السلام عليكم.
أنا فتاة في الـ25 من العمر. عندما بدأتُ أُصَلِّي أصابني وسواس الشك في العقيدة والدين، ودخلتُ في حالة اكتئاب، ومِن ثم سألت شخصًا فأخبرني أنَّ هذا سببه الشيطان، وعليَّ ألَّا أستسلم، ففرِحتُ وظننتُ أني شُفيت، لكني لم أُشفَ، فقط كان تغيُّر الوسواس إلى إحساس بالذنب في كل شيء، فعندما آكل أو أدرُس أحس بالذنب؛ لأنَّ هناك فقراءَ لا يأكلون، أو أنَّهُم ليسوا مُتَفَوِّقِين في الدراسة! وبَقِيتُ مُدَّة شهر كامل مُصابَة بالأَرَق.
ذهبت إلى طبيب نفسي، فوَصَف لي دواء "زولفت" جُرعَة حَبَّة لمدة شهر، وتضاعفت إلى حبتين. وأتناوله إلى الآن، لكن لم يتغير شيء، فقد انتقلت من وسواس الأفكار إلى وسواس الخوف من التَّكبُّر على الناس، مع العلم أنِّي لا أُحِبُّ المُتَكَبِّرين، لكني صِرْتُ أَشُكُّ، وشَمِلَ هذا الوسواس دراستي، فَصِرْتُ أُحِسُّ بالذنب، وأنِّي لا يجب أن أكون مُتَفَوِّقَة!
دَخَلْتُ في حالة اكتئاب بسبب وسواس كبير، وهو أنِّي صِرْتُ أفكِّر كثيرًا في الشيطان، ولم أَعُد أستطيع فَهم الأمور من حولي، حتى عندما أتحَدَّث مع شخص، أُفَكِّر "ماذا لو أنَّ الذي يقوله من الشيطان؟".
لم أعُد أستطيع فَهم الأساتذة مهما حاولت التركيز أثناء الشرح، ولا أستطيع حَلَّ المسائل في الدراسة. وكذلك لم أَعُد أُفَرِّق بين الإنسان الخَلُوق والإنسان المُنحَرِف، يعني لا أُمانِعُ أنْ أُصاحِبُ أيَّ بنت في المَعْهَد.
صِرْتُ أَمْشِي بِلا وَعْي. أبكي طول اليوم على حال والديَّ وأَمَلُهُم فيَّ أنْ أنجح وأُفَرِّحَهُم، وأنا في حالتي هذه. تمَنَّيْتُ لَوْ أنَّ هذا كله لم يحدُث، فقد ضَعُفَت شخصيتي جدًّا، ولا أثق في نفسي، ولا أستطيع أن أَجِدَ حَلًّا لنفسي. حتى ذاكِرَتِي تَرَاجَعَت؛ لأنِّي لم أَعُد أستخدم دماغي. فما الحل؟
لَمَسْتُ في رُدُودِكم العَمَلِيَّة والإخلاص. أنتظر مُسَاعَدَتَكُم.
ولَكُم مِنِّي كُلُّ التقدير والشُّكر.
4/7/2021
رد المستشار
الابنة الفاضلة "سناء" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، ومتابعتك خدمة استشارات مجانين بالموقع.
على خلفية تعمقية مؤلمة من الخوف من الذنب الذي يشبه البحث عنه (أي عن الذنب) يجيء اكتئابك يا "سناء" فلديك حالة من الوسواس القهري التعمقي Scrupulosity OCD والذي نسميه وسواس الذنب التعمق القهري و.ذ.ت.ق.
والذي يتميز المريض فيه بفرط الحساسية للذنوب، مع نزوع للشعور بالذنب وفرط المسؤولية، وتراه يبالغ في تقييم الأثر الديني للخطايا مع تقليل أثر التوبة، ويفرط في محاولة تنقية الإيمان والمال، وغالبا يرفض الأخذ بالرخص الدينية (ما دمت أستطيع ولو بمشقة فليست لي رخصة)..... وفي خلفية ذلك نجد الميل إلى اعتبار أو توقع "الله" سبحانه كقاض قاس مدقق وليس كوالد رحيم !! و/أو الواضح الاكتمال كلا مكتمل، و/أو الطاهر كلا مكتمل الطهارة أو نجس، و/أو المفاهيم والواجبات الدينية اليسيرة كمهام شاقة صعبة الأداء.
معنى هذا أن لدينا مريضا يستشعر الذنب مثلا من تخيل أنه يدوس على الكائنات غير المرئية أثناء سيره (وساوس) ويظل يسأل (قهور) وهو في ألم صادق عن حكم هذا وعن طرق تحاشيه (قهور) وهكذا...
وليس الشعور العميق بالذنب ودوران حياة الإنسان حوله بأقرب للوسوسة منه لاضطرابات الاكتئاب وأنت وسوست فاكتئبت فوسوست فاكتأبت.... فوصلت الآن إلى اكتئاب جسيم ظهرت أعراضه المعرفية التي تكاد تعيقك عن دراستك وحياتك....
بالتالي فإن الأمر الذي لابد منه لتعودي إلى حالتك الطبيعية هو التعامل مع الاكتئاب
ثم تحتاجين بعد ذلك للعمل المعرفي السلوكي على بعض سمات الشخصية وعلى أعراض الوسواس القهري التي تبقى بعد ذلك.ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.