السلام عليكم
عرفت فتاة لمدة سنتين، وحدثت بيننا أخطاء من صور غير لائقة، وغيرها مما أتمنى أن يعفوَ الله عنها، لكن لم يصل الأمر بيننا للجماع، ثم حدث منذ شهر أن اكتشف أهلها هذه الصور، فكلموني، وقالوا لي بأنه يجب إيجاد حل لتلك الفضيحة، ولما كشفوا عليها، وجدوا أنها فاقدة للعذرية،
ورغم أنني واثق بأن ذلك الأمر ليس مني، فإنني كتمتُ الأمر بنية الستر والإحسان، عسى أن يغفر الله لي ما اقترفته، المهم أنها ستكون زوجتي قريبًا، وسأطلقها في نفس اليوم، بنية الستر والإحسان، وقد طلبتُ إليها أن تعترف لي بكل شيء، فأقرَّت بالبعض، وتغاضيتُ عنه وتغافلت، وكتمت البعض الآخر،
لذا فإنني أجدني مرهقًا نفسيًّا، وغير مطمئن لها كي أكمل حياتي معها، وأنا - ولله الحمد - لا أترك فرضًا، وأحاول التمسك بالسنن، لكن هذا الوضع (زواج وطلاق في نفس اليوم بنية الستر)، إذ كنت أرغب في الإكمال وفتح بيت،
أرجو الإفادة ودعمها بأدلة من الآيات والأحاديث،
وجزاكم الله خيرًا.
20/09/2021
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "سالم"، وأهلًا وسهلًا بك على مجانين
استشارتك شرعية بحتة، وليست نفسية، ولكني سأجيب عنها بمعونة الله تعالى، أهنئك أولًا على الندم والتوبة، وأرجو من الله لك الثبات ومزيدًا من الطاعة والقرب من الله تعالى....، وللأسف لا يظهر من كلامك أن تلك الفتاة قد تابت، وأنها جادة في تغيير سلوكها، ولك الحق أن تقلق وترهق نفسيًا، فهي –وحالتها كما تقول- لا تصلح أن تكون زوجة لك. قد تتوب فيما بعد ويصلح الله حالها، ولكن لا شيء مضمون، فقد تبقى كما هي للأبد، ولا مصلحة لك البتة أن تبني أسرة على الشك، ولا أن تنجب أولادًا من مثل تلك الفتاة.....
نأتي لسؤالك الشرعي، وأرجو أن أكون قد فهمتُه:
هناك حالات: الأولى: أن تصرح في لفظ العقد أنك ستتزوجها مدة ثم تطلقها، وهذا مطابق لنكاح المتعة الذي يتزوج فيه الرجل المرأة مدة معينة ثم يتركها: فيقول لها: متعيني بنفسك مدة كذا وأعطيك كذا. وهذا نكاح محرم باطل في المذاهب الأربعة. لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره عن سَبْرَةَ الْجُهَنِيّ أنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الاِسْتِمْتَاعِ مِنَ النِّسَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ وَلاَ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا)).
وإذا كان العقد باطلًا، فلا يعدو زواجك أن يكون مجرد تمثيلية أمام الناس لأجل الستر.
الحالة الثانية: أن لا تذكر مدة في العقد، فتعقده كما يفعل من أراد أن يتزوج ويكوّن أسرة، ولكنك تضمر في نفسك أن تطلقها بعد مدة، فالعقد صحيح عند الحنفية والمالكية والشافعية، سواء علم الولي والمرأة نيتك في ذلك أم لا. (وأظن هذه الحالة هي ما ستفعله)، والعبرة عندهم باللفظ في العقود لا بالنية، لأنه قد يغير نيته بعد فترة. ولهم في ذلك أدلة كثيرة استنبطوا منها هذه القاعدة العامة في العقود....
وذهب الحنابلة إلى بطلان هذا العقد. لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات)). والنية في هذا العقد هي التأقيت.
وفي هذه الحالة، حتى لو كنت قد اتفقت مع الطرف الثاني أنك ستطلق، ولكنك عقدت العقد بدون ذكر صيغة التأقيت، يمكنك الاحتفاظ بزوجتك وعدم تطليقها، وذلك صحيح عند ثلاثة من المذاهب، وأرجو ألا تتورط بها فتبقيها، فهي كانت تتنقل بين شخص وآخر، ولم يكن إخلاصها في حبها لك هو سبب وقوعها في الخطأ معك، ولم تظهر منها توبة جادة.
الحالة الثانية: أن تغير نيتك في التطليق قبل العقد، ويستقرّ رأيك على إبقائها، ولا تذكر لفظ التأقيت، فهذا نكاح متفق على صحته، كما لو كنت ستتزوج أية فتاة أخرى.
أرجو أن تكون قد حصلت على بغيتك في هذه العجالة، وأسأل الله تعالى أن يوفقك إلى ما فيه خيري الدنيا والآخرة.