عندما كنت صغيرة كنت أعاني من مشكلة الخجل لحد كبير جدا، ولكنني ولله الحمد قد تجاوزت تلك المشكلة عندما دخلت نطاق العمل، بل أراني أزداد كل يوم قدرة على التحرر من قيوده، قد تلاحظون المبالغة ولكن ذلك لشدة ما لاقيت منه. نعم رحل الخجل من مساحات كثيرة من حياتي وبقيت ساحة أخرى أبي أن يغادرها كنت أظنها عادية في البداية ولكني تعذبت لأجلها عذابا وعشت وأعيش بسببها أيام هم واكتئاب ولذلك كتبت لكم.
أعاني من مشكلة الخجل الكبير من الرجال ولا أقدر أن أتعامل معهم وعلى الأخص العزاب ورغم متطلبات العمل الملحة وهذا ما يجعلني أتعرض لإحراجات من قبل الآخرين كما يقلل من ثقتي بنفسي ويحرمني من أنشطة كثيرة أريد أن أقوم بها، كما قد يبين للطرف الآخر بأنني مغرورة وغريبة لأنني أنسحب من تلك المواقف، وكثيرا ما أبرر لنفسي بأنه خجل عادي، بل إنه طبيعي؛ لأن الإسلام قد فصل بين مجتمع الرجال والنساء، فهل هذا صحيح؟
الحقيقة أن هذه المشكلة جرجرت من المشاكل ولا زالت تجرجر ما قد أنهك قواي وعذب قلبي لما تلقيه في نفسي من حيرة وقلق وتساؤلات وإحباط وتأنيب الضمير فضلا عن عدم الثقة بالنفس.
ولا أدري ربما كان هذا الخجل سببا لسرعة جذب الطرف الآخر لي، نعم كان ذلك مذ كنت بالجامعة وحتى اليوم.. في أول سنوات العمل أعجب أحدهم بي لدرجة أن أصبح يتعقب خطواتي ويلاحقني وأراه دائما في طريقي، بل حتى حيث أختفي وكل ذلك بنظرات صامتة ومن دون كلام وعبارات لأنني كنت أتجاهله بل أهرب حين يظهر، لا أدري أحس أنني أريد أن أدفن نفسي من الخجل بل الخوف وقد لاحظت ذلك زميلاتي ولكن من دون أن يتكلمن ولكن بتلميحات مستمرة واستمر هكذا لشهور عديدة.
في البداية لم أهتم به رغم شعوري بالفرحة والمتعة بأن هناك من يهتم بي -باستثناء المواقف التي أراه فيها- ولكن بعد فترة أصبحت أهتم به كثيرا ولكن من دون أي إبداء له بذلك، إذ كيف أبدي؟ بل إن تصرفاتي الخارجة عن إرادتي قد تترجم له غرورا وتكبرا وكرها بينما هو يزداد توددا وحبا، أدري أنني مخطئة فقد ظللت أتذكره بشكل رهيب لحلاوة ما أجد ولأنني بحاجة كبيرة لعواطف وحب وحنان، لا أدري لماذا؟ مع أنني محبوبة في البيت.
شعرت بتأنيب الضمير وبحرمان نفسي من الشخص المناسب فقد كان بكل الصفات التي تحلم بها كل فتاة كما أن القدر قد جمع بيننا في مواقف ومناسبات كثيرة حتى أرغمتني الأيام بتذكره بمرور كل مناسبة، ولكنني كنت أدافع عن نفسي فأقول لقد بالغ في تصرفاته وأحرجني أمام الزملاء والزميلات وبأن أسلوبه ينم عن فكر مراهق ثم لو أنه كان يريدني لتقدم لي من دون أي ملاحقات ولكنها أيضا صعبة فسوف يشعر بالإحراج وربما الإهانة، لم أدر أنني أحبه إلا بعدما مر العام ورحل وبقي قلبي يحن له حنينا ويشتاق له شوقا، تقدم لي بعده الكثير غير أني لم أكن أرى ولا أريد أن أرى سواه في قلبي.
وجاء عام آخر وإذا بآخر صاحب شخصية ووسامة وأخلاقا وإذا به يهتم بي بنظراته وخطواته ويمر العام ليرحل هو الآخر، ولكن هذه المرة لم أعجب به فأنا لا أرى سوى البطل السابق مع أن زميلاتي كن يتمنينه، حتى عجبت من قلبي.
وجاء عام آخر وإذا بآخر لا يقل عنه شخصية ووسامة وأخلاقا وأدبا وتدينا واحتراما من الجميع وإذا به يهتم بي كثيرا، بل إن إحدى زميلاتي أخبرتني بذلك وهي تعرف أنه ينتظر إشارة مني وسيتقدم لي. وهنا بدأت أستوعب رحيل ذلك البطل وبت أكثر واقعية ولكن لم أزل محتارة كثيرا ومتضايقة من نفسي ومتعجبة من قلبي الذي لا يدري ماذا يريد فقد أصبحت حقا لا أدري ما أريد؟
في هذه المرة بدأ بمحاولات كلامية رغم أنه لاحظ شدة خجلي وهذه المرة أراني أزداد حيرة فأنا أعتقد أن الخجل ليس وحده السبب بل حبي السابق الذي لم يستطع أن يهاجر قلبي فهذه المرة أصبحت أقل خجلا نعم، فأنا أتعجب من قلبي لماذا لا يستجيب لمن أحبه؟ مع أن الزميلات يتمنين ذلك وأحيانا أقول ربما يكون ابتلاء أو عقابا.
لا أدري ماذا يحدث لي؟
ولا أفهم نفسي، إنني مقتنعة تماما بأنني لن أتزوج إلا من يختاره الله لي ولا أريد إلا ذلك فأنا واثقة بأن الله لن يختار لي إلا الأفضل، ولكن أريد من يحكم على تصرفاتي وأن أفهم نفسي، هل أنا معذورة أم أنا مريضة أم مذنبة أم ساذجة؟
أم ماذا يحدث لي؟
واعذروني على الكلام الكثير والأسلوب المتشتت وشكر الله لكم قبلا وبعدا.كتبت هذه الاستشارة وتم الرد عليها من أحد المختصين جزاه الله خيرا، غير أن تطور الأمور جعلني أكتب لكم: لقد أصبحت مقتنعة بالشاب الجديد وأريده وهو يهتم بي كثيرا.. فأين المشكلة؟ أصبحت أخاف ألا يفهم إحساسي ويرحل هو الآخر وأعود لحسرتي.
نعم يستحيل أن أقف أو أن أشير بنظرة أو وقفة تظهر له ترحيبي بالأمر وحتى لو فعلت فما أدراني ربما لا يدرك تفسيرا لذلك، فماذا أفعل لكي لا أندب حظي وأشعر بتأنيب الضمير؟ إذا كان هذا هو الصحيح فلا أبالي، فأنا لا تهمني النتيجة بقدر ما تهمني الطريقة لأني احتمل كل شيء إلا تأنيب الضمير والندم. فهل الصحيح أن أتصرف بشكل عادي مع الدعاء طبعا أم أن الأخذ بالأسباب يستدعي أن أريه ترحيبي؟
أرجوكم قد تبدو تساؤلاتي مضحكة ولكنها الحقيقة فأنا لا أكتب لهدف الزواج بقدر ما أكتب لأني أريد تفسيرا لشخصيتي التي لا أفهمها وبقدر ما أريد معرفة الحقيقة والصواب فأنا لا أريد أن تنقضي القصة ويرحل وأبقى بين حيرة التساؤلات وتأنيب الضمير.
واعذروني مرة أخرى فأنا لم أكد أن أصدق بأنني انتهيت من مشكلات حياتي من خوف وقلق منذ دخلت مجال العمل حتى أتت هذه المشكلة لتعيد لي تلك الأحزان والشك في ثقتي بنفسي فأخبروني جزاكم الله كل خير أين الصواب؟ أين الصواب؟
هل كانت تصرفاتي عادية في المرة الأولى؟ أم كنت مخطئة ووجب لو فعلت شيئا؟ أم كان هو المخطئ الذي جعل فتاة تتعلق به ثم هرب؟ وماذا عن هذا الجديد الذي أشعرني ويشعرني كل يوم باهتمامه بي؟ ماذا لو رحل؟ كيف أفسر الأمر؟ هل أؤنب نفسي؟ أم أنه هو المخطئ الذي لم يتقدم لي، بل كان يريد إشباع حاجة في نفسه بالنظرات؟ أرجوكم أخبروني ما الصواب؟ ما تفسيركم أنتم لما يحدث؟ فما من صديقة أستطيع أن أبوح لها؟
ولكم جزيل الشكر
ودمتم ذخرا للإنسانية.
26/12/2021
رد المستشار
صديقتي
الخجل الشديد سببه الخوف من رأي الآخرين ورفضهم لنا، الرجال مثل النساء يخجلون ويخافون الرفض أيضا.
تقولين أنك أحببت الشخص الأول... البطل الذي اختفى، كيف تحبينه وأنت لا تعرفين أي شيء عنه من حيث التعامل؟
تقولين أنك تريدين أن يختار الله لك ولكن هذا مفهوم خاطئ... الله لا يتدخل في حرية اختيار البشر وإلا كان قد تدخل في أكل آدم وحواء من الشجرة أو جعل الناس كلهم مؤمنين.
من المهم أن تتعاملي مع الرجال على أنهم بشر مثلهم مثل الإناث، خصوصا في العمل... الإسلام لم يفصل بين مجتمع الذكور ومجتمع الإناث وإنما وضع حدودا وإرشادات في التعامل مثله مثل أي من القوانين البشرية التي تنظم أي شيء.
كيف يفهم إحساسك من لم يحادثك ولم يتعامل معك؟؟ وكيف تفهمين أنت إحساسه أو إحساسك بدون أي تعامل؟؟ قراءة الأفكار والأحاسيس مسألة مستحيلة فيمن لا يعرفون بعضهم البعض، وهي أيضا صعبة صعوبة بالغة فيمن يعرفون بعضهم البعض.
عليك أن تفكري وتكتبي صفات الشخص الذي تريدينه كشريك للحياة، من فهمك لما تريدين في شريك الحياة يمكنك تحديد ما إذا كان الشخص مناسبا لك أم لا... ولكن هذا في النهاية يستدعي نوعا ما من الحديث والتعامل.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب