الخائف أن يكون شاذًّا: طغيان الاكتئاب!
أرجوكم ساعدوني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أشكركم على الرد على طلب استشارتى السابقة، وبعد.
أنا صُدِمْتُ من الرِّد الذي وصَلَنِي منكم، وعَاوَدَنِي الاكتئاب والوساوس مرة أخرى بعدما صار لي أسبوع إلى الآن وأنا في حالة جيِّدة وكنت قد نسيت الأمر.
للتوضيح: أنا علاقتي مع عائلتي جيدة... علاقتي بأبي جيدة، هو حاليًا مسافر في شغل من حوالي 10 شهور، فهو دائم السفر.. علاقتى بأمي وأخي جيدة جدًّا... وكذلك مع أقراني، ولديَّ أصدقاء ليسوا بالكثيرين، ولكن لديَّ أصدقاء وعلاقتي بهم جيدة.
المشكلة يا دكتور أنِّي أعلم أني غَيْرِي، وأعلم أنِّي إنسان طبيعي، ولا شكَّ في ذلك لأني منذ وُلِدْتُ وأنا تفكيرى غيري، منذ الصِّغَر وأنا مُغْرَم بالفتيات، حتى ذهابي للإباحية بسبب أنِّي كنت أقوم بالعادة السرية بِكَثْرَة، وكنت دائمَ التَّفْكير في الفتيات، وأحببت فتاةً بشِدّة في فترة من حياتي، وطوال عمري أنا أتصوَّر نفسي (زير نساء) كما يقولون.
حتَّى حدث لي ما حدث من مشاهدتي لإباحية المتحوِّلِين الجنسيين، وكما قلت فأنا أعلم أن هذا بسبب الإباحية والبحث عن الصدمة والتجديد المستمرين، بحيث أنِّي مَلَلْت من كل شيء فَرَغَبْت في المزيد من التجديد، ولست أنا لوحدي من حدث له هذا الأمر بسبب مشاهدة الإباحية، بل العديد من الشباب على مواقع التَّعافي من إدمان الإباحية يَصِفُون حدوث هذا الأمر لهم، فأنا متأكِّد أن هذا بسبب الإباحية، ومع التَّرْكِ سيَزُول بإذن الله.
ولكن ما يُؤَرِّقُنِي دائمًا وأبدًا هو الموقف الذي حكيت لكم عنه، وهو تذَكُّري لاستمنائي على صورة صديق لي عندما كنت في 13 من عمري أو 12، أ بعد حوالى سنة من إدماني للإباحية... وأؤكِّد بأنِّي ليس لدي أي رغبة جنسية أو عاطفية لأي ذكر بتاتًا، بل حتَّى أنِّي عندما أفكر في الأمر حاليًا أَجِدُ أنِّي لا أستطيع تصوُّر نفسي أبدًا مُنْجَذِب للذكور، ولكن الوساوس والاكتئاب يُرافِقُني دائمًا فَوْرَ تذكر هذا الموقف.
والموقف الآخر الذّي ذكرته وهو تذَكُّرِي أنِّي حدث لي انجذاب أو ما شابه لرفيق لي في أحد الدروس، ولكنِّي أشعر أنه كان بسبب الوسوسة وقتها، هذا اقرب تفسير لما حدث فأنا لم أنجذب أبدًا لأي ذكر عاطفيًّا.
الأمر هو يا دكتور: هل يمكن أن تكون الإباحية سببًا لاستمنائي على صورة صديقي هذا؟ أم أن في مثل هذه السن يمكن أن تحدث تجارب مثل هذه لشخص غيري طبيعي بسبب التَّجريب أو لأي سبب كان؟
فقط أريد أن أعرف يا دكتور ما سبَّب ما حدث لي، فالشك والحِيرَة والاكتئاب تقتلني، كل يوم أموت ألف مرة ويصل الأمر إلى البكاء، حتى أنِّي على مَشَارِف البكاء وأنا أكتب لكم الآن.
أريد أن أستريح، أريد أن أشعر بالحياة مرة أخرى وأُغْلِق هذه الصفحة من حياتي لتعود الأمور لطبيعتها وأعود إلى سابق عهدي وحُبِّي للَّنساء بدون أي قلق وشكوك.
أريدك يا دكتور أن تقول لي: هل يمكن لشخص غيري أن يمر بتجربة ولو واحدة في حياته ويكون له رغبة شاذة، موقف واحد فقط حدث، وإن كان له رغبة شاذّة بسبب فقط الإشباع الجنسي؟ هل هنالك أشخاص حالهم كحالي عانوا مِمَّا أعاني منه، ومع ذلك فهم أُنَاسٌ طبيعيون، فأنا دائمًا أشعر أنَّ حالتي هذه هي حالة لا مثيل لها، أشعر بأنى وحيد وليس هنالك أي شخص يَمُرُّ بما أَمُرُّ به وحدث له موقف كالذي حدث معي (كتبت هذا السطر بصعوبة شديدة)؟ هل يمكن أن تَخْطُر فكرة شاذة كالتي خطرت لي وقتها وأتصَرَّف وأفعل ما تُمْلِيهُ الفكرة، ومع ذلك أكون شخصًا غيريًّا طبيعيًّا كبَقِيَّة خلق الله، فأنا دائمًا ما تأتيني الأفكار وتقول لي "أنت لست كبقية الناس، وأنك لست طبيعيَّة مئة بالمئة، وأن بك مرض شذوذ ولو طفيف، وأن الوضع ميؤوس منه فالشذوذ ليس له علاج" فأشعر بأنِّي حالة ميؤوس منها وأنِّي لن أعود لسابق عهدي أبدًا بدون أن تطاردني ذِكْري الموقف هذا؟
أظَلُّ ساعات وأيام وليالي وأنا أحاول تذكُّر كل تَفْصِيلَة في الموقف وتذَكُّر "هل أنزلت؟ وكيف أنزلت؟ وماذا كنت أفكر حينها؟ وماذا حدث بعد ذلك؟ وكيف حدث؟"، أظلُّ أفَكُّر إلى أن أُصَاب بالصداع ولا أستطيع التفريق ماذا حدث وماذا لم يحدث وقمت باختلاقه، وفي العديد من المرَّات إذا تذكرت شيئًا يُطَمْئِنُني أو توصَّلت إلى تفسير للموقف يطمئنني بأنِّي لست شاذًّا أَسْعَد كثيرًا وأشعر بأن عِبْئًا انْزَاح عن كِتْفِي، ثم أعود من جديد إلى دائرة التفكير وأُشَكِّك فيما قُلْتُه منذ قليل.
ومثال هذا عندما اكتشفت أن مُدْمِنِي الإباحية يمكن أن يَصِل بهم الأمر إلى مشاهدة أفلام المِثْلِيِّين، وأنَّ العديد من المدمنين تحدثوا عن هذا على مواقع التعافى أحسست براحة شديدة وأن الحياة عادت لي، ومن ثم يعود الشك لي بأن ما حدث لي كان مُغَايِرًا فأنا كنت مشاهدًا للإباحية منذ عام واحد وقتها، ولم يصل بي الإدمان إلى هذا الحد وأنِّي اسْتَمْنَيْتُ على صورة على الفيس وليس على موقع إباحي، فكيف يكون للإباحية دَخْلٌ فى ذلك؟!
نظرت على الإنترنت عن حالة الوسوسة هذه، ووجدت أنها تُدْعَى "وسواس الذكريات"، وأن العلاج هو بالتجاهل التام، فقمت بذلك لعدة أيام ومن ثَمَّ أعود لأَصِل إلى تفسير من جديد للموقف، فَسُرْعَان ما أكتئب من جديد... الغريب أنِّي وَقْتَما كنت لا أفكر بالموقف وأتجاهله أشعر بأنِّي عُدْتُ لسابق عَهْدِي ونسيت الأمر، لكن بعد فترة يعود الاكتئاب فأشعر بأنِّي لا يمكنني المُضِيِّ مع الحياة إلَّا إذا عَلِمت لما حدث هذا لي وما السبب، وهل أنا طبيعي أم أن هذا يُثْبِتُ أن هنالك خَطْبٌ بي ولا يمكن علاجه أبدًا.
أرجوك يا دكتور أفيدني بِرَدِّك، فليس لدي أي إمكانية لأزور طبيب نفسي حاليًا، والله أعلم متى يمكن أن يتوفَّر لي، وإلى متى سَتَسُوء حالتي حتى هذا الوقت... وأطلب منك طلبًا أيضًا أن تذكروا في ردِّكم بعضًا من الحالات على موقعكم تعاني مِمَّا أعاني منه، فكما قلت أشعر بأنِّي الوحيد في هذا العالم يعاني من هذا الموقف المُتَأّزِّم.
وفي النهاية أشكُرُكُم على حسن الاستماع.
جزاكم الله خيرا
24/3/2021
رد المستشار
شكرًا على متابعتك.
تمت الإجابة على رسالتك بصورة موضوعية وعلمية، ورسالة اليوم هي تكرار لأسئلة الغاية منها العُثُور على الطمأنينة، والإجابات بدورها ستؤدي الى أسئلة أخرى ولن تعثر على الطمأنينة.
ما هو واضح في رسالتك هو:
1_ أنك غيري التوَجُّه، وعليك أن تقبل بذلك.
٢_ رغم قبولك بأنك غيري التوجه لا تزال الأفكار الجنسية الغير طبيعية تُدَاهِمُك بدون توقف، وبدأت تؤثر على أدائك الوظيفي.
٣_ زيارة المواقع الإباحية سلوك شائع جدًّا، ولا يمكن أن يُفَسِّر بحد ذاته تدهور صحتك النفسية.... الغالبية العظمى من الناس تهجر هذه المواقع بعد تجربة غير مقبولة وينتهي الأمر.
٤_ ما حدث لك هو إصابتك باضطراب نفسي جسيم مُتَعَدِّد الأسباب، وأحدها ربما المواقع الإباحية.
٥_ استعمال كلمة "إدمان" بحد ذاته غير علاجي، والأهم منه تصميم الإنسان على تغيير سلوكه بدلًا من اختلاق الأعذار بأنه مُدْمِن.
توجَّه صوب مركز للصحة النفسية، فهناك المجانية منها للتحدث مع طبيبك لفحص حالتك العقلية، ولا تبحث عن علاج عبر الإنترنت.... في الوقت ذاته ارفع من عزيمتك، وركِّز على تعليمك، وتخلص من نفايات الماضي والتجارب الشخصية الغير ناضجة.
وفقك الله.
ويتبع>>>>: الخائف أن يكون شاذا: طغيان الاكتئاب م1