متلازمة توريت.. هل أنا مصابة بها أم لا؟
منذ فترة قليلة تعرفت لأول مرة على مفهوم متلازمة توريت وتوصيف أعراضها، وذلك استدعى لدي ذكريات صادمة من طفولتي وحتى الآن مما أثار لدي الشك بأني كنت مصابة بهذا المرض في طفولتي وأظن حتى الآن بقدر بسيط، ولكن ينتابني أيضا الشك في أنه مرض مختلف لاختلاف الأعراض عن ما قرأت، لذلك لجأت إليكم علّني أجد طرف خيط من متخصص يعينني على بداية الطريق للتخلص من هذا الأمر.
لإيضاح الأمر أكثر، دعوني أقص عليكم ما أتذكره بخصوص هذه المسألة، بدأ الأمر مبكرا جدا، ما أتذكره كان من بداية المرحلة الابتدائية ولكن ما سمعته من أفراد العائلة يشير إلى أنه كان من سن أصغر ولكني لا أتذكر، لنبدأ بما أتذكره أنا، كانت تحدث لي تشنجات لا إرادية متزامنة مع أحلام اليقظة التي طالما هربت إليها وتخيلت نفسي فيها أسعد وأنجح وأكثر شعبية وقبول بين رفاقي في المدرسة وذلك علي عكس الحقيقة نظرا لطبيعتي المنطوية آنذاك.
وأثناء "سرحاني"واستغراقي في هذه الأحلام كنت أجد يداي ترتفعان أمام وجهي وبالتحديد فمي وتفركان بعضهما بعض كحركة تدليك الصابونة بين اليدين وبشكل عصبي ومتشنج وسريع ولا كنت أدرك أني على هذا الوضع أصلا إلا اللحظة التي أفيق فيها وحدي فجأة خارج هذه الحالة فأدرك أنها حدثت بالفعل، وفي العديد من المرات كان يحدث هذا وأنا وحدي في غرفتي ثم أتفاجأ بدخول أحد أفراد أسرتي إلى الغرفة فعندها أفيق وأتوقف نتيجة شعوري بالحرج الشديد كما لوأنه "تم ضبطي" متلبسة بجرم شنيع! وللأسف الشديد لقد كانوا جميعا يشعروني بذلك فعلا.
اختلفت طريقة تعبيرهم عن هذا ما بين النظرة المؤنبة وبين القول الصريح "وبعدين؟" كما لوأنه شيء متعمد أقوم به!، وهذا لا يُقارن مع ما كنت أتعرض له من بقية العائلة الكبيرة من سخرية خاصة فتيات العائلة فقد كانوا يتندرون علي هذه الحالة التي تنتابني لا إراديا ويطلقون عليها "الحركة العصبية"! وكانت أمي أيضا من حزب الساخرين وأطلقت عليها:" الإيرّ" وذلك لأني كنت أطلق أحيانا صوتا كهذه الكلمة أثناء هذه التشنجات.. ولكني لا أتذكر أني قمت بهذه الأشياء في المدرسة ولا أمام أي غرباء عموما.
ولكن علمت مرة من زوجة خالي أني في طفولتي المبكرة كان الأمر أكبر من هذا حيث أني كنت أقوم بحركات رفرفة كالطائر وعندما كانت "تضبطني" مازحة بقولها: "بتعملي ايه؟"، تقول أني كنت أجيبها: "بعمل زي العصفورة يا طنط!"، لقد حكت لي هذا الأمر بمرح كما لوأنها تسترجع معي ذكريات طفولة سعيدة! يبدوأنها كانت تظن بالفعل أني ألعب.. ولم تعلم أن الأمر لم يكن كذلك، ورغم أني لا أتذكر هذه القصة ولكن أكاد أجزم أني كذبت عليها بخصوص تقليد العصفورة لكي أجد مبررا أمامها لفعل هذه الحركات اللاإرادية، تذكرني هذه القصة بمشهد آخر أتذكره تماما وأنا في سن الابتدائي وكانت لا تزال أختي طفلة صغيرة، وكنت أقوم بحركة "العصفورة" تلك بينما أذرع الغرفة جريا ذهابا وعودة، وكانت أختي تقلدني كأي طفل في هذا السن، حمدا لله أنها لم تصب بذلك مثلي وكان مجرد تقليد طفولي..
بمرور الزمن قل هذا الأمر جدا ولكنه للأسف لم يختف تماما حتى لحظة كتابة هذه السطور وبعدما بلغت السابعة والثلاثون من عمري، لقد قل هذا الأمر جدا لدرجة أنه لا يحدث الآن إلا كل فترة طويلة وتكون غالبا نتيجة انفعال شديد، كفرحة شديدة جرتني إلى المزيد من أحلام اليقظة السعيدة، وحتى ترقب وتخيل ما أحلم بتحقيقه مستقبلا، وعلي النقيض الآخر تحدث نتيجة الغضب الشديد وتخيل ما قد أفعله وأقوله، وكل هذا وأنا في المنزل ولوحدي داخل غرفتي إلا لورآني أحد أفراد الأسرة صدفة، والغريب أنهم لم يعودوا يقومون بنفس رد الفعل وإنما أصبحوا يتجاهلون تماما كأنهم لم يروا أي شئ، ولكن هذا لا يرفع عني الشعور بالحرج!
لا يحدث هذا أمام الغرباء بتاتا، أحيانا ينتابني الهلع من التساؤل لوأن ذلك قد حدث أمام غريب وصديق ولم يخبرني، ولكن أعود لأتذكر أني أكون في كامل وعيي خارج المنزل ووسط الناس، وإن تعرضت لمثل هذه الانفعالات من الفرح والغضب الشديد فإنها تظل مكبوتة في ذهني في هيئة صور ومشاهد قد تصيبني ببعض الشرود ولكن دون أن يستجيب جسدي بأي حركات تشنجية كهذه إلا أحيانا طقطقة الأصابع والتي تبدوحركة طبيعية تماما، أنا لا أفقد السيطرة إلا وأنا وحدي داخل المنزل، الذعر الأكبر بالنسبة لي إذا تزوجت أن يراني زوجي بهذه الهيئة، لا أطيق تخيل حدوث هذا.
أخاف أيضا من إمكانية توريث هذا الشئ لأبنائي إذا كان يورث.
اعتذر عن الإطالة وأرجوأن أجد لديكم ضالتي المنشودة.
17/10/2021
رد المستشار
صديقتنا،، متلازمة توريت تثير فضول الطب العصبي، الطب النفسي، وطب الأطفال عموماً، كانت المتلازمة إلى عهد قريب نادرة جداً وفي الممارسة المهنية تكاد تكون مقتصرة على ذكور في بداية وقبل أعوام المراهقة وتتميز بعرات حركية وصوتية يصاحبها اضطراب الحصار المعرفي (الوسواس القهري) واضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة. تشخيص الاضطراب يتم عن طريق مقابلة المراجع وملاحظة عرات حركية وصوتية بوضوح، وهذا ما يحدث في جميع الحالات.
استحداث مفهوم الاضطرابات النمائية العصبية Neurodevelopmental Disorders وانتشار المعلومات عبر الإنترنت مع التشخيص الذاتي لمختلف هذه الاضطرابات، دفع متلازمة توريت صوب ما يمكن تسميته أحد التشخيصات التي يتم تحميلها عبر الإنترنت. يتم تحميل التشخيصات الذاتية إلى اضطراب التوحد في البالغين، عجز الانتباه فرط الحركة في البالغين، الوسواس القهري، والثناقطبي.
العرات الحركية بمختلف أنواعها كثيرة الملاحظة ولها علاقة بنماء الجهاز العصبي عموماً، هذه العرات يمكن أيضاً صياغتها في إطار سلوكيات قهرية حركية ويتم ملاحظتها في الأطفال والمراهقين وتبدأ بالتلاشي تدريجيا في نهاية العقد الثاني من العمر، ولكن قد لا تختفي نهائيا وتظهر بين الحين والآخر مع الضغوط البيئية، رغم أن هذا المسار ينطبق كذلك على متلازمة توريت إلى حد ما، ولكن المتلازمة تتميز بما يلي:
١- وجود عوامل خطورة تشير إلى المتلازمة منها ظهور الأعراض بين عمر ٣ – ٨ أعوام، ذكر، وجود تاريخ عائلي للاضطراب والوسواس القهري، وعجز الانتباه فرط الحركة، في الممارسة المهنية القاعدة العامة هو اجتماع المتلازمة مع الاضطرابات الأخيرة.
٢- الأعراض تظهر في الطفولة المبكرة وتميل إلى الشدة في نهاية أعوام الطفولة وبداية أعوام المراهقة.
٣- العرات تتميز بكونها سريعة وغير منتظمة وتشمل الوجه والكتف ويصاحبها الدافع القوي للقيام بها، كذلك الأمر ينطبق على العرات الصوتية.
٤- ملاحظة سريرية مهمة يجب الانتباه إليها هو أحاسيس يشير إليها المراجع في مناطق معينة من جسده تسبق العرات الحركية والصوتية ويتم وصفها بارتفاع الضغط وفشل المقاومة والسيطرة على العرات.
٥- سلوكيات قهرية متعددة.
ما تشيرين إليه في الرسالة هو ما نسميه سلوكيات نمطية Stereotypies وقهرية وليس عرات صوتية وحركية بالمعنى الصحيح.
رغم الحديث عن وجود طفرات في الجينات مع المتلازمة توريت فإن غالبية الدراسات تتميز بصغر العينة وفشل تكرار النتائج في دراسات أخرى.
استنتاج الموقع هوعدم القناعة بإصابتك بهذا الاضطراب.
واقرأ أيضًا:
هل هذا هو عذاب عرَّات التوريت؟؟؟ م
توريت والكفر م
السب الكفري قد يكون عرات توريت !
العرات المزمنة والوسواس: توريت والسب القهري