وسواس الشذوذ دَمَّر حياتي تدميرًا
السلام عليكم. أمَّا بعد. قرأت مواضيعكم في هذا الخصوص، وارتحت قليلًا، لكن سُرعان ما عادت إليَّ شياطيني لتقول لي أنَّك لست نفس الحالة، فارتَأَيْت أن أكتب لكم حكايتي.
بدأ الأمر بعد أن وضع لي شرطي مُخالَفَة وهذا شيء عادي لكنه أثَّر كثيرًا في نفسيَّتِي وأفْقَدَني ثقتي بنفسي نوعًا ما، فأخبرت صديقي الشرطي الذي ساعدني في تجنُّب المخالفة، ففَرِحْت به وافتخرت بصدقاته، حتَّى أنِّي قُلت أنه أفضل مني حيث أنه وجد عمَلًا علي عكسي، وله معارف. على العموم التقيت بصديقي هذا وأخبرني أنه تاب لله، ففرحت له وسألته عن صديقته، فأخبرني أنه أخبرها أنه تاب وينوي الانفصال، فقلت في نفسي "لا شك أنَّها في حالة يُرثَى لها" وهذا لأنه لي علاقات كثيرة مع البنات وأعلم حالتهن بعد أن أتركهن، لكن بعد أن قُلت هذا شعرت بشيء يشبه الفوبيا مع قلق وضربات في القلب، وقلت في نفسي مُمازِحًا لها "هل أعجبك؟" (مزاحًا فقط لأني في حياتي لم أُفكِّر بهذا مطلقًا وإطلاقًا).
ثم يمُرُّ يومان، وإذا بي أجِد نفسي في فراغًا حتَّى جاءتني هذه الفكرة الشيطانية، فَصِرت أقول في نفسي "هل أعجبك؟"، ثم سيطرت هذه الفكرة على رأسي، علمًا أنِّي في حياتي لم أُفَكِّر هكذا، فصرت مرعوبًا (حرفيًّا في رعب مُسْتَمِر)، وصِرْت كأنِّي شخص آخر عندما أفَكِّر في شخص وهمي في عقلي أنَّهُ حقَّقَ ما لم أُحَقِّقه بحيث تَعِبَ ونال عمَلًا وصارت له سيارة، وصرت أشعر بشيء غريب في قلبي مع خَفَقَان وخوف ويُفَسِّر عقلي هذا كأنَّه إعجاب فيزيد حالي أكثر سوءً، حتى أنِّي صِرْت أقول في رأسي الانتحار أفضل من هذا الشعور الكارثي، وصِرْت أُدَقِّق في كل شخص هل هو وسيم، وأحاول أن أُرَكِّز على تفاصيل الحادثة حتى أُصاب بنفس الهلع والخفقان.
أصبحت حياتي جحيمًا لدرجة أنِّي جرَّبت نفسي إذا كنت ما أزال أميل للبنات، فوجدت أنِّي أميل لَهُنَّ، لكني انسحبت من كل علاقاتي بالبنات من شدة الخوف. قلت في نفسي هذا بسبب العادة السرية التي كنت أفعلها لـ4 مرَّات في اليوم _غفر الله لي_، وقبل أن ألتقي بصديقي المذكور سابقًا كنت عملتها 4 مرات لدرجة أن خارَت قِوَاي، فأقلعت عنها بعد هذه الحادثة التي أصبحت تُلَاحِقُني في كل وقت طوال اليوم لدرجة أنِّي وصلت من الرعب أني تقيَّأْت من شدة الخوف، ومازلت لليوم خائفًا أن يكون شذوذًا وليس مُجرَّد وسواس رغم أن أعراضه تُشبِه نوعًا ما أعراض وسواس الموت الذي أُصِبْت به سابقًا، ولي ماضٍ حافِل مع الوساوس أمثال الموت والمرض والإفطار في رمضان شُفِيتُ منهم جميعًا من دون طبيب، لكن هذه المرة أخاف أن يكون حقيقة وليس وسواسًا.
في أحد الأيام أقنعت نفسي أنه مُجرَّد وسواس، وأنَّ ما حدث لي سبَبُه الغِيرَة الشديدة من صديقي وفقدان الثقة بنفسي وكَثْرَة حديثي مع البنات، حتى كِدْت أنسى هذا المُشكِل تمامًا وأعود لحالتي كما كنت قبلًا، لكن سُرعَان ما جرَّبْت أن أتخيَّل شخصًا حقَّق ما تمنَيَّت أنا تحقيقه، وأُصِبْت بنفس الرَّجْفَة والخوف.
دخلت في وسواس فكرة قبيحة مُلِحَّة بَشِعَة، ثم تغيَّرت كثيرًا عندما سمعت أحدهم يقول أن المِثْلِيِّين زادوا، وأن سببهم الفراغ، علمًا أني أعاني من فراغ بعد التخرج. ومِمَّا زاد من معاناتي أنني سمعت من الشارع أن أشخاصًا كانوا طبيعيين ثمَّ تحوَّلُوا. وأسمع من أصدقائي أن هناك من يصبح مِثْلِيًّا في سن متأخرة عن المراهقة حتَّى وإن كان سويًّا طِيلَة حياته ويُصاحِب البنات، لِتَعُود حالتي أسوأ بكثير مِمَّا كنت.
أتمنَّى من حضراتكم تقييم حالتي على مَحْمَل الجَدّ لأني سأُجَنُّ حرفيًّا. أخبروني: هل هو حقيقة أم مجرد وسواس؟ وهل يمكن للوسواس إن طال أن يجعلني أُصبِح شيئًا غير الذي أنا عليه؟ وهل تلك الرَّجْفَة والخَفَقَان سببها العادة السرية أو نقص الثقة في النفس أم سببها ما أخشاه؟
أرجو الإجابة في أقرب وقت.
وبالنسبة للطبيب النفسي فأنا لا أستطيع الذهاب لأسباب خاصة.
20/4/2021
رد المستشار
شكرًا على رسالتك.
لو وضعنا جانبًا مسألة المِثْلِيَّة والشذوذ وغير ذلك، فإنَّ ما حدث ببساطة هو استقبالك الحِسِّي لجملة واحدة صدرت من صديق، وبعدها وُلِدَت فكرة إطارها تحوَّل من فكرة حِصَارِيَّة طَفِيفَة لم تَقْوَى على التَّخَلُّص منها، وتدريجيًّا أصبحت فكرة حصارية (وسواسية) بدأت تُؤثِّر سلبيًّا على أدائك النفسي والاجتماعي.
صاحَبَ هذه الفكرة أعراض وجدانية اكتئابية تسْرُها في الرسالة بوضوح. الإنسان الذي تُطارِدُه فكرة حصارية يُؤمِن ولفترة طويلة بأنها فكرة تافهة تُطارِدُه، وهذا ما نُسَمِّيه بدرجة بصيرة عالية، ولكن بصيرتك في هذا الأمر بدأت تنهار تدريجيًّا وتسأل عن علاقتها بالعادة السرية وأنَّك وصلت إلى حافَّةِ الجنون.
هناك تاريخ طبنفسي سابق لا يختلف إطاره عمَّا حدث معك الآن، ولكن المحتوى يختلف. كذلك تشير في بياناتك الشخصية بأنك خرِّيج جامعي ولكن عاطل عن العمل، وتجاربك العاطفية ضعيفة، ولم تذكر علاقة حب عاطفي. كل ذلك يُوحِي بصفات شخصية هَشَّة إلى حَدٍّ ما.
أنت تعاني من اضطراب نفسي، ورغم أن التشخيص الظاهري يُوحِي بأنَّك تُعانِي من الحِصَار المعرفي (الوسواس القهري)، ولكن من السذاجة أن يستنتج الموقع بصورة قاطعة أن هذا هو التشخيص الوحيد. حين تتوجَّه إلى طبيب نفساني فسيُطْلَب منك أضعاف المعلومات التي ذكرتها ويفحص الحالة العقلية ويصل إلى استنتاج قاطع.
توجَّه صَوْب استشاري في الطب النفسي لعلاج الاضطراب النفسي الذي تعاني منه. هناك رحلة علاج طويلة أمامك. ولا تقلق فإن هَوِيَّتَك الجنسية غير مثلية. أشد من قلقك حول الهوية الجنسية هو مرضك الطبنفسي.
وفقك الله.
ويتبع>>>>>: الخائف أن يكون شاذا : مطلوب التشخيص والعلاج م