي النقطة التي لا ننتبه لها) لأنّها نوع من العدوان على الذات نوجّهه لذواتنا تحت وطأة الظروف القاهرة والغضب والإحباط، كل هذا يأخذ شكل تأنيب الضمير ولوم أنفسنا وصبغة "أخلاقية معقلنة" نقيّم بها قراراتنا الخاطئة ونلعن سذاجتنا وغير ذلك.... لكن الحقيقة النفسية هي أنّنا نهاجم أنفسنا بتلك الطريقة ونوجّه الغضب والاكتئاب لها عن طريق تلك القضايا والأحداث والذكريات.
بالنسبة لمشكلة "دماغك ما يفصلش" من أتفه الأمور إلى أكبرها، من الأمور الشخصية إلى القضايا العامة.... أعتقد أنّ هذه أعراض اكتئاب وسواسي، وهو تصنيف مرضيّ يجمع بين حالة الاكتئاب وأعراض وسواسية "ذهنية" مقترنة بذلك الاكتئاب، أي أنّه اضطراب اكتئاب يتجلى معه الوسواس وليس وسواسا قهريا.
ونمط هذا الوسواس عندك هو "الوسواس الاجتراري"، أفكار قهري لا نهائية تقتحم عليك ذهنك وتجعلك تفكرين وتفكرين في دوامة لا تنتهي ولا يمكنك الحسم فيها بصورة قاطعة ومريحة.... الفرق بينها وبين "التأمل أو التفلسف" هو أنّها "غير إرادية" قهرية نُجبر على فعلها، وأيضا التأمل والتعمق نشاط عقلي يجعل الإنسان يشعر بالارتياح والإنجاز (مثل الفلاسفة مثلا) لكن هذا الاجترار الوسواسي يسبب الضيق لصاحبه على عكس المتوقع ! ضيق وألم نفسي وقلق.
وهناك سمة أخرى لا تقل أهميّة وهو الجانب العبثي وغير النفعي لتلك الاجترارات وتكرارها مرّات عدّة دون فائدة تُرجى منها، فهي "كواجب كريه وضروري لا فائدة منه". لذا ينبغي أن تزوري طبيبا نفسانيا في أقرب وقت لتقييم حالتك النفسية وعمل اختبار للاكتئاب والوسواس، وسيكتب لك دواء عليك تناوله ولا ترفضيه بسبب الأفكار الخاطئة حول أدوية الطب النفسي.
ربما ستقولين لي ماذا عن محتويات هذه الوساوس؟ هي مختلفة فعلا لكن المشكل الأساسي هنا هو عدم قدرتك على تجاهل أو نسيان الأحداث المزعجة، ولاحظي أنّ الأحداث الإيجابية والجيدة لا تتكرر بالشكل الذي تتكرر وتُجترّ به الأفكار السلبية، وهذا يدل على أنّ الأمر متعلق بقلق نفسي يجتر الأفكار السوداوية والدونية حول ذاتك. وكل مرة تأتيك الفكرة بشكل قهري فهي تتجدد في ذاكرتك وكأنك تحفظينها عن ظهر قلب وتعيشين كل مرة المشاعر السلبية المرافقة لها. وهذا ما يُصعّب عليك تجاوز الأحداث والكلمات التي تتردّد في دماغك. لذا المشكل متعلق بهذا الاضطراب وما مواضيع ومحتويات تلك الوساوس الاجترارية إلا شيء ثانوي.
أفضل شيء بالنسبة لهذه الحالة هو جهاد نفسك لتجاهلها وليس لفهمها أو الردّ عليها أو تحليلها أو اعتبارها شيئا من قناعاتك لتشعري بعدها بتأنيب الضمير أو الهلع من فكرة وسواسية بخصوص أولادك أو دينك مثلا.
أتركك مع بعض الروابط لتهمي أكثر حالتك (على فرَض أنّها هي التشخيص الأكثر صوابا)
الوسواس الاجتراري حتى الاكتئاب !
الوسواس القهري والاكتئاب
الوسواس القهري معنى التجاهل!!