الصداقة بين الجنسين
سؤالي يتمحور حول الصداقة بين الجنسين، فأنا شاب مراهق، متذبذب ومحتار، هل أرضخ لرغباتي أم لا؟ فهناك من أصدقائي من يدفعني إلى خلق صداقات مع الفتيات، بل وممارسة الجنس معهن.
ولذلك لا أدري ماذا أفعل ؟!
أرشدوني جزاكم الله خيرًا
24/11/2021
رد المستشار
الأخ العزيز:
مسألة إقامة علاقات بين الجنسين تعتبر من القضايا المهمة في هذه المرحلة من العمر، وفي هذه الحقبة من التاريخ بالذات: حيث الإعلام ؛بأنواعه المحلي منه والمستورد، والترفيه من سينما، وتلفزيون، والكلمة المقروءة أدباً وصحافة؛ تتناول هذه المسألة بشكل متكرر من وجهات نظر متعددة.
وكما أسلفت في إحدى إجاباتي؛ فإن الميل إلى الجنس الآخر هو ميل فطري وطبيعي في سن المراهقة بالنسبة للجنسين، وليس في هذا الميل مشكلة، إنما المشكلة تأتي من الفراغ الثقافي والذهني والنفسي الذي نعيشه جميعاً، والشباب بخاصة، ففي ظل هذا الفراغ من السهل أن نتحول إلى كائنات جنسية فارغة من كل مضمون آخر له معنى أو نفع، وعلى ذلك فإن التفكير الشائع عن الصداقة بين الجنسين: من حيث كونها علاقة عاطفية غالباً، وجنسية أحياناً، له ما يبرره.
وأنا هنا أنقل لك كلاماً من كتاب "فتاوى معاصرة" في معرض الحديث عن الاختلاط، ورأيت أن فيه نفعاً فأحببت أن أضمنه إجابتي هذه:
وخلاصة ما قاله الشيخ: "إن اللقاء بين الرجال والنساء في ذاته ليس محرما، بل هو جائز أو مطلوب إذا كان القصد منه المشاركة في هدف نبيل: من علم نافع، أو عمل صالح، أو مشروع خير، أو جهاد لازم، أو غير ذلك مما يتطلب جهوداً متضافرة من الجنسين، ويتطلب تعاوناً مشتركاً بينهما في التخطيط والتوجيه والتنفيذ.
ولا يعني ذلك أن تذوب الحدود بينهما، وتنسى القيود الشرعية الضابطة لكل لقاء بين الطرفين، ويزعم قوم أنهم ملائكة مطهرون لا يخشى منهم ولا عليهم؛ يريدون أن ينقلوا مجتمع الغرب إلينا، إنما الواجب في ذلك هو الاشتراك في الخير، والتعاون على البر والتقوى، في إطار الحدود التي رسمها الإسلام ومنها:
1- الالتزام بغض البصر من الفريقين: فلا ينظر إلى عورة، ولا ينظر بشهوة، ولا يطيل النظر في غير حاجة، قال تعالى: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ،وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن".
2- الالتزام من جانب المرأة باللباس الشرعي المحتشم، الذي يغطي البدن ما عدا الوجه والكفين، ولا يشف ولا يصف، قال تعالى: "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن". وقد صح عن عدد من الصحابة أن ما ظهر من الزينة هو الوجه والكفان. وقال تعالى في تعليل الأمر بالاحتشام: "ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين" أي أن هذا الزي يميز المرأة الحرة العفيفة الجادة من المرأة اللعوب المستهترة، فلا يتعرض أحد للعفيفة بأذى؛ لأن زيها وأدبها يفرض على كل من يراها احترامها.
3- الالتزام بأدب المسلمة في كل شيء، وخصوصاً في التعامل مع الرجال:
أ- في الكلام، بحيث يكون بعيداً عن الإغراء والإثارة، وقد قال تعالى: "فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفاً".
ب- في المشي، كما قال تعالى "ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن" وأن تكون كالتي وصفها الله بقوله: "فجاءته إحداهما تمشي على استحياء".
جـ- في الحركة، فلا تتكسر، ولا تتمايل، كأولئك اللائي وصفهن الحديث الشريف بـ "المميلات المائلات" ولا يصدر عنها ما يجعلها من صنف المتبرجات تبرج الجاهلية الأولى أو الأخيرة.
4- أن تتجنب كل ما شأنه أن يثير ويغري من الروائح العطرية، وألوان الزينة التي ينبغي أن تكون للبيت لا للطريق ولا للقاء مع الرجال.
5- الحذر من أن يختلي الرجل بامرأة وليس معهما محرم، فقد نهت الأحاديث الصحيحة عن ذلك، وقالت: "ثالثهما الشيطان" إذ لا يجوز أن يخلى بين النار والحطب، وخصوصًا إذا كانت الخلوة مع أحد أقارب الزوج، وفيه جاء الحديث: "إياكم والدخول على النساء" قالوا: يا رسول الله، أرأيت الحمو؟! قال: "الحمو الموت"! أي هو سبب الهلاك، لأنه قد يجلس ويطيل الجلوس، وفي هذا خطر شديد.
6- أن يكون اللقاء في حدود ما تفرضه الحاجة، وما يوجبه العمل المشترك دون إسراف أو توسع يخرج المرأة عن فطرتها الأنثوية، أو يعرضها للقيل والقال، أو يعطلها عن واجبها المقدس في رعاية البيت وتربية الأجيال. والله الهادي إلى سواء السبيل" (انتهى)
أعرف أنه نتيجة لأشياء كثيرة حاصلة فإن إقامة علاقة "حميمة" بين شاب وفتاة أمر أصبح أسهل من ذي قبل، ولكن ماذا بعد؟!.. هل ترضى علاقة مثل هذه لأختك أو والدتك أو زوجتك في المستقبل؟!.. بالطبع لا ترضى، فلماذا تحتقر زميلتك إلى الحد الذي ترضى لها فيه ما لا ترضاه لأختك أو والدتك؟!
لقد قلت في إجابة سابقة أن ممارسة الجنس شيء لذيذ جداً، لكنه في ديننا منضبط بقواعد تحفظ لكل الأطراف حقوقها وكرامتها بحيث تصبح هذه الممارسة جزءاً من نظام، لا جزءاً من فوضى.
جوانب الإنسان فيك وفينا جميعاً تحتاج إلى تنشيط وإنعاش واستثمار هذه العقول التي عطلناها، وهذه الأجساد التي لم نعطها حقوقها، وتلك الأرواح التي لم ننطلق معها إلى التحليق في آفاق السمو الرحبة.
هذه الحياة التي تشبه حياة الخنازير لا ينبغي أن يرضى بها عاقل لنفسه خاصة الشباب الذي هو عمر الحماس، والسعي إلى الكمال. فلا تتردد يا أخي، وصادق من شئت ذكراً كان أو أنثى، ولكن كإنسان مسلم يحترم نفسه، ويحترم إنسانيته كما يحترم الآخرين، واربأ بنفسك عن حياة الخنازير.، وفقك الله.