الوسواس القهري الدِّيني الشديد
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته... أمَّا بعد.
أنا شاب عمري 20 سنة، كنت قد بدأت مؤَخَّرًا بالمواظبة على الصلاة يومِيًّا بعد أن كنت مُقَصِّرًا، كنت مُتَيَقِّنًا بالله تعالى، وأكره كل من يَسُبُّ أو يُنْكِر وجوده إلى أن أصبحت تراودني منذ حوالي 3 شهور أفكار ووساوس تتعَلَّق بالإيمان، أصبحت أتعَذَّب وأبكي كثيرًا، أصبحت لا أشعر بوجود الله في قلبي، وأصبحت وكأنَّنِي أَشُكُّ _والعياذ بالله_، لكن انا أكره هذا الأمر، لكنه صعب عليَّ التَّغَلُّب عليه... والله حالتي مُعَقَّدَة جدًّا.
كان لديَّ وسواس في وجود الله، وكنت أحاول السيطرة عليه، ثم تطَوَّر إلى أن أَصْبَحَت تأتيني شكوك حول أصل الدين والأديان تقول لي أن الإنسان هو من اخترع الدين كي يُبَرْهِن كل ما يقع في العالم ويرتاح... أحاول جَاهِدًا إثبات وجود محمد _صلى الله عليه وسلم_ لكن دون جدوى، فأنا أَنْهَزِم أمام الوسواس، مرة أتغَلَّب عليه ومرة يتغلَّب عليَّ.
والله أنا خائف جدًّا من هذا الأمر وأكرهه، لكن كُلَّما أحاول أن أُقْنِع نفسي بوجود الله يأتيني شعور أنه غير موجود، ويأتيني الإحباط والاكتئاب... والله تعبت يا شيخ، لا أريد أن أُخْبِر عائلتي بهذا الأمر، وأنا خائف.
أرجوكم أريد نصيحة كي أتَغَلَّب على هذا الأمر وأعود إلى ما كنت عليه، وأنا دائمًا أدعو الله في أوقات الاستجابة، لكن تأخرت الاستجابة كثيًرا... لا أريد أن يستَقِرَّ هذا الشك في قلبي وأفكاري، وأنا أخاف من الكفر كثيرًا... دائمًا أحاول إقناع نفسي بوجود الله لكن دون جدوى، أنا هكذا يوميًّا أتعذَّب وأبكي على حالي.
هل يجب أن أذهب للطبيب النفسي أم ماذا؟.. علمًا أنِّي كلما أحاول إقناع نفسي أن الشيطان من يُوَسْوِس لي، يقول لي الوسواس أن الشيطان مجرد وَهْمَ وأنت تُقْنِع نفسك بشيء غير موجود أصلًا.
أرجوكم ساعدوني فأنا في عذاب شديد مستمر...
والسلام عليكم.
10/3/2021
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "رضا" وأهلًا وسهلًا بك على مجانين
الوقت لم يتأخر بإذن الله تعالى، وثلاثة أشهر ليست بالوقت الطويل....
أنت نفسك تعرف أنه وسواس، والوسواس لا يحتاج إلى برهان، وإنما إلى إهمال. لا تحاول البرهنة على وجود الله تعالى، ولا على صدق النبي صلى الله عليه وسلم ولا على أي شيء آخر، حتى الشيطان لا تحاول البرهنة على وجوده!
كلها وساوس في العقيدة لا تقدم ولا تؤخر ولا تخرج عن الملة ولا تؤدي إلى الكفر. لأنها مرض والمريض لا يؤاخذ على مرضه لأنه بغير إرادته. وسبحان من علمه عليه الصلاة والسلام فقال: «يأتي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، مَنْ خَلَقَ كَذَا، حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ» متفق عليه. أي ليكف عن التفكير في الموضوع كله.
وهذه النصيحة النبوية أفضل علاج طبي للوسواس اليوم، وهو العلاج المعرفي السلوكي.
نعم، عليك الذهاب إلى الطبيب، لتدارك الأمر من أوله قبل أن يستفحل أكثر، واحرص على أن يكون عارفًا بالعلاج المعرفي السلوكي، ففرصة الشفاء تكون أكبر، ونسبة الانتكاس أقل بكثير من نسبة انتكاس المكتفين بالعلاج الدوائي.
كذلك اقرأ كثيرًا عن الوسواس وطبيعته وعلاجه، وهناك قسم خاص لهذا في الموقع
عافاك الله وأعانك