انطوائي، ومبحسِّش إني حُر، ولا بحِبِّ الحياة
أنا عندي 21 سنة، شكلي جميل، وكل ظروفي الخارجية كويسة إلى حدٍّ ما، بس أنا عندي مشكلة مع نفسي، وأنا في كلية زراعة، بس أنا بفكَّر كتيير أوي أوي.
أنا مشكلتي بدأت لما كنت في إعدادي، أنا كنت طالب مُتَفَوِّق في المدرسة والأوَّل على دراستي، وكنت بلعب كاراتيه، وكنت لاعب جيد، والناس كلها كانت بتشهد بأخلاقي ونفسهم ولادهم يبقوا زي... لحد سنة تانية إعدادي، تعرَّفت على صحاب المدرسة، كانوا أصدقاء وحشين وأخلاقهم مش كويسة، وكمان لما كنت بَرُوح النادي كانوا العيال هناك بيضايقوني ويقعدوا يشتموني ويرَخِّمُوا عليَّا.
وبعدين أنا بقا مستوايا الدراسي قَلَّ في سنة، وبعد ما كنت بطلع الأول طلعت التاسع، وصحابي دول كان واحد منهم (واللِّي أنا قرَّبت منه جامد بعد كدا) عيِّل شِمَال، يعني مثلًا كان بيقعد يتحرش بالمدرسة بتاعتنا، ويقعد يحكيلنا على إنُّه بيعمل كدا... المهم إني قَّربت منهم جامد، وانطويت من ساعتها، وبقيت بمارس العادة السرية بشكل كبير أكتر من الأوِّل، مع العلم إني اكتشفت العادة السرية لوحدي.
أنا بقى بردو فضلت أتفَرَّج على أفلام إباحية كتير، والموضوع تطور معايا وبقيت مُهْتَم بالجنس كتير، يعني مرَّة كنت بشتري حاجة من السوبر ماركت وأنا صغير وحاولت أحتَك بظَهْر البنت اللِّي قُدَّامِي، وبعدين حاولت مرة وأنا صغيَّر أعمل كده مع أختي وهي نايمة ودماغي كانت شمال، وأنا بحكي حاسس بالتَّقَزُّز أصلًا والقرف، والموضوع تطور معايا جدًّا وبقيت بطلع فوق السطح وأتفرَّج على جيرانا اللي ورانا اللي اكتشفتهم بالصدفة، وهما كانو ستات مع بعض فكانوا بيقعدوا براحتهم خالص... وطبعًا اهتمامي قلَّ بالحياة مع كل ده، وفقدت الاهتمام خالص، وتخانقت أنا والواد صاحبي في فترة كده علشان كنا فاكرينه بيحاول يشِذِّ مع واد صاحبنا نعرفه ودخل كلمه من أكاونت فيك.
طبعًا أنا قبلها وأنا صغير أنا وأهلي كُنَّا عايشين في بلد خليجي، ولمَّا جِينَا هنا مصر وأنا في خمسة ابتدائي أهلي كانو بيخافوا عليَّا فمكانوش بيخَلُّوني أخرج برة البيت كتير ألعب في الشارع أو كده، وكنت بروح المدرسة وبروح الصالة اللي كنت بتمرن فيها من أول أولى إعدادي كده بس.
وأنا في عُمَان كنت مُنْطَلِق في المدرسة وشاطر ومشترك في أنشطة كتيرة جدًّا زي الكشَّافة والإذاعة والصِّحَّة المدرسية والكانتين والموسيقى... المهم أنا كنت بقَف أبيع في الكانتين، بس كنت مثلًا بيبقى نفسي في أكل معين، فكنت باخد فلوس من الكانتين وأشتري بيها اللي أنا عاوزه، ولمّا المُدَرِّسات كانوا بيسألوني كنت بقولهم إن إخواتي بيدُّوني فلوس أشتريلهم حاجات، وفي البيت كنت بقولهم همَّا بيدُّونا الحاجات دي في الكانتين... وبالمناسبة أنا أصغر واحد في إخواتي، وعندي بنتين أكبر مِنِّي.
نرجع لمرحلة الثانوي بقى، طبعًا اهتمامي بصاحبي ده زاد جدًّا، وبقيت بحس معاه بالأمان، وطبعًا كنت موهوم (وده اللي اكتشفته بعد كده)، ومبقاش عندي صحاب، وتعلُّقي بيه زاد جدًّا، والواد ده أصلًا بِيْزِني وبيشرب خمرة وحشيش طيَّارِي كده، وحصل معايا موقف قبل كده إنه استغَلِّني في فلوس كمان.
وجت ثانوية عامة وأنا جبت 91 في المِيَّة، وكان ممكن أجيب أكتر من كده، مع العلم إنِّي مكنتش مُهْتَم أصلًا بمستقبلي، ولا كان نفسي مثلًا أبقى حاجة زي أي حد عنده حلم كدا وبيسعى له، بس كنت دايمًا بحاول أبقى زي صاحبي ده، وكنت بقول أنا عايز أعرف أتعامل مع الناس، وعايز أتعرَّف على بنات.
ودخلت كلية زراعة، وبَقِيت لوحدي، وهو دخل كلية تانية، طبعًا متعرَّفْتِش على حد في كُلِّيِّتي خالص، ومبقتش مهتم بيها، وسقطت في أول سنة، وفي السنتين التانيين درجاتي وحشة.
المشكلة إنِّي مبعملش حاجة خالص في حياتي، ولما باجي أعمل أي حاجة بقيت بطئ جدًّا وأنا بعملها، وإنجازي قليل، وساعات كتير بحس إني مش موجود أصلًا، وبحس إنِّي بحلم... وكنت بخرج من البيت لما دخلت الجامعة مروحش الجامعة، كنت أقعد أمشي في الشوارع كده مكان ما رجلي تِجِبْني.
وكنت بقول إني عايز أبقى وحش، مع إن أهلي ناس محترمين ونُضَاف، وإخواتي وأمي دكاترة وبيسعوا عليَّا ونفسهم أبقى كويس وبني آدم... دلوقتي بدات أتكلم مع أهلي، وبقيت بقرأ شوية... أبويا دايمًا يقولِّي "أنت مفاهيمك غلط"، وطبعًا أنا بخاف ومقدرش أصارحهم بكل حاجة كدا وأقولُّهُم على اللِّي أنا عملته، وفي نفس الوقت مش عارف أنا هعرف أخرج من الحالة النفسية اللي أنا فيها دي ولَّا لأ... وأنا بحب أهلي وأمي وأبويا جدًّا، وهمَّا الوحيدين اللي بيخافو عليَّا، مع العلم إن خوفهم عليَّا زمان ودلوقتي طبعًا زيادة جدَّا.
ودلوقتي طبعًا أنا دماغي مِكَلْكَعَة خالص، والدنيا داخلة في بعضها، وكان عندي قلق بدرجة كبيرة، وبقيت بتعصَّب على حاجات تافهة، وبقيت بفقد السيطرة على نفسي بشكل كبير، بس أنا حاليًا أحسن، يعني مثلًا عندي رغبة إنِّي أكلِّم بنات ويبقى عندي صحاب بنات، بس مثلًا بخاف إن ده يبقى حرام، وفي نفس الوقت بخاف إنه يبقى أضحك على حد أو حد يضحك عليَّا لأني أنا مش واعي أصلًا، وفي نفس الوقت أنا مش مِرَكِّز على مستقبلي أصلًا، وعايز أكلِّم بنات اللِّي هي أصلًا مش تارجت يعني.
أنا مش فاهم نفسي، ولا فاهم أنا عايز إيه، ولا أي حاجة، ومعنديش ثقة في نفسي ولا إيمان بيها... لو تقدروا تساعدوني وتقولولي أعمل إيه،
ولو محتاجين تعرفوا أي معلومات أكتر قولولي ونتكَلِّم مع بعض.
4/3/2021
رد المستشار
عزيزي "فكري"، أنا أقرأ رسالتك وأنا أَسْتَشْعِر كيف تُمَثِّل مشكلةً يعاني منها كثير من الشباب خاصَّةً هؤلاء الذي تعرضوا لتغيرات مُتَوَازِيَة في مرحلة حَرِجَة، فأنت نشأت في بلد خليجي "عمان"، وفي طفولتك كنت تنمو بشكل طبيعي، بل بشكل مثالي "تفوق – رياضة – أخلاق حسنة)، ثم أتت عليك مرحلة معروفة بأنها مرحلة الاقتراب من النضج والشباب وهي مرحلة المراهقة، وهي مرحلة اكتشاف الذات والبحث عن هَوِيَّة وكَيَان، وفي نفس الوقت تتميز هذه المرحلة ببعض الصِّراعات والتَّنَاقُضات التي ربما تشكو منها مثل: هل أنا كبير أم صغير؟ هل أنا مستقل أم مُعْتَمِد على والدي؟ هل أنا قادر على مُجَارَاة هؤلاء الشباب أم لا أُتْقِن ما يفعلونه؟
لم يكن هذا فقط، لكن انتقالك في هذه المرحلة لبلدك الأصلي مصر بنظام حياة مختلف وطريقة ومعايير لم تتعَوَّد عليها في طفولتك جعل الأمر مُرْهِقًا لك، فأنت عانيت في أن تضع نفسك بين أقرانك في مصر، وعندما وجدت قَرِينًا يُتْقِنُ مهارات لم تُتْقِنها صِرْت تشعر بالأمان معه وأنه سيُعَلِّمُك، وأن صُحْبَتَه ستعطيك إحساس بالثقة والانتقال لعالم الكبار أكثر، لكن هذا تَعَارَض مع مرحلة دراسية تتطلب تركيز وجهد منتظم، كما أن سلوكيَّات قرينك التي ربما رغبت في تعلمها كانت تتناقض مع قِيَمَك التي ترَبَّيْت عليها، فلا أنت تشعر بأنك مثل الشباب، ولا قادر على مُنَاطَحَتِهِم، ولا قادر على الشعور بالتميُّز بقِيَمِك الأسرية التي ربما اعتبرتها لا تُغْنِي في حياة صراعاتها قوية وجعلتك تتعرَّض لمُضَايَقَات وإهانات من قُرَنَاء السوء.
في كل الأحوال، كلُّنا نتعرَّض لمثل هذه المواقف، والشباب وهو يحاول البحث عن ذاته ربما يَقَع في مثل هذه الأخطاء سواء ذات المَلْمَح السلوكي (سَرِقَة) أو الجنسي (العادة السرية)، كما أن البُذُور التي تعلَّمتها في طفولتك لا تزال تعمل في نفسك وتنشط وقت ارتكاب الأخطاء، وتظهر جَلِيَّةً في مَضَامِين رسالتك، فضميرك مازال يعمل وبخير.
أنت الآن طالب جامعي، لديك أسرة مُتَمَاسِكَة وتحبك وتحبهم، ولديك قِيَم لا تندثر مهما تغيَّرت أحوالك، ولديك تجارب قاسية مرَرْت بها في السنوات الماضية تجعلك صاحب تجربة تتأمل فيها، وفي نفس الوقت لازلت تبحث عن الطريق والهوية واستعادة الثقة بالنفس.
دعني أطرح عليك أسئلة تحتاج منك لتأمل وتفكير:
- التجربة التي مررت بها منذ انتقالك لمصر هل تعلَّمت منها شيئًا عن نفسك؟.... رُبَّما تجد أنك تعرَّضت لعدة تغيرات معًا هي المراهقة والثانوية والعامة وتغيير البيئة، وهذا ليس سهلًا على كل الناس.
- ما أكثر شيء تمتلكه ويجعلك مُتَمَايِزًا عن غيرك؟ هل قيمك الأسرية أم مهاراتك الاجتماعية؟.... كلُّنا نختلف في مهاراتنا الاجتماعية، ولكن نستطيع التعامل مع الناس ونجد بينهم مكانًا، ربما قيمك الأسرية التي لم تُدْرِك قيمتها في أول مراهقتك واسْتَصْغَرْتَ قيمتها أمام شقاوة الأقران وقدراتهم، ستجد هذه القيم والضمير الحيِّ هما الأساس الذي تكوَّن لديك، فلا تستصغره مرة أخرى، واعرف قيمتك من خلاله مهما ارتكبت من أخطاء.
- الثقة بالنفس تستطيع إيجادها عندما تَثِق أكثر في أسرتك وتحاول مع والدك وتسأله عن المفاهيم التي لديه مُقَابِل المفاهيم التي يراها خطأً لديك، وعندما تستعيد ثقتك في المُقَرَّبِين منك وتُعَاوِد مُحَاوَرَتَهم ومشاركتهم في تفاصيل الحياة ستستعيد جزءً كبيرًا من ثقتك بنفسك.
- كل ما حدث لك هو أن مرحلة المراهقة طَالَت معك بعض الشيء، ويمكنك ضَغْطُها أكثر من ذلك لتنتقل لعالم الشباب الذي يفكر في مستقبله المِهَنِيِّ بالعمل، والاجتماعي بالزواج، والفكري بتطوير مهاراتك وتعلم لغات أو مهارات حياتية جديدة.
أرجو أن تكون بأفضل حال، وأن تستكمل مسيرة الطفولة المميزة والمراهقة المُرْتَبِكَة، وأن ترقى نحو مرحلة الشباب النشيط..... لا تَرْكَن، ولا تَسْكُن، وانطلق لاهتماماتك الطفولية (دراسة – رياضة – قيم) بما يناسبك الآن، فأنت لديك طفولة مميزة وتجربة مراهقة مَلِيئَة بالخبرة والمعاناة، ومستقبل فيها أسرة مُحِبَّة لك.