وسواس العقيدة
السلام عليكم أود أن أشكركم على هذا الموقع الرائع، بدأت معاناتي مع وسواس العقيدة منذ سنتين حيث جاءتني فكرة ألا وهي من خلق الله لا أكذب عليكم أصبت بصدمة نفسية وتوجهت إلى طبيب نفسي تعالجت لمدة سنة واختفى الوسواس ثم بعد سنة رجع الوسواس لكن اختلف هذه المرة حيث أصبحت أفكر مثل الملحدين وأقول في نفسي هل هذا هو الدين الصحيح
وأشك في قصص الأنبياء وأشعر أنها خرافات ولا أستطيع أن أقنع نفسي أنها حقيقية وكما أني شاهدت بعض مقاطع الملحدين وهذا ما زادني ارتبكا خاصة في قضية العبودية في الإسلام وحد الردة أصبحت أقول لماذا يقتل المرتد أليس لكل واحد حرية المعتقد لما القتل وكما أني أحيانا ألحد ثم أعود للإسلام
أتمني أن تردوا على معاناتي فأنا أفكر بالانتحار حرفيا على الأقل أموت نصف مؤمن خير من كافر
وهل مرضي حجة لي أمام الله إذا ما ألحدت والله كرهت نفسي وكرهت الحياة
22/08/2021
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "محمد"، وأهلًا وسهلًا بك على موقعك
أعانك الله.... لابد أنك تعلم الحديث الصحيح المتفق عليه، الذي يقول فيه سيد الخلق صلى الله عليه وسلم: ((يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ لَهُ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَه)). إذن هذا السؤال يلقيه الشيطان على كل أحد، فمنهم من يمر عليه مرور الكرام، ومنهم من يصبح عنده وسواسًا قاتلًا....
والدواء النبوي –والطبي كما تعلم- هو عدم الاستمرار في هذا التفكير وفي هذا السؤال..... فهذا السؤال غير منطقي منذ البداية، لأننا نقول إن الله خالق وليس بمخلوق، فكيف نسأل من خلقه؟!! هو غير مخلوق أصلًا!!!
نفس الشيء بالنسبة لتفكيرك الذي وصفته أنه (كالملحدين).... سؤال: هل الدين صحيح؟ يمكن أن يخطر في بال كل إنسان، وينهي الموضوع في ثوانٍ بأنه اقتنع سابقًا بالأدلة على وجود الله وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم، وتمر الأمور بسلام....
غير أن الموسوس يعاني ويعاني ويظن أنه كفر، ويقوم بفحص أفكاره والتأكد منها هل هو مقتنع أم لا؟؟ ومع استمراره في التفكير تعرض عليه أسئلة تحتاج إلى مختصين للإجابة عليها، وبدل أن تقوم بسؤال المختصين، قمت بدخول مواقع الملحدين!!! كان ينقصك يعني؟!! هل هو فعل قهري لا تستطيع مقاومته؟ أم ماذا؟
أما العبودية يا أخي فقد كانت قبل الإسلام بمئات السنين، فقط جاء الإسلام فنظمها، ووضع حقوقًا للعبيد، وجعل هناك ذنوبًا لا يتم تكفيرها إلا بعتق عبد.... والذنوب لا تنتهي كما تعلم، والعبيد ينتهون..... والنتيجة أنه مع الزمن تنمحي العبودية أو تصبح نادرة جدًا جدًا..... بغض النظر عن القوانين الدولية اليوم..... ولا أدري ما هي مشكلتك بالضبط مع هذا الأمر؟
وأما حد الردة وحرية المعتقد، فالأمر على النحو التالي: أنت يا إنسان لديك الحرية الكاملة أن تختار دينك ومعتقدك..... والدين الفلاني قوانين دخوله كذا والتزاماته كذا، ومخالفاته كذا، وقانون تركه كذا..... والدين الثاني كذلك: له قانون في الدخول إليه والخروج منه وقوانين أخرى.....، والثالث والرابع كذلك.....
فأنت عندما اخترت الإسلام اخترت أن تدخل في قوانين دين يعتبر الردة جريمة، فإن أعجبك هذا فادخل وأهلًا وسهلًا..... وإن لم يعجبك لأنك تعرف من نفسك أنك لا تثبت على رأي ولا يهمك مخالفة ما قد اقتنعت به بالأدلة العقلية والنقلية، فأنت حر ولا أحد يتدخل بك..... لكن أن يحكم عقلك بصحة الإسلام، وقوة دليله، ثم بعد ذلك ترمي بالعقل وقراراته وتخرج منه فهذه جريمة بحق العقل، وحق المجتمع، وكان ينبغي أن تدرس القانون جيدًا وهل أنت مستعد لتطبيقه أم لا قبل أن تعلن الولاء لهذا القانون..... وأما الذي ولد مسلمًا فمن الطبيعي أن تنطبق عليه قوانين الدولة المسلمة التي يعيش فيها، وكل دولة أعلم بمصلحتها وقوانينها، وهذا عندما يكون واضع القانون من البشر، فكيف بالله الذي آمنت به عن دليل؟
ولأمثل لك بمثال: عائلة سورية مسلمة هاجرت إلى الدانيمارك..... طبعًا كل من يهاجر هناك شروط مطلوبة منه، وأوراق يوقع عليها.....، للعائلة ابنة عمرها 14 عامًا..... أدخلوها المدرسة..... وإذ بهم في المدرسة يطلبون من التلاميذ خلع ثيابهم كاملة الذكور والإناث أمام بعض، وذلك لكسر حاجز الخوف والخجل بين الجنسين كما يقولون!!
أهل البنت طبعًا طار عقلهم من رأسهم، وذهبوا إلى المدرسة للاعتراض، فكان الجواب: إنكم وقعتم على الأوراق أن قوانيننا سارية عليكم، ولا يحق لكم الاعتراض! فقرروا عدم إرسال ابنتهم إلى المدرسة، فقيل لهم أيضًا: إن هذا الفعل غير قانوني وستنالكم العقوبة إن لم ترسلوا البنت!! وترك الدانيمارك كلها غير ممكن بالنسبة لهم في ذلك الحين أيضًا: (كما يقول القانون)!! هذا ما تفعله بلاد الحريات!! ولا يحق للبنت أن تقول: أنا لم أوقع على شيء، أهلي وقعوا وجاؤوا بي إلى هنا!!!
أين حرية الاعتقاد إذا كانت تمنع من تطبيق اعتقادها بحرمة إبداء جسدها لأصدقائها الذكور؟ يقولون لك: إنه قانوننا!! وكذلك نقول لأمثالهم: إنه قانوننا.... على أن أمر تطبيق حد الردة ليس بهذه السهولة، وله شروط كثيرة، وإذا لم يحكم الحاكم بقتل المرتد فلا أحد يستطيع التعرض له..... وفي الواقع الذي نعيشه ما أكثر المرتدين الذين يرتعون في بلاد الإسلام ولا أحد يتعرض لهم، وأمرهم إلى خالقهم.... فمسألة حد الردة تشويش ولغط من الملحدين لينفروا الناس من الإسلام...
هذا الكلام رد على ما ذكرته من شبهاتك.....، ومن المفيد لك أن تشاهد قناة الشيخ د.عبد الله رشدي على اليوتيوب
ولعلي أرى وسواسك أشد من مجرد شبهات تدور في الذهن، ونحتاج إلى معلومات أكثر لنرى هل إلحادك في بعض الأحيان قهري؟ إضافة إلى أنك مكتئب وتحتاج إلى طبيب على وجه السرعة مرة أخرى.....
وإذا كان ما أعتقده من مرضك صحيحًا، فأنت معذور به عند الله تعالى.....
على كل حال عفا الله عما مضى، ودعنا نهتم بالمستقبل وبعلاج معاناتك، وسارع بالذهاب إلى الطبيب وتناول العقاقير
شفاك الله وخفف معاناتك