حصار معرفي أو وسواس قهري أنا تعبت! م
الخوف من الزواج ووساوس دينية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. دلوقتي يا دكتور أنا في فترة خطوبة، وخايفة من الخطوبة والزواج جدًّا، ومسيطر عليَّا إنِّي هتطَلَّق بعد الزواج وإنِّ الوسواس هيرجعلى تاني وإن اللي هتجوِّزُه مش هيستحملني، بالرغم إني حاليًا كويسة ومعنديش وساوس مِعَطَّلَة حياتي، وبسمع دورات عن الزواج كتير جدًّا علشان أعرف أختار صح، وحاسَّة أن الموضوع دخل في "Relationship OCD" وكل لمَّا بسمع حد اتطَلَّق أقعد أسأل إيه السبب وأستفسر بطريقة رهيبة علشان عايزة أتطَمِّن، وأكيد دي حاجة في علم الغيب.
كل كلامي عن الزواج سلبي، وكل يوم بدعي ربنا في الصلاة يرزقنى زوج صالح، ودايمًا فكرة في دماغي أن "أنتي كده عندك سوء ظن"، وأقعد أتخيَّل في دماغي أني أقعد مع حد تقدَّملي، وأتكلم في دماغي، واللي قدَّامي يرد عليًّا، وأعمل سنياريو كامل.
الموضوع تقريبًا يوميًّا، والسيناريوهات دي مش بس في موضوع الجواز، ولكن بعيد أي موضوع وبزَوِّد عليه حوار في دماغي. هل دا نوع منobsessive ruminations ولَّا أحلام يقظة؟
الموضوع ده مسبِّبْلي distraction رهيب، حتى في المذاكرة أبقى بذاكر وألاقي نفسي شردت. والمشكلة مش بحس بنفسي إلَّا بعد فترة، وأدرك أنّي بجْتَر أحداث حصلت أو أصلًا محصلتش.
زائد إن الوسواس الديني لسه مخلصش. كله pure O، يعني جالي من ناحية النِّقاب، وقعدت أبحث كتير في المسألة وأسمع شيوخ يقولوا "لو طِلِع فرض يوم القيامة" فيجيلي فَزَع أكتر، وكل لمَّا بشوف مُنْتَقِبَة في الشارع بنتبه لها وبسترجع الأفكار، ويعتبر بمشي مرَكِّزَة مع أي منتقبة، وشوية أقول عايزة ألبس النِّقَاب وشوية لا، شويَّة أقول "أنتي هتِتحَجِّجِي بالمرض إنك يا عيني تعبانة ومُتَرَدِّدة ومش عارفة تاخدي قرار، وأن السبب فيها مرضك. متعِشِيش دور الضحية. هل ده حُجَّة ليكِ عند ربنا؟". أنا مش حابَّة ألبس النقاب دلوقتي، بس عايزة ألبسه علشان خايفة ليِطْلَع فرض. أقعد أقول هقَوِّي إيماني علشان ألبسه عن اقتناع، بس بجد تعبت.
نقطة كمان وهو أنِّي سمعت دكتور اسمه عبد الرحمن ذاكر الهاشمي بيقول إن المؤمن لا يَمْرَض نفسيًّا، فده عمَلِّي جلد ذات وجالي ruminations وبقيت أفكر في الموضوع وأبحث كتير علشان أطَمِّن نفسي، وسمعت شيوخ كتير يقولوا "الطب النفسي بيستخدم طُرُق من الغرب ممكن فيها شرك" فاترَعَبت أكتر وبقيت أى حاجة أقرأها في علم النفس أكون مرعوبة لأكون كفرت. وسمعت شيخ بيقول "مفيش حاجة اسمها وسواس قهري، ومتسمعوش كلام الدكاترة النفسيين لأنهم جايبين الكلام من الغرب" فقَلِقْت أكتر. ودخلت على موقع قال عبارة "أنا عندي وسواس قهري" عبارة مُخالِفَة للعقيدة لأن الله هو القَهَّار، وقعدت أقنع نفسي بما أنِّي مُتَخَصِّصَة في اللُّغَوِيَّات إن "قهري" هنا معناها إلحاحي، وقرأت تعريفات الوسواس في كتاب دكتور وائل أبو هندي.
كل حاجة بقرأها دلوقتي ببقى عايزة أعرف هل مخالفة للشرع ولا لا، يعني أنا في كُلِّيِّتي بدرس فلسفة وعلم نفس وأدب ودراما وشعر، وأكيد بندرس حاجات فيها مخالفة لعقيدتنا، أقول يبقى "أنا كده عليَّا ذنب". وسمعت من بنت أنَّ مُحَفِّظَة قرآن قالتلها "تعليم البنت لغاية الجامعة ملوش لازمة"، وقعدت أبحث فلقيت إن العلوم الدنيوية مش المقصود بها في الحديث "طلب العلم فريضة" لأن العلم هنا مقصود به العلم الشرعي، ودايمًا بقول لو دي وساوس بس فيه ناس مش بيعانوا من الوساوس ومقتنعين بالأفكار دي وماشيين بها في حياتهم، يعني فيه ناس مش بتخلِّى بناتهم يكمِّلُوا تعليم، وفيه ناس بتتعَلِّم بس علم شرعي مش علم دنيوي، وفيه ناس لابسة النقاب لأنه فرض.
أنا كتبت الأفكار اللِّي بتدور في دماغي باستفاضة، بالرغم أن انشغالي بها عارفة أنه بيزوِّدْها، بس أنا عايزة أعترف فعلًا أن أنا مُنْشَغِلَة بها مش مُنْشَغِلَة عنها.
أنا تعبت ومبقتش عارفة أنا اللِّي مريضة ولّا كل الناس بتقعد تدَقَّق في كل حاجة بتعملها من ناحية الدين! وهل فعلًا الفتاوى الدينية على النت فيه منها خطأ لأنهم بيركزوا على كل فعل بنعمله، وبَحْثِي بيغَذِّي الوساوس؟ وهل الوساوس دي حَدّ مَرّ بها قبل كده؟
أنا آسفة على الإطالة،
وأود أن تكون الاستشارة مجهولة بدون اسم.
23/4/2021
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته أختي الغالية، وأهلًا وسهلًا بك في مجانين مرة أخرى
باختصار شديد: نعم إن ما بك هو مرض الوسواس، رسالتك من أولها إلى آخرها محشوة حشوًا بالوساوس، وليس على المريض حرج، عافاك الله.
لكن الذي تسبب لي بآلام في الرأس وضيق في التنفس تلك الأقوال الغبية التي أرهقتِ نفسك بقراءتها والتفكير فيها، كلها مبنيّ على جهل مركب، ظلمات بعضها فوق بعض، ليأتي أمثالك فيغرقوا في بحر من المعاناة.
من أراد أن يتعلم دينه فعليه أن يعرف عمن يأخذ، وقال محمد بن سيرين رحمه الله: (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم)، هلّا سألت علماء الأزهر الشريف؟ أو سمعت دروسهم على قناة أزهري؟ هلّا أرسلت أسئلتك إلى دور الفتوى الرسمية المعروفة؟
الإنترنت فيه الغثّ والسمين، والصالح والطالح، والصادق والمغرض، ولا يسلم من براثنه إلا صاحب اختصاص، أو صاحب خلفية علمية سليمة على أقل تقدير. حتى في المعلومات الطبية على النت تجدين تناقضات وكلامًا مضحكًا أحيانًا، ولا يستطيع معرفة الصحيح من السقيم إلا الأطباء!
أول خطأ فادح هو ما قلتِه أو ما نقلتِه: ماذا لو اكتشفت في الآخرة أن النقاب فرض!!! ما رأيك أن تذهبي إلى الإمام أبي حنيفة ومالك والشافعي، وتقولي لهم: ماذا لو اكتشفتم يوم القيامة أن النقاب فرض؟ هل ستضعون كل من اتبعكم في رقابكم إذ قلتم إن النقاب في أصله مسنون فقط؟!!
هذا أمر اجتهادي يا بنيتي، يقبل الله تعالى فيه أن تقلدي أي إمام عالم بالاجتهاد مستندًا إلى الأدلة في اجتهاده. وكما ترين فإن ثلاثة مذاهب تقول بالسنية ومذهب واحد يقول بالفرضية، وبأي مذهب أخذت فهذا مقبول ولن يلومك الله تعالى يوم القيامة، لأنك اتبعت مجتهدًا، وقمت بما كُلفت به.
أما من قال إن المؤمن لا يمرض نفسيًا، باعتباره طبيب نفسي لعله مثلًا يقصد التعاسة الناتجة عن عدم الرضى بالواقع، أو عن الحسد، وغير ذلك من أمراض النفوس التي من المفروض أن المؤمن قد طهر نفسه منها، ولعلك لم تصلك الفكرة جيدًا.
لا أظن أن طبيبًا نفسانيًا لم يزره متدين واحد على الأقل في عيادته. على أنه من المؤكد أن الإيمان يعين كثيرًا على اجتياز بعض الأمراض النفسية بشكل أسرع. أنا شخصيًا أعرف مشايخ وعلماء صالحين بارزين معهم أمراض نفسية ويتناولون الأدوية، وسمعت كذلك هذا الكلام من أحد الأطباء النفسيين. وذكر العلماء في سيرة حياة (ابن دقيق العيد) المتوفى عام 702 هجرية، وهو فقيه مالكي وشافعي، وعالم بالتفسير والحديث، ذكروا أنه كان موسوسًا وكانت له قصص عجيبة في الطهارات!
وكما يقولون: الوقوع أكبر دليل على الإمكان. وقوع حالات أصيب فيها المؤمنون بالأمراض النفسية، أكبر دليل على أن المؤمن يمكن أن يصيبه المرض النفسي. ومن ينكر ذلك إما جاهل، وإما متعصب لرأيه وإن خالف الواقع، وإما ضعيف الشخصية يخشى أن يهاجمه الناس إن خالف المتعارف بينهم....
وفضلًا راجعي قسم شبهات وردود ففيه الكثير من المقالات حول هذا.
أما الذي قال: لا يوجد شيء اسمه وسواس قهري لأن الله تعالى هو القهار، فقد جعل الدم يغلي في رأسي.....
عال!! ألم يقل الله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم: ((بالمؤمنين رؤوف رحيم))؟ فهل في هذا شرك لأن الرؤوف الرحيم هو الله؟ وعلى هذا أيضًا لا يجوز لأحد أن يقول لآخر مثلًا: أعطني القلم من فضلك. لأن الله هو المعطي المانع!!!
وابن حجر الهيتمي العالم الفقيه الذي الفتوى على قوله في المذهب الشافعي هل كان مشركًا حينما ذكر عبارة (الوسواس القهري) منذ 500 عام في كتابه تحفة المحتاج.
هذا جهل مطبق باللغة العربية واستخداماتها...، وبالفقه والعلوم الشرعية، ولا أدري كيف صدقتِ هذا الهراء...
وهذا الشيخ الذي لا يريدنا أن نصدق كلام الأطباء النفسانيين، من يريدنا أن نصدق؟ أمثاله ممن لم يقرأ كتب الفقه القديمة المعتمدة، وذكرها لعبارة (الوسواس القهري) كما هي؟ من فضلك ارجعي إلى مقال: منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري (1) لتقرئي مصداق هذا الكلام كله بالدليل
ثم يا حبيبة فؤادي، كيف تقررين أن عليك ذنبًا لدراستك الفلسفات القديمة المخالفة لعقيدتنا ونحو ذلك؟ ألم يدرس علماء المسلمين جميع العقائد الفاسدة ليردوا عليها؟ ألا ترين طلاب العلم يدرسون كلام الزائغين والملحدين وكيفية الرد عليهم؟ وهم بذلك يتقربون إلى الرحمن بطلبهم للعلم. ما المشكلة في أن تتعلمي الأقوال المنحرفة إن كنت لا تؤمنين بها؟!!
ثم كيف تقررين أن طلب العلم الدنيوي ليس بفريضة؟!!!
العلم الشرعي يقسم إلى قسمين: قسم هو فرض عين على كل مسلم، وهي أحكام ما يحتاجه في حياته. وقسم هو فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، وهو التوسع في العلوم الشرعية والتخصص فيها، لتعليم الناس ما يحتاجونه، ومعرفة أحكام المستجدات، والرد على الشبهات.
وأما العلم الدنيوي فهو فرض كفاية، يجب تعلم كل علم منه على فئة من الناس بحيث يكون عددهم كافيًا لتسيير أمور الحياة، فإن قصروا في ذلك أثم كل قادر على التعلم ولم يفعل. وتصبح العلوم الدنيوية طاعة يثاب الإنسان عليها إذا نوى بالتعلم طاعة الله تعالى والقيام بفرض الكفاية.
فأين هذا مما تستنتجينه وتقولينه؟!!!!
ثم ماذا يهمنا قول من قال إنه لا داعي لإكمال البنت تعليمها إذا كان الشرع والعقل والواقع يقول بخطأ رأيهم؟ أكلما قال أحدهم قولًا أعطيته أذنك وصدقتِه؟!!! ما هذا الوسواس الأهبل؟
أنت تعلمين أنها وساوس، وأنها مرض، وأن انشغالك بها والبحث فيها يزيدها، ومع هذا تركت نفسك ليتلاعب بك الوسواس كما شاء! إياك أن تبحثي بعد الآن في الأمور الشرعية، أو أن تقرئي لكل من هب ودب. تعلمي كيفية صلاتك وسائر عباداتك، والأصول الأساسية في العقيدة، وإذا احتجت شيئًا في المعاملات ونحوها، فاسألي علماء الأزهر وأمثالهم، ولا تكرري السؤال على غيرهم، واتركي البحث في الباقي... ما دام يضرك ذلك فأنت ممنوعة منه كما يمنع مريض السكري من أكل الحلويات، بينما لا يمنع منها الأصحاء.
أرجو أن تعودي لتطبيق العلاج المعرفي السلوكي بحزم، ولا ترجعي إلى الوراء بعد أن أكرمك الله تعالى بالتحسن
أخذ الله بيدك وأعانك
ويتبع>>>> : حصار معرفي أو وسواس قهري أنا تعبت ! م2