التعود على الأفعال القهرية للوسواس القهري
السلام عليكم، بعد شهور من معاناتي مع الوسواس في الوضوء والاغتسال ونطق الكلمات في الصلاة خلصني الله منه حسب ما أرى بنسبة كبيرة جدا -لنقل %97- إن لم يكن بنسبة كاملة, لكن مشكلتي هي أنني تعودت على تلك الأفعال القهرية التي كانت تأتيني فيما سبق.
حيث عند الوضوء مثلا كنت أتنطع في إيصال الماء إلى أعضاء الوضوء فمثلا لغسل يدي كنت أغترف من الماء فأغسل جهة من اليد ثم أغترف من الماء وأغسل الجهة المقابلة ثم أغترف من الماء من جديد وأغسل كفي ثم أغترف من الماء من جديد وأغسل ظهر كفي وهكذا تكرر هذا الأمر عدة شهور حتى عندما خلصني الله من الوسواس صرت لا أبالغ في هذا أي أغسل يدي بطريقة عادية لكن مع هذا أشعر أنني ما زالت هناك بعض المبالغة في هذا حيث أرى المتوضئين في مقاطع اليوتيوب يغسلون أعضاء الوضوء مع ملاحظتي -التي قد تكون نابعة من الوسواس- أن الماء لا يصل لكل العضو المغسول وهم لا يركزون في هل الماء وصل أم لا بل يغسلونه بالطريقة عادية جدا كما أن قليلا من الماء يكفيهم للوضوء أما أنا فتقريبا يمكن القول أنني أتوضأ بسطل من الماء ونصف سطل أو أكثر من نصف وألاحظ عند غسلي لقدمي أن طريقة غسلي له فيها بعض الإشكالات مثل صب كمية مبالغ فيها من الماء ودلك كثير.
مع هذا أمر الوضوء ما زال أسهل من أمر الاغتسال حيث نتيجة لتعودي على الغسل المتنطع فما زلت لا أستطيع الغسل بشكل طبيعي بدون الإسراف في الماء حيث لا أستطيع تفريغ الماء على جسدي ودلكه بصورة طبيعية والانتهاء من هذا بسرعة, أنا آخذ الماء وأفرغه على رأسي فألاحظ أن الماء لم يصل إلى جزء كبير من بطني ويدي ورجلي وظهري فأصب الماء على بطني وآخذ الماء من جديد وأصبه على يدي الثانية وآخذ الماء من جديد وأصبه على اليسرى , أما لغسل الظهر فهذا أصعب قليلا حيث أضع غرافة الماء على كتفي وأحاول صب الماء على ظهري لكنني أشعر أن الماء لا يمر في ظهري كله فأحاول من جديد وكذا في الجهة الأخرى لظهري، المشكلة الأخرى أنني أغترف كمية مبالغا فيها من الماء لأغسل بهذه الطريقة ويدوم هذا 20 دقيقة أو أكثر.
والمشكلة الأخرى هي في نطق الفاتحة -على الأقل- في الصلاة, كنت سابقا -قبل الوسوسة فيها- مع كوني لدي لدغة خفيفة في حرف الراء إلا أنني أنطق الحرف بطريقة عادية وطبيعية لكن مع ظهور الوسواس جئت أبالغ في إخراجها مع بعض الحروف الأخرى, والآن عندما أريد نطق الحرف بطريقة عادية أرى أنني فقدت القدرة على فعل هذا قد يكون هذا بسبب -لنقل- أنني تعودت على نطقه بتلك الطريقة حتى تمكنت في لساني أو أنني بالغت في الأمر حتى أهلكت لساني, لكن في بعض الأحيان أجد نفسي أستطيع نطق الحرف بطريقة جيدة ويستمر هذا حتى أعود إلى الحالة الأولى.
فكيف أتخلص من هذا ؟
جزاكم الله خيرا
6/3/2021
وفي رسالة أخرى أرسل تحت نفس العنوان يقول :
نسيت أن أقول لا أريد أن يظهر اسمي في الموقع
6/3/2021
رد المستشار
الابن الفاضل "بغير اسم" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، ومتابعتك خدمة استشارات مجانين بالموقع.
جميل أن تصف سلوكك بالمتنطع.... والتنطع بالنسبة لنا في مجانين يعني التعمق + الغرور بذلك التعمق أو الإعجاب به، فبينما يعني التعمق المبالغة ومجاوزة الحدود في الأمور الشرعية فإن التنطع يعني نفس الشيء لكن مع العجب أو الغرور بذلك، جميل أنك عرفت كم كنت متنطعا.... ويبدو أنك ما تزال ونسأل الله أن يقيك ويقينا شر التعمق والتنطع في أمور الشرع.... عندما قرأت سطورك أدركت مأساتك والتي هي في الفهم الخاطئ للشرع كما سأبين لك... وحقيقة فإن ما تعتبره أنت 3% من أعراض وسواسك القهري لأنك تخلصت كما ترى من الأعراض (بنسبة كبيرة جدا -لنقل %97- إن لم يكن بنسبة كاملة)!! ثم جاءت مقاطع استشارتك الثلاثة تصف وسوسة في الوضوء ثم الاغتسال ثم الصلاة تكفي ليوسوس ألف موسوس .....أعانك الله..... يا ألله لو كانت هذه 3% كيف كان وسواسك عندما كانت أعراضه بنسبة 100% ؟؟؟.... عافاك الله يا بني.
أحد مرضاي الموسوسين (مسيحي الديانة) في الصلاة سألته مرة عن رأي من استشارهم في الكنيسة، فكان من بين ما قال أن أحد الآباء قال له (مشكلة الموسوس أنه لا يصلي بقدر ما يراقب نفسه وهو يصلي وسلاحه لينجو إن أراد العلاج هو الطمع في الله).... وهذا لعمري يصح دائما حين نسمع وصف الموسوس لوسوسته في الصلاة.... فبينما كل مصلي يسلم نفسه لله ويتمنى أن ينساها بين يديه سبحانه... ويشعر بالاسترخاء ما كتب الله له ويشعر بعد الصلاة بالراحة... يقف السيد "بغير اسم" ومن في مثل حالته عاجزا عن ترك نفسه دون مراقبة (والمقصود هو المراقبة الواعية لأن وعي الإنسان يشمل عملية مراقبته لنفسه دون تسليط الوعي عليها أي أن وعينا يراقبنا دون وعي كامل منا).... وهو هنا أي في الصلاة سيراقب أفعاله في الصلاة ومنها القراءة والعدد وربما السبيلين وما يستعر فيهما وربما الصور التي تدهمه....إلخ.... المهم أنه بدل أن يسلم وعيه كاملا للصلاة تراه مشغولا بالمراقبة.... وتصبح الصلاة نفسها عسيرة ويفتقد الاسترخاء والراحة بعد الصلاة.... أي أنه يفسد صلاته على نفسه (وليس معنى هذا بطلانها فهي شرعا مقبولة) والمقصود أن الصلاة أصبحت تتعبه لا تريحه كما يفترض.
سبب ذلك كله أنه يخاف أن يخطئ!! في الصلاة... ويتوقع الغضب والعقاب من الله أكثر مما يتوقع من رأفته ورحمته تعالى... فمشكلة المبتلى بالتعمق Scrupolousity أو التنطع هي هذي، يضخم السيئات ويهمل الحسنات ويرى الله تعالى بمثابة القاضي القاسي.... لا الخالق الرحيم... وقد يرى الواضح الاكتمال غير مكتمل، والطاهر كغير كامل الطهارة أو نجس (دون يقين النجاسة)، ويرى المفاهيم والواجبات الدينية اليسيرة كمهام شاقة صعبة الأداء... وهو الذي صعبها على نفسه... أي أنه يقع في شر أعماله كما نقول في مصر.
وفيما يتعلق بالخطأ في الصلاة بشكل عام.... فإن إمكانية الخطأ فيها إذا تركت دون مراقبة تكاد تنعدم لأن الإنسان الذي يصلي خمس مرات كل يوم لمدة طويلة تصبح أفعال الصلاة نفسها مرتبة ومعتادة في تحت وعيه بحيث أنه يستطيع أن يصلى صلاة صحيحة وهو نصف نائم ولا يخطئ.... هكذا تصبح الصلاة عند الجميع.... لكنها مع الأسف لا تصبح كذلك بالنسبة لمن يراقب صلاته أكثر مما يصلي.
دفعتني إفادتك هذه أن أسأل دكتورة رفيف الصباغ وهي فقيهة مجانين، وكنت قرأت لها في واحدة من إجاباتها على أحد الموسوسين على الموقع (وسواس الاغتسال 50% تكفي للموسوس !) ما معناه أن (المطلوب في الغسل فيما يتعلق بعموم الماء ليس اليقين وإنما غلبة الظن أي الثقة ما بين ((80-99%)) في أن الماء قد عم الجسد، هذا للصحيح أما الموسوس فتكفيه 50%).... قست أنا المطلوب في الوضوء على المطلوب في الغسل بيني وبين نفسي... ثم أرسلت لرفيف على بريدها الإليكتروني لأسألها إن كان قياسي صحيحا فكان ردها : (نعم تكفي غلبة الظن لغير الموسوس في الوضوء ويكفي الشك للموسوس يعني (50%)).... يعني المطلوب شرعا من جناب حضرة الأستاذ "بغير اسم" أثناء الوضوء هو نسبة ثقة 50% أن الماء قد أصاب العضو المقصود.... صراحة هناك فرق بين أن تفعل ما يطلبه الشرع منك وأن تفعل ما تمليه عليك معاييرك الصعبة، أعانك الله على ترويضها.
ونعود للصلاة ناصحين آملين أن تتوقف عن مراقبة نفسك أثناء الصلاة ويساعدك في ذلك أن تتمثل استعارة القطار أحادي الوقوف.... وكذا عليك بأن تقبل بأنك قد تخطئ حتى في العبادات ويفضل في رأيي أن تترك نفسك لعلها تخطئ وكل إنسان معذور ببشريته فما بالك بالبشري الموسوس.... ثم عليك أن تدعو ربك أن يغفر ما أخطأت وأن يكمل ما أنقصت.... واحذر الوسواس الذي سيأتيك بعد سماع كلامي وتنفيذه (على سبيل العلاج) فيقول لك أنك تستهين أو تستخف.... إلخ فأنت في هذا تتدرب على التسليم والعبودية لله.... هل يجد كلامي أذنا صاغية؟!!
أخيرا لم تقل لنا كيف تخلصت من الأعراض (بنسبة كبيرة جدا -لنقل %97- إن لم يكن بنسبة كاملة).... فتعبير -خلصني الله- لا يوضح أكان ذلك بالعمل أم بالدعاء؟؟ هل تتابع معالجا نفسانيا أم أنت صريع التعمق وحدك دون علاج؟ نرجو أن تبدأ العلاج المعروف للوسواس القهري على يد طبيب ومعالج نفساني.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعنا بالتطورات.
ويتبع>>>>>: اعتياد القهور ؟ أم هو التعمق المغرور ؟ م