الوسواس القهري الديني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا لدَيَّ وسواس شِرْك وكُفر شَدِيدَيْن. وكُلَّما كلَّمت أحدًا أعرفه يُوَسْوَسُ لي بأنَّنِي أَعبُدُه والعياذ بالله. إلى أن وَصَل الأمر للوسوسة في الصلاة، فكُلَّما صَلَّيْت يأتي باسم شخص أعرفه، ويُوَسْوِسُ لي بأنَّنِي أَعْبُدُه، ويُظهِرُ لي اسمه أو صورته، ولا أستطيع إِبْعَادَها. وعندما أنتهي من الصلاة أشعر أنَّنِي لم أَعْبُد الله تعالى، وأشعر أنَّنِي أَعْبُدُ ذاك الشخص، فأكره نفسي كُرْهًا شديدًا، ولا أعرف ماذا أفعل! وهل أنا مُسلِمَة أم مُشرِكَة؟
أريد أن أتحَدَّث مع الآخرين كإنسان طبيعي حالي من حالِهِم، ولكن كُلَّما تحَدَّثت إلى أَحَدٍ أشعر أنَّنِي أَعْبُدُه. وكُلَّما أردت أن أدعو الله حتى يشفيني أشعر أن أحدًا يَخنُقُنِي. أشعر أنَّنِي مُشرِكَة ومُنافِقَة، ولا أستطيع أن أذكر رَبّي حتى لِشُعُوري بأنَّنِي مُنافِقَة. بالكاد أُصَلِّي، وصلاتي ليس فيها خُشُوع، كلها وسواس شِرْك شديد جِدًّا.
أنا لا أريد أن أَعْبُدَ غير رَبِّي، لا أريد أن أكون عَبْدًا جَحُودًا، فَفَضْلُ رَبِّي علَيَّ كبير، ولكن لا أستطيع فعل أي شيء.
فقط أريد أن أعرف هل أنا مُشرِكَة أم لا. وجزاكم الله خيرًا.
17/7/2021
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "مريم"، وأهلًا وسهلًا بك على موقعك
إن كانت مشكلتك فقط هي معرفة هل أنت مشركة أم لا؟ فالجواب القاطع هو أنك مسلمة قوية الإيمان ولا علاقة لك بالكفر لا من قريب ولا من بعيد، كل ما في الأمر أن الله امتحنك بمرض اسمه الوسواس القهري. وعندما يصبح المشلول عاصيًا إن لم يصلي واقفًا، حينها ستصبحين عاصية ومشركة بأفكارك هذه.
الوسواس مرض، والمرض لا مؤاخذة عليه، بل صاحبه ينال أجر الصبر. يجب أن تقتنعي بهذا وإن كان صعبًا قليلًا....
صاحب المرض العضوي يسهل أن يقتنع بأنه مريض، لأن المرض مكانه مختلف عن مكان شعوره، آلة معرفة المرض سليمة لديه..... أما مريض الوسواس فالخلل في تفكيره وشعوره، أي في الآلة التي سيتعرف من خلالها على المرض.....، فإذا كانت الآلة لا تعمل جيدًا، فكيف ستكتشف الخلل في نفسها؟ وكيف تقتنع أصلًا بوجود الخلل؟!!
ما ينبغي أن تعتمدي على شعورك وأحاسيسك في هذا الأمر، تأكدي أنك لست كافرة، وإنما مريضة وسواس، وهناك الآلاف مثلك، وعندهم نفس وسواسك...، حتى الصحابة جاءهم مثل هذا، وكان ردّ النبي صلى الله عليه وسلم مطمئنًا لهم، أن لديهم إيمانًا خالصًا يجعلهم يكرهون هذه الوساوس، وأنه لا علاقة لهم بالكفر؛ فقد روى سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه قال: ((جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ: «وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟». قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ»)). [مسلم: الإيمان/باب بيان الوسوسة في الإيمان].
نصيحتي لك يا بنيتي أن تذهبي إلى طبيب عارف بالعلاج المعرفي السلوكي، وأن تثقفي نفسك جيدًا حول الوسواس وطرق التعامل معه، وكيفية التخلص من سلطانه على الموسوس....، حتى تستطيعي إكمال حياتك بأمان....، تعلمي كيف تتعاملين مع الوسواس منذ الآن وسترتاحين كثيرًا.
المهم الآن: لا تخافي مما تشعرين به، فهي مشاعر مرضية لا حقيقة لها، وإن كانت (الآلة) التي تكتشف ذلك معطلة عندك، فعليك الاعتماد على كلام الخبراء. وسيأتيك الوسواس من جديد ليشكك بهذا الكلام، وسيدفعك لسؤال شخص آخر بل أشخاص....، وهذا سيزيد حيرتك بدل أن يشعرك بالاطمئنان......، فانتبهي لهذه الحيل الوسواسية الماكرة وقاومي الرغبة بتكرار السؤال، ولا تخافي مما تشتكين به، فالمهم أنه لا يؤثر على إيمانك، ولا يجعلك كافرة ولا منافقة، بل هو باب من أبواب الأجر فتح لك.
أعانك الله وعافاك