أرق في الحياة وأرق النوم
السلام عليكم، لدي مشكلة أرق بشكل عام مما يسبب لي مشكلة عند النوم فلا أستطيع النوم إلا بعد ساعة أو ساعتين، بدأت المشكلة تقريبا عندما بدأت دراسة الطب فأصبحت المعلومات التي أدرسها تراودني عند النوم ويعيد عقلي استرجاعها حتى إنني أحيانا أنسى بعض النقاط التي درستها فأقوم من سريري وأذهب إلى الكتاب وأقرأ النقطة التي نسيتها ثم أعود للاستلقاء ومحاولة النوم والاستغراق في السرد.
للعلم أنا أدرس الطب في رومانيا بعيداً عن أهلي وحيداً قليل جدا جدا من أجده بنفس الشخصيات التي أريدها فغالبا أكون وحيداً مع الكمبيوتر والإنترنت والجدران وهذه ليست مشكلة عندي فأنا أسعد بهذا بعيداً عن أصحاب العقول التافهة، المهم مثلا عندما بدأت كتابة السؤال هذا شعرت بقليل من الراحة فجائني شيء وقال لي أن العلاج عند الله سبحانه وليس عند الطبيب هذا وأنا أعلم ذلك يقيناً ولكن هكذا، وكأن هناك أشخاصا داخل عقلي يتناقشون ويزعجونني عند النوم فعندما أقوم لصلاة الفجر قليل جدا جدا أن أعود للنوم مرة اخرى، أحاول النوم ولكن الأفكار تفجر رأسي من كثرتها وعمقها الذي يحتاج للتفكير لحلها وكلما أحل فكرة تأتي الأخرى وهكذا، فيصيبني أرق
وللعلم سابقا أي قبل أن أدخل الطب كانت تصيبني هذه الأفكار ولكن قليلا وكنت أتجاهلها فتذهب وقد يستغرق النوم معي في أعقد الحالات ساعة، أنا شخصيتي منذ ولدت أحب القيام بالأعمال أولا بأول منذ الصغر كنت أعود للمنزل وأبدأ فورا بحل الواجبات المدرسية ومن ثم عندما كبرت أصبحت أحلها في المدرسة لأنني لا أحب تراكم المهمات أبداً أحب القيام بكل الأعمال والانتهاء منها ثم إكمال حياتي.
وأعتقد أن هذه شخصيتي ولكن المشكلة الحاصلة الآن الثقل الذي أحمله على كاهلي فقد تعودت أداء الواجبات والمهمات فورا أما الآن فلا أستطيع ذلك، لا أستطيع تجاهلها أو حتى القيام بها لأنها عميقة منها أن وطني سوريا تدمر فيصعب على المرء العيش دون وطن يفتخر به أو والدي كبير في السن وعلى سن التقاعد ولا يوجد معين لنا إلا الله ومنها أريد الزواج ولا أعرف كيف ومنها الدراسة والمستقبل ومنها المجتمع الفاسد المسلم وغير المسلم الذي يحيط فيني وغيره الكثييير فيصعب علي حل كل هذه المشاكل ولا أعرف كيف!! فكل يوم دون استثناء أعيش مع هذه الأفكار أو الوساوس المهمة وغير المهمة.
ملحوظة قد تفيد في التشخيص: أبعد الله عنا كل شر كنت أدخن نبتة الماريجوانا لفترة تقريبا شهر إلى شهر ونصف، وكنت عندما أدخنها أدخل في حالة تركيز وتفكير عميق جدا جدا جدا، أستطيع حل أعقد وأعتى المشاكل التي يذهل العقل فعلا بمعنى أنني عندما كنت أجلس مع أحد أصدقائي وأنا أدخنها كنت أخبره بأشياء يذهل لها عقله لعمقها ودقتها... الحمد لله تركتها أعاذنا الله منها ولكن استمرت مشكلة التفكير طبعا ليس بنفس الدرجة ولكن موجودة ما عكر علي صفو حياتي
العلاج الحقيقي عند الله سبحانه أتمنى أن أجد سببه عندكم
إما طريقة أو نصيحة أو دواء، بارك الله فيكم ونفع بكم.
14/12/2021
رد المستشار
صديقي... العلاج الحقيقي عند الله ولكن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم (أفكارهم وأفعالهم).
عليك بفهم الآتي:
العقل البشري يحب التفكير والإبداع وينتنج ستين ألف فكرة في اليوم الواحد في المتوسط، من المستحيل التفكير في كل من هذه الأفكار والتعمق فيها وحلها (وكأنها فوازير أو مشكلات تحتاج حلا فوريا في مسابقة)، ليس من الضروري أن تنتهي من كل الأعمال والأفكار لكي تعيش يومك، التفكير في غروب الشمس مثلا لن يعجل به ولن يجعله يحدث وإنما سوف يحدث في ميعاده الذي هو خارج سيطرة البشر... هناك رب لهذا الكون يسيره ويديره كيفما شاء وليس من اختصاصنا نحن البشر.
مهمتك في استذكار المعلومات الطبية هي مهمة كبيرة وليس من العقل أو المنطق أن تقوم بهذه المهمة بدون تجزئتها والصبر على نفسك في تحصيل العلم، انشغالك بالمعلومات هو شيء جيد ومحمود ولكن إن كان يمنع عنك النوم فهو شيء غير صحي... من الممكن تأجيله إلى اليوم التالي بعد أن تأخذ قسطا وافرا من الراحة التي سوف تساعدك على تحصيل المعلومات وحفظها... بدلا من أن تقطع نومك، أعط نفسك الراحة اللازمة ثم ابحث عن الإجابة لأسئلتك أو المعلومات التي تريد ترسيخها في ذاكرتك في الصباح.
ليس من شأنك الآن التفكير في الوطن والحروب والفساد والزواج... شأنك الآن هو تحصيل العلم والاستمتاع بالحياة الدراسية والتعرف على المجتمع الروماني بدلا من الانعزال عنه... لقد خلقنا الله من ذكر وأنثى وجعلنا شعوبا وقبائل لكي نتعارف (راجع القرآن سورة الحجرات آية 13) وليس لكي ننعزل عن بعضنا البعض.
اعلم أيضا أن هناك إله أكبر وأقوى من العالم ومن الكون وهو الوحيد القادر على حل جميع الأفكار والمشاكل والأزمات ولكن في التوقيت الذي يختاره هو وبالطريقة التي يختارها هو وبدون أن يتدخل في حرية إختيار البشر... لا أحد يمكنه فهم هذا بدقة وتطبيقه على كل شيء إلا الله عز وجل... دع الخلق للخالق وركز على مهمتك الحالية وهي الدراسة والاستمتاع بالحياة الدراسية وتكوين صداقات صحية مع المجتمع الذي تعيش فيه.
لكي تنام يجب أن تسترخي أولا... تدرب على الاسترخاء عن طريق التنفس العميق البطيء، مارس الرياضة البدنية أثناء اليوم وليس قبل النوم ثلاثة مرات في الأسبوع على الأقل، وفي الليل فكر في أنك سوف تكون أفضل في الغد مما كنت عليه اليوم... فكر في كيف تحقق ذلك، تخيل نفسك تؤدي الأداء الذي يرضيك مع الحفاظ على أن يكون منطقيا وممكنا وليس لجلد الذات... تخيل أنك تمشي على شاطئ البحر أو في حديقة أو في أي مكان يساعدك تخيله على الاسترخاء... بعد عدة أيام أو أسابيع من هذا، سوف تستطيع النوم سريعا.
إن استعصى عليك الأمر فلا بأس من مراجعة معالج نفساني لمناقشة هذه الأمور
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب