زوجتي تَعْبُد المال
السلام عليكم أساتذتي الكرام. أنا متزوج من سنة ونصف من فتاة من نفس قريتي، عائلة تُشْبِهُنا على كل حال، هي معها بكالوريوس بعلوم الحاسب، والدها كان مدرسًا وهو بالمعاش، عائلتهم بالقربة من أكبر العائلات ولكن مشهورون من زمان جدًّا بالبخل المادِّي أو الحرص الشديد في الإنفاق، عندما دخلت البيت كنت أعلم هذة الصفة كما يعلمها كل من بالبلد، ولكن لم يَلْفِت نظري شيء مُبالَغ فيه كما كنت أسمع أنهم "يعبدون المال".
وقبيل التجهيز للزفاف ظهرت بعض الخلافات البسيطة، فتجاوزتها من مُنْطَلَق التضحية في سبيل الحبيبة والحاجات الرومانسية دي، ثم اتَّضَح لي يا أساتذة بعد الزواج أن كل كل ما سمعته وقرأته وشاهدته عن أحوال البخلاء من "تاجر البندقية" إلى "بخلاء الجاحظ" إلى "البخيل وأنا" ما هي إلَّا تُرَّهَات وفَسَافِس أمام ما تفعله زوجي المَصُون.
تطالِبُني بمصروف البيت فأعطيها وزيادة، ولا يكاد يمر 10 أيام إلَّا وتفاجئني بأنه خلص وتم صرفه بالكامل، إزاي وفين وإمتى؟!.. لا أدري، ثم اكتشفت أنها تأخذ مني وتُحَوِّش لحسابها، ثم تجمع مَبْلغًا محترَمًا وتذهب لإضافته لرصيدها بالبنك.
هي تعمل بمجال البرمجة مع شركات دولية "أونلاين"، وراتبها ضعف راتبي، وإذا حدثت أزمة مالية ما فَمِن البَدِيهي أن أتَّجِه لزوجي، فيكون ردها: "معاييش، استلف من إخواتك"، وهكذا مواقف يَشِيبُ لها الولدان، ولم أعُد أحتمل هذا الفجور.
بقيَ أن أذكر أنني معروف عنِّي الإسراف في كل شيء، الأموال والعواطف، وحتى الكلام والضحك.
قد لا تكون شِكَايَتِي هذا هو مكانها، لكن بالله عليكم ماذا أفعل؟
رجاء وحيد وأخير: لا أريد أن أسمع نصائحًا من باب "كن قدوةً لها، وعلِّمها العطاء والكرم" لأنني حاولت بشتَّى الطرق وفشلت.
يكفي أخيرًا أن تعلم أننا منذ تعارفنا لم يحدث أن اشترت هديًّة لوالدتي _أطال الله عمرها_ على عكسي تمامًا في معاملة والدها وأخواتها.
وشكرًا جزيلًا مُقَدَّمًا.
4/3/2021
رد المستشار
صديقي، زوجتك تعلَّمت البخل من أهلها، وأصله أن المال بالنسبة للبخلاء يعني الأمان، وأيضًا هو رمز لمحاولة الحصول على الإحساس بالقيمة الذاتية عن طريق الاقتناء والاحتفاظ بالمادة... وإن كنت مُسْرِفًا على حد قولك فمن البديهي أن تتصرف هي هكذا.
من الناحية العملية: قل لها أنَّك تعلم أن راتبها ضعف راتبك، وأنها تدَّخر من مصروف البيت في حين أنها لا تحتاج إلى هذا، ولا تحتاج إلى إرهاقك ماديًّا... أعطها مصاريف الشهر، ثم حاسبها فيم أنفقت، وكم، وهل هي أشياء ضرورية... كن بخيلًا مثلها ولو قليلًا، ولكن كن مستعدًّا لحَرْبٍ ضَرُوسٍ... أو أعطها مصاريف الشهر، وإن نفدت قبل نهاية الشهر فاعتذر لعدم إمكانية توفير المزيد، واطلب برفق أن تُرَشِّد إنفاقها لكي يتناسب مع مقدرتك المادية... قد يؤدي الموضوع إلى الطلاق، فاحذر، وكن ذكيًّا ودبلوماسيًّا على قدر كبير من الدهاء
من الناحية العاطفية: زوجتك أغلب الظن تريد تعبيرًا آخر عن العواطف غير الذي تسرف فيه... حاول أن تعرف ما هو وأعطها ما تريد... المال ليس هو الموضوع، وإنما هو رمز لما تريد هي أن تحس به، أو تعويض عنه.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.