السلام عليكم
أنا فتاة في سن المراهقة، كل ما أتمناه أملكه ويزيد، لكني دائمًا أشعر بالوحدة وأبحث عن الحنان فسلكت في سبيل ذلك طريقًا خاطئة، إذ تواصلت مع شباب وأحببتُهم، وصارت بيننا محادثات على الماسنجر وقد اطَّلعت أمي على ذلك، وسامحتني، لكني كلما حاولت عدم تكرار ذلك أخفق، وأعود سيرتي الأولى، ومن ثَمَّ فقدت أمي وأختي الثقة بي، وقالتا لي: "إنه من المستحيل أن نثق بكِ أبدًا"، أبي لا يعرف شيئا عن الأمر وكذلك أخي. وقد هددتني أمي بإبلاغ الوالد!
ماذا أفعل؟
وجزاكم الله خيرًا.
3/09/2021
رد المستشار
أهلا بك وسهلا يا "ندى" على موقع الاستشارات النفسية مجانين.
قلتِ في إفادتك أنك تحدثت مع شباب (بالجمع) وأحببتهم بالجمع أيضا؟ يمكن أن أفهم أنّك تحادثينهم بالجمع، كل شخص تأخذين منه ما تحبين فيه وتستمدين منه المدائح والتقدير، لكن أن تحبّيهم جميعا، هذا يدل على أنّ مصطلح "الحب" يُستخدم عندك بطريقة أكثر "شموليّة". أفهم أن تميلي لعدة شباب، تعجَبي بهم، وأيضا أفهم شيئا أكثر أهميّة وهو أنّ حالة الوحدة والفراغ التي تعيشينها تجعلك تحبين تلك الأجواء التي تدغدغ مشاعرك وتشعرك بالإثارة وتعزز إحساس الأنوثة عندك، وأنّك مرغوبة وموضع اهتمام.لذا فإن الكلمة الدقيقة ستكون "أنا أدمن على اهتمامهم بي" وليس "أنا أحبهم". كلنا بشكل أو آخر لدينا حاجة بأن نكون محطّ اهتمام من الآخرين، خصوصا من الجنس الآخر، الذي يكون اهتمامه ذو أبعاد أكبر وأكثر تأثيرا على نظرتنا لذاتنا وأحيانا إحساسنا بالسعادة في الحياة، لكن هناك شخصيات أكثر قابلية للإدمان على هذا الإحساس وهذا الاهتمام، حاجتهم له كبيرة وحيوية لدرجة أنّهم يفقدون توازنهم ويضعفون كأنّهم مدمنون على مادة مخدّرة تماما.وقد يفعلون أشياء يندمون عليها كل مرة، وهذا ما يُفسّر أنّك رغم توقفك عُدت لذلك مرّة أخرى، ولاحظي أنّك تكلمت عن أشخاص مختلفين وتعلقك بهم، لاحظي أن القاسم المشترك بينهم هو ما يعطونك من إحساس بالإثارة والتغيير والاهتمام والمدائح، وهذا يدل على أنّك في العُمق لا تهتمين لشخص بعينه بقدر ما تهتمين للأثر الذي تشعرين به، لذلك تُعدّدين الدردشات ولا تكتفين بشاب واحد.إن عرفتِ هذا فإن محاولة إيقاف هذه السلوكات (التي لن تزيدك إلا تشتّتا في سنك هذه، رغم أنها تعكس رغبة وتطورا طبيعيا) لن يكون إلا بفهم نفسك أكثر واستمداد التقدير والثقة والجدوى من نشاطات أخرى أكثر من مجرد "الدردشة" ولعب دور البنت العاطفية المرغوبة في أعين الشباب، لأنك إن تأملت جيدا ستجدين أن البحث عن التقدير والثقة والأحاسيس الجميلة شيء مشترك بين الناس، لكن بعض مصادره صعبة في الوصول إليها أكثر من الأخرى، خذي مثلا العلاقات العاطفية والدردشة في مقابل إنجازات طويلة المدى، في الأولى هو نوع من الجرعات السريعة للتقدير والسعادة والانتشاء في حوارات عاطفية ورقيقة، لكن سرعان ما تنتهي هذه الجرعة بل وقد تورّث تأنيب للضمير، ثم نسعى لجرعات أخرى...لاحظي أنها طريقة سهلة، و"حلّ كسول" لمشكلة إيجاد مصدر للتقدير والإحساس بالإنجاز والسعادة، عكس مشاريع طويلة المدى وتحتاج جهدا واختلاطا مع المجمتع وتحقيقا لأهداف محددة. خصوصا أنّ الدردشة بين الجنسين، لا تحتاج لمهارات كبيرة جدا، فمجرد أن يجتمع شاب وفتاة، ويتركان أحاسيسهما ينبثقان بعفوية إلا وعاشا لحظات رومانسية وعاطفية وجنسية أحيانا، فهذا شيء غريزي وتلقائي عند الكل لذلك هو سهل ولذلك أيضا هو عالِ الاحتمال من حيث الإدمان، فالإدمان ليس شيئا بطوليا في المخدرات مثلا، لأنه لا يحتاج إلا لدماغ يعمل (وليس عقل) ومادة انتشاء وكل شيء يأتي تلقائيا سريعا ومؤقتا أيضا.
الحل يا "ندى" هو أن تكتشفي نفسك خارج نطاق "أنا فتاة مراهقة أحتاج اهتماما وعاطفة"... تحتاجين للبحث أو صناعة مصادر جديدة لتقدير الذات، والإثارة والحماس والشعور بالإنجاز. تحتاجين أيضا لمعرفة أنك إن سلمت نفسك للشباب فستدخلين دوامة لا تنتهي إلا وكرامتك وثقتك قد مُسحَ بهما الأرض، وأن الشباب يريدون متعة دون تبعات ولا مسؤولية مهما بدوا لك متفهمين وحريصين ورومانسيين.
وأخيرا سيكون القرار كأي قرار يُبعدنا عن مصادر المتعة والانتشاء، ثقيلا ويحتاج مجاهدة لكننا نفعله لأنه الأصلح.تحياتي وتمنياتي الأفضل.