السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي طويلة وأرجو أن أجد منكم الصبر عليها وأن يعينني الله على سردها وذكر تفاصيلها، أنا سيدة في عامي الثاني والثلاثين متزوجة من موظف حكومي في عامه التاسع والثلاثين لنا ثلاث فتيات، مشكلتنا بدأت منذ 10 أعوام تقريبا أي منذ أول يوم ارتباط لنا، لقد تقدم لخطبتي شاب كنت وهوه نتبادل الإعجاب كان ابن أخت جارتنا ولم يحدث بيننا لقاء أو حديث سوى بعض الرسائل منه من فترة لفترة يخبرني فيها عن إعجابه بي وحبه.
كنت وقتها في مرحلة الثانوية العامة فشغلني حبه وقلّ تحصيلي العلمي ولم أكمل دراستي الجامعية بسبب معدلي المنخفض بعد 4 أعوام من هذه العلاقة تقدم لخطبتي بعد ما سمع أنه يتقدم لي الكثيرين فوافق أهلي ووافقت رغم أن أهله ساوموا في مهري بحجة أن ابنهم لا يوجد معه المال الكافي.
وعقد القران لكن المشاكل بدأت بالظهور بعد الخطبة مباشرة كان كلما جاء لزيارتي أشعر أن الشاب لا يهتم بالحديث معي إلا قليلا ولم أجد منه المشاعر المنتظرة من الحبيب لحبيبته بعد طول فراق، لم يكن يشد انتباهه إلا جهاز التلفاز ومباريات كرة القدم، ولم يكن ينتبه لي إلا بعد انتهائها ليجعلني في حضنه، ويعكف على تقبيلي دون أي مقدمات كنت أقبل لأنها الطريقة الوحيدة للتواصل معه إلا أنني لم أكن أشعر بالحب الذي كنت أتوقعه.
بعد كل زيارة له أجلس وأبكي لأنه ليس بالشخصية التي كنت قد رسمتها له والتي كنت أتمناها لي، كنت محتارة جدا أأكمل أو لا؟ كنت أخاف أن يلحقني شبح لقب المطلقة إن فسخت الخطبة أولا لأنه قد عقد قراننا بشكل رسمي وثانيا أنني كنت أريد أن أتزوج وأخرج من جو عائلتي المليء بالمشاكل والمشاحنات وقلة المشاعر والمحبة.
الحيرة أرهقتني فلم أكن استند لشهادة جامعية حتى اعتمد على نفسي واصنع ذاتي واستقل، فتزوجت منه وكنت على أمل أن تتحسن الأمور مع خطيبي إلا أن الأمور ساءت فبعد ما تزوجنا وجدت نفسي خادمة في بيت أهله، ولم أكن أقول لا أبدا حتى أحصل على محبتهم إلا أنهم لم يقدروا، لقد كنا نقضي كامل يومنا في منزل أهله ولا نعود لمنزلنا إلا للنوم، وفي منزلنا إما زوجي نائم أو أمام شاشة التلفاز لحضور المباريات إذا بقيت مستيقظة معه ينام وإذا نمت قام ليسهر وحده مرات قليلة التي كان "عذرا" يجامعني فيها تقريبا مرة كل أسبوع قابلة للنقص مع التقدم بالعلاقة وإذا حدث ينتهي بسرعة دون أن ينطق كلمة حب أو ود ليثير مشاعري فيها.
أنجبت طفلتي الأولى وأنا أعمل في بيت أهله وبرغم مشقة الحمل الأول إلا أنني لم أكن أتذمر منهم لكنني كنت أشكو لزوجي تعبي فيحاول أن ينهي الموضوع دون حل ويقول لي اصبري، وعندما أنجبت طفلتي الثانية قررت أن أستقل في منزلي فواجهت صعوبات من قبل أهله لأنهم لا يريدون لابنهم أن يبتعد عنهم برغم أننا في نفس العمارة لم أعد أطيق العيشة بمهانة فلم أكن مثل كل السيدات ومثل حماتي ملكة بيتي وأسرتي، ولم أكن أحظى باهتمام زوجي والوقت الكافي معه.
وبعد استقلالي اعتقدت أن زوجي سيتغير حاله وسيبدأ الاهتمام بي إلا أن إهماله كان يزيد كل يوم يذهب للعمل يأتي في وقت متأخر يأكل، يتفرج على التلفاز، ينام كنت أحاول جذب انتباهه بالتزين له إلا أنه أغلب الأوقات لم ينتبه لوجودي فتبقى عيونه مسمرة على جهاز التلفاز أو يغط في نوم عميق في كل مرة تجاهلني فيها أشعر بانكسار في نفسي، كنت أسأله لماذا يفعل بي هكذا يقول لي لا أدري كنت أتهمه بعلاقات خارج البيت، خصوصا أنه يعمل مع موظفات ويجالسهن أكثر مما يجالسني فكان ينكر وينفي دائما أذكره أنني بحاجة لاهتمامه وعاطفته إلا أنه لا يمن علي بها.
هو شخصيه طيبة وخدومة للغاية، أسمع من أصدقائه أنه مرح إلا أنه في البيت لا يظهر أيا من هذا المرح إلا إذا أراد أن يتهكم علي وعندما يتمكن من إغضابي ينفجر بالضحك أشعر حينها أنه يسخر مني حتى أن ابنتنا الكبرى لا تسمع كلامي، وأشعر أنها تسخر مني إلا أنني لا أسمح لها بإعادة أفعال والدها عندما يبدأ بيننا نقاش بعد أن أتعمد وأن أثيره يقول لي أنني إنسانة لا أتحمل المزح وأنه لا يعرف طريقه للمزح إلا كهذه.
مع مرور الوقت بدأت الكآبة بالتسلل لنفسي لم أكن أشعر بكياني وذاتي مع زوج بارد غير مهتم وبمرور الوقت بدأت استعمل الإنترنت كوسيلة للترفيه عن نفسي فكنت في نهاية كل يوم وبعد انتهاء كافة الأعمال المنزلية وبعد نوم الأطفال وعكوف الأب على التلفاز أذهب للجوء في أحضان النت أجول فيه من موقع لآخر أقرأ مجلات أشارك في منتديات أدخل أحيانا مواقع الشات تعرفت بأشخاص لكنني لم أقم علاقات طويلة معهم سوى الحديث لمرة أو لمرتين فقط.
وفي يوم تعرفت بشخص يصغرني بعام مطلق يعمل بالتجارة، وكما يقول الصدفة قادته لي تحدثنا مرارا، وفي كل مرة كنت أستمتع بالحديث معه وبطريقة الحديث وبسهولة التنقل في المواضيع فكنت أشعر بانسجام كبير وفي يوم تفاجأت به يقول لي إنه يتلهف في كل يوم للقائي على الشات وإن قلبه يبدأ بالخفقان كلما رآني أون لاين قال لي إنه يرغب بمعرفة أخباري باستمرار، وإنه يرتاح للحديث معي.
ومع مرور الوقت بدأ يردد على مسامعي حديث الحب كنت أقول له إنني لا أعتبره إلا كصديق شات إذا صح ذلك لأنه في تقاليدنا وأعرافنا لا يجوز للمرأة أن تعمل علاقات مع الرجال خصوصا إذا كانت متزوجة فقال لي إنه لا يستطيع تجاهل مشاعر الحب التي يشعر بها تجاهي وإنه يعرف ويقدر ظروفي وإنه لا يريد إلا سعادتي داخل أسرتي وإنه سوف يحاول دعمها بكل جهده وإنه سيساعدني على البقاء شعله مضيئة في بيتي كنت أخبر زوجي بكل ما يمر بي في الإنترنت وكنت قد ذكرت له شيئا عن هذا الشخص.
بدأ زوجي بمضايقتي وصار يطلب مني أن أمتنع عن الإنترنت وهو الذي كان إذا أراد أن ينفرد بنفسه طلب مني أن أذهب للإنترنت طلب مني أن أقلع عن محادثه الآخرين ولم يكن عنده ما يقنعني فطلبت منه أن يحاول تعويضي عن الإنترنت بزيادة الاهتمام بي وبجذبه لي حاولنا لفترة إلا أنه لم يتغير فعدت وزدت تعلقا بالإنترنت وبالشاب حتى أنني صرت لا أتخيل العالم بدون وجود هذا الشخص.
أعلم أنني مخطئة بأفعالي من وجهة نظر المجتمع ولا أعرف كيف أقلع لكن هناك في نفسي حاجة تتوق للحب والاهتمام اللذين وجدتهم عند هذا الشاب أنا تعبت جدا، أفكاري تمزقني لا أريد لزواجي الانهيار وبناتي الضياع ولا أريد أن أخسر إنسانا يحمل في قلبه لي الكثير.
ماذا أفعل بالله عليكم؟
شكرا لكم
20/11/2021
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يبدو أن المشكلة بدأت قبل الزواج فأنت كما ذكرت كنت تعيشين في جو عائلي مليء بالمشاكل والمشاحنات وجاف من المشاعر، لهذا كنت تتوقين إلى حياة أخرى تعوضك عن هذا العناء وذاك الجفاف، لذلك كانت عواطفك حارة ومندفعة لدرجة أنها أثرت على مستواك الدراسي ومنعتك من إكمال تعليمك الجامعي، وقبلت الخطبة وظهرت صفات خطيبك واضحة في أثناء الخطبة فكان لا يهتم بك كما تتوقعين ولا يتكلم معك كثيرا ولا يبدي مشاعره لك بل كان ينشغل بمشاهدة التلفاز ومباريات كرة القدم حتى إذا انتهى من ذلك اندفع نحوك يطفئ ظمأه الغريزي بالقبلات والأحضان دون مقدمات أو مشاعر.
هكذا ظهرت شخصيته وكان من الأحرى بك أن تتوقفي وتفكري في ذلك الوقت إن كنت ستتحملين طباعه تلك كما هي أم لا، ففترة الخطوبة هى فترة اختبار لطبيعة الطرفين وطبيعة الأسرتين، ولكن للأسف الشديد يضيعها كثير من الناس دون أن يستفيدوا منها، وأحيانا يعتقدون خطأ أن شخصية الطرف الآخر سوف تتغير بعد الزواج وهذا غير صحيح فالطباع تكون أقرب إلى الثبات وإذا تغيرت فلا تتغير جذريا وإنما تتلطف قليلا (وأحيانا تسوء).
المهم أن جوعك العاطفي الذى عانيت منه طول حياتك بدأ يؤرقك بعد الزواج خاصة، وأنك لا تعملين في وظيفة وليست لك اهتمامات على ما يبدو، وتعانين سوء المعاملة من زوجك ومن أهله، ولذلك اندفعت – كعادتك – تبحثين عن حل فوجدت ضالتك في الإنترنت والشات ووقع المحظور وبدأت تطفئين ظمأك العاطفي عن طريق علاقة بشاب تشعرين الآن أنك لا تستطيعين الحياة بدون الشات معه.
وأنا أخشى أن تكوني قد بالغت في تصوير إهمال زوجك لك ليكون ذلك مبررا لاستمرارك في هذه الخيانة الإلكترونية، فنحن أحيانا نضخم أشياء لكي تكون مبررا لسلوكنا حتى لا نواجه بوخز الضمير. وحتى لو كان في زوجك ما تقولين فعلا فهذا ليس مبررا للخيانة (أرجو أن تسميها خيانة ولا تقللي من شأنها لكونها تحدث على البعد فربما في أي لحظة تحدث عن قرب أسرع مما تتخيلين).
وفي الحياة الزوجية قد لا نحصل على كل ما نريده أو نتوقعه من الطرف الآخر، وهنا يجب أن نرضى بما هو متاح لنا، وأن نحاول الحصول على المزيد بالشكل الطبيعي الحلال من خلال شريك حياتنا، وإذا صدقت النية مع الله في ذلك فإن الله يبارك في هذا الشريك ويبارك لنا في العلاقة الحلال ويجعلها أحلى وأجمل من كل ما عداها، أما لو امتدت أعيننا أو قلوبنا أو أيدينا إلى علاقات جانبية محرمة فإن العلاقة الحلال تسوء وتضطرب أكثر وتتدهور كل شئون حياتنا.
ولا تنسي أنك أم لبنات وسوف يتعلمون منك كل شيء، وأنت الآن تعيشين لنفسك ولاحتياجاتك ولا تفكرين في احتياجات بناتك. ولقد أخطأت حين أبلغت زوجك بهذه العلاقة ويبدو أنه كان في وعيك أن يحدث شيء من اثنين: إما أن يطلقك، وهذا ما لم يحدث، أو ينتبه إلى احتياجاتك (أي تحركين مشاعره عن طريق الغيرة والتهديد بالخيانة)، وهذا لم يحدث أيضا، وكل ما حدث أنك زرعت بذرة الشك في نفسه.
أرجو أن تبتعدي عن الإنترنت لفترة تكفي لعودتك إلى بناتك واهتمامك بهن وعودتك إلى زوجك رغم ما به من قصور، وأن تقلعي عن هذه العلاقة فورا فهي ليست من حقك إضافة إلى أن الشاب قد صارحك بأنه لا يبغي إلا قضاء وقت لطيف معك، أي أنه يتسلى بك ومعك بدون هدف أو مقابل، وهذا ما لا يليق بامرأة كريمة شريفة عفيفة. وأذكرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه" صدق عليه الصلاة والسلام.