هل هو اكتئاب؟ أم المُحِيط مُخْطِئ بِحَقِّي؟
يعطيكم العافية. أنا أُعانِي من بكاء وحزن يومي، أتمنَّى الموت وأعتقد أنه أفضل حتمًا لأنَّه على الأقل لن أقوم بالمزيد من المشاكل أو الأخطاء. حاولت تَصْلِيح ما حولي، ولكن تعود المشاكل دومًا. ولدي شعور بأن الجميع يكرهني ولا يُوجَد لي قبول من الآخرين.
بدأ الأمر منذ عامين عندما بدأت العمل، قبلها كان كل شيء مثالي، عائلة جميلة ورائعة، وسهرات يومية، إلى أن بدأت العمل، وكان هناك ضغوط بالعمل أعود لأحدث أهلي عنها. أول الأمر كان أهلي دَاعِمِين، ولكن فجأة أصبحوا يختَلِقون المشاكل معي. بدأت بالتدخين حينها لأن التدخين يَخْلُق حالة من صفاء الذهن كنت أحتاجها، حيث كنت كُلَّمَا أدخل للمنزل أتناول غدائي، فيبدأ كلام مؤذي وتحقير من عملي، "لا نَفْع لك في المنزل". وأنا أصلًا لا أحضر المنزل إلَّا مساءً، ولا قُوَّة لي على العمل المنزلي. بدأت لا أُطِيقُ تناول الطعام حتى أكاد أختنق به، وأُنْهِيه وأركض لغرفتي لأبكي على مَحَبَّتِي الضائعة لأسرتي.
ثم بدأت أبحث عن السبب. اعتقدت أن أختي تغار مِنِّي فصَدَدْتُها بكلمات مرة، وفجأة أصبحت أنا من أغار منها، وبدأ الجميع يُلَاحِقُني بأي تعليق أو أي تصرف بأنه من غِيرَتي منها. لا أعلم هل هي حقًّا من تغار أم كنت أنا من أغار! ولكن لا أذكر أنَّنِي شعرت بالغيرة منها أبدَا، فأنا وهي أصدقاء اكثر من بقية إخوتي، لذلك كان انهيار العلاقة معها انهيارًا نفسيًّا كبيرًا.
تركت العمل فَلَم تَعُد نَفْسِيَّتي تحتمل، ودخلت إحدى المرَّات غرفتي ولم أخرج لاسبوعين سوى لتناول الطعام ثم أعود للغرفة. لم يتساءل أحد عنِّي، وكنت أسمع سعادتهم وكأن غيابي عاديًّا جدًّا. لا أعلم ما سبب هذا الكُرْهِ المفاجئ. في هذه الفترة حاولت البحث عن أحد أُحَادِثُه، فأنا لم أَتَّكِل على الاصدقاء دومًا لوجود عائلتي، ولكن الآن أصبح الأمر صعبًا. بحثت، وتعرَّفت على شاب، ولاحظت عائلتي حديثي معه، وكانوا يَرْمُقُونني بنظرات مُقْرِفَة، ولكنني لم أكْتَرِث لأن غيابهم هو ما جعلني أبحث عن أحدٍ آخَر. ثم تركت الشاب وعُدْت للمشاكل المنزلية. حاولت تغيير أساليب التعامل وأن أكون شديدة اللُّطف، لكن لم يَسْرِ الأمر على ما يُرَام، فأصبحت عنيفة جدًّا، لا يمكن التحدث إليَّ، وهذا كان جيدًا بالنسبة لي، فأيُّ كلمة استحقار بحَقِّي كنت أَرْدَعُها بالرد المناسب، وعندما يلتفت أهلي لتَهْزِيئي للّرَّد على أختي أَرْدَعُهم بالصوت العالي، فتوقَّفوا عن التعامل بحقارة معي، وعادت الأمور بشكل جيد نوعًا ما.
المشكلة الآن أنهم يُوَجِّهون لي انتقادات ثابتة كـ "مو غريب عليكي تاكلي كتير، أو مو غريب ما تشتغلي، مو غريب ما تكوني نضيفة" علمًا أنني لست سيئة لهذه الدرجة. وفي حال صَدِّي على أي كلمة يكون الرد قاسيًّا، ومن ثَمَّ مشكلة، ويستمرون بحياتهم بشكل طبيعي وأنا من أغضب وأدخل غرفتي للبكاء دون أن يراني أحد.
أصبحت أشعر بأنني عبء أو غلطة وجودي هنا، وأنني أَغْرَق بالأخطاء، وكُلَّمَا حاولت تحسين الأمور تعود لِمَجْراها السيء. علاقاتي الاجتماعية الخارجية سيئة (رسمِيَّة غالبًا). أحاول تكوين علاقات سليمة، ولكن لا أعرف كيف أُكَوِّنها. وأعتقد أنني عِبء على الجميع، لذلك أرى في الموت خلاصي. طبعًا لا أُفَكِّر بالانتحار، فأنا مؤمنة بالله، ولكن أتمنَّى الموت، فلا طاقة لي للاستمرار، ولا أريد أن أُحْزِنَهم أكثر فأنا أخاف أن أُسَبِّب لأُمِّي أزمة قلبية مثلًا لا سمح الله.
كذلك والدي يرى أنَّني لست مَحَطًّا للثقة، فلا يَعْتَمِد عليَّ بأيِّ عمل إطلاقًا. علمًا أنِّي أعرف نفسي جيدًا وطاقاتي وموهبتي، ومن أكبر المشاكل أنَّني كنت متفوقة بجامعتي، فأي حَدَث أخبره لأهلي كانوا يعتبرونه إِغَاظَة لأختي لأنها متأخرة في جامعتها، وبذلك لم أستَطِع الاحتفال بأي تفوق.
أيضًا هناك لحظات كعيد ميلادي الماضي لم يكن لأحد الرغبة بالقيام بأي شيء، فقُمْتُ بإعداد كل أطباق عيد ميلادي، حتى لحظة الاحتفال حاولت أن أُحَمِّسَهُم للقيام، ولكن كنت أضغط عليهم وأُزْعِجُهم. هذه المشاعر بدأوا ينقلونها لأقاربي، فكل من يتواصلون معه بشكل مستمر يبدأ بِكُرْهي تدريجيًّا، أمّا البَقِيَّة ما زالوا يُحِبُّونني.
مع العلم أنه عند حدوث هذه المشاكل بدأت أتذَكَّر أنِّي أرسم بشكل موهوب جدًّا ولم أَجِد تقديرًا إطلاقًا. وأيضًا كانوا يُهَمِّشُونني بشكل كبير في الماضي مِمَّا خلق لديَّ رَهْبَة من التعامل مع الناس، فكنت أهرب من أي لقاء بالعالم حتى أجبرني العمل على التعامل مع الناس بشكل مُتوَاصِل فَكُسِر ذلك الرُّهاب، ولكن يعود بمواقف قليلة.
أريد حلًّا لتحسين نفسيتي، فأنا حقا مُكْتَئِبَة ولا أستطيع الاستمتاع بأي شيء،
لا شيء يُضْحِكُني، ولديَّ رغبة كبيرة بمغادرة الحياة.
15/4/2021
رد المستشار
صديقتي
هناك احتمال ضعيف جدا أن أهلك وأقاربك كلهم مرضى وأنك الوحيدة السوية وبالتالي أنت ضحية هذه الظروف وليس هناك حل لهذا غير التعامل مع المرضى بذكاء ودهاء ثم الاستقلال التام عنهم وترك المنزل لكي تعيشي وحدك بعيدا عنهم.
الأوقع أنك تريدين الكثير من الاهتمام والانتباه منهم وبطريقة معينة ترضيك ولا تتعاملين برفق إذا لم يحدث ما تريدين عندما تريدين وكيفما تريدين.. هذا سوف يسبب النفور أو التجنب أو ما تسمينه بالكراهية.... الرغبة في الاهتمام والانتباه تجعلك تدخلين غرفتك لمدة أسبوعين.... ومن الواضح أن أسرتك يعرفون أن هذه طريقتك في جذب الانتباه ويرفضونها عن طريق التجاهل لأنهم يرفضون أن يكونوا في موقف من يتسول الرضا منك.
أنت الوحيدة المتضررة من هذا، ليس لأنك غير مهمة ولكن لأن طريقتك في الإصرار على الاهتمام مرفوضة وغير صحية (سوف أؤذي نفسي بالانعزال والاكتئاب لكي تهتموا بي وتحاولوا إرضائي وتهدئتي وإن لم تفعلوا فالعار عليكم لأنكم لا تحبونني مثلما يجب عليكم أن تحبوني وسوف أهاجمكم وأرهبكم بالصوت العالي والإهانات إذا ما انتقدني أحدكم أو حاول أن يقوم سلوكي).
أهلك أيضا مخطئون في طريقة تعاملهم معك من ناحية أنهم قد يزيدون في الانتقاد أو الهجوم بغرض التقويم وهذا أيضا أمر غير صحي.
المنطقي هنا هو أن تبحثي عن طريقة أخرى في التعامل معهم لكي يكون هناك وئام بينكم.. أنتم أعضاء أسرة ولستم أعداء.. حاولي أن تفهمي ما تريدين منهم ولماذا.. بعد ذلك ضعي ما تريدين جانبا وفكري فيما يريدون هم ولماذا.... ثم بعد ذلك فكري فيما سوف يحقق الوفاق بين ما تريدينه وما يريدون.
هذا أسهل بكثير من الموت.. تغيير أسلوبك أو طريقة تفكيرك لكي تعيشي حياة سعيدة وبها سلام أفضل وأسهل من تمني إنهاء كل شيء بصفة مستديمة عن طريق الموت.. ما أنت فيه مؤقت والموت مستديم.. ما أنت فيه يمكن تغييره والموت لا يمكن تغيير أي شيء بعده.. أنت في الثالثة والعشرين من عمرك وتتصرفين وكأنك في السادسة من العمر.. حان وقت النضوج والتعقل والتعامل مع الأشياء والأحداث والناس بطريقة أكثر حكمة وفاعلية.
أنصحك بمراجعة معالج نفساني إذا استعصى عليك الأمر
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب