أشكركم جزيل الشكر على كل المساعدات التي تقومون بها، أنا شاب عمري 24 سنة، تعرفت على فتاة أحببتها بشكل لا يوصف، بل اقتنعت بها، وبأخلاقها، ودينها قبل كل شيء، قررت خطبتها بعدما تأكدت من أنها هي مناسبة جدًّا لأن تكون زوجتي وأم أولادي؛ لأن عندي قناعة كاملة باختيار الزوجة الصالحة بناء على الدين والأخلاق، وليس على أساس الجمال أو المال، ولكني واجهت مشكلة من جهة والدي؛ لأنه هداه الله لا يريد أن أخطب إلا من نفس العائلة، ويريد أن تكون ملكة جمال بغض النظر عن مدى التزامها في دينها أو أخلاقها.
وبعد فترة ذهبت والدتي من أجل أن ترى الفتاة وأهلها، ووجدت أنها هي وأهلها ملتزمون في الدين والحمد لله، وأعجبت أمي بالفتاة بشكل كبير، وأخبرتني بأنها جميلة جدًّا، وكانت جدًّا سعيدة باختياري الصحيح والسليم، ولكن والدي لم يعجبه الموضوع، بل أصر على رأيه، ورفض الأمر بشكل كبير في البداية، ولكن عندما رأى إصراري الكبير ذهب وخطب لي هذه الفتاة، ولكن بعدما خطبتها أصبح والدي يعارضني كثيرًا ويحاول أن يجعلني أنسى موضوعها، وليس عنده أي سبب نهائيًّا، سوى أنها لم تعجبه ولا يريدها.
23/11/2021
رد المستشار
أهلا بك يا "جاسر" على موقع مجانين للصحة النفسية
أنت فعلا جسور على وزن اسمك، تتشبّث بالفتاة وتريدها رغم الصعاب، فهل تدمر حياتك وخطيبتك من أجل نزوة أبويّة؟ هل تطيع أباك وهل من حقه فرض شيء عليك؟ كله هذه أسئلة جوابُها سهل للغاية، من حيث الدين والعقل معا: "ليس له الحقّ بأن يعاند أو يرفض أو يفرض، وليس عليك أن تدمر علاقة جميلة بينكما بسبب تسلّطه على حياتك".لكن تقل الصعوبة في تطبيق هذا الجواب اليسيرِ معرفتُه.
أثار انتباهي ما قلتَه هنا: "عذبني كثيرًا؛ لأنه دائمًا يستهزئ بي ويجرحني في الكلام" هل دائما تقصد بها هنا قبل أن تصل لهذه السنّ وتختار زوجتك؟ إن كان صحيحا، فنحن أمام علاقة هيمنة، ويمكن فهم جزء من دوافع رفضه على ضوء هذه الهيمنة والتسفيه الذي تتعرض له، فهو ببساطة لم يتقبّل أن يرى ابنَه الذي كان ينتقده ويسخر منه ومن ذوقه وقراراته ويراه تابعا له، مستقلا فجأة في قرار مصيريّ، لم يتقبّل أن تتجاوزَ رأيه وألاّ تأخذ به وأن تتصرّف غير آبه له وأن يصير هو التابع لك بعد أن كان المتبوع.
فهو يتعنّت دون أن يقدّم سببا منطقيا واضحا، لأنّه يخجل أو يجهل دوافعه الخفيّة! أو يرى بأنك لا تعرف مصلحتك وأقل خبرة منه، ويريد أن يحجر على اختيارك بهذه الحجة، فالأبناء أطفال سرمديون في أعين والدِيهِم. أو أنّه وعَدَ بك لأحد من العائلة وأنت في غفلة! وهو يخطط لمستقبلك وزواجك دونك أن تدري.
وأنا أتساءل معك وكلامي موجها لكل أب من نوعه، كيف يمكن لأب أن يتعنّت ويحكم على بنت أحبها ابنه ويريدها زوجة ويختار أخرى بدلها؟! هل الأب هو من سيعيش معها، من سيعاشرها؟ أم هي خيالات وأمانٍ ورغبات يعيشها الآباء بجعل أبنائهم فداء وضحية لها! شيء لا يتقبّله عقل.
وقد وقع في بالي أنّه ما دام يضع شروطا ويتعنّت في قبول اختيارك أنه سيكون معينا لك ماديا، وها أنت قلت أنّه سيمنع عنك دعمه، ورفضته وهذا جيد، فلم يتبقّ له شيء يضغط به عليك، أما عن رضاه عنك وعن زواجك فقد لا يكون، سيؤلمك هذا، لكنّه لن يؤثر على زواجك وليس هواه يعكس إرادة ورضى الله كما يعتقد الآباء والأبناء معا، وأيضا لن يكون أكثر ألما من تركك لخطيبتك التي تحب ومن فراقها لك...
لذا الرضى هنا ليس ضروريا وإن كان مستحبا حتى تلين القلوب وتسهل التجمعات خصوصا وأنتم في بلدٍ الاختلاط بين العائلات فيه كبير. لكن عموما ستمضي في حياتك وحدك وستعيش معها وحدك وعدم رضى والدك إن تعارض مع مصلحتك وميولك ورغبتك فلن يشكل فرقا في طبيعة علاقتك مع زوجتك وهذا هو الأهم.
أما لو قهرك أبوك على عدم الزواج بها أو هددك بمنع حقوق أو ميراث أو أي شيء مما تعرفه أنت، فالقرار سيرجع لك، وأنت أدرى بقدرتك على الاستغناء عن ذلك كله، فإن كنت قادرا وكان لك سكن مستقل وليس مع العائلة، فتوكل على الله وإن كنت ضعيفا مقهورا مرتبطا بوالدك فسيكون الأمر صعبا جدا لأنك مقطوع الجناحين، فإن تزوجت بها ستعيشان في فاقة ومشقة، وإن اطعته ستعيشان في كَدر وعذاب نفسي، وهنا سيكون اختيارك أنت وحدك هو الحاسم ومدى تفاهمكما على كل التبعات التي ستأتي بعد قرارك بالاستمرار.
وحاول أن تبين له جوانب إيجابية في ذلك الارتباط، وأدخل أحدا كوسيط يكون ذا جاه في عائلتك يحاول إقناعه.
تمنياتي لك بالهناء والراحة