ممكن ترد علي يا دكتور ؟
أتمنى مساعدتي في حَلِّ مشكلتي،
مرحبًا. سوف أحاول اختصار مشكلاتي بِقَدر استطاعتي. أنا عمري 27 عامًا، أعيش في دولة أوروبيَّة. لديَّ مشاكل في تكوين الصداقات، أكره الناس، أكره عائلتي وخصوصًا والدي الذي لم أتحدَّث معه من 12 عامًا. أَعِيل عائلتي منذ 11 عامًا. لديَّ خوف من أن الناس تُحاوِل استغلالي، حَذِر جدًّا في كلامي وأفعالي. أَعزَب بدون أيّ قصّة حُبّ. مُنغَمِس بالعلم، وأرى وأُفَسِّر كل شيء بشكل علمي.
أصبحت أخاف من أن أُؤذي أصدقائي، أشعر دائمًا برغبة في أَذِيَّتِهم جسديًّا بدون نِيَّة مُسْبَقَة، على الرغم من أنَّهم وَدُودِين وجَيِّدين معي. مُشَتَّت الأفكار وأشعر برغبة قوية بالانتحار، حاولت من قبل ولم أنجح. قَلِق ومُضطَرِب. مُتَخَوِّف دائمًا من المستقبل، وكثير التفكير بالماضي.
عِشْتُ طفولة سيِّئَة، لا أُسامِح أحدًا. عندي العديد من اللغات ومُتَمَكِّن فيها، لكنِّي أَجِدُ صعوبة في التكلم مع الناس حتى بِلُغَتِي الأم، أو مُحاورتهم. أشعر دائمًا بأنِّي سيء الحَظّ على الرغم من اجتهادي وسَعْيِي وراء أحلامي.
بالأخير أعتذر عن رَكاكة لُغَتِي، وكتابة رسالتي بشكل غير مُرَتَّب، لكني أَمُرُّ بظروف صعبة.
أتمني أن تُخبِرُوني ما هي مشكلتي، وما هو علاجها.
19/5/2021
رد المستشار
صديقي، إن كنت تكره البشر فبالضرورة أنت تكره نفسك، وبالتالي فمن البديهي أنَّ تَكوِين الصداقات يُصبِحُ صعبًا.
غضبك من والدك، ومِن فرض مسؤولية إِعَالَة العائلة في سِنٍّ صغيرة هو غضب مُبَرَّر، ولكن لا يجب أن يَهدِمَ كل شيء في الحياة. تقول "مُنَغَمِسٌ بالعلم، وأرى وأُفَسِّر كل شيء بشكل علمي". كيف؟ لماذا لا تُطَبِّق العلم في الوصول إلى ما تريد؟
تقول أن تكوين الصداقات صعب، ولكنك تتحدث عن أصدقاء ودُودِين وجيدين. أين الحقيقة؟ أيهما؟ وإن كنت تريد صداقات جديدة، فما هي نوعية الأصدقاء الجُدُد التي تريدها؟ من هم الجدد الذين تريد أن تُصادِقَهُمصديقي، إن كنت تكره البشر فبالضرورة أنت تكره نفسك، وبالتالي فمن البديهي أنَّ تَكوِين الصداقات يُصبِحُ صعبًا.
غضبك من والدك، ومِن فرض مسؤولية إِعَالَة العائلة في سِنٍّ صغيرة هو غضب مُبَرَّر، ولكن لا يجب أن يَهدِمَ كل شيء في الحياة. تقول "مُنَغَمِسٌ بالعلم، وأرى وأُفَسِّر كل شيء بشكل علمي". كيف؟ لماذا لا تُطَبِّق العلم في الوصول إلى ما تريد؟
تقول أن تكوين الصداقات صعب، ولكنك تتحدث عن أصدقاء ودُودِين وجيدين. أين الحقيقة؟ أيهما؟ وإن كنت تريد صداقات جديدة، فما هي نوعية الأصدقاء الجُدُد التي تريدها؟ من هم الجدد الذين تريد أن تُصادِقَهُم؟ ما الذي يعجبك فيهم ويُثِيرُ اهتمامك؟ ولماذا هو من الصعب تكوين صداقات إن كان لديك أي شيء مشترك بينك وبين الآخر؟ أين الصعوبة إن لم تَكُن مِن صُنعِكَ؟
تخاف وتقلق وتضطَرِب، ومع ذلك تفكر في الدمار الأعظم وهو الانتحار. كيف؟ ولماذا؟ تقول حاولت ولكن لم تنجح. هذا معناه في الحقيقة أنك تريد الحياة. المُنتَحِرُون يُوَجِّهُون عُنفًا نحو من يُحِبُّون المنتحرين (حتى وإن لم يعوا بهذا)، وفي الحقيقة ستستمر الحياة لِمَن هُم على قيد الحياة بعد القليل من الحزن والحِدَاد على المُنتَحِر، وفقط.
ما هو الصعب الشديد الذي تريد الهروب منه بالانتحار؟ الأوقع أن تُقدِمَ على صُنعِ حياة جديدة وأفكار جديدة وتجارب جديدة بنَّاءَة، بدلًا من إنهاء الحياة بعنف نحو الآخرين. الحياة قصيرة مهما طالت، وبالتالي: فِيمَ العَجَلَة أو الاستعجال؟ سوف نموت جميعًا يا سيدي في أقل من ستة وثلاثين ألفًا وخمسمائة يوم (مائة عام)، وهو رقم تافه في عمر كوكب الأرض، ورقم أَتفَه في عمر الكون.
ما فائدة التفكير في الماضي وعدم مُسامَحَة أحد؟ عدم المسامحة يجعلك كَمَن يشرب السُّمَّ كل يوم وهو يأمل أن يموت شخصًا آخر. منتهى الغباء، أليس كذلك؟ ولكن عدم المُسَامَحَة تُبقِيكَ في دور الضحية أو في دور المظلوم. هذا ليس له فائدة إلَّا إحساس وَهْمِي بالقيمة المُزَيَّفَة، وبديل رخيص للحب اسمه "الشفقة" تعطيه لنفسك، وتريده من الآخرين.
لماذا وأنت في بلد أوروبية لا تتعرف بنساء عِدَّة لتختار منهن من تُوَائِمُك في علاقة حب وزواج؟! في أوروبا ليس من الصعب أن تتعرف على الفتيات، ولكنك تجعل هذا مستحيلًا بسبب ما تقوله لنفسك عن نفسك وعن الحياة، وهو أيضًا ما يجعلك تيأس وتفكر في الانتحار. يجب أن تُقدِمَ على التعارف بدون خطط للارتباط أو أن تتعلق بك الفتاة أو أن تكون في حالة من يتَسَوَّل القبول والعواطف والرضا. هذا ليس بِمُغْرٍ للنساء على الإطلاق. تعرَّف عليهن كَبَشَر أولًا، وليس كنساء.
الحظّ عمومًا هو التقاء الاستعداد بالفرصة. إذا ما أقنعت نفسك بسوء حظك فسوف تحصل على المزيد من سوء الحظ، وإن أقنعت نفسك بالخير الموجود في حياتك وامتَنَنْتَ لوجوده فسوف تحصل على المزيد من الحظ السعيد. الحظ السعيد لا يعني مُطلقًا أن تحصل على شيء بدون مقابل أو بدون تغيير ما بنفسك من أفكار وعادات في الفعل والتفكير. إن لم تَكُن مُستَعِدًّا للتعرُّف على الفرصة وكيفية استخدامها فلا وجود إلَّا للحظ السيء. تخيَّل حيوانًا وجد حقيبة بها مليار دولار، هل سيعرف ما هي وكيف يستخدمها؟ الحظ هنا لا فائدة له بدون الاستعداد والفعل.
يجب أن تُرَاجِعَ مُعالِجًا نفسيًّا لمناقشة هذه الأمور وتنمية مهارات التواصل، وتكوين الصداقات والعلاقات الصحية مع نفسك ومع الآخرين.
وفقك الله وإيَّانا لِمَا فيه الخير والصواب.
واقرأ أيضًا:
أكره الخير للناس : غير نظرتك لنفسك !
نظام عائلات!! أكره نفسي والناس والحياة
أبي جعلني أكره الناس
أكره الخير للناس هل هو اكتئاب؟