الحالة المُعانِدَة
الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي المُحتَرَم، جزاك الله عَنَّا كل خير، وأريد منكَ أن تَصِفَ لي العلاج المناسب بناءً على المعلومات التالي:
أنا شاب أَبْلُغُ من العمر 31 عامًا، من الأردن، أعزب، لديَّ 4 إخوة شباب و3 بنات. لا يُوجَد بعائِلَتِنا تاريخ للمَرَض النفسي، ولا يُوجَد أحد مريض، وعلاقتنا كُلُّ شَخْصٍ بحاله، لا أحد يسأل عن أحد، باستثناء أُمِّي فَهِيَ تتدَخَّل بكل خُصوصِيَّاتي، وأشعر بالقَلَق الشديد عند وجودها، مع ذلك فهي أُمِّي وأَحْتَرِمُها، وهي باب من أبواب الجَنَّة.
بالصِّغَرِ كنت مُصابًا بالرُّهاب الاجتماعي، وكانت شخصِيَّتِي خَجُولَة وقَلِقَة ويُصاحِبُها أعراض الرُّهاب الاجتماعي من تَعَرُّق واحمرار بالوجه ورَجْفَة وتَلَعْثُم. وكُلَّما كنت أَكْبُر بالعُمُرِ كانت تزداد الأعراض وتَتَّضِحُ أكثر فأكثر. وبالصَّفِّ العاشر ازْدَاد الرُّهاب الاجتماعي وأعراضه. في الثانوية العامة، في يومٍ من الأيَّام بالفصل الدراسي الثاني أُصِبْتُ بخوف شديد من مجهول (نوبة هلع). وفي اليوم التالي وأثناء رُجُوعِي من المدرسة انفصلت عن الواقع وأحسست أني في حُلْمٍ وأنِّي غير موجود. وبعد سنوات عرفت اسم الحالة (اختلال الآنية derealization)، وَلَم يُخبِرْنِي بها أَحَدٌ، بل عرفتها عن طريق الإنترنت.
قبل معرفة الحالة ذهبت لأطِبَّاء العام والشيوخ، وقالوا لي "لا يُوجَد بكَ شيء". بعدها في عام 2009 اتَّجَهْتُ إلى أَطِبَّاء الأعصاب، وعَمَلت صورة رنين مغناطيسي وصورة طبَقِيَّة وتَخطِيط دماغ، وكُلُّها كانت سليمة. مع هذا أَعْطُونِي دواء "ديباكين وتيجريتول ولامور ولوكسول" لمدة عام كامل بدون نتيجة. وبسبب الحالة أُصِبْتُ بضَعْف الاستيعاب وضعف الذَّاكِرَة، وزَغْلََلَة غُباش في العيون. لا أدري كيف أَكْمَلْتُ الثانوية العامة ونَجَحْتُ بمُعَدَّل جيد جِدًّا، مع أنِّي كنت لا أستطيع الحفظ ولا التَّذَكُّر حيث كان كل شيء وَهْم وحُلْم! المُدَرِّسِين، الطلاب، القَاعَات، كل شيء وهم وحلم، وعندما أَكْتُب كنت أَشْعُرُ وكأنَّ القَلَم يكتب لوحده.
في عام 2011 اتَّجَهْتُ للأَطِبَّاء النَّفْسِيِّين، زُرْتُ العديد من الأَطِبَّاء النفسيين، وكانوا كل أسبوعين يُغَيِّرُون لي الدواء. تناولت معظم الأدوية، لا أتذكر الأدوية بالتفصيل، لكن منها "إفيكسور" لمدة شهرين، و"زولفت" لمدة 3 شهور، والأدوية الأخرى تَمَّ تغييرها كل أسبوعين، وذَاكِرَتي الآن لا تُسْعِفُني لِأَتَذَكَّر. وعندما كنت أسال عن حالتي كانوا يقولوا لي "لا نعرف ما بِكَ، دَعْنا نُجَرِّب"، ولم يُخبِرْنِي أحد باسم الحالة.
أَكْمَلْت الدبلوم لأنَّ وَضْعِي المادي كان لا يَسْمَح، ولا وضعي النفسي، وكان نفس الشيء (كل شيء وهم وحلم)، وكنت مُصابًا بِطَنِين الأُذُن وغُباش بالعيون. وعند الامتحانات كنت لا أستطيع أن أرى بشكل جيد، فأَضَع يَدَاي على جَبِيني من الجِهَتَيْن وأَشُدُّهما لِكَي أَرَى، وهكذا أنهيت الثانوية العامة بمُعَدَّل ممتاز، ولحد الآن لا أعرف كيف حصلت على امتياز! فقد كنت بَطِئَ الفَهْم، قَلِيلَ الاستيعاب، ضعيف الذاكرة، مُشَوَّش العُيُون، وغيرها من الأعراض.
بعدها عَمِلْت لدى شَرِكَة لمُدَّةِ عامين، وكان الكل يُلاحِظُ علَيَّ مَظاهَرَ القلق والاكتئاب، فكنت لا أهتم بنفسي. بنفس الوقت كنت أتناول دواءً عند طبيب، وكان كل أسبوعين يقوم بتَغْيِيرِه، وبكل مَرَّة يقول لي "المرة هذه سوف تتَحَسَّن" لكن بدون فائدة. بعدها ذهبت لشركة أخرى، ولم أُكْمِل فيها غير شهر؛ حيث كنت مُكتَئِبًا تمامًا وقَلِقًا وانطوائِيًّا. بعدها جلست عن العمل.
لمدة سنة كاملة وأنا آخذ أدوية ويقوم الطبيب كل فترة بتغييرها. بعدها ذهبت لطبيب آخر وصف لي "الإفيكسور" وأَخَذْتُه لمدة 3 أشهر بدون فائدة. بعدها عام 2014 انتقلت للعمل لشركة جديدة بقيت فيها 4 سنوات، وأثناء عَمَلِي فيها كنت أتَعالَج، فذَهَبْتُ لِطَبِيب وصف لي "البروزاك" 4 حبات، و "فالدوكسان" حبَّتَيْنِ، واستَمَرَّيت لمدة عام كامل، وتَحَسَّنْتُ بنسبة 60 بالمائة، وعندما راجعته قال لي "إنَّكَ لن تتَحَسَّن أكثر من هذا". بعدها ذهبت لطبيب آخر وَصَف لي "السيبراليكس" بدون فائدة. بعدها بحثت عن الأدوية على الإنترنت، وقرأت عن دواء "السيروكسات"، وذهبت للطبيب وطلبت منه أن يَصِفَ لي الدواء، وبالفعل وصفه، وعاهدت نفسي أن أَسْتَمِرَّ على الدواء لِأَطْوَل فترة مُمكِنَة وألَّا أَرَاجِعَ ولا طبيب.
بعد 9 شهور من الاستمرار على العلاج ذهب اختلال الآنِيَّة، وخَفَّ الاكتئاب، وبَقِيَ القَلَق والخوف الشديد والرهاب. بعدها أخَذت "الإفيكسور" فتَحَسَّن الاكتئاب تمامًا، وبَقِيَ القلق والخوف الشديد من مَجْهُول، فلا أستطيع الجلوس ولا فعل أي شيء، فدائمًا قَلِق وخائف وأُعانِي من الرهاب الاجتماعي، لكن خَفَّ عن قبل.
بعدها ذهبت لطبيب وصف لي دواء "أوليكسا" بجانب "الإفيكسور" لكن بدون فائدة، فقال لي الطبيب "أنت عندك ذهان" مع أنِّي لا يُوجد عندي ذُهان؛ فأنا لا أرى خيالات ولا أسمع أصوات ولا أشعر أنِّي مُراقَبَ! ووَصَف لي إِبْرَة "إنفيجا" أخذتها 6 شهور من مركز الأبحاث الصيدلانية بشكل مجاني، لكن لم أَسْتَفِد، وقال لي الطبيب أنَّنا سوف نُوقِفُ الدواء، فأنا اعترضت وقلت له أنِّي ما زلت أُعانِي، فوَصَف لي "السيبراليكس" بدل "الإفيكسور"، وهنا الكارثة؛ فَفِي كل يوم آخُذُ "السيبراليكس" أَنْفَصِلُ شيئًا فشيئًا، حتى رَجَع لي اختلال الآنية. عندها قام بتَغْيِيره إلى "بريستيك" فَلَم أَسْتَطِع النوم منه، ثُمَّ قام بإرجاع "السيبراليكس" وهنا الصدمة حيث استيقظت من النوم مُتَعَرِّقًا خائفًا قَلِقًا مُكتَئِبًا، مع آلام في الجسم واختلال الآنية. وعندما سألت عن الحالة قالوا لي "أصابًك مُتلازِمَةُ السيراتونين". ونَمْتُ بالفراش لمدة شهر كامل لم أَسْتَطِع القيام منه.
ثمَّ ذهبت لطبيب وَصَف لي "إفيكسور" 225 مجم، و "فافرين" 300 مجم على عِدَّة مراحل، وعندما وصلت جرعة الـ300 مع "إفيكسور" 225 شعَرْت أنِّي أُرِيدُ الانتحار، فقُمْتُ بالليل وأنا أريد أن أَنْتَحِر أو أُؤْذِي نفسي لا سَمَح الله، فقطعت "الفافرين" مباشرة، ورَجِعَت الحالة كما كانت (انهيار تام)، لكن بدون أفكار انتحارِيَّة.
بعدها ذهبت لطبيب وصف لي "الإفيكسور" و"الريميرون" بدون فائدة. وبعدها وصف لي "إفيكسور" و"ريميرون" و"سوليان" 200 مجم صباحًا ومساءً، و"سيركويل" ودواء آخر بدون فائدة. بعدها ذهبت لطبيب ووصف لي "السيروكسات" من 40 - 60 مجم لمُدَّة شهر ونصف بدون فائدة، ووصف معه دواء "ريفوتريل"، ولم يُخْبِرني أنَّهُ يجب أن أَقْطَعَهُ بشكل تدريجي، فنَفَدَ الدواء وقطعته فجأة. وبعدها بأسبوع أصابني أَلَم بمُؤَخِّرَة الرَّأس مع العيون مدة شهر رمضان كاملًا، وفحصت النظر وعملت تخطيط دماغ، وكانا سَلِيمَيْن. ثُمَّ بعدها وصف لي "إفيكسور" 150 مجم، و"ريميرون" 30 مجم، و"إريبال" 5 مجم، و"ليثيوم" حبَّتَيْن بعد إجراء الفحوصات، وفي اليوم حبَّتَيْن. ولِي الآن على هذا العلاج 3 أسابيع بدون تَحَسُّن. وأخذت 4 جلسات كهرباء أيضًا بدون فائدة، فالكُلّ أَجْمَعَ على أنَّ حالتي مُقاوِمَة للعلاج.
حالتي الآن كالتالي:
1- قَلَق عام شديد من كل شيء.
2- أشعر كأنَّ جسمي مُستَنْفر من القلق، حيث أنَّ أساس حالتي القلق والرُّهاب الاجتماعي.
3- خوف شديد من كل شيء ومن مَجْهُول، مع رَجْفَة.
4- اختلال الآنية Derealization أكثر عَرَض أَتْعَبَنِي.
5- اكتئاب.
6- فقدان الذاكرة قصيرة المدى.
7- فقدان التركيز.
8- فقدان المشاعر والأحاسيس.
9- فقدان الرغبة الجنسية.
10- ضعف الفهم والاستيعاب، بحيث لا أتذكر أحداث اليوم، ماذا أكلت، ماذا شربت، ماذا فعلت، أين ذهبت، والأيام والتواريخ.
11- أشعر أنَّ رأسي فارغ ومُغلَق.
12- سرعة دَقّات القلب.
13- آلام بمُؤَخِّرَة الرَّأس، وعند تحريك الرأس يمينًا وشمالًا يظهر صوت طَقْطَقَة.
14- شَدّ بمؤخرة الرأس.
15- خَنْقَة بالصَّدْر.
16- تَمَلْمُل.
17- شَدَّ بالأعصاب.
18- سُخُونَة داخل الرَّأس.
19- أفكار مُتزَاحِمَة (سلبية).
20- لا أستطيع العمل بسبب الذاكرة والأعراض الأخرى.
21- لم أَعُدْ أَهْتَمّ بمَظْهَرِي ولا بشيء.
22- تركت هواياتي والتعلم بمجالي (الجرافيك ديزاين)، وفُقدَان الشغف لأَيِّ شيء.
23- التَّعَب من أَقَلِّ مجهود.
24- فقدان الأَمَل من حيث الشفاء، وأنَّ حالتي مُسْتَعْصِيَة.
25- لا أَتَحَمَّلُ الإزعاج والصَّوْت العالِي.
26- فقدان الشَّهِيَّة.
27- لا أستطيع الجلوس بمكانٍ واحدٍ.
28- تركت جميع الأصدقاء والعلاقات.
29- تَمَنِّي الموت.
30- الهروب من الواقع، وكُرْه البيت والجلوس فيه.
31- عدم الخروج من البيت إلَّا للضَّرُورَة القُصْوَى، مع أنِّي لا أرتاح في البيت.
مع العلم أنِّي كنت خجولًا من الصِّغر ومُصابًا بالرهاب الاجتماعي والقلق. وحالتي وُصِفَت بأنَّها مُقاوِمَة للعلاج. وسَبَق أَنْ أَخَذْت "الإفيكسور" و "الريميرون" بدون فائدة.
ما هو تشخيص حالتي؟
ما هو الدواء المناسب، مع الجرعة، وكم أَسْتَمِرُّ عليه؟
16/7/2021
رد المستشار
موضوع الاستشارة: طلب علاج من الموقع.
تعليق الموقع:
استشارتك تبدأ بطلب وصفة علاج من الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي. لا أظن أن الموقع أو أي طبيب يستطيع وصف عقار بدون تقييم كامل للحالة العقلية، والتاريخ الشخصي، الطبي، والطبنفسي للمراجع.
رحلتك طويلة مع الطب النفساني والعقاقير، ولا يوجد في صميم الاستشارة ما يشير بوضوح إلى التشخيص الذي حصلت عليه وخطة العلاج التي تم الاتفاق عليها. من جانب آخر سيرتك الشخصية وأدائك التعليمي والمهني أعلى من المتوسط على أقل تقدير. لم تحتج يوماً الدخول إلى مصحة نفسية، ولا توجد علامة تشير إلى أنك تشكل خطورة على نفسك أو على الآخرين.
رحلتك مع العقاقير أكثر ارتباكاً من الأعراض الطب نفسانية، وبصراحة هناك عدة احتمالات لتفسير أعراضك:
١- أعراض مزمنة وطفيفة ومقاومة للعلاج.
2- أعراض مزمنة وطفيفة لا تحتاج إلى علاج.
3- أعراض جانبية مزمنة للعقاقير.
4- أعراض ناتجة عن سحب وتغيير العقاقير.
لا يستطيع الموقع التعليق على طبيعة وشدة اضطرابك وبالتالي التوصية بعلاج، ولكن ما يستطيع الموقع التصريح به هو أن الأعراض التي تشير إليها في الرسالة أكثر استجابة لعلاج نفساني مقارنة بالطبي، ولذلك:
١- تواصل مع استشاري واحد وبصورة منتظمة.
2- توخى الحذر من الإسراف في خلطات العقاقير والجرع.
3- طاقم تفكيرك يجب أن يتغير مع التركيز على علاج نفساني ورفع عزيمتك للتغيير.
وفقك الله