في البداية أعبِّر عن خالص شكري لما تقدمونه من خدمات نبيلة لشباب أمتنا، جزاكم الله ألف خير. ووفقكم الله لمزيد من النجاح والتوفيق. لدي مشكلة تؤرقني، وكم سأكون شاكرة لكم اهتمامكم بها ونصحي لرؤيتها من كل أبعادها فهي تتعلق بمستقبلي.
أنا إنسانة محجبة ولله الحمد، سني 27 سنة، تعرفت على رجل عبر الشات، عندما اقتربت إلى الشات كنت أعلم جيدا سلبياته وإيجابياته ولم يكن بنيتي التسلية أو تمضية الوقت بقدر ما كانت أمنيتي التعرف على إنسان ملتزم أخلاقيا؛ فقلت لنفسي لِمَ لا يكون هناك إنسان مثلي يتمنى نفس أمنيتي؟ فشاءت الأقدار أن تجمعنا، وفعلا تعرفت على هذا الشاب بهذه الطريقة، وكان منذ أن عرفته في منتهى النبل والاحترام، وكانت العلاقة منذ البداية ذات هدف مشترك وهو الزواج.
ثم التقينا بهدف التعرف أكثر وتجاوز مرحلة الشات والنت، على أساس أن يتأكد كل طرف من صحة ما عرفه عن الآخر. هو إنسان مثقف عاقل يعمل ويحب عمله لديه أهداف جدية في الحياة متزن على خلق، لا يعيش مع عائلته لظروف العمل لكنه يحب عائلته كثيرا، لكن عيشه حياة العزوبية جعله أحيانا ينساق وراء أهوائه في الماضي، ويقول إنه طوى هذه الصفحات من حياته ولن يعود لها.
لم أكتشف فيه إلا ما يثبت كل ما عرفته عنه مع تحفظاتي، إلا أنه يبدو إنسانا عاقلا ولم يتعد الحدود معي بل يحترمني. هو يصلي وإيمانه بالله قوي جدا. عيبه أنه يدخن منذ أن مر بتجربة وفاة شقيقه، ويقول إن هذه التجربة أثرت فيه كثيرا وجعلته يفعل أشياء ما زال يندم عليها إلى الآن. أدعو الله كثيرا أن يهديه الله وأن يقدرني الله على نزع هذه العادة السيئة منه؛ فهو يقول بأنه تغير معي كثيرا.
وكلما قررت الابتعاد عنه شعرت أكثر بواجبي للوقوف معه ورده إلى الصواب أكثر وأكثر. المشكلة الآن التي تؤخر تقدمه لي هي أنه لا يملك ثمن الشقة التي ستكون بيتنا وبانتظار الشهور القادمة حتى يتمكن من جمع المبلغ المتبقي علي أن أصبر عليه.
لا أستطيع أن أنكر أنني ارتبطت وتعلقت به كثيرا لدرجة أنني حاولت مرات كثيرة الابتعاد عنه لاقتناعي بأن ما سيصيبني لن يكون أبدا ليخطئني، لكني لم أستطع أولا تحت ضغط عاطفتي تجاهه فقد أصبحت أخشى عليه كفرد من عائلتي أو ربما أكثر. ومن جهة أخرى فكل محاولة مني لسد الباب في وجهه تزيدني تعلقا به وتزيده تعلقا بي، وعندما أتخيل أني سأعيش حياتي مع إنسان آخر تسود الدنيا أمام عيني. وسؤالي الآن هو: هل ما نقوم به الآن يرضي الله تعالى؟
الله يعلم بنيتي وأيضا بنيته من هذه العلاقة. في انتظار الفرج من عند الله لا نقوم بشيء سوى اللقاء للاتفاق على جميع النقاط التي تؤمن تفاهمنا وأيضا لأكون على علم بكل مخططاته ومشاريعه؛ فلا أملك إلا هذا الحل الآن. وهل سيبارك الله لنا فيما بعد إذا استمررنا على هذا الحال حتى تصلح الأمور؟ لقد صليت صلاة الاستخارة عدة مرات ولا أزال أصلي وأدعو الله تعالى أن ينور بصيرتي إن كنت على خطأ ولا أرى إلا الارتياح لهذا الإنسان.. أرشدوني وانصحوني جزاكم الله خيرا.
وهناك سؤال آخر يحيرني وهو: هل تنجح الزيجات وقد ابتدأت عبر النت؟ وما مدى إخلاص زوجي لي في المستقبل إن كتب الله لنا الزواج؟ هل الحب كاف لمنعه من أية محاولة ولو على سبيل الفضول؟ وهل في هذه الحالة ينجح الطرفان في رؤية الجانب الإيجابي فقط من طريقة تعارفهما؟ أم تكون هناك تبعات لها تؤثر على علاقتهما فيما بعد؟
أرجو أن أجد لديكم الجواب الشافي الذي يريح ويعالج الأمور بكل لين ورفق.
ولكم جزيل الشكر.
10/12/2021
رد المستشار
الأخت الفاضلة "مسلمة" حفظها الله، السلام عليكم ورحمة الله و بعد ،،،
حقًّا أعجبني ورعُكِ وحرْصُكِ على التقوى، حفظكِ الله كما ترغبين صادقة بحفظ حدودِه. دعيني أُساعدكِ بخطوطٍ عريضة، يُمكنني بها أن أوضحَ لكِ الصورة؛ لتُقرِّري بعدها كيف ستتصرَّفين.
التواصُل عن طريق الشبكة الإلكترونية بشكلٍ عامٍّ يبقى تواصُلًا ناقصًا، ولا يُمكن به وحده أن تحكمي على الشخص بصلاحه مِن عدمه، ولا يجدي أن يكونَ وحده وسيلةً للصداقة، فما بالكِ بالزواج؟ إذًا تحتاجين لشكلٍ أكثر رسمية في حال كان هناك طلب منه، ويبقى الشخص بالنسبة لك مجهولًا، يُمكنك أن تستعيني بأشخاص تثقين بهم في مكان إقامته للسؤال عنه أيضًا لو كان الأمر جديًّا ورسميًّا.
للشيطان خطوات، ولا يبدأ مِن أعلاها، بل تأتي غالبًا بتدرُّج، وكذلك التعلق العاطفي المتعب، فيبدأ عادة بالعقل وبإرادة قوية منضبطة، ثم تبدأ التنازُلات تدريجيًّا دون أن نعيها، كما حصل في قصة الضفادع الشهيرة: فقد قاموا بتجربة على مجموعة من الضفادع، فالقوهم في ماء مغليٍّ فقفزوا منه فورًا، لكنهم وضعوهم في الماء الفاتر، وتركوه يغلي على مهلٍ، فماتوا واحدًا تلو الآخر دون حتى أن يقفزوا، أو يدافعوا عن حقِّهم في الحياة! هكذا الناس تتأقلم مع الأمور التي تُفرض عليهم بالتدريج، حتى ولو كانت قاتلة، ولكنهم لا ينتبهون لخطرها لأنهم ألفوها!
حينما تتدخل المشاعرُ في القرارات، فقد تسير في مسار عكس العقل، لذلك انتبهي ألا تدفعكِ المشاعر وحدها لاختيار قراركِ، واستخيري كثيرًا، يسَّر الله لكِ الخير حيث كان.
تذكري أيضًا أن الإثم ما حاك في نفسك، وكرهتِ أن يطلعَ عليه الناس، فلا تبقي وحدكِ، ولا تهملي مشاعركِ حينما تقلقين من التواصل.
ذكريه أنَّ الزواج رزقٌ، ورزقُ الله لا يأتي بمعصيته، واحرصي على التواصُل الرسمي للضرورة حتى يحين وقت الارتباط الرسمي، طبعًا هذا في حال كونه قد طلبكِ بشكلٍ رسمي من أهلك، وسألتم عنه، ولديكم موافقة مبدئية عليه.
لا تكثري من الجلوس مع العالم الافتراضي، واستعيضي عنه بالعمل على أرض الواقع، واجعليه دليلًا لكِ لا مقرًّا!
وفقكِ الله، وحفظكِ، ويسر لكِ الخير حيث كان، وبالله التوفيق .