فرط الشهوة.. التفكير الزائد.. عدم الثقة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... لا أعرف من أين أبدأ مشكلتي، أو بمعني أصح مشاكلي. أنا أعاني من التفكير الزائد كل يوم وكل لحظة بخصوص مواقف تعرَّضْتُ لها في الماضي، ومُدْمِن عليها أشدَّ النَّدَم، ولا أفعل شيئًا غير أنني أجلد ذاتي وأُعذِّبُها بسبب أفعالها.
طفولتي كانت هادئة، كنت طفلًا هادئًا بطبعي، وابتدى الموضوع أني تبادلت القُبَل مع قريبي في مرة، وكنت صغيرًا جدَّا على أساس أننا نُمَثِّل فيلمًا، وانتهى الموضوع ونسيته، ولكن مع مرور الوقت والاختلاط بالمجتمع، ومثل أي أصدقاء في سن المراهقة كان التفكير السائد في الجنس والعادة السرية، ومارستها في سن صغير، ومع الوقت أصبحت دائمًا في حالة هَيَجان جنسي، حتى أنه في مرة في سن ١٦ سنة رأيت صديقين يمارسون العادة السرية لبعض، وكنت أحضر معهم الدروس الخصوصية، وفعلت نفس الفعلة مع أحدهم في مرة أخرى، وتطوَّر الأمر أننا مارسنا الجنس الفموي مرة أخرى، لا أعرف حتَّى الآن لماذا فعلت هذا!.. أنا لست شاذ جنسيًّا، وأعرف هذا، ولا أنجذب بأي شكل للرجال، وميولي سليمة.
استحقرت نفسي بعدها، ومع الأيام ظللت أبحث عَّما يُمَتِّعُني أكثر أثناء ممارسة العادة، فكنت ألمس أختي أثناء نومها، وأسرق النظرات إلى عورات أمي، وأتخيل عورات خالتي... لا أعرف أيضًا لماذا فعلت هذا!.. هل من أفلام الجنس التي صدَّرت لي هذه الأفكار طوال الوقت؟.. لا أعرف، ولكني الآن لا أفعل أي شيء من هذه الأشياء حاليًا... ظللت أبحث على الإنترنت عن أسباب فعلي هذا، واتَّضَح أن هناك ما يسمي بـ "فَرْطِ الشهوة"، فهل فعلت هذا بسببها أم لأسباب أخرى؟
ثاني مشكلة وهي عدم الثقة... حصلت بعض المواقف في حياتي أتذكرها جيًّدا مثل أن أمشي مع أختي أو أمي في الشارع فأسمع كلمة من مُتَحَرِّش، ولأنني لست سريع البديهة وأخاف من شجار الشارع أتذكَّرُها بعدها وأندم أشد الندم أني لم أفعل شيئًا نفس الموضوع عندما أسمع كلمة سخرية في الشارع أنا المقصود فيها ولا أرد... إحساس صعب، وإحساسي بعدها أنني أريد أن يرجع الوقت لأتَّخِذَ موقف يُرَاوِدُني دائمًا.
ثالث مشكلة وهي مرتبطة بأول مشكلتين هي التفكير الزائد أن هناك وحش يُطارِدُني كل يوم، كل المواقف التي حكيتها أراها كل يوم، وتأتي لي على هيئة أفكار ندم.
أنا الحمد لله الآن لا أفعل شيئًا من هذه الأشياء التي ذكرتها، وللتأكيد أنا لا أشعر بأي ميول جنسية تجاه الرجال، ولكن طلبي بسيط من الدنيا، أريد أن أنسى ما فعلته، وأنسى المواقف التي لا أُحْسِن التصرف فيها، وإن تعرَّضْتُ لها مرة أخرى في الشارع أُحْسِن التصرُّف... عقلي أصبح يَحْفُر هذه المواقف التي تُقَلِّل من قيمتي كل يوم أكثر من اليوم الذي قبله.
أرجو أن تردُّوا على مشاكلي، وآسف على الإطالة،
وشكرًا على مجهوداتكم.
1/3/2021
رد المستشار
صديقي، نسيان أحداث الماضي القوية أو الغريبة أو الشاذة أو الصادمة بالكامل هو أمر مستحيل... العقل البشري يحتفظ بهذا النوع من المعلومات بطريقة سريعة ومُتأَصِّلَة أو عميقة لأن العقل البشري يُمَيِّزُه الفضول وحب كل ما هو غريب... العقل البشري يتمَتَّع بالخبرات الجديدة والغريبة... ما حدث مع زملائك من ممارسات جنسية سببه الأول هو الفضول، وهو شيء طبيعي... قد يدهشك أن هذا النوع من الممارسات في الطفولة والمراهقة المُبَكِّرَة هو شيء مُنْتَشِر خصوصًا في العالم العربي حيث يَكْثُر الكَبْت الجنسي والتركيز على المتعة الجنسية على أنها نهاية المَطَاف وأعظم متعة يمكن للإنسان أن يَحِسَّها... وليس هذا بحقيقي، ولكن الجهل والكبت والتَّعْتِيم والأفلام الإباحية يُساهِمُون في تشويه أفكارنا عن الجنس.
ما يجب فعله بدلًا من الندم هو تَكْوِين فكرة أو موقف من أحداث وأفعال الماضي تكون في اتجاه صحي وبَنَّاء لكي نصنع مستقبلًا أفضل... لقد قررت أنَّ فرط الشهوة هو أمر غير محبوب، ولكنه سوف يساعدك كثيرًا إذا ما وَجَّهْتَه نحو الجنس الصحي مع شريكة مناسبة، إلى جانب مجالات العمل والمعرفة في الحياة العمومية... الشهوة هي رغبة في المزيد، ولا تقتصر على الجنس فقط... الجنس مسألة روحانية نُعَبَّر عنها ونمارسها جسديًّا... بالتالي فرط الشهوة هو فرط رغبة في أن نكون محبوبين وجَذَّابين وقادرين على إِمْتَاع أنفسنا والآخرين... المعنى أكبر من مجرد الرغبة في النشوة الجنسية أو القذف... عليك أن تريد المزيد من حياتك... أكثر بكثير من أن تكون سَجِين الماضي... تعلَّم من الماضي، ثم امْضِ قُدُمًا إلى الأمام.
من ناحية التَّعليقات التَّحَرُّشية التي تسمعها في الشارع، ما هو التصرف المناسب من وجهة نظرك؟ أهو الشِّجَار الشَّفَهِي وتبادل الألفاظ والإهانات؟ أم العنف الجسدي المُبالَغ فيه لكي يخاف الجميع منك ولا يجرؤ أحدهم على التَّطَاوُل عليك أو على أختك أو أمك؟
للأسف ليست هناك طريقة فعَّالة لمنع هذا، وبالتالي عليك بالتجاهل (والذي هو من سِمَات من يثقون بأنفسهم)..... أنصحك أيضًا بأن تتعلَّم فنًّا من فنون الدفاع عن النفس، ليس لاستخدامه في الشجار، ولكن في تنمية ثقتك بنفسك.
من ناحية حسن التصرف، وبما أنك تفكر كثيرًا، فعليك أن تفكر في أحداث الماضي التي لم تُحْسِن التَّصَرُّف فيها، ثم تتخيل تصرفات مختلفة تعتبرها سليمة، ثم اسأل نفسك ما هي العواقب، ثم اسأل نفسك إن كان الموقف يساوي العواقب... العظماء والأقوياء لا تُضِيرُهم السُّخْرِيَة والشتائم والتَّطَاوُلات اللَّفظية...... وجِّه تفكيرك المُستَمِر نحو الارتقاء بنفسك بدلًا من الإحساس بالدونية.
يجب أن تفهم وتَعِي أنَّ لك مُطْلَق الحرية في اختيار أفكارك والمعاني التي تربطها بالأحداث والمواقف... كل موقف هو فرصة لتعلم شيء إيجابي... ابحث عن الإيجابي في أفكارك.
أنصحك بمراجعة معالج نفساني إن استعصى عليك الأمر.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.