السَّلام عليكم،
أنا شابٌّ مُسَافر، بعيدٌ عن بلدي بقَصْد العمل، مُنذ سنة ونصف طَلَبْتُ مِن أهْلِي أن يخطِبُوا لي الفتاةَ التي شرحْتُ لهم أَوْصَافها التي أتمنَّاها، ووَقَع اختيارُهُم على فتاة، أَتَيْتُ لبلدي ورَأَيْتُها وأعْجَبَتْنِي فطَلَبْتُ يدها، ووافَقَتْ وأهلها عليَّ. وأنا شابٌّ - بفضل الله – مُلْتَزِم، نسأل الله القَبُول، وليس لي أَيُّ مُغامرات عاطفيةٍ، أو تَجارِب سابقةٍ مع فتيات.
بعد الخِطْبَة ظَهَرَتْ بعض الأمورِ التي ما كنتُ أتمنَّاها بعائلتِها؛ لَكِنْ لَطالَما قُلْتُ: "إنَّ المُهِمَّ هو البنت وليس أهلها، وإذا كان الحبُّ بيننا عامرًا، ومَخَافَةُ الله، والفَوْزُ برِضْوَانه نحن مُتَّفِقانِ عليهما، فسَنَتَّفِق على كل شيء آخَرَ ثانويٍّ".
الأمْرُ الَّذي حدثَ لي: أنَّنِي أحْبَبْتُها كثيرًا، وأُغرمتُ بها؛ وذلك لِمُبَادَلَتِهَا لي هذه المشاعر في أول الأمر، فهي التي فَجَّرَتْ عندي منابع العَواطفِ؛ لكن بَدأتْ هذه المشاعرُ بالاختفاءِ بعد شهرينِ تقريبًا.
استمرَّتْ علاقتُنا 7 أشهُر بين قَبولٍ ونُفُورٍ، بين أُرِيدُه ولا أُرِيدُه حتَّى انْفَصَلْنا، وقد كانتِ الأيامُ الَّتي مَرَرْتُ بها خلال تلكَ الفترة مليئةً بالآلامِ الكثيرةِ لِي، فقد جَرَحَتْ مشاعري كثيرًا؛ لكنَّنِي ما كنتُ أستطيع إِلاَّ أنْ أسامحَهَا؛ لأنني أحْبَبْتُهَا.
بعد فترة وجيزةٍ جدًّا - مُدَّة شهرٍ تقريبًا - مِن انْفِصَالِي - وأنا ما زلتُ في إجازَتِي قبل سفري لبلد العمل - اقْترحَ أهلي عليَّ فتاة أُخْرى، أمَّا أنا فكنْتُ بِوَضْعٍ مُحَطَّمٍ جِدًّا، فاقِد الثِّقَة بنفسي، وأمَّا الفتاةُ الثانية فقدْ كانَتْ لنا مَعْرِفةٌ مُسْبَقَةٌ بِأهْلِها، وهيَ فتاةٌ صغيرةٌ بعض الشيء، فبَيْنِي وبَيْنَها 9 سنوات، والحقيقة أنَّها هِيَ وأَهْلُها بِمُواصَفَات مثاليَّةٍ تقريبًا بالنسبة إليَّ.
لَمَّا ذَهَبْتُ ورَأَيْتُها، ورأيتُ قَبولَها وقَبولَ أَهْلِها لِي، تَقَدَّمْتُ لِطَلَبِها؛ فأنا في حاجة حقيقيةٍ، وبشكلٍ كبيرٍ لِمَن يقول لي: أنا أحبكَ، أنا أرغبُ فيكَ.
بدأَتْ علاقتُنا - والآن لها أكثر مِن شهرينِ تقريبًا - لكن ليْسَتِ المشاعر التي أُكِنُّ لها هي نفسُها المشاعر التي كنتُ أُكِنُّها لخطيبتي الأولى، لكنني كنتُ أُحاوِل دائمًا أنْ أُعَبِّر عَن كمِّ مشاعِرَ لم تكنْ موجودة لعلها توجد، لعلَّها تصبح حقيقيَّة، فغمرَتْنِي هي بالمشاعِر الجميلة التي كنتُ أتمنَّاها؛ لكن: أحبُّ الأولى أكثر، وأتمنَّاها هي أكثر.
نظَرْتُ للدنيا نظرةً أخْرَى، وقلتُ في نفسي: إِنَّ الزَّواجَ ليس هو القَصْدَ مِن هذه الحياة، ففي خطيبتي المُقومات التي تجعلني أَحْيا سعيدًا، وستُعِينُني على رسالتي في هذه الحياة كمسلم.
حدث وأن عَلمْتُ أنَّ خطيبتي السابقة رفضتْ عُروضًا تقدَّمَتْ لها، وأنَّها نادمة كثيرًا، وتتمنَّانِي أنا دون غيري مِن الخاطبينَ، فقد سَمِعْتُ هذا منها؛ نعم، وتكلَّمْنا عبر الهاتف بَعْد عِدَّة رسائل - للاطْمِئنان والاهتمام – تبادَلْنَاها، كنتُ عندها كَمَن كان رجلاً آليًّا بلا رُوح، ودَبَّتْ به الرُّوح مِن جديد. اتَّفَقْنا على أنْ نتوقَّفَ عن أيِّ كلامٍ؛ لأنَّ ذلك غير شرعي.
والقرار بيدي الآن، ماذا أفعل؟ أَأُنْهِي عَلاقتي الآن بخطيبتي وأَجْرَحها، وأُزْعِج أهلها - وهذا الأمر يعزُّ عليَّ كثيرًا - مقابل أن أعيشَ مع مَنْ أحِبُّ؛ أم أستمرُّ بتمثيليتي الحالية؛ لعلها تصبح حقيقة - أو لا تصبح فمدتها محدودة بهذه الحياة، وأتمنى أن يجمَعَنِي اللهُ في الآخرة مع مَن أحِبُّ، مع مَن حُبُّها يجري بدمي - وأتجاهل مشاعر خطيبتي الأولى ومعاناتها؟
أنتظر توجيهاتكم
مع كل الشكر والتقدير
19/10/2021
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تواجه صعوبة في اتخاذ قرار هام في حياتك، وربما يساعدك فيه تذكر أن مسؤوليتك الأولى تجاه نفسك. انطلق في اتخاذ قرارك من هذا المبدأ والذي قد يظهر أنانيا وجاحدا، ولكنه واقعي وشرعي فقد وكلت بنفس وسوف تُسأل عنها، يجب عليك أن تفكر بعمق وموضوعية في مصلحتك فلا تأسرك ظواهر الأمور.
استخدمت تعبير خطيبتي الأولى وهو يساعد في تشويه تفكيرك، فأنت تقنع نفسك بأنك مسئولا عنها وهذا غير صحيح، ففي اللحظة التي فصمت فيها الخطوبة أصبح لا يربطك بها شيء ولا يجوز استخدامك لضمير الملكية "خطيبتي". أشاركك الرأي بأن الحياة لا تبنى على المشاعر وإن كانت المشاعر الإيجابية تهون الطريق على المسافرين فيها، لكن المشاعر ليست المرجع الأفضل في اتخاذ القرارات أو الأحكام.
بعد أن تفصل الفتاة الأولى عنك نفسيا اعمل على تقييم سلوكها وأهلها، وقارنها مع الفتاة التي ترتبط بها حاليا وكذلك قيمها وأهلها بموضوعية وتناسى ارتباطك بها، أهل الفتاة نقطة مهمة في الحياة قد يكونوا مصدرا لاستقرارك أو العكس، فالفتاة لا تنفصل أبدا عن أهلها وستكون مضطرا للتعامل معهم، فانظر أي أهل تفضل الحياة والتواصل معهم، أيهم لديه صفات تريد أن تراها في أولادك خلال بضع سنوات.
بعيدا عن مشاعر التعلق لديك انظر أي أسلوب تعامل تفضل، الثابت المتزايد أم المتذبذب؟ هل تفضل الحياة بهدوء أم بمزاجية شريكة حياتك؟ اتخذ قرارك بناء على ما يحقق مصلحتك بعيدا عن الشعور بالذنب تجاه الآخرين.