بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة القائمون على الموقع، جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه من خدمات ومعلومات مفيدة فبورك بكم وبجهودكم، وأنا من المتابعين الحريصين على موقعكم وأجد فيه الكثير من الفائدة والمتعة، أود أن استشيركم في مشكلتي لثقتي العميقة بكم، فأنا شخص مقبل على الزواج بعد 3 أشهر إن شاء الله، وأنا خاطب منذ 3 أشهر أيضاً.
في الحقيقة أنا ما زلت طالباً في الجامعة وأبلغ من العمر 22 عاماً، وأدرس في بلاد الغربة، وأحمد الله أن وفقني للزواج، ولأني من طبقة متدينة فلقد خطبت فتاة بالطريقة التقليدية، حيث وجدت لي أمي فتاة مناسبة من ناحية الدين والأخلاق، ولقد زرتهم في إحدى إجازاتي ورأيت الفتاة وتحدثت معها وقد كانت مقبولة من ناحية الشكل والأخلاق والدين، فوافقت عليها، وأعترف لكم بأني لا يمكن أن أتزوج بطريقة أخرى غير هذه، لأني فعلاً لا أعرف أي إنسانة معينة معرفة شخصية حتى أتقدم لها، ولا توجد بيني وبين الجنس الآخر أي علاقة من أي نوع، وذلك بسبب كوني متدينا جداً ولا أقبل بهذا النوع من العلاقات.
في الحقيقة لم أكن أود أن يكون انطباعي عن خطيبتي مجرد "مقبولة"، كم كنت أود أن أجد الفتاة التي أغبط نفسي أني وجدتها وأشعر بسعادة غامرة أني وصلت لفتاة أحلامي، ولكن كما أشار علي أهلي والكثير ممن أثق بهم أنه لا توجد فتاة كاملة وأنه عليك التنازل عن بعض المواصفات، وشيئا من هذا الكلام، ففعلت.
على العموم مشكلتي هي أني بلغت 22 عاماً وقد تجولت في بلدان كثيرة للعمل أحياناً وللدراسة مؤخراً، لقد أنعم الله علي بوسامة توقعني في مواقف محرجة جداً مع الجنس الآخر سواء في العمل أو في الدراسة أو حتى في الشارع، تتراوح من محاولات للتعرف إلى تلميحات بالرغبة في الزواج وحتى تصل في بعض الأحيان لتحرشات جنسية وقحة! إلا أني بالرغم من كل هذا لا أشعر بشيء تجاه أي فتاة، مهما بلغت من جمال ومهما كشفت من مفاتن، أحياناً لا أستوعب ما يحصل مع زملاء لي تورطوا في قصص حب وغرام، لدرجة أن حياتهم كلها تتغير بسبب هذا الحب!
هل أنا إنسان بدون قلب؟؟ لماذا لا أشعر بهذا الشعور الذي يسمونه حبا؟ لماذا لا أتأثر بالمواقف التي تحصل لي؟! سبحان الله. أحياناً أشعر بأنها نعمة حتى تحميني من الوقوع في الحرام، ولكن بعد أن خطبت واقترب زواجي، بدأت أشعر أنها مشكلة حقا، لأني حتى مع خطيبتي والتي ستكون زوجتي بعد علاقة 3 أشهر لا أشعر بأي شيء أيضاً، مثلها مثل أي فتاة في العمل أو الجامعة أو الشارع تماماً!.
لقد أصبحت أشعر بالخوف مؤخراً، وبدأت تساؤلات كثيرة تجول في خاطري، هل يمكن أن أحب زوجتي هذه؟؟ هل سيأتي يوم أشعر به حقاً بالحب، وأني أحب إنسانة ويحصل بيننا ما يحصل بين المتحابين! أم ستكون مجرد علاقة باردة وواجبات زوجية علي أداؤها وانتهى الأمر! إنني حقاً في قلق متزايد. كلما اقترب موعد الزفاف يزداد قلقي وتزداد حيرتي، أحاول أن أختلق مشاعر تجاهها، وأحاول أن أقنع نفسي بأني أحبها ولكن لا شيء يتغير!.
أنا أكلم خطيبتي وأراسلها يومياً وأراها من فترة إلى أخرى، ولكن لا أجد في نفسي أي مشاعر تجاهها!! أنا حائر حقاً، إنها إنسانة طيبة جداً ومتدينة وخلوقة، وأهلها طيبون جداً ورائعون وهم أصدقاء لعائلتنا ومن نفس منطقتنا وبلدنا، فعندما أحكم عقلي أجد أنها فعلاً الإنسانة المناسبة لي وأن اختياري صحيح وعلي أن أتشبث به، ولكن في الاتجاه المعاكس تأتي عاطفتي التي لم تتقبل هذه الفتاة لحد الآن! أرجو أن تشيروا علي ماذا أفعل؟ هل أتابع المشوار؟ هل من الممكن أن تتحرك مشاعري تجاهها يوماً ما؟ أم أتوقف وأفسخ الخطبة؟ وأنتظر حتى أجد الإنسانة التي أشعر بميل قلبي لها؟.
كما أني لا أتخيل نفسي سأدخل بزوجتي هذه ولا توجد في قلبي أي مشاعر تجاهها!! لا يمكن أن أقبل بهذا إطلاقاً!! أنا مقتنع تماماً أن العلاقة الجنسية بين الزوجين وخصوصاً في الليلة الأولى يجب أن تكون نتيجة لعلاقة عاطفية وجدت منذ أيام الخطبة ونمت خلال فترة العقد، وتكون العلاقة الجنسية الأولى تتويجاً للمشاعر والأحاسيس التي نشأت بين الزوجين الجديدين!.
هل توجد هناك طرق ووسائل لتنمية المشاعر وتقريب القلوب وتأليف النفوس قبل تلك الليلة المرتقبة؟؟ أراكم دائماً تحلون المشاكل الجنسية العضوية، وكيفية الجماع وما إلى ذلك، ولكن أين التهيئة النفسية والعاطفية؟؟ أريد أن نكون أنا وهي متعطشين لهذه الليلة ومهيئين لها تماماً نفسياً وجسدياً وعاطفياً.. فكيف الطريق وما السبيل إلى ذلك؟.
أعتذر لكم عن الإطالة ولكن والله إني حائر جداً..
وكم أود سماع استشارتكم، وجزاكم الله خيراً.
07/11/2021
رد المستشار
عزيزي من الطبيعي أن تشعر بالقلق.. دعني أرتب رسالتك على النحو الآتي:
تقول في رسالتك أن زواجك على الطريقة التقليدية.. وأن الليلة الأولى يجب أن تكون نتيجة عاطفية وتتويجا للمشاعر والأحاسيس التي تكون قد نشأت بين زوجين جديدين....
وخلصت إلى أنك لا تتخيل نفسك تدخل عليها دون مشاعر.. وأن لا مشاعر تجاه من ستكون زوجتك، وتسترسل في رسالتك حول وسامتك والمواقف المحرجة من الجنس الآخر التي تقع فيها "بعض الأحيان لتحرشات جنسية وقحة"، وفي نفس الوقت تقول أنك لا تشعر بشيء تجاه أي فتاة مهما بلغ جمالها.
والآن تبلغ من العمر 22 عاما وهذ ما حذى بوالدتك أن تخطب لك الفتاة التي رأت فيها الدين والخلق، وتحدثت إلى خطيبتك ووجدتها مقبولة من ناحية الشكل والأخلاق والدين ووافقت عليها، لتسأل نفسك... مقبولة ... ليس كاف!! كم كنت تود أن تجد الفتاة التي تغبطها لتشعر بالسعادة الغامرة؟ لتصل لفتاة أحلامك؟ هذا ما تحدث به نفسك، ليأتي الرد من الأهل وذو الثقة... مامن إنسان كامل...
عزيزي: أنت في نعمة حباك الله بها.. أنت تعرف ذلك جيدا .. انظر إلى زملائك الذين تورطوا كما ذكرت في رسالتك بسبب الحب...
عزيزي .. ألا يكفي أنها ذات خلق ودين، وأنت تبحث عمن تثير عواطفك...
فالحب تجربة إنسانية نختبرها نلتمس من خلال العواطف والشغف والشوق والانجذاب.. وغيرها من التغيرات الفسيولجية.. أي تجربة من المشاعر الجارفة نذوق حلوها ومرها، فالشباب يعتقدون أن الحب مقدمة للزواج، وهذا ما يكاد أن يجمع عليه في عصرنا هذا, ولكن ما أعرفه أنه لم يكن الحب شرطاً أو حتى مقدمة للزواج، فمهما كانت طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة قبل الزواج أو بعد الزواج, فهما المسؤولان عن نجاح أو فشل الزواج بغض النظر عن الحب قبل أم بعد.
ومما لاشك فيه, سواء كان الزواج زواج عن حب أو الحب بعد الزواج فإن ما يضمن استقرارالزواج الاحترام بين الزوجين والتفاهم والعشرة وحسن المعاملة والأخلاق الحميدة (مع وجود الأطفال) وتحمل المسؤولية من قبلهما. ففي المجتمعات المحافظة, نجد أحيانا أن العادات لا تسمح بالتعرف أو اللقاء.. فالزواج بعد خطبة رسمية والتعرف (كما هو الحال معك) جيداً على بعضهما رغم عدم وجود المشاعر.. لربما يخلق زواجاً مستقراً ونجاحا أكبر من الزواج وهنا ينمو الحب، أحيانا ما تجد أن الزواج الذي يقوم على تعارف جاد وصريح وفي غياب المشاعر القوية قبل الزواج لديه فرص النجاح والاستقرار.
أخيراً... الحب يمكن أن يأتي في أي وقت، الحب ممكن أن يأتي بعد الزواج، ويمكن أن يموت بعد الزواج، ويمكن أن يستمر إلى الأبد مع تغير طبيعته ومفاهيمه، كل ذلك متعلق بإرادة الزوجين وقدرتهما على فهم مشاعرهما الشخصية وفهم بعضهما.
أدعو لكما بالتوفيق.