بسم الله الرحمن الرحيم،
أولا أتوجه بالشكر الجزيل لكم والدعاء الخالص بأن يجزيكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه من دعم وتوجيه بلا مقابل أسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم.
مشكلتي الأولى أساتذتي الأفاضل هي أني تعرفت على شاب من خلال الإنترنت، وقد حاولنا عن طريق البريد والشات الكتابي أن نكتشف آفاق بعضنا البعض من الناحية الدينية والأخلاقية والثقافية وغيره من الأبعاد، والحقيقة أني وجدت فيه الكثير من الصفات التي أتمناها في شريك حياتي ولم أقل (كل) لأني لم ألتقيه بعد على أرض الواقع بالإضافة أنا لا أتوقع أن يكون كامل الأوصاف ولكن لا بد للأمور من أن تأخذ حجمها الطبيعي بعيدا عن النت، وهو كذلك فقد صرح لي بأنه يحبني وأنه حصل مني على كل ما يريد من معلومات عني وأنه يتمنى أن يلتقيني على الأرض.
المشكلة أنه من بلد غير بلدي ويبعد كثيرا جدا عني فتفصل بيننا أربع دول تقريبا، حيث إني أعيش في السعودية، وقد طلب مني أن يرى صورتي ولكني رفضت وأوضحت له الأسباب الأمنية لذلك وأن كوننا تعارفنا وأننا نتواصل عن طريق الشات كما أن شعوري بارتياح نحوه ليس مبررا بأن أرسل له صورتي، وطلبت منه أن يحاول أن يسافر للبلد الذي أعيش فيه أو أن يستعين بأحد من أقربائه إن كان هناك من يعيش منهم هنا في السعودية ولكنه أخبرني بأن لا أقارب لديه هنا وأنه يحاول قدر المستطاع السفر عن طريق الحصول على فرصة عمل في السعودية وذلك بواسطة المكاتب الخاصة التي تعني بذلك.
وكما أخبرني فإنه قام بتقديم أوراقه للعمل منذ تقريبا ثلاثة أسابيع، وهي مدة قصيرة فمازال هناك أمل في أن يتم قبوله واستدعاؤه، ولكنه أمل صغير وغير أكيد في ظل نظام السعودة والذي بدأ تطبيقه هنا منذ فترة، ولذا فنحن في حيرة من أمرنا... في الحقيقة من حقه أن يراني فقد أعجبه وقد لا وهذا من حقه ولا يمثل لدي أية مشكلة، فما قد لا يعجبه قد يعجب شخصا آخر لأن هذه فطرة الله فطر الناس عليها ولكن كيف يتم ذلك؟
هل من وسيلة تجعله يراني تكون بديلة للسفر في الوقت الحالي ولكن بشرط أن تكون آمنة وشرعية أي أن لا يكون فيها مخالفة للدين في شيء؟؟
المشكلة الثانية هي في حالة أنه إذا ما رآني بطريقة ما وقبل بي فكيف نلتقي؟
وبالمناسبة أنا يمنية ولست سعودية وهو من المغرب، وقد فكرت بأن نلتقي في بلدي الأصلي ولكن لا أعلم رأيه بعد، فبلدي ليس دولة غنية كالسعودية مع أنها في الجزيرة العربية ولكنها لا ترفض العامل الأجنبي، أما سفري للمغرب فأمر مستبعد تماما.
سؤال فرعي لو تكرمتم هل يجوز أن يصرح لي بحبه لي، وذلك كمرة واحدة فقط ولكي أعلم حقيقة مشاعره لي، فهو يقول إن مشكلة المسلمين هي في عدم التصريح بمشاعرهم وهو إن لم يقل لي بأنه يحبني فكيف سأعلم بها أنا!! ولا يمكن أن تحدث هناك فتنة أو فحشاء ونحن بعيدين عن بعضنا!
وقد خالفته في ذلك، ولكني أتساءل ماذا لو كان أراد إخباري فقط بحقيقة مشاعره فنحن لا نتسلى هنا أو ندردش من أجل تمضية الوقت، ولكن نحن بصدد التعرف على بعض من أجل الزواج وكلانا جاد في ذلك وقد نريد فعلا أن نعرف حقيقة مشاعرنا تجاه بعضنا البعض.
وكما يبدوا من مشكلتي فهي ليست جديدة وربما تكونوا شعرتم بالملل من تكرارها عليكم ولكننا بحاجة لكم بعد الله سبحانه وتعالى في أن ترشدونا وتنيرونا بأفكاركم ونصائحكم وخبرتكم، وأنتهز الفرصة لأخبركم بأن صفحتكم كان لها أثر كبير جدا في حل الكثير من المشاكل والعقبات التي مررت بها وفي تحسين الكثير من الأساليب في حياتي، حيث إني من المرتادين الدائمين للصفحة.
فجزاكم الله خيرا، وفرج عنكم كل كربة
وكان الله في عونكم في حياتكم الخاصة والعامة إنه هو السميع المجيب.
10/11/2021
رد المستشار
الأخت الكريمة:
أهلا ومرحبا بك ونشكرك على مدحك لنا، وثقتك فينا، وندعو الله أن يجعل عملنا هذا خالصا لوجهه الكريم وأن يجعل دعاءكم لنا وثناءكم علينا من عاجل بشرى المؤمنين، وألا يجعله من قبيل تعجيل الحسنات في الدنيا، وأن يدخر لنا جزاء عملنا كله في ميزان حسناتنا يوم القيامة.
أختي الكريمة.... لقد تعرفت على هذا الشاب عن طريق الإنترنت وبما أنك مطالعة دائمة لموقعنا فإنك تدركين جيدا مساحة الخيال الذي يضفيه هذا الوسيط على الصورة المرسومة في خيال كل منكما عن الآخر، ولقد كررنا كثيرا -وأجد أنك واعية بهذا – أهمية أن ندرك أن الإنترنت يصلح وسيلة للتعارف، ولكنه لا يصلح وسيط لتطوير العلاقة، فهذا التطوير لابد أن يتم على أرض الواقع وعلى مرأى ومسمع من الأهل، وهنا تبدو فكرة أن التحاقه بعمل حيث تقيمين أفضل الحلول على الإطلاق، بحيث يمكنكما أن تلتقيا سويا وأن يتعرف عليك وعلى العائلة، وتمضيا معا الوقت اللازم حتى يتعرف كل منكما على الآخر، ولذلك فعليه أن يسعى ويجتهد للبحث عن هذا العمل.
ويمكن أن تحاولي أنت وأهلك مساعدته في إيجاد هذه الفرصة إن كان بإمكانكما، وخيار اللقاء في بلدك يعتبر خيارا آخر جيد وإن كانت المدة المتاحة للتعارف ستكون قصيرة؛ لأن التعارف سيتم بالطبع أثناء الإجازة السنوية وهي فترة قصيرة قد لا تتيح لكما التعارف الجيد، ولكن إن كان هذا هو المتاح فلا بأس، ويمكن أن يتم التخطيط لهذه الإجازة بحيث يتم استغلالها لاستغلال الأمثل لتحقيق أكبر قدر من التعارف.
ولكنني أعتقد أنكما تريدان أن يرى كل منكما الآخر قبل البدء في أي خطوات فعلية، ومن الواضح أن أهلك وأهله على علم بما يدور بينكما.. فلماذا لا تفكرا في عقد لقاء عائلي ليتم التعارف الأولي وتبادل الأحاديث العائلية عبر الميكروفون وكاميرا الويب، فكرة أشبه ما تكون "بصالون إلكتروني للعائلات"، ويبدو أن الإنترنت قد اخترقت عالمنا، وأن العصر القادم سيكون بالفعل عصرا إنترنتيا... حيث تزداد المجتمعات الإلكترونية المكونة عبر الإنترنت... فنحن نتعلم ونتعارف ونتاجر ونعقد المؤتمرات العلمية عبر الإنترنت وها نحن نضطر لعمل "صالون العائلات الإلكتروني".
ولا أدري هل يمكن أن يساعد الموقع ويدعم هذه الفكرة تقنيا... بحيث يكون الصالون تحت إشرافه ؟ أيا كان وسواء شارك الموقع في هذا الأمر أو لم يشارك فإن هذه الخطوة المبدئية لن تتيح لكما تعارفا أعمق بكثير من التعارف عبر الشات، ولكنها ستتيح لكل منكما أن يرى الآخر؛ حتى تطمئنا لتوافر القبول المبدئي للشكل... وبذلك يكون أي جهد يبذل لمزيد من التعارف جهدا مبررا... أو يحدث العكس وحينها لا يكون هناك مبرر لبذل الجهد.
أما بالنسبة لقضية التعبير عن المشاعر فلن أناقشك في حل هذا الأمر وحرمته ولعل مواقع الفتوى أقدر مني في ذلك، ولكن ما أود أن ألفت انتباهكما إليه أن مساحة الوهم والخيال في علاقات الشات كبيرة جدا وأكبر بكثير مما يمكننا أن نتخيله، خاصة ونحن نتعامل عبر الإنترنت من خلال نص مكتوب... لا توجد أي مساحة لتدخل الحواس الخمس... ومهما تحرينا من درجات الصدق... فإن عقولنا تظنه صورة متوهمة للطرف الآخر... وبالتالي فعندما يقول لك إنه يحبك... فإن كلماته تعني ضمنا أنه يحب كائنا إنترنتيا غيرك... هو يحب الصورة المرسومة في خياله... هذه الصورة فيها بعض من ملامحك وصفاتك، ولكن فيه أيضا ملامح وصفات تمناها هو وأسقطها من مخيلته على صورتك المصنوعة في خياله، ونفس الأمر ينطبق عليك... فأنت الآن تحبين صورة كائن إنترنتي تختلف صفاته وملامحه عن الشخص الذي يحادثك عبر الإنترنت. وإدراك هذا المعنى مهم وحيوي جدا للرد على تساؤلك.. فلا يوجد أي معنى للتعبير عن المشاعر عبر الإنترنت؛ لأن كلاكما الآن يحب الصورة المرسومة في خياله، واتركوا التعبير عن المشاعر حتى يحدث اللقاء على أرض الواقع.
أخت الكريمة:
أدعو الله سبحانه أن يقدر لك الخير حيث كان.. وأن ييسر لك الزوج الصالح الذي يسعدك ويعينك على تقوى الله... وفي كل أحوالك لا تنسي استخارة المولى عز وجل فهو نعم المعين.