مُحتارٌ جِدًّا.. أرجوكم أشيروا على.
تَبدأ قصَّتي قبل حوالي عشر سنوات حينما تعرَّفْتُ على فتاة أُردنيَّة، أَحْبَبْتُها جِدًّا، بل لا أُبالِغُ إن قلت: أنني عشِقتها وأصبحتُ مَهْوُوسًا بِها؛ أفكِّر بها في كلِّ لحظة بل لقد أصبحت أوقاتي كئيبةً جدًّا وأشعر أنه لا معنى لها حين أكون بعيدًا عنها أو حينما تُسافر..
وبعد ثلاث سنوات من هذه العَلاقة التي لم تَصِل - ولله الحمد - إلى الوقوع في الخطأ الأكبر، بل حُبٌّ وكلام ولقاءات فقط، بعد ثلاث سنوات تقدَّمت لخِطبتها من أهلها، وأبدَوُا الموافقة ولكنَّ أهلي - وأبي خاصَّة - وقف أمامَ هذا الزَّواج ورفض رفضًا قاطعًا زواجي وأنا سعودي من أجنبية كما يقول، وبعدَ مُحاولات كثيرة منِّي استسلمتُ وأطعت أبي وفارقت البنت، وعِشتُ بعدها أيامًا صعبةً، وسارع أهلي بالبحث عن فتاة سعوديَّة لتزويجي منها لمُعالَجَة سريعةٍ لِلوضع، وبالفعل تزوَّجت مِن فتاة جميلة وطيِّبة جدًّا، وأنجَبت منها - من خمس سنوات تقريبًا - وللحق فهي فتاة مُتديِّنة ومطيعة وربَّة بيتٍ مِن الدَّرجة الأولى وتُحبُّني كثيرًا، بل أستطيع أن أقول: أنها مُتيَّمة في حبِّي وغاية أُمْنِيَّاتِها رِضاي، ولكنَّ المشكلة هي أنني لم أستطع أن أُحِبَّها أو أن أَعْشَقَها.
حاولْتُ لكن لم أستطع، وزاد الأمر لدي حتى صارت حياتي روتينًا لا أشعر فيه بطعم السَّعادة، حتَّى في اللِّقاء الخاصِّ بيننا أجدني أعمل روتينيًّا لإرضائها وإسعادِها فَقَطْ دون أن أشعُرَ بِأيَّة رغبةٍ أو استِمْتاع، مع أني لا أُشْعِرها - والله - إلاَّ بما تُحِب من الكلام وادِّعاء الرِّضا والسَّعادة؛ لأنها غاليةٌ جدًّا عندي، لكن أنا لا أُحِسّ بأي شيء من ذلك، أَصبَحَتْ - كما قلتُ - لقاءاتي الخاصَّة معها كالاستِمْناءِ الَّذي أَدمنتُه قبل الزَّواج: حركات جسدية فقط، وأنفِرُ من قُرب وجهي من وجهها أو ممَّا يُسمَّى القُبلَة الطويلة أو وقت النوم، ولا أجد أيَّ شَوْقٍ أو حرارةِ حُبٍّ عند السفر أو البُعد، لم أَجِد ما كنت أَجِده مع تلك الفتاة - التي نَسيتُها ولم أَعُد أتذكَّرُها ورُبَّما زوجتي أجملُ منها - مِن الهُيام والعشق المجنون.
وأنا حالتي الماديَّة فوق الممتاز وأستطيع أن أتزوَّج، لكنَّ ذلك سيكون كالصاعقة لدى زوجتي الحالية خاصة أنها تحبني ولا يمكن أن تعيش لو تزوَّجت أخرى، أصبحتُ أقارن نفسي بغيري من الناس فأشعر أنهم في سعادة أكثر وفي مُتعة أفقِدها، حتَّى أن نفسي الأمَّارة بالسوء تُراودني بالسفر والزواج للاستمتاع فقط وبأي شكل؛ فصِرْتُ - دائمًا - مهمومًا حزينًا، وأخاف مِن الوقوع في الطُّرق المحرَّمة أو غير المدروسة.
أرجوكم أشيروا على..
ساعدوني!!!
08/10/2021
رد المستشار
مرحبا بكم أخ جاسر العتيبي
مشكلتك كما تصفها تعبر عن ثلاث دوائر زمنية نعيشها فخبرات الماضي تؤثر في الحاضر وخبرة الحاضر تجعلنا نتذكر الماضي ونفكر في المستقبل، وتظل الحيرة طالما لم ندرك العلاقة بينهم في حالة تكاملية.
بخصوص الماضي فلك فيه تجربة غير مكتملة كي تقارنها بتجربة الحاضر، فالعلاقة لا يحكم عليها من أطرافها وما كان بينك وبين فتاة الأردن كانت علاقة عاطفة ومشاعر، بينما لم تتداخل معها في الطباع وطرق المعيشة وتفاصيل الحياة ولم تلتقيا على فراش واحد، فكيف تقارن تجربة زواج بتجربة تعلق وارتباط عاطفي، فخبرة الماضي تختلف عن خبرتك الحالية، فلا تقارن امرأة فقط عرفتها بامرأة تزوجتها.
تفعيل وتنشيط النموذج المثالي وفقا لرأيك في فتاة الأردن سيجعلك حتما تشعر بالإحباط وعدم الرضا لأنك فيه وصلت للهفة والاشتياق والعاطفة كانت تعمل فقط، أما الآن فالعاطفة تأخذ نصيبا والعقل والحياة تأخذ مساحة أخرى في حياتك.
كلامك عن زوجتك يشير إلى مشاعر لا تبوح بها صراحة لأنك عاطفيا متعلق بنموذج فوصفك لامرأة بأنها "جميلة وطيِّبة جدًّا، وأنجَبت منها، مُتديِّنة ومطيعة وربَّة بيتٍ مِن الدَّرجة الأولى وتُحبُّني كثيرًا، مُتيَّمة في حبِّي وغاية أُمْنِيَّاتِها رِضاي، ورُبَّما زوجتي أجملُ من التي عرفتها"
هل أنت في حاجة لتجربة خبرة حرمان من امرأة كهذه كي تعرف أنك تحبها أم لا؟ أو تعرف أن العشق الذي تبحث عنه ليس بالضرورة يكون طوال اليوم وبمستوى معين.
لا تقارن عاطفتك في أول العشرينات وأنت مقبل على أول الثلاثينات، أنت في حيرة وتخشى من الدخول في تجربة جديدة ربما كي لا تفقد ما أنت فيه، إذا كان هذا الافتراض صحيحا فأنت تحب زوجتك كثيرا لكنك متصور الحب يقتصر على شكل عاطفي ولغة وجدانية محددة.
قولك "أصبحتُ أقارن نفسي بغيري من الناس فأشعر أنهم في سعادة أكثر وفي مُتعة أفقِدها" هذه مقارنة في الحاضر جعلك تبحث عن مقارنة حالة نجاح مررت بها بحالتك الآن فتتذكر تجربتك العاطفية الأولى. المقارنة أمر غير فعال ولا مفيد لك ولأي شخص فأنت لا تعرف عن حياة الناس إلا لحظات ودقائق في أوقات معدودة.
أمر إمكانية زواجك بأخرى اعتبره أمر شخصي وخبرات وتجارب في الحياة لها شروط وضوابط أولها أن تحافظ على بيت مستقر وأولاد وزوجة تحبك فإن كانت هذه الخطوة ستجعلك تخسر مكاسب أنت تعايشها فلا نشجعك على ذلك.
إحساسك أنك لا تحب زوجتك أو أن زواجكم تقليدي أو أنكما لم تصلا لحالة الحب الحقيقي هي غالبا في وجهة نظري أفكار تراود أغلب الأزواج وأحاسيس نحترمها لكن لا نصدقها، ولا نرتب عليها إجراءات وقرارات مهمة.