السلام عليكم
السادة الفضلاء لكم في رقبتي حق وشكر واجب ودائم.. فكم من مشكلة أبكت عيني وآلمتني وحيدا وأقرأ شبهها عندكم فيطمئن قلبي وأعود إلى الحياة فأراها بشكل مختلف تماما. مشكلتي الآن قرأت مثيلاتها عندكم بالفعل ولكني أريد منكم الرأي والمشورة.
أنا شاب ملتزم واقعيا وفكريا، نشأت في أسرة ملتزمة أيضا بنفس الفكر، بالنسبة لموضوع الزواج كانت رؤيتي له كالتالي وهو أن ترى أمي وأخواتي من تحلو لهن ثم يبلغنني، ولم يكن لدي أي شروط في موضوع الشكل وخلافه بل شروطي كانت تنحصر في الالتزام، وبعد أن يصبح لديهن خيارات تكون بعدها رؤيتي أنا.. واستمر الحال هكذا ولم أوفق.
بعض الأسباب تكررت بشكل مضحك ألا وأني كلما رأيت واحدة وحينما أصلي استخارة وأستريح نفاجأ بأنها قد ارتبطت بخطبة في نفس اليوم أو اليوم السابق، المهم أني رأيت بنتا في العمل عندي ومع أني كنت معترضا على أن تكون زوجتي تعمل أو خاضت مجال العمل، إلا أنني رأيت في هذه الفتاة ما يميزها حقا ولكني لم أتخيلها كزوجة حتى إننا في العمل لعام كامل لم أكن أفكر فيها تماما ولن أطيل.
فاتحتهم في المنزل عليها ونقلت لهم الصورة بكل صدق وشفافية:
أولا : هي لا تحمل نفس الفكر
ثانيا : هي تعمل
ثالثا: هي أكبر بما يقارب العامين
ولكني أوافق عليها بشدة وصليت استخارة ورأيت ما يؤكد موقفي ويريح قلبي لها أكثر وأكثر، وجاءت أختي لتراها وقالت إنها ما شاء الله جميلة ولكن أسلوب ملابسها يختلف عنا.. وعلى هذا فقد قلت لهم إن هذا موضوع قابل للتغيير وإنه من السهل استكشاف مثل هذه الأمور في فترة الخطبة، ولكني قوبلت برفض قاطع وأصبح الموضوع حربا.
وسؤالهم لي عن البر وعن الطاعة مع أني أرى أن هذه حياتي وأنا الوحيد المتحكم فيها، وكما أن هناك تجربة سابقة تمسكوا هم فيها بموقف الرفض القاطع وكانت المشكلة لديهم في الشكل وكنت أنا متمسكا، ولكني تركت الموضوع من أجلهم. وفي هذه المرة أحس أن الموضوع ليس مسألة تحد أكثر منه مسألة امتهان لشخصيتي ولكرامتي واستخفاف بعقليتي وبمشاعري لأبعد حد، حتى إنهم أحضروا لي ما يشبه مجلس صلح ولكنه من أصدقاء أبي وكان مجلسا هزليا أشبه بمسرحية كل من يشاهدها يعلم نتائجها مسبقا، والآن وبعد هذا المجلس الصوري انتزعوا مني أن أقول لا.
أشعر أني لم أعد طبيعيا بأي حال من الأحوال فأنا ما زلت أرى الصواب في موقفي وما زلت متمسكا أيضاَ به، وإخوتي يلومونني أني لم أعد مع أبي وأمي كما كنت من ذي قبل، مع أني أحاول والله وأحضرت لأمي هدية وأشتري لأبي ما يحبه، ولكني أصبحت نسخة ممسوخة مني في الماضي فلا أستطيع أن أهرج وأمزح كما كنت وأصبحت صامتا أغلب الوقت وخارج البيت معظم الوقت.
الآن أنا في شك من كل ما يحيط بي، أنا أرى ومتأكد من أن موقفي صواب خصوصا أنهم في مرة من المرات قالوا إنهم نادمون على عدم احترام موقفي في المرة الأولى وأن قرارهم كان خاطئا، ثم إنني لا أريد أن أكون ضحية لعدم قدرتي على المواجهة والتحدي ثم أظل بقية حياتي ناقما على أهلي ونادما على أنني فقدت من رأيت فيها شريكة الحياة.
سؤالي هو:
هل أنا على صواب فيما أحاول أن أصل إليه؟ إن لم أكن على صواب فكيف أزيل هذه المشاعر المسيطرة علي؟ وإن كنت على صواب وأظن أنكم توافقونني على هذا خصوصا بعد القراءات فيما يشابه حالاتي فماذا أفعل؟ أريد خطوات عملية.
وأيضا هل لو أدى الموضوع إلى تحد فما رأيكم؟ وإن كان هناك ترك للبيت مثلا؟
وماذا وماذا ألف سؤال يحلق في سمائي ولكني أعود فأشكركم على سعة صدركم لمن في حالي ورغبتي في رسالة موجهة للآباء حتى يكفوا عن التدخل الذي لا يجيزه الشرع في حياة أبنائهم وعدم التمسك بنصوص وترك نصوص أخرى تؤكد أن للأبناء الحرية في اتخاذ قراراتهم.
هل يمكنك مساعدتي؟
وجزاكم الله خيرا.
21/11/2021
رد المستشار
سيظل الإنسان مكلفا بتعبئة قواه جميعها لمغالبة مشاكله حتى تزاح من طريقه!!
فالرجل لا يلتفت وراءه إلا بمقدار ما يستفيد به في حاضره ليحيا غده بشكل أفضل.
أما وقوفك أمام هزائم الأمس واستعادتك لأحزانك وتعثرك بين تفاصيلها فلن يجديك شيئا!! ولعلك اكتشفت من تجربتك مع أهلك اكتشافين أحدهما "غائب عنك" والآخر" واضح لك".
أما الغائب فهو أنت... نعم أنت فما زالت مساحة شريكة الحياة لديك غير واضحة فلا تحاول الاختباء وراء "وهم" رضا الأهل وبرهم فحتى زميلتك في العمل لا تتوافق معك فكريا وبالتالي ثقافيا وهي تعمل وهذا ما لا ترغبه في زوجتك حتى شكلها الخارجي لا يتناسب معك ضع كل ذلك في إطار اسمه أنك لم تشعر بها عاما كاملا قبل أن تنطلق فكرة ارتباطك بها في رأسك.
فإذا تزوجت من أجل أنك لا بد أن تتزوج أو تزوجت من أجل تحدي أهلك أو أي سبب آخر غير أنك وجدت بحق من ترغب في مشاركتها لك حياتك لما تعلمه من حلو الخصال بها وتعي بوضوح عيوبها فلا تتزوج!!
لأن حدوث ذلك سيجعلك تقف على رأس طابور من المظالم والأشخاص الذين لن يغفروا لك، أولهم زوجتك وأبناؤك ولقد خاضت كتيبة المستشارين في الصفحة معارك كثيرة من أجل الوصول إلى أهم الوسائل وأهم العوامل التي تساعد الشاب والفتاة من أجل تحقيق اختيار موفق لشريك الحياة فاقرأها مرات ومرات أخي الكريم.
أما الثاني: فهم الأهل... فرغم أننا نعتقد أنهم هم أقرب البشر إلينا فإنه عند الزواج نكتشف أن لديهم ما لم نكن نتوقعه، قد يكون السبب السيطرة ... قد يكون اعتقادهم أنهم يرون المصلحة أكثر والأسباب كثيرة إلا أنني أقول يجب أن يكون رأيي الأهل في"ميزان" يجعلك لا تلقي بكل ما يقولون ولا تتوقف عند رأيهم دون حراك دون إرادة وأهمس إليك أخي الكريم وأقول لك لو كانوا يعلمون انك حقا تعلم ما تريد من شريكة الحياة وأنك تريد أن تختار ما فعلوا ما فعلوه، ولا تفهم أو تتصور أنني أشحذك ضدهم ولكن أنت جاوزت السادسة والعشرين من عمرك وتحتل مكانة علمية ومسؤول عن تقديم علم ومسؤول عن طالبي علم فلا أقل من أن تكون مسؤولا عن نفسك مسؤولا عن اختيارك.
وسأقترح عليك عدة نقاط:
أن تفهم نفسك أولا وتضع يدك على ما تحب وما تكره حتى تستطيع أن تحدد ما تحب وما لا تحب أن تجده في شريكة الحياة.
أنت الآن في مرحلة الاختيار وأنت فيها تكون حرا تماما أما إذا اخترت فستصبح مسؤولا عن اختيارك.
لا تضيق عليك واسعا وحتما ستجد من تكون جديرة بمرافقتك طيلة العمر من بين الأهل والجيران وزميلات العمل والمعارف وفي العمل العام وما شابه ذلك فلا تقلق.
لا تتخيل أن الاختيار أمر شاق أو صعب ولكنه يحتاج لمجهود فهل قرار الارتباط بإنسانة لمدة خمسة عشر عاما على الأقل لا يحتاج منك أن تبذل مجهودا؟!
بعد تحديد مواصفات شريكة حياتك عليك أن تتحدث أولا مع الأهل ليس فقط لإعطائهم رأيك ولكن ليعلموا أنك تريد الزواج بشكل جاد وأنك كذلك لديك تصور واضح لما تريد أن تكون عليه شريكتك فإن أرادوا البحث معك فبها ونعمت، وإن لم يستطيعوا فستقوم أنت بتلك المهمة وكل ذلك تحت مظلة الأدب والبر فالله عز وجل شدد علينا أن نبر بأهلنا والبر غير الطاعة فالأمر بالبر وليس الطاعة أي أستطيع أن أقول لا ولكن الأهم كيف أقولها!
لا تحزن يا أخي أو يملؤك الغضب من أهلك فقد لا أستطيع أن أدافع عن تصرفاتهم ولكني أستطيع أن أدافع عن حبهم لك وغدا عندما يملأ بيتك الأطفال ستجدك تفعل مثلهم لأنك من وجهة نظرك تريد مصلحتهم وتحبهم..... فهل تفهمني؟
وأخيرا كن قويا ولا تترك الحظ يختار لك أو الأقدار تدبر لك ما قصرت أنت في تدبيره لنفسك!!