هل أنا مريض نفسي؟
السلام عليكم ورحمة الله... جُزِيتُم خيرًا على هذا الموقع المبارك، وأود من حضراتكم مساعدتي، ولكم مِنِّي جزيل الشكر والدعاء... سوف أحاول أن أَصِف لكم حالتي بالتفصيل.
أنا شاب أبلغ من العمر 27 عامًا، أنا أكبر إخوتي (أربعة أولاد) وبما أنَّني أكبرهم فقد تحَمَّلت مسؤولية المنزل منذ أن كنت صغيرًا لأن أبي يُعْتَبَر غير موجود بسبب تَعَاطِيه المخدِّرات، ولم يكتفي بهذا فقط فقد كان ولا زال يَجْلُب إلينا المشاكل، مِمَّا سبَّب لنا ضغطًا نفسيًّا كبيرًا، ولهذا كانت آمال أُمِّي مُعَلَّقَة بي، فقرَّرت أن أُعَوِّضَها بعد الله هي وإخوتي، وأصبحت كثير الدراسة طامِحًا في المجد، وكنت دائمًا من الأوائل في المدرسة، ولكن بعد دخولي المرحلة المتوسطة وفوق غياب الأب بدأت تتكاثر عليَّ المشاكل في صور تنَمُّر وتحرش جنسي "بالكلام فقط"، وبدأوا يحاولون تَشْوِيه سُمْعَتِي لأني كنت جميل الصورة، وإلى الآن دائمًا أُفَكِّر في هذه المواقف وأوَدُّ أن أنتقم منهم، ولكني أحاول جاهدًا نسيانهم ونسيانها.
وبحمد الله مرَّت الأيام، وأَنْهَيْتُ دراستي الجامعة بتخصص هندسة ميكانيكية، لكنني للأسف لم أحصل على وظيفة (عاطل 3 سنوات)، في بداية تخرُّجي كنت أُقَدِّم على الوظائف، لكني توقفت عن التقديم لسببين:
الأول: عدم امتلاكي المهارات اللازمة، فأنا أشعر أني لا اعرف شيئًا في تخصُّصي، لذا بدأت بشراء دورات تدريبية في مجال تخصصي، وحاولت أتَعَلَّم، ولكن تركيزي ضعيف لا أفهم بسرعة، وعند التعلُّم والقراءة يبدأ عَقْلِي بالسَّرَحان وأنسى المعلومة التي تعلَّمْتُهُا.
الثاني: دائمًا أفكِّر في كيف أتوَظَّف أصلًا، وأنا لا أُجِيدُ التَّوَاصُل مع الآخرين (بالتأكيد سوف يَسْخَرُون مِنِّي).
والآن أنا:
1) أعاني من خوف وخجل من الآخرين، وأشعر بأني أقلّ منهم، وعندما أتحدَّث معهم أتَخَبَّط في الكلام ولا أعرف ما الذي عليَّ أن أقوله أو بالأساس ليس عندي كلام يُقَال (حتى وأنا بمفردي أفكاري مُشَتَّتة)، ولهذا أصبحت أتجَنَّب التَّجَمُّعات والمناسبات الاجتماعية، وحتى مقابلة لو شخص واحد.
2) عندي خوف رهيب من المستقبل، أُفَكِّر في مستقبلي أنا وإخوتي، ودائمًا مُتَوَتِّر وقلق.
3) أتخيَّل أحداثًا مثل أن أفَكِّر لو أتزوج كيف سأعامل أهل زوجتي، وكيف تكون صورتي أثناء الحفل (ربما يسخر مني الناس)، وأصبحت أخاف من فكرة الزواج (وحتى الخِطْبَة) وأَطْرُدُها من رأسي.
4) أسكت عن حقِّي لأنِّي لا أستطيع أن أُدَافِع عن نفسي حتَّى ولو بالكلام، وأخاف من المُشَاجَرَات، حتى عند المُشَادَّة بالكلام تُصِيبُنِي رَجْفَة ويبدأ قلبي بالخَفَقَان السَّرِيع (أتذكر مرة كنت ألعب أونلاين وبدأوا يسخرون مني لأني لا أتكلم، فحَصَلَت لي هذه الأعراض ولم أستطع الرد عليهم، فخرجت من اللعبة بالرغم أنهم لا يعرفوني ولا أعرفهم).
5) أشعر بالملل السريع من أي شيء مثل القراءة، وحتى ولو مشاهدة فيديو على اليوتيوب.
6) أتذكر المواقف المحرجة والسيئة باستمرار.
7) ليس لي أصدقاء ما عدا في الابتدائية، أمَّا مراحلي العُمْرِيَّة الأخرى يكون لي واحد أو اثنان (وأنا أساسًا لست مُقتَنِعًا بهم، فهم أقَلَّ مني)، ولكن أقول دائمًا "من الذي سوف يرضى أن يصاحبني"، والآن أشعر بالوحدة وأوَدُّ أن يكون لي أصدقاء.
8) أحيانًا اخجل من شكلي لعدم ظهور شارب لي لأن أحدهم قال لي أنك نَاقِصُ الرجولة، وعندها ذهبت لعمل التحاليل اللازمة الحمد لله قال لي الطبيب بأنني سليم.
9) لا أعرف أن أُعَبِّر، فعلى سبيل المثال لقد أخذ مني هذا المقال وقتًا ومجهودًا لأن أفكاري تتطاير، ولا زلت أشعر أنه غير مُرَتَّب.
10) حاولت أمارس بعض التمارين الرياضية، لكن عضلاتي تبدأ بالارتجاف وأشعر بتعبٍ شديدٍ، وأنا أصلًا دائمًا أشعر بالخمول والكسل النهاية.
أنا كثير الحزن، وأشعر أنني مُكَبَّل، وبدأت أيأس من الحياة... هل أنا إنسان سوي أم لا؟ هل عليَّ مراجعة طبيب نفسي؟... تحدَّثت مع والدتي عن الذهاب لطبيب لكنها رفضت قائلةً: "أنت طبيعي لا تُعَانِي من شيء"، وأنا أصلًا مُتَرَدِّد... أرشدوني بالله عليكم ماذا أفعل.
آسف على الإطالة،
حاولت أن أذكر جميع الأعراض التي أشعر بها والأسباب التي ربما أدَّت إليها حتى تَتَّضِح لكم الصورة بشكل دقيق.
22/3/2021
رد المستشار
أوجزت معاناتك بكلمات بسيطة، تعبر عن مكنون نفسك التي تعبت. ولربما نبضات قلبك وتسارعها وخجلك وخوفك من الناس، لشعورك بعدم قيمتك وعدم كفائتك، مضافا إليه ما سطر من أعراض الاكتئاب يكون معاناتك من قلق الرهاب الاجتماعي (القلق الاجتماعي).... أو بالاصح القلق الاجتماعي مضافا إليه الخجل مما يجعلك بعيدا عن الأصدقاء أو المشاركة الاجتماعية. هذا فقط يجعل منك إنسانا سلبيا ومنعزلا عن الآخرين أو يجعلك تتجنب المواقف الاجتماعية والشعور بالوحدة... بلا شك هناك توجد أسباب، ذكرت منها في رسالتك... لكن الذي هو المهم الآن كيف تنحو حول إدراك أن ما تعانيه يشكل عبئا نفسيا لطالما وأنت خريج وعاطل عن العمل... هنا تكمن مشكلتك.. لابد من أن تسعى جاهدا نحو العمل والبحث عن وظيفة تدر عليك مردودا ماديا... لا تستسلم للواقع.. شيء آخر هو ما ذكر في بداية رسالتك والأعباء التي تحملتها حتى واصلت دراستك وتخرجت... هذا هو الجانب الإيجابي في حياتك وإن تخلل ذلك الكثير من الصعوبات...
وأريد أن أوضح لك الفرق بين القلق والقلق الاجتماعي. القلق شعور مبهم بالخوف. وعندما يكون القلق أقل حدة كما هو واضح، يدعى القلق العام. أما الرهاب فهو شعور شديد بالخوف أو القلق الاجتماعي من موقف لا يثير الخوف نفسه في أكثر الناس. وهذا ما يجعل الشخص يشعر بالوحدة والخجل من نفسه ويتهم ذاته بالجبن وضعف الثقة بالنفس والشخصية، وهذا واضح في رسالتك.
ما أريد أن أقوله لك..أنت لست بحاجة لعلاج نفساني...... حتى الأعراض التي ذكرتها في رسالتك، تستطيع أن تكافحها... حاول الآتي:
* التواصل مع الأصدقاء وأفراد العائلة أو الانضمام إلى مجموعة توفر فرصًا لتحسين مهارات التواصل.
* ابتعد عما هو مثير جنسيا
* البحث عن عمل لا تيأس..
* ممارسة أنشطة ممتعة أو مهدئة، مثل الهوايات،
* تذكر نجاحاتك، ولا تركز فقط على إخفاقاتك وفشلك.
* كلما شعرت بالارتباك تذكر الهدوء "وخذ نفساً للاسترخاء"
* كافئ نفسك، عندما يكون أداؤك الاجتماعي جيداً.
وقليل من بعض التمارين:
* الاسترخاء: تساعدك على تقبل الموقف قبل التعرض للموقف.
* التنفس: بأخذ شهيق عميق وحبسه لثوان ثم زفير ببطء، ويكرر ذلك عدة مرات يوميًا.
إن استعصى عليك الأمر بعد ذلك يمكنك أن تطلب مساعدة اختصاصي نفساني....