طلب استشارة عاجل: إنِّي في حالة يُرثَى لها
السلام عليكم، وبعد. أنا شاب عمري 29 سنة، أحببت فتاة حُبًّا كبيرًا، وتقَدَّمت لِخِطْبَتِها بعد 6 أشهر من تَعارُفِنَا. الفتاة من عائلة جيدة، أعرف والديها جيًّدا، نِعمَ الوالدين. المشكل هو أنَّها كانت على علاقة مع شاب لمدة طويلة، وكنت أعرف هذا منذ البداية، لكنها لم تُصارِحني بِمَا فَعَلت معه خَشْية أن أفهمها بمَنظُور خاطئ على حَسب قولها.
مَرَّت الأيام بعد خِطبَتِنَا، إلى أنْ اتَّصَل بها ذلك الشاب وقام بتهديدها بفَضْحِها ونَشْر صُوَرِها، ثم اتَّصل بي وقال لي أشياء يا ليته لم يَقُلها. فقد قال لي أنَّه مارس معها الجنس من الدَّبُر، وأنَّ له معها صورًا وفيديوهات، وشَتَمَنِي ونَعَتَنِي بأقبح عبارات السَّبِّ والشَّتْم وأنِّي لست برجل لأنِّي تقَدَّمت لِخِطْبَتِها دون أن أستفسر عن شيء.
تكلَّمت معها في هذا الموضوع، وصارَحَتْني بِمَا فَعَلت وأنَّها لم تُرِد إخباري لأنَّها خافت أن أَبْتَعِد عنها أو أنظر إليها بنظرة سيئة، وأنَّها نادِمَة على ما فَعَلَت، وأنَّها تُحِبُّني، وأنَّها عَرِفَت قيمة الحب معي خاصةً أنِّي وقفت معها في أكثر أوقاتها أَلَماً (لأنَّها تُعانِي من بِطانَةِ الرَّحِم المُهاجِرَة، و هناك احتمال ضئيل أن تَحمَلَ بِطِفل). وقفت معها، وكنت لها سَنَداً، وقَبِلْت بِمَرَضِها لأنَّ الأولاد رزق من الله تعالى، وليس بِيَدِنا حِيلَة. كان هذا قبل أن أعلم بكل شيء، ولكني الآن جَدُّ مُتَرَدِّد؛ أولَا لأنَّها أَخْفَت عَنِّي الموضوع، ثانيًا أنِّي مُتَرَدِّد بسبب ألَّا تستمتع مَعِي بالجنس المِهْبَلِي بعد الزواج (أخاف أن تكون لذَّتَها في الجنس من الدبر)، أخاف أن أَشمَئِزَّ مِنها بعد الزواج، أخاف من أن أَتَذَكَّر كل ما قاله لي ذلك الشاب وأنا على فِرَاش الزوجية معها.
تغاضَيْت عن الموضوع أمامها، لكنِّي جَدُّ مُتردد. أرجو منكم النصيحة وإرشادي إلى طريق مُنير لأنِّي في حالة نفسية جَدُّ صعبة هذه الأيام.
أرجو منكم الرَّدّ في أسرع وقت.
27/6/2021
رد المستشار
أهلا بك يا "علي" على موقع مجانين للصحة النفسية.
أتفهم الوضع المحرج الذي أنت فيه، وقوفك معها في مشاكلها يعكس شهامتك وإخلاصك، وأتمنى لو كان الأمر أسهل فيما يخص "مشاكل الماضي الجنسي للبنت" لأنها تقبلها صعب على رجل عربي حتى لو كان هو نفسه ذو ماضي أكثر "فجورا منها".
بعض تخوفاتك لا أساس لها من الصحة، مثل عدم الاستمتاع بالجنس بالمهبلي والإدمان على الجنس من الدبر، بيولوجيا هذا صعب التحقق، خصوصا مع تجربة واحدة أو عدة تجارب وليس عبارة عن سنوات من الممارسة. فدع عنك هذا التخوف، أما عن كونها أخفت عنك ذلك، أليس هذا واضحا؟ ربما تتخيل أنّها كذابة لذلك أخفت عنك هذا؟ لكن الأمر لا يعكس صفة الكذب فيها بقدر ما يعكس تخوفا كبيرا بخصوص موضوع حساس جدا، كما قد تخفي عليها أنت أيضا شيئا حساسة دون أن تكون بالضرورة كذّابا، وواضح أن الإفصاح عن ماضيها الجنسي ليس سهلا لأنها تعرف ردة فعل الرجال. خطأ مثل ذلك لا يُغتفر في مجتمع عربيّ. أما الشاب الذي يمارس الابتزاز ويخبرك بما حصل بينهما ويهدد بفضحها بالصور ويعطي لنفسه الحق بالاتصال بشخص غريب ليُعطي موعظة في الرجولة والأخلاق ويسبّه ويشتمه...... فهذا لم يرتكب شيئا، وتأمّل نفسك، وهو يسبّ فيك شعرتَ بالصدمة وأخذت كلامه على محمل الجدّ، وسمحت له بأن يتحدث عن "الرجولة" ولم تنتبه أنه هو الذي تنعدم فيه الرجولة بل الإنسانية، هو النذل الحقير.... لتعلم أنّك أنت نفسك لم يخطر على بالك أن تحاسبه وبدأت تشك في نفسك أنت !!
معيار الرجولة في مجتمعاتنا المريضة تتمحور حول الفحولة وانتهاك الأعراض واستباحة العذراء، فإن هو فعل هذا ولم تفعله أنت صار هو رجلا وأنت "شماتة" وأقل رجولة منه إن أنت ارتبطت وسترت على البنت! وهو يُعربد في المجتمع بقصته ونذالته وحقارته ويمكنه أن يخبر بها من شاء دون خجل ولا خوف من أن يحتقره أحد أو يهجره الناس أو يسبونه أو يرفضون تزويجه كما سيفعلون مع تلك البنت! فدعك من ذلك الحقير فالرجل هو أنت الذي أحب بصدق ووقف معها رغم أنها قد لا تكون أمّا، ويتردد رغم معرفتها بماضيها.
لكنّي رغم هذا قد أقف معك في نقطة مهمة وهي نفورك الجنسي منها، ونفسيتك أنت معها أو منّك عليها وقت المشاكل التي لا بد أن تقع بينكم في حالة تزوجتما، أي أنّك حتى لو حسبتها بالعقل والمنطق والأخلاق ستجد أن الستر عليها والاستمرار معها لن يضر علاقتك العاطفية والجنسية ولا ينقص منك شيئا، وسيكون حلا لذلك الحقير لأنه لن يجد ضدها شيئا ما دام زوجها الذي تزوجها يعرف كل شيء وتبا له آنذاك. لكن المشكل هو أنه نفسيا قد يكون إحساسك مختلفا تماما، قد لا يتتجاوز هذه المشاعر، قد تعيش معك كشبح يقض مضجعك، وكلما نظرت لزوجتك نظرت لها وكأنها عاهرة!
هذا ما أخاف منه لأن جهلك بما حصل أفضل من معرفته في هذه الحالة والتعايش مع فكرة أنها كانت في علاقة مع شاب بشكل عام أسهل من التعايش مع التفاصيل الجنسية المخزية لتلك العلاقة.
فنصيحتي كالتالي: ترددك شيء مشروع وهو نوع من الإنذار النفسي ويجب أن تحترمه وتنتظر. لا تتزوج بها من أجل الشفقة فقط، ومن قبيل "المسكينة تعلقت بي ولن أتركها" فالزواج ليس صدقة ولا عملا تطوعيا، بل هو توافق وقدرة على حب وتحمل الآخر والاستمرار معه، فإن رأيت نفسك غير قادرة على التعايش مع ماضيه الجنسي فلا داعي لتؤذيها بأن تتزوجها ثم تذكرها كل مرة بشكل أو آخر بالكلمات أو الأفعال أنها عاهرة لقيطة قد مننتَ عليها، خصوصا أن مشاعر النقص وعدم الرجولة ستأتيك مختلطة مع ما فعلت هي فتكون أكثر عدوانية وحساسية في تعاملك معها، لأنّها تذكرك "بعدم رجولتك" وأنك "شماتة ساذج" وتذكرك أيضا بأنها "غير طاهرة"..... هذه خلطة سامّة.
إن كنت تستطيع أن تحل معها مشكل الابتزاز بأن تتصلوا بالسلطات وتقف معها ضد ذلك الحقير سيكون هذا رائعا جدا. لأنها قد لا يتوقف حتى إن تركتها. بعدها تقرر على مهل هل ستستمر معها أم لا، وإن وجدت في نفسك ترددا فلا تتزوج بها، وقل لها أنّك لن تستطيع أن تكمل معها، ستبكي وتنهار وتشعر أنها حقيرة ومتخلى عنها وستندم على ما فعلت مع النذل، لكنه شيء ضروري إن لم تكن قادرا على الزواج بها بنفسية مرتاحة. فالزواج ليس شفقة أو صدقة (وأكرّر ذلك) وليس شيئا نفعله رغما عنّا كي نبدو نبلاء، في حين قد نصير لئاما بعد عدة أشهر بسبب عدم تقبّلنا لماضي زوجتنا.
الزواج حب وقبول واحترام نكنّه للآخر، فهل لا زلت تحترم خطيبتك؟ هل لا زلت تحبها وتشعر بالرغبة فيها كإنسانة (وليس فقط بالشهوة اتجاهها)؟ ولا تمثل دور الشاب المتفتح الذي لم يتأثر بسماعه مغامرتها الجنسية، لن تكون أفضل منها في إخفائك شيئا حساسا ومهما عنها لتمثل شيئا لا تستطيع أن تستمر فيه بعد الزواج. صارحها ولك كل الحق في ذلك، ألم ساعة أفضل من ألم سنوات الزواج وطلاق وربما الطلاق سيكون أكثر كارثية عليها من ماضيها.
كن صريحا رغم صعوبة ذلك واحذر من تمثيل دور غير صادق. قل لها كلاما لطيفا مهذبا وحدثها عن شعورك بالنفور وأنك ستظلمها إن تزوجتها شفقة فقط أو لمجرد الالتزام. وإن كنت فعلا تستطيع تجاوز القصة وحبها واحترامها وتقبلها فسيكون ذلك رائعا واستمر معها واعلم أنها أطهر من ذلك الذي يدّعي الرجولة.
تحياتي وتريّث واختبر نفسك قبل أن تقدم على أي خطوة.