متلخْبَط وغير مُحَدَّد ومُنتَهِي
أنا أهو ببعتلكم مرة كمان غير اللي بعَتَّهُم زمان، ودلوقتي أهو كبرت ٣٣ سنة، وتقدر تقول زي ما أنا، لسه مِتلَخْبَط، مش متأكد من حاجة، وحاسس إنِّي الحياة ثقيلة عليَّا، وأنا مُجَرَّد هفضل أَشْكِي وخلاص.
مسبتش الطب زي ما نصحتوني، لكن غيَّرْت التخصص بعد ما كنت قعدت في التخصص الأوَّلَاني حوالي سنة، كانت سنة من الاكتئاب والإجازات المَرَضِيَّة وطلب تخفيف العمل، وفي آخرها محاولة انتحار بِبَلْع كذا شريط من دواء "كويتابكس"، ووَدُّونِي المستشفى عَمَلُولي غسيل ورعاية يومين، كنت نايم بس محصلش حاجة تانية بعدها.
حوَّلت لتخَصُّص أشعة، وأنا فيه أهو داخل على السنة الساتَّة، وتقريبًا كأنِّي لِحَدّ دلوقتي لسَّه في الأول، بشتغل حالات خفيفة في السُّونار، والحاجات المُعَقَّدَة بحاول أتعلِّمها، لكنِّي مهما تعلَّمْت مبعرفش أشتغلها كويس بتلَخْبَط ومبعرفش أجمَّع وأَوْصَل لتشخيص غير بعد ما أكون سألت كذا حد من زمايلي. أنا في مستشفى مركزي مفيش حد فيها بيعَلِّم، كان قُدَّامي أروح مستشفيات وأماكن أكبر بس أنا بخاف من التعامل مع الناس والتعامل مع الدكاترة الأكبر مِنِّي، أنا أصلًا كتير بعَيَّط وبَحِسِّ بخوف شديد وأنا رايح المستشفى بتاعتي اللي مفروض فيها شغل خفيف.
رُحت في مركز كبير أراجِع بس التقارير، وحسِّيت بخوف شديد وثِقَل على نفسي وإن إزَّاي فيه ناس بتعرف تقول الكلام بالشكل ده! إزَّاي الناس بتتبقى شايلة علم في حاجات كتير وتكتب تقارير مِغَطِّيَّة كل حاجة في الجسم! هو أنا إزَّاي المفروض أبقى كده وأنا مبعرفش أتكلَّم وأعبَّر في العادي! أنا إزَّاي هبقى حافظ الحاجات دي كلها! تعقَّدت وكنت بروح وأنا حاسس بالرعب وخايف أشيل شغل أكبر من كده وخايف أغلط. كان كل مرة أحسّ برعب شديد وأنا رايح وأعيَّط جامد، فتَرَكْت المكان.
بروح أماكن برايفت أشتغل سونار، وفي الحالات المُعَقَّدَة أتلخبط وأَحْتَاس وأَعْرَق جامد. فيه أماكن مَشِّتْنِي عشان اللَّخْبَطَة وإنِّي بسأل كتير وبطيئ، وفيه ناس اشتَكِت مِنِّي لبطئي، وعشان كتبت حاجات غلط للدكاترة.
في أول نيابة الأشعة خطبت لفترة قصيرة، وهيَّ اللِّي فَسَخِت. يمكن بسببي أنا حاسس إني أقلّ منها، وغير إنِّي جالي اكتئاب أثناء الخطوبة بسبب كده، وبسبب إنِّي عرفت عيب جُسْمَانِي عندها خلَّانِي أشعر بالنُّفُور، وللأسف كان بِيْبَان عليَّا. هي فسخت، أنا كنت مُتَرَدِّد مش عارف أعمل إيه وحاسس فرصة وهتضيع، وبالفعل مخطبتش تاني من ساعتها، يعني عدَّى خمس سنين أهو.
أنا في أول النيابة بردو بعد فسخ الخطوبة حاولت أنتحر بنفس الطريقة الأولى، مش عشان الخطوبة لكن أنا حاسس إن مَفِيش فايدة فيَّا، أنا مش حاسس بحاجة، حاسس إنِّي أقل من الناس كلها، مش ذكي ومبعرفش أتكَلَّم ولَطْخ، ومعنديش حاجة أقدِّمها لغيري، ومبعرفش أعمل حاجة. دخلت المستشفى وقعدت أسبوعين في قسم النفسية مبعملش حاجة، باخد أدوية وقاعد في أوضتي وخلاص. أنا نفسي أبقى كده طول العمر، أنا مش قد أيِّ حاجة في الدنيا، شغلي قليل وده اللي بقدر عليه، لكنِّي أقل من غيري، غيري خلَّص نيابة، واللِّي سافر وعايش برَّه، واللِّي بيكسب كويس واللِّي عرف يسيب الطب ويشتغل في حاجة تانية، لكن أنا مزنوق مش عارف أعمل إيه.
بينصحوني أتجوِّز، بس أنا شايف إنِّي مليش مستقبل، هصرف منين وأوَدِّي مدارس؟ والمفروض أسافر عشان أبقى ماديًّا كويس، لكن اللي زيِّي ملوش سفر. كنت بعد الخطوبة تعرَّفت على زميلة لكن في محافظة تانية من على النت، وكانت بتتكلم معايا كل يوم لمدة شهور، ومقدرش أنكر إنِّي اتشَدِّيت ليها، وملقِتش حنان وحد يستحملني أو يحب يسمع كلامي اللي مالوش لازمة زيَّها. أنا كان نفسي أتقدِّملها ما دام كده، بس حاسس إنِّي أقل منها، هي في الجامعة وأنا يَدُوبَك عايش بالعافية وبمشي في التخصص بالعافية ومليش مستقبل. هي تقدَّمْلها حد ووافقت وخلاص تجوِّزت وخَلِّفِت.
بأُعْجَب ببنات، بس أنا بَحِسّ إنِّي قليل ومليش مستقبل، لازم واحدة واقعة ضايعة اللَّي ترضى بيَّا. دلوقتي كل ما يفتحوا موضوع الجواز بقعد أعيَّط وأحس إن مفيش مستقبل. أنا كبرت خلاص على كل حاجة، الجواز والشغل والحياة أكبر مِنِّي. أنا ليه لازم أعيش؟
مش عارف أقول إيه، حاسس إن ذكائي أقلِّ من اللِّي حواليَّا. يبان في الردود ورَدّ الفعل وأنهم يبادروا بالفعل مش رد فعل. أنا حاسس بحفظ حاجات جنب بعضها، مش فاهم على بعضها. قولولي أتكلم في أي حاجة معروفة وشوفوني هتكلم إزَّاي. هقول كلام محفوظ ولازم يكون حد قاله ليَّ. أنا ببساطة في العلاج النفسي بقالي كتير كأنِّي لسة في الأول، وفي الاشعة بقالي كتير كأني في الأوِّل.
طب أنا عامل إيه في التخصص؟
أنا زي ما بقول حاسس أنِّي زي ما أنا، في الأوِّل مش قادر أَلِمِّ حاجات كتير، بحفظ وخلاص، ومش قادر أحفظ طبعًا حاجات كتير زي غيري، غيري بيْعَدِّي. أنا بدخل امتحانات الماجستير كذا مرَّة على مُدَّة واحدة ومبنجحش، وفاضِلِّي فرصة واحدة يا إمَّا هيتلغي، ومبدأتش في حاجة في الرسالة، بيقولوا ليَّا موضوعك حلو بس مبدأتش، مِحتَاس ومِسْتَصْعب. أنا خايف أصلًا من إنِّي أكون أخصائي وأكون مسؤول وأنا حمار مش بفهم.
أنا بقعد مع أصحابي بَحِسّ إنِّي أقل منهم، بشوفهم عملوا إيه وخلَّصُوا إيه وأنا زي ما أنا. وأوقات ببقى مُجَرَّد خارج للخروج عشان أرَوَّح عن نفسي، بتْغَمّ جامد من مجرد كلامهم، بقول هما بيقولوا الكلام ده إزاي! هُمَّا إزاي فاهمين كده! أنا مبفهمش في حاجة، أنا مجرد بحفظ وخلاص للامتحانات، وأرجع كلام في الامتحانات، لكن أنا مبفهمش في الحياة.
أنا كنت بكَلِّمْكُم في الحاجات الدينية في الاستشارات اللِّي قبل كده، ومكنتوش بتيجوا ناحيتها، بس هي زي ما هي. أنا مش حاسس بالقرآن، وبقول إن مفيش اختيار، هو في القرآن "يُضِلُّ من يشاء ويهدي من يشاء" هو ربنا خالقنا بنفكر بطريقة معينة، هي اللي بيِطْلَع منها اختياراتنا، وبعد كده بيحاسبنا على كده؟!
أنا مَبَحِسِّش بحاجة من اللِّي ناس بتْحِسَّها في الدين، أنا مبتأَثَّرش بحاجة، أنا بَشُكّ في عَدْل ربنا، مش شايف عدل وأوِّلْهم معايا، ليه أبقى أقل واحد في وسط أهلي وأصحابي؟ ليه أنا ضايع ومليش مستقبل؟ ليه أنا بعيَّط وغبي وكل حاجة صعبة عليَّا؟
أنا بصَلِّي، بقَطَّع في الصلاة. يمكن أنا بصَلِّي احتياط، لكن مبَحِسِّش بحاجة الآخرة، بحِسَّ لا مُبَالَاة ناحيتها، مش عارف الكلام اللي في القرآن مبحِسُّوش حلو ولا وحش، يمكن بحس إنه مُبالَغ فيه، محاولة لظبط الدنيا عشان الناس تخاف وتتعدل في حياتها، لكن هل الآخرة حقيقية ولا لا؟ أشك، لكن أهو بصلي احتياط، ومبقدرش أنتظم.
الإباحية مُدْمِنْها، مش مِخَلِّيَاني أنتظم، بس ساعات ببَطَّل على خفيف، أقعد ٣ أسابيع ولَّا حاجة بس برجعلها، وفي الأثناء دي مبكونش بيور يعني، لا بتابع صور مثيرة وفيتشِيَّة.
أنا بقول خلاص هي الحياة انتهت على كده، مفيش جديد، المفروض أموت، وبقعد أعيّط كتير وصعبان عليَّا نفسي. مش عارف أعيش ليه أموت.
أنا أبويا رجع من السفر، بس بيقول دلوقت معهوش فلوس، وكل حاجة "أنا معيش مَعِيش"، وبيتخانق مع أمي طول الوقت، وده من زمان، وأمي بتقول بيعاملها زي الخدَّامة مش زوجة، ومن زمان بينهم خلافات عشان مشاكل جنسية. أنا بقول لنفسي "أهلي اللي تعبوا في الدنيا، وفي الآخر ده حالهم، فلوسهم قَلِّت ومش لاقْيِين، وأنا اللِّي خايب ومش نافع في حاجة مصيري إيه؟".
أنا بضرب لَخْمَة وأنا بقف في الاستقبال العام، وشغَّال بالمُسَكِّنات، وعروض وبتخانق كتير، وبعيَّط كتير من الضغط. مبعرفش أَرُد، مبعرفش أسترسل في الكلام في أي موقف. مبعرفش أَحِلّ ولا أَرْبُط، مبعرفش أتصَرَّف.
أنا معنديش اهتمامات، طول ما أنا قاعد بقرأ في الفيس بوك، وأقرأ بوستات وأقرأ التعليقات وأشوف الناس بتتخانق وتشتم بعضها. مبحبش أشوف أفلام إلَّا قليل، بقول هشوف حياة في الأفلام وناس بتعمل وتَسَوِّي وأنا مليش حياة.
قاعد في أوضة في شقِّتْنا مِلْيَانَة كَرَاكِيب. معظم الوقت وأنا قافل النور وقاعد تحت الغَطَا فاتح الموبايل على أي حاجة (فيسبوك، صور أو مواقع إباحية).
أنا في وسط الشغل فجأة بعَيَّط وأَحِسّ إن كل حاجة صعبة عليَّا، ومفيش مستقبل، والحياة انتهت على كده، وده مستوايا ومش هيتغير. نفسي تشوف مَلَامِح وِشِّي بتبقى عاملة إزاي (رعب وحزن).
أنا رُحْت كده لدكاترة كتير، وجرَّبْت كل الأدوية المُضَادَّة للاكتئاب في السوق، وخدت جلسات كهرباء، ورُحت جلسات جماعية، وعلاج جَدَلِي سلوكي، وروحت علاج دينامي، وروحت لدكاترة في محافظات مختلفة، وعملت اختبارات نفسية واختبارات ذكاء ونتيجتي متوسطة واكتئاب، واختبارات للفِصَام. مش عارف أنتم يمكن تفيدوني بإيه.
أنا رجعت لدكتور في محافظتي، وباخد أدوية كتير "فافرين وسوليان وأمتريل وسيركويل وسليبيز"، وكنت ماشي لفترة كبيرة على "إفيكسور" والدكتور قال لي أَغَيَّرُه لـ "باروكسيديب"،
واتفقنا على جلسات كهرباء، وهروح أعمل الفحوصات اللِّي قبلها.
22/4/2021
رد المستشار
شكرًا على رسالتك.
أجبت على استشارة لك قبل ستة أعوام، ونصحتك بالتَّوَقُّف عن ممارسة الطب وإصلاح ذاتك وتأهيل نفسك. لم يحدث ذلك، ولم يحصل أي تحسُّن في تكوينك النفسي وأدائك العملي والشخصي. بعد ذلك ابتَعَدَت مسيرتك العملية والشخصية والاجتماعية عن مسار هدفك في الحياة.
لم تُوَجِّه أي سؤال للمَوْقع في نهاية الرسالة، ويبدو أن هناك رحلة علاج جديدة، وعسى أن تتحول هذه إلى رحلة شفاء.
لا يستطيع الموقع التعليق على التشخيص والعلاج لأنَّ مَنْ فَحَصَك على أرض الواقع هو المُؤَهَّل لإبداء الرأي الصواب.
وفقك الله.
ويتبع>>>>>: الشخصية التجنبية فاشل أم حائر أم مكتئب ؟ م6