هل هذا وسواس؟
السلام عليكم ورحمة الله، أحاول كتابة ما في نفسي لعلنّي أجد عندكم الحل بعد الله عز وجل، .... ببداية الوسواس قبل سنوات أصابتني نوبة هلع فظننت أني سأموت ومن بعدها بدأ القلق والوسواس فكانت لدي وساوس الأمراض ووساوس الموت وكذلك وسواس العقيدة والتي كانت وساوس تشكيكية في الله والإسلام وكنت أتألم منها وأذكر أني عندما عرفت أنها وسواس ارتاحت نفسي وصرت أحاول أتجاهلها حتى اختفت تقريباً.
مشكلتي اليوم أني قد فعلت أفعالا وقلت أقوالاً أو قد صدرت من أهلي فأخشى أنها كفر فمثلاً أتتنا قبل عيد الفطر زكاة الفطر وكان يغلب على ظني أننا لا نستحق الزكاة وكنت أقول لأهلي أن من لا يستحقها لا يجوز له أخذها فاستمروا يأكلون منها وكنت أمتنع عن ذلك فأجد في نفسي شعور أني حرمت حلالاً بما فعلته من امتناع وأن هذا كفر فهل هذا صحيح ؟ وهل شكي لمدة طويلة أنه كفر يجعلني كافرة؟
وأيضاً عندما أقول لأمي سأرى مثلا حكم كذا فتقول لي : حلال أو حرام سأفعله، أو تقول لي اتركي جوالك المعفن_وعذراً على الكلمة _ ولا تقرأي فتاوى فأشعر أنها سبت هذه الأحكام. ومثل ذلك كثير.
كما أجد في قلبي تهوينا للمعاصي وهو شعور قلبي لا أتكلم به لكني لا أجد من نفسي كراهة لهذا الشعور أو نفورا منه، ربما لأني لا شعورياً أقيس المعاصي بالكفر وأرى أن مهما كان الإنسان عاصيا فبالنهاية هو مسلم وهو أهون من شعور الكفر الذي ينتابني أقول ربما هذا هو السبب. لكن لا أعلم هل تهوين المعاصي في القلب يعد كفراً ؟
وهذا غير شعور التسخط على الله والاستكبار عن عبادته واليأس من رحمة الله والإحساس أن مصيري النار مهما فعلت فأنجح أحياناً في إيقافه، أما اذا كنت حزينة ومكتئبة فلا أفعل؛ بل أشعر أني أنا من أجلبه وأحدث به نفسي وأسترسل معه لكوني أستطيع إيقافه أحياناً أو التشاغل عنه، فكأني أنتقم من نفسي وأعذبها بهذا الشعور أكثر .
حتى أني كنت مرة غاضبة جداً من أهلي فسببتهم في نفسي وسببت الدين لكن لم أتلفظ بذلك فهل هذا السب بإرادتي وهل يعفى عنه إذا لم أتلفظ به؟
وكذلك يقع مني تأفف حينما أفكر في أمر ديني مثلاً فلا أدري هل التأفف من الحكم الشرعي أم من حالي فأنا تختلط علي الأمور كثيراً ولا أستطيع التمييز.
وعندما أريد أن أتوب مما أظنه كفراً لا أعرف كيف أتوب توبة صادقة وأشعر أنه مطبوع على قلبي وأني كاذبة فبمجرد حزني وقلقي ستعود لي تلك المشاعر الكفرية وسأحدث بها نفسي كما فعلت سابقاً.
وقد فتنت قبل مدة ووقعت في أمر يغلب على ظني أنه شرك أكبر لأني لا أستطيع تمييز نيتي التي كانت مني حينها وقد تبت منه ولكني ما زلت أتألم مما وقع مني وأشعر دائما أن توبتي غير مقبولة ولا أجرؤ على السؤال عن حكم ما وقع مني أو حتى وصفه وصفاً صحيحاً؟ فهل تكفي التوبة وكيف أعرف أن كانت توبتي صادقة منه فأنا كلما تذكرته أحزن وأكتئب حتى أني أدخل في حالة من الهلع والجزع.
والآن عندي بعض وساوس في الطهارة والصلاة لكنها ليست بشدة وساوس الكفر ولكنها مرتبطة بها... فمثلا عندما أصلي وأنتهي من صلاتي وأحاول أن لا أعيد الصلاة يأتيني شعور في قلبي يقول قبلت صلاتك أم لاتقبل لا يهم، أو بعض الاعتراضات على الأحكام فيها ولا أجد مني نفورا من هذا الشعور بل برود تام فأعود لوساوس الكفر وأني كفرت بهذا.
الحقيقة لا أعرف أصف التناقضات التي في داخلي كأني شخصان؛ شخص يخاف الله ويحبه وآخر ليس كذلك، شخص يخشى من الكفر وآخر لا يبالي.
أخشى أن أموت على هذه الحالة
أرشدوني جزاكم الله خيراً هل هذا من الوسواس أم أمر آخر؟
30/8/2021
رد المستشار
الابنة الفاضلة "آمال" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واختيارك خدمة استشارات مجانين بالموقع.
اعتبرت أنت أن نوبة الهلع (تلك التي أنساك عذاب الوسواس وقعها فلم تذكري عنها سوى اسمها) كانت بداية الاضطراب الوسواسي القهري الذي بدأ كتطور معرفي سلوكي طبيعي للخوف على الصحة والخوف من الموت.... ثم لما تمكن من تعسير حياتك بدأ يوسوس في العقيدة....
ما أخمنه أنا هو أن نوبة الهلع تلك جاءت على خلفية تهيئة نفسية عصبية للوسوسة.... وكانت النوبة ربما أول ما اعتبرته أنت دليلا على أنك مريضة جسديا... أولا، ثم نفسانيا بعد ذلك.... خاصة وأن نوبة الهلع في مثل حالتك عادة ما تحدث مبكرا عن سن 26 .... كما يستنتج من قولك (ببداية الوسواس قبل سنوات أصابتني نوبة هلع) وسنك الحالي 30 سنة كما أفدت.... يعني كانت الإشارة الأولى على طريق بدأ قبلها في حياتك ربما هي وسوسة لم تعرفي وقتها أنها وسوسة أو ربما سمات معرفية معينة.
أعود إلى وساوس العقيدة التشكيكية والتي آلمتك كثيرا وتقولين (وأذكر أني عندما عرفت أنها وسواس ارتاحت نفسي وصرت أحاول أتجاهلها حتى اختفت تقريباً) طبعا لا يوجد أي توضيح لما حدث بعد هذا.... ثم تمر مدة زمنية غير محددة لا ندري أكنت تعانين فيها أم لا؟؟ لنصل إلى حديثك عن مشكلتك اليوم (أني قد فعلت أفعالا وقلت أقوالاً أو قد صدرت من أهلي فأخشى أنها كفر).
على كل من الأفكار الكفرية الشكيكية إلى الأفكار الكفرية والأقوال والأفعال الكفرية أو التي ربما تكون كفرية!! نحن ما نزال نتحرك ضمن وسواس الخوف المفرط على سلامة ونقاء العقيدة..... وأحب أن أطمئنك أن أي شيء مما سألت عليه أعلاه بخصوص كونه كفرا أو لا الرد لا ! لا جامعة قاطعة مانعة !.... فمثلا (شعور أني حرمت حلالاً) -أو بالأحرى فكرة- ليس كفرا ناهيك عن أنك لست من يحرم ويحلل!! وأما (تهوين المعاصي) فربما يوقع في المعاصي وليس الكفر كل هذا ليس كفرا ولو لم تجدي بنفسك نفورا منه بل ولو شعرت أنك انشرح صدرك لهذا!! كذلك فإن شكك لمدة طويلة في أي شيء أنه كفر لا يجعلك كافرة؟
نأتي بعد ذلك إلى شعور التسخط على الله (أشعر أني أنا من أجلبه وأحدث به نفسي وأسترسل معه لكوني أستطيع إيقافه أحياناً أو التشاغل عنه) كل هذه حيل وسواسية تعتمد على دفعك لتقرئي دواخلك لتعرفي مشاعرك تجاه الحاصل فتكونين في مرمى الوسواس الذي يعيق تواصلك مع دواخلك... ولذلك قلنا أن التفتيش في الدواخل : آفة الموسوس ! .....
خذيها قاعدة إذن يا ابنتي لك ولكل موسوس بالكفر : في مجابهتك للوسواس كل ما يستدعي (للرد عليه أو دفعه) أن تقرئي مشاعرك أو ذكرياتك تجاه ما يتعلق بالكفر "خاصةً" هو بداية وسواس عليك أن تهمليه فمثلا:
شعور التسخط واتهامك نفسك بأنك من تجلبينه وكونك تسترسلين معه أحيانا فكريا (أي أن تفكري بشأن) وربما استبطانيا أيضًا (أن تفتشي مشاعرك بحثا) عن النفور... أو التأفف..... من الشعور السيء فلا تجدين شئا .... كل هذه حيل وسواسية يوقعك فيها مرضك وتنتهي بالشك فيما تجدين أو الصدمة أو الذنب أو مزيج من كل هذه العواطف..... دون أن يحل الإشكال ولذا تعودين إلى نفس الحال مع الوسواس.
أنت تقولين (فلا أدري هل التأفف من الحكم الشرعي أم من حالي فأنا تختلط علي الأمور كثيراً ولا أستطيع التمييز).... وتقولين (عندما أريد أن أتوب مما أظنه كفراً لا أعرف كيف أتوب توبة صادقة وأشعر أنه مطبوع على قلبي وأني كاذبة)...... وأكثر من ذلك تقولين (فتنت قبل مدة ووقعت في أمر يغلب على ظني أنه شرك أكبر لأني لا أستطيع تمييز نيتي التي كانت مني حينها وقد تبت منه ولكني ما زلت أتألم) كل هذا يشير إلى تأثير اعتلال قدرتك على قراءة دواخلك واتباع الوسواس الذي يبقيك في مرماه حين تفتشين دواخلك لتقرئي نية أو شعورا مناسبا لما هو الآن..... أو تحاولين تذكر أي شيء من ذلك أو من ذكرياتك...إلخ.... وتجدين توضيحا لخلل التواصل مع الداخل عند الموسوس في قراءة ما يلي:
ط.ب.ح.د الموسوس والتفتيش في الدواخل
وسواس الكفرية والتفتيش في الدواخل ! م
تقولين أيضًا عند حديثك عن شعور التسخط وتفاعلك الوسواسي معه (فكأني أنتقم من نفسي وأعذبها بهذا الشعور أكثر).... وهذه واحدة من الشكاوى الشائعة في مرضى وسواس الذنب التعمق القهري و.ذ.ت.ق الذي يبدو لنا أنه عرْض حالتك أو وسوستك الحالية... إذ كثيرا ما يشعر الوسواس المريض بأنه شريك بإرادته في المعصية أو الكفر .. ثم هو يكابد مشاعر الذنب والخوف والخزي بعد ذلك.
تشيرين كذلك إلى حيل وسواسية تنطلي عليك وتعتمد على نفس النقيصة لديك في التواصل مع دواخلك ووقوعك في الفخ الوسواسي عبرها محاولة قراءة داخلك فيحجب عنك وتقعين في الشك أكثر مما بدأت، فمثلا تقولين : (كنت مرة غاضبة جداً من أهلي فسببتهم في نفسي وسببت الدين لكن لم أتلفظ بذلك فهل هذا السب بإرادتي وهل يعفى عنه إذا لم أتلفظ به؟) في غضبك الشديد سببت الأهل وسببت الدين في نفسك ولم تتلفظي به، وتسألين هل كان بإرادتي ؟؟ فهل نحن من يسأل عن كيف كانت إرادتك؟ إنما نمثل بديلا خارجيا لك لمعلومة داخلك لتعذر تواصلك أنت مع داخلك.... وعموما السب (أثناء الغضب) في النفس سواء كان من النفس أو من الوسواس معفو عنه للجميع.
وكمثال آخر في إفادتك يأتي الوسواس مرة كما تصفين ليقول (قبلت صلاتك أم لاتقبل لا يهم، أو بعض الاعتراضات على الأحكام فيها) فتسارعين بمحاولة قراءة الدواخل بحثا عن الرفض أو النفور فلا تجدين إلا البرود (لا أجد مني نفورا من هذا الشعور بل برود تام)... بنفس الآلية تقعين كل مرة في الفخ !
لكنك كذلك تبدعين في الوصف حين تقولين : (كأني شخصان؛ شخص يخاف الله ويحبه وآخر ليس كذلك، شخص يخشى من الكفر وآخر لا يبالي.) طبعا أنت شخص واحد يخاف الله ويحبه لكنه مريض..... باضطراب الوسواس القهري عرض الذنب التعمق القهري "و.ذ.ت.ق" والذي يحتاج إلى علاج من متخصص.
وأخيرا اطمئني ما عليك إلا أن تسعي للحصول على العلاج متعك الله بالصحة والعمر المديد.... وردا على (أخشى أن أموت على هذه الحالة)... نقول لك أن هذا لو حصل فستكونين (إيمانيا) على فطرتك الأولى قبل الوسواس يعني لا كفرت ولا كنت تستطيعين ! والموسوس بالكفر لا يكفر ! ولو ظن أن أراد
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فبالتطورات تابعين.
ويتبع>>>>>: ط.ب.ح.د × و.ذ.ت.ق وتسأل هل هذا وسواس؟ م