الأفكار الوسواسية
أتمنى مساعدتني في إيجاد الحل بأسرع وقت ممكن
1/7/2021
ثم أرسلت تقول:
الوساوس والأفكار
مشكلتي سأتَحَدَّث عنها من البداية، وأتمَنَّى المساعدة. أنا غَلَبَنِي الشيطان وكُنت مُتهَاوِنَة في صلاتي، وجميعًا نعلم أنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمُنكَر، فأنا كنت مُتهاوِنَة في الصلاة، فأكيد أنِّي عملت العديد من الذنوب، وهذه الذنوب منها الكبائر وذُنُوب الخَلَوَات (لا مُجاهَرَة بالمعصِيَة، ولكن أَسرُدُها لعَلَّها تساعد في الحل)، وكنت أعمل العادة السِّرِّيَّة ولم أعلم ما هي أساسًا، ولا كنت أعلم أنَّ الذي أعمله هو العادة بالنفس.
الحمد لله بدأت في الرجوع إلى الله بالصلاة ولا أترُكُها أبدًا، وتبت من كل الذنوب، وحتى ذُنُوب الخَلَوَات، لكن كنت أعمل العادة.
من فترة بسيطة بدأت مَعِي أعراض لا أعلم ما هي، ولكن كنت أقرأ القرآن، وأتاني أَمْر أنِّي أَضَع رجلي على المُصحَف والعياذ بالله، وهذا الشيء أخافَنَي كثيرًا، وبدأت أُصَلِّي وأَدْعُو الله أَنْ يُخَلِّصَنِي منه. وتذكَّرت أنِّي كنت أعمل بعض الذنوب، وبدأت من هنا وعاهدت نفسي ألَّا أَرْجِع في عمل هذه الذنوب، ولكن هذه الوسواس بدَأت تزداد وتُذَكِّرُني بذنوبي القديمة. وأبدأ بالخوف والبكاء أنَّ الله لم يقبَل توبتي، وأتساءَل كيف فعلت هذه الأمور!
بدأت أقرأ عن الموضوع، وفهمت أنَّه وسواس قهري، فبدأت بالرياضة، وأُحاوِل جاهِدَة ألَّا أَسْمَع لهذه الوسواس، ولكن لا فائدة، فقد زادت لديَّ حتى أصبحت تأتيني أفكار جنسية وخيالات جنسية في الصلاة وعند قراءة القرآن، وأيضًا عند رؤية مَحَارِمِي، وكلَّما أَرَى أبي وأخي تزداد هذه الأفكار والتَّخَيُّلات. وأيضًا حتى عند قراءة الأدعِيَة، أو حتى عند السَّماع عن صفات الله أو أي شيء يَخُصُّ الله والعياذ بالله.
وقد تَعِبْتُ منها؛ حيث بدأ يأيتني أيضًا خوف وقَلَق ووَجَع في القلب. من كُثر ما هذا الشيء أَتْعَبَنِي أصحبت إنسانة ثانية، لا أُحِبُّ الأكل، ولا أُحِبُّ الدراسة، ولا أحب أن أجلس مع أهلي. أصبحت أتضايق من نفسي، وأخاف أنَّ هذا الشيء عقاب من ربِّي بسبب كَثْرَة ذنوبي. دائمًا أُذَكِّر نفسي أنَّ الله إذا كان لا يُحِبُّنِي كان جعلني في مَعْصِيَتِه ولم أَقُم بالتوبة، فأرتاح قليلًا، وبعدها تأتيني الوساوس مرَّة أخرى.
عِلمًا أنَّ الأفكار الجنسية والخيالات والخوف والقلق والبكاء يزداد عند قُرْبِ الدورة الشهرية، وحتَّى وقت الدَّوْرَة؛ لأنِّي لا أستطيع الصلاة. وأنا كُلَّما تأتيني هذه الأفكار أذهب للصَّلاة لَعَلَّ هذا يُخَفِّف الأمر.
ساعدوني كيف أتخَلَّص من هذا الأمر.
ولكم الشكر
1/7/2021
ثم أرسلت تقول:
تابع للاستشارة
فقط أريد أن أُضِيفُ إلى استشارتي السابقة أنَّه عند الأفكار الجنسية، أو حتى بدون الأفكار تأتيني آلام وحَرَقَان في المِهْبَل وكأَنَّ الشَّهْوَة قد تحَرَّكَت. هل هذا شيء نفسي؟ أم بسبب الهرومونات؟
ومثلما قلت سابِقًا تزداد هذه الحالة وقت الدروة،
أو الوقت الذي قبل الدَّوْرَة.
1/7/2021
رد المستشار
أهلًا وسهلًا بك وباستشارتك يا "بَيَان" على موقعك مجانين.
قبل كل شيء، دَعْكِ من رَبْطِ الوسواس بقبول تَوْبَتِك ونحو ذلك. الوسواس مَرَض كَسَائِر الأمراض والابتلاءات مهما كان مُحتَوَاه، فهو يُكَفِّر السَّيِّئات لقوله_صلى الله عليه وسلم_: "ما يُصِيب المسلم من نَصَبٍ، ولا وَصَب، ولا هَمٍّ ولا حَزَن، ولا أذى ولا غَمٍّ، حتى الشَّوْكَة يُشاكُها، إلَّا كَفَّر الله بها من خطاياه" [متفق عليه]. فإذا قابل المسلم هذا البلاء بالصبر والاحتساب وطلب الأجر من الله تعالى، أَخَذ أجر صَبْرِه زيادة على التكفير، أي يكسب الأمرين: المغفرة والأجر.
وأَشَدُّ ما يُؤلِمُنِي ويَحُزّ في نفسي، أولئك المُنَفِّرُون الذين يجعلون الذنوب لَعْنَة تُطارِد صاحبها إلى يوم القيامة، ويقولون على الله ما لا يعلمون. لم أرَ هذه اللعنة الدائمة إلَّا في مَلاحِم وأساطير آلهة اليونان، أمَّا الله _سبحانه_ فقد خلق الخلق ليعرفوه ويَنْعَمُوا بمَحَبَّتِه، ويسعدوا بدخول جَنَّتِه.
كيف لا يَقْبَل الله توبة العبد وهو كما قال _صلى الله عليه وسلم_: "الله أَفْرَح بتَوْبَة عَبْده من أحدكم سَقَط على بَعِيره، وقد أَضَلَّه في أرضٍ فَلَاة" [متفق عليه]؟! أيُعقَل أن يفرح بالتوبة ثم لا يقبلها؟! ما هذا المنطق؟! ألستِ عبدًا قد تاب؟ إذن الله أفرح بتوبتك، من ذلك الرجل الذي أضاع دابته في صحراء، ثم وجدها فجأة. ومعنى أفرح في حق الله _تعالى_: أي أَشَدُّ رِضَىً وقُبُولًا.
وقال _صلى الله عليه وسلم_: "وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ" [رواه مسلم]. الذنب مُلازِم للإنسان، ولا مَعْصُوم سِوَى الأنبياء. والمطلوب التوبة والإقبال إلى الله تعالى ليفوز الإنسان بالمغفرة والرضوان. وفي الحديث القُدُسِي قال _صلى الله عليه وسلم_: يقول الله تعالى: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً" [متفق عليه]. فالله يقبِلُ على الطائعين التائبين، ويتقرَّب إليهم برحمته ومَعُونَتِه، وكلما زادوا قُرْبَى زادت الرحمة حتى يَصُبُّها الله _تعالى_ على العبد صَبًا. هذا هو الله كما يُحَدِّثُنا هو عن نفسه، في كتابه وعلى لسان نبيه. وهذا ما يجب أنْ تَظُنِّيه به سبحانه.
تابِعِي التجاهُل _رعاكِ الله ووفقك_. إذا أتاكِ وسواس يُهِينُ الدِّين لا يَهُم؛ لأنه لا يُعَبِّر عن إيمانك وعن ذاتك، إنَّه مرض وحسب، لعل الشيطان يَسْتَغِلُّه ليُلْقِي إليكِ أفكارًا تُقَنِّطُك من رحمة الله تعالى، فلا تُطِيعِيه، وافرحي أنَّ الله _تعالى_ يرفع درجاتك لصبرك وإقبالك عليه. كذلك الأفكار الجنسية أيًّا كان موضوعها، لا تهتمي بها ولا تخافي؛ فالأفكار وحدها لا عقاب عليها، وباعتبار أنك تكرهينها، وباعتبار أنها مرض وابتلاء، فأنتِ تُثابِين عليها. والمفروض أن تفرحي وتستبشري عند زيادة الأجر، لا أن تحزني وتُصَلِّي إلى الاكتئاب فتَفْقِدي المتعة في الحياة والرغبة في الطعام، ويُلازِمُكِ البكاء. لقد أَضفْتِ مرضًا آخر إلى مرضك، وظَنُّنا بالله أنْ يُضِيفُ إلى أجركِ أجورًا كثيرة.
من الطبيعي أن تزداد الأعراض قبل وأثناء الدورة الشهرية؛ لاختلاف الهرمونات. فلا تخافي من ذلك، ولا تُدَقِّقي في الأحاسيس، وَدَعِي كل شيء يَمُرُّ ببساطة، ودعي التفكير المُعَقَّد والغَوْص والتدقيق المُفرِط في حركاتك وسَكَنَاتِك الباطنة والظاهرة، والنفسية والجسدية. الحياة أبسط مِمَّا تَظُنِّين، والدين دين الفطرة والرحمة، لا التعقيد والغضب والطَّرد. فلا تُرهِقِي نفسك، وارحميها.
إذن اتفقنا: لا تجعلي الوسواس مِقياسًا لإيمانك، فأنت هي الفتاة التي تابت ورجعت إلى الله والتزمت بالصلاة، ولست الفتاة المُتَفَلِّتَة التي تُهِين الدين وتتَعَمَّد المعاصي. إنَّه الوسواس، أي المرض، أي العذر الذي جَعَل للمُوَسْوِسِين أحكامًا خاصة في الشريعة. لو لم يَكُن الوسواس مرضًا وعُذرًا عند الله _تعالى_ لَمَا خفَّفَ على صاحبه في الأحكام كَمَا يُخَفِّفُ على مرضى الأجساد. ليس من الضروري أن تشعري بالطمأنينة، ليست ضرورية، أنت مؤمنة وصابرة وإنْ لم تشَعْرُيِ.
كذلك اتفقنا: افرحي كلما زادت الوساوس، قولي لها: "تعالى وارْتَعِي في رأسي وصدري ما شئتِ. شكرًا لك؛ أنتِ تزيدين من حسناتي، وتُكَفِّرين سيئاتي، وأيُّ رِبْحٍ أكبر من هذا؟".
وأخيرًا: استمري في التجاهل، واذهبي إلى الطبيب ليس لعلاج الوسواس فحسب، وإنما لعلاج الاكتئاب أيضًا. هذا مهم يا عزيزتي. وبإذن الله ستكون العاقبة خيرًا وشفاء.
وفقكِ الله.