وهن أ.أ.ع
خلفية عن طفولتي:
أنا البنت والحفيدة الكبرى، عشت في ظروف منذ الطفولة أن والدتي تطلَّقت من والدي لأنه كان رافض تعليمنا أنا وأخويا الأصغر مني بسنتين، وعِشْنا مع جدتي لأمي وجدي ومعانا أمي، لكنَّها نزلت اشتغلت عشان توفَّر لنا معيشتنا، وكان فيه خِلَافات كتير في المحاكم بين والدي ووالدتي لامتناعه عن النفقة، أكتر شيء فاكراه في الفترة دي معاملة أمي الصعبة بعد ما رجعنا بعد الطلاق بيت جدتي، وده نظرًا لِعُمْقِ جرحها، بس ده أكتر شيء كان مأَثَّر فيَّا، وكلامها بيتردِّد فيَّا، بس بقينا أصحاب أوي دلوقتي.
أولًا: أول حاجة لاحظتها على نفسي هي عدم ثقتي في نفسي، وده عِوَضًا على إني مش حاسة إني كويسة أو حلوة أو حتى شخصيتي مميزة أو تستحق التقدير، لكن أكتر شيء متأكدة منه أني شخص بيعرف يهتم جدًّا باللي حواليه وبيستمتع بكونه شمعة تحترق للآخرين، بحب إني أعطي لِمُجَّرد أن أشوف نظرة أو كلمة تقدير بِقَدِّ إيه أنا حَدِّ حِلو، وبدأت أزوِّد في العطاء انتظارًا مني إن اللِّي قُدَّامي ممكن يفهم إني محتاجة يتعمل معايا كده أو يعاملني زي ما بعمل، بنجح جدًّا إني أحسِّس الشخص اللِّي قُدَّامي إن أحسن شخص في الكون وإنه حد مُميَّز جدًّا بالنسبالي لمجرد إني أحس بإحساس العطاء وأن ممكن ده يتردِّلي وأحس اني مميزة عنده كمان، لكن كل ده هباء منثور، بوَلِّد طاقة من العدم عشان أعطي بيها، ولكنها بدون جدوى.
ثانيًا: مرِّيت بتجربتين عاطفيتين آخر 4 سنين بعلم أهلي، أثَّروا فيَّا واستنفذوا طاقتي وجرحوني، بس قبل ما أقولهم أنا كنت حد مبيتكلمش مع حد ولا بحب أتعامل مع أولاد... ظهر لي من العدم محمد، 27 سنة، صعيدي، ورغم إني كنت دايمًا مُتأَهِّبة للحظة اللي هثبت فيها اعتقادي إنه بيلعب إلَّا إنه هو غلبني وعرف يكسب ثقتي ويحسسني بإحساس الأمان، وفي الآخر عرفت إنه بيلعب ومش بيحبني وإنه كان بيكذب عليَّا... أنا كنت بحبه كونه أول حد يدخل حياتي، وبرغم كده أول ما اكتشفت كدبه عن طريق الصدفة دُست على نفسي وسيبته.
أما التاني كان شاب قدِّي في السن، قعدنا سنة مع بعض، كنا أصدقاء كويسين جدًّا، وبعدها صارحني بإعجابه، وأنا رفضت لأني محبِّتهوش، لكن أمَّا أخدت رأي أصدقائي وأمي قالوا لي "خدي اللي يحبك"، وفعلًا حسبتها بالعقل طالما قلبي منفعش، وقعدنا فعلًا فترة كبيرة، كنت حاسَّة إني باكل أكلة بكرهها لمجرد إن الأكلة اللي عجبتني وَجَعِت بطني كأني بعاقب نفسي، وصلت إني بقيت حاسة مشاعر ومش عارفة ماهِيِّتها، بقيت بسأل كل حد أعرفه "هل دي مشاعر حب أو حتى إعجاب؟"، حسيت إني بقى عندي جهل في المشاعر وعدم تمييز ليها، مش فاهمة أنا حاسة بإيه، وطِلِع إنه مش حب، طلع إن المشاعر دي قلبي مش موافق على اللي بعمله، وبرغم عدم حُبِّي ليه إلَّا إني كنت حقيقي مخلصة في اهتمامي به وتشجيعي له، ولكن متفقناش سوا بسبب إنه عرف واحدة تانية، وبدأت المشاكل بينا تكتر بسبب إهماله وبروده.
المشكلة بدأت تكبر من 3 سنين، بقيت حساسة جدًّا وبعيًّط من أقل سبب، اللي يشوفني بيقولي "مالِك مِكَشَّرة ليه؟"، بقيت بمشي أحط إيدي على وِشِّي عشان أتأكد طول الوقت إني مش مكشرة، وكمان حتى بيجيلي خنقة مفاجأة بدون سبب، وإحساس عميق بالحزن والوَهَن، وبدأت تتزايد إلى أن أصبحت بالنسبة للناس حواليا إني شخصية نكدية، وبقيت شخص خَوَّاف وقاسي، بعامل القُرَيِّبين مني وحش، وبقيت بخاف إن حد يحكم عليَّا، ودايمًا محتارة ومترددة، ومستوايا في الكلية بيقل بسبب عدم تركيزي ونسياني الكتير مع إني حافظة للقرآن.
واللي زوِّد الطين بلَّة إني بقيت إنسانة عصبية جدًّا وسريعة الغضب، ومبقتش عارفة أتبسط، وبفكَّر كتير أوي، وأبسط الأمور اللي كانت بتفرَّحني مبقتش تِفَرَّحني ولا تحرِّك لي ساكنًا، هدوئي تحوَّل لانطواء وانعزال ونوم مبالغ فيه، أو أَرَق شديد لأيام مُتَّصِلَة لدرجة أني أقوم من النوم بالليل عشان أعيط.
كنت بفكر إن لو حياتي انتهت هيبقى أحسن بكتير من التعب اللي عايشاه، خصوصًا إن الضغوط زادت عليَّا بسبب مرض جدتي وجدي ودراستي، لكن خايفة مش جريئة بالقدر الكافي أن أُقْدِم على فعل زي ده.
بدأت أقطع صِلَتِي باللِّي حواليا لأنهم مقدَّروش عطائي ليهم... حاسَّة طول الوقت بغُصَّة في قلبي... وفي الآونة الأخيرة بقيت حاسة بغباء، بقيت حاسة إني مش بفهم، إن العيب فيَّا، الغلط مني... قرَّبت من ربنا أوي، يمكن ده عقاب ليَّا، بس لسه زي ما أنا، لسه تعبانة، لسه حاسة إني مش مَرْضِيَّة...
آسفة على الإطالة...
ممكن تساعدوني.
11/2/2021
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
للعطاء لذة لا يدركها إلا من كانت لديه قدرة للعطاء، ولكن للعطاء لعنة تبطل لذته وهي انتظار مردود سريع ومباشر. نعم نحتاج كبشر للتقدير ولكن أهم مصادر التقدير في مرحلة الرشد هي ذواتنا قبل الآخرين، فإن كان عطاؤك قائما على انتظار تبادل العطاء فهو ليس عطاء، العطاء يكون بلا انتظار لمردود من أحد سوى شعور ذاتي بالرضا.
لن ينتبه أحد لحاجتك إن لم تعبري عنها فلا تحملي نفسك فوق طاقتها لإرضاء الآخرين أو كوسيلة غير مباشرة للتعبير عن حاجتك للحب والاهتمام.
تعانين عزيزتي من جميع أعراض الاكتئاب وأنصحك بالاستعانة بطبيب نفساني في أسرع وقت.