السلام عليكم
أنا عندي 17 سنة أدرس في الثانوية… أعجبت من قبل بشاب وبدأت بمتابعته في صمت فوقعت في وهم أنني أحبه، ثم أدركت أن هذا كان جهلا مني وأنه فراغ عاطفي لا أكثر لكني لم أخبره.
المشكلة أنني الآن أعجب بشاب آخر وأتابعه وأراقب حياته في صمت وأخاف أن أقع في نفس الوهم، وقد بدأ الأمر يؤثر على دراستي وتركيزي.
يبدو أننى لم أتعلم من خطئي
أجبنى إذا تكرمت
30/10/2021
رد المستشار
أهلا بك على موقعنا للصحة النفسية يا "همسة".
"همسة" اسم اخترته بشكل شاعريّ ومقارب لمشكلتك، فأنت تهمسين في صمت لنفسك بما تحتاجينه من مشاعر الحبّ والاهتمام، أنت شخص يهتمّ بتفاصيل الآخرين في صمت، تحبين أن تشعري أنّ فلان مقرّب إليك ويعني لك شيئا وبالتالي تعنين له شيئا لأنّك مهتمة به وستقدّمين له تلك المفاجأة في حالة ما تحدثتما وتطوّرت علاقتكما، لكن كل هذا في صمت مع نفسك، عبر همسات تحوم بين جنبيك.
المشكلة في هذا الصمت أنّه لا يضعك بكل تطلعاتك ورقّتك وتدقيقك أمام واقع يمكنك أن تختبري فيها كل ذلك. أعطيك مثالا بسيطا، لو اهتممت بشخص ثم بدأت بالتفاعل معه في ثانويتك، فوجدته بصفات لا تعجبك أو لا يحسن التعامل والكلام، فلن تستمر حالة الإعجاب طويلا، وستنتقلين لشيء آخر أو تعرفين بأن ما ترينه مثاليا ليس كذلك (وهذا مهم في النضج العاطفي والقدرة على كبح أنفسنا عن اللّهث وراء العلاقات)
الإعجاب في حدّ ذاته ليس عيبا في مرحلتك بالخصوص بل هو شيء طبيعي ويُعتبر غيابه هو مؤشر الخطر والمرض (عكس ما يعتقده بعض الناس!) لكن المشكلة تكمن في كيفية تصريف هذا الإعجاب وخوض هذه التجربة النفسية الضرورية والملحّة النابعة من النموّ العاطفي والجنسي لدينا. ففرق بين إعجاب يشكل جزء من النشاط اليومي والأشياء الجميلة فيه، وبين أن يكون الإعجاب شيئا وحياتنا شيئا آخر، إذا حضر الإعجاب عطّل تلك الحياة كما يعطّل حياتك الآن، لأنه يتجلى على شكل تقوقع على الذات وأحلام اليقظة وعلى تأويلات مبالغا فيه بخصوص ذكاء ذاك الشخص روعته، طيبوبته وشخصيته... كل ذلك معيق للنموّ العاطفي السليم لأنه يبني فكرة خاطئة عن الحياة وعلاقاتها عموما والعاطفية خصوصا.
الحلّ هو تقاومي بكل ما أوتيت من قوة "عادة التتبع" في صمت والبحث عن تفاصيل حياة ذاك الشخص سواء في الحياة الواقعية أو الافتراضية، الفراغ الداخلي الذي يجعلك تعوضينه بمهمة سريّة رومانسية يجب أن تملئيه، املئيه نفسيا قبل أن تملئيها عمليّا، نفسيا بأن تفهمي بأنك حتى إن تابعت تفاصيله أعواما فقد لا تكونان مناسبان، ولن يلحظك أصلا لأنك تهربين من المواجهة وغالبا ستكونين ممن يتحكّم جيدا في ردات فعله ويخفي مشاعره وميولاته وقد تنكرينها بقوة إذا واجهك أحد بها... نفسيّا لا يمكن أن تعيشي في ظل أحد لا يدري بوجودك إلا كظل يمرّ أمامه.
وإن كنت تريدين بناء علاقة عاطفية فلن تكون بهذا الشكل وعلى شروطك الكتومة واللاوقعية بل على الاعتراف بقيمتك وحقك في الظهور وإبداء الرأي وبأن يتقبلك الآخرين بينهم باختلافاتك عنهم وتشابهاتك معهم، بأنّ تعملي على الجانب الاجتماعي لأن طريقتك هاته تنبئ بعدم ارتياح مع المجتمع، أو على الأقل صنف الذكور منهم.
ثم تملئين فعليا فراغك بتفاعلات اجتماعية مختلفة تتحملين فيها المسؤولية ويكون لك فيها القدرة على التعبير عن رأيك دون خجل بأن تعبري عن اعتراضك بأدب دون أن تشعري أنّ بك خللا ما... مشاريع ونشاطات صغرى خارجة عن واجباتك اليومية... إلخ.
وحاولي أيضا أن تعرفي سبب التعلق هل بسبب غياب الحنان والدفء في الأسرة أو بسبب استباق الأنوثة عندك فتبحثين عنها عبر تقدير شاب لها... أو يختلط حبك لمعرفة تفاصيل الناس والغموض الذي يحوم حولهم مع ميلك العاطفي...إلخ
هذه أسئلة ينبغي التأمل فيها.
تمنياتي لك بالأفضل، وحاولي قراءة:
الرابعة بين ست بنات: حب التعلق
إدمان الحب : يخرب بيت عيونك يا عليا !
إدمان الحب