مشكلتي مختصرة
مشكلتي - باختصار - أن لي أصدقاء كثيرين وهم من أهل الخير والصلاح ولله الحمد، ولكني لا أعرف منهم من أبوح له بهمومي وأفتح له عقلي وقلبي.
ولي أسئلة محددة في هذا الجانب: هل من الضروري أن يكون في حياتي شخص من هذا النوع أبوح له بمكنوناتي؟ وما هي مواصفات هذا الشخص إن كان لا بد من وجوده؟ هل من الممكن أن يكون أحد أقربائي – أحد والدي مثلا؟ - وما هي الفوائد النفسية لوجود هذا الشخص في حياتي؟ هل هناك من السلف أو من الصالحين من اتخذ من إخوانه في الله هذا النوع من الأخ الذي يكشف له عما بداخله؟
أرجو الرد بإسهاب
شاكرا لكم حسن تعاونكم سلفًا.
31/12/2021
رد المستشار
الأخ الكريم، كلنا نبحث عن هذا الشخص الذي تبحث عنه... وكل من سبقونا في هذه الحياة بحثوا عنه... فلما يئسوا من البحث قالوا: إن المستحيلات ثلاثة: "الغول، والعنقاء، والخِل الوفي"، أي أنهم اعتبروا "الخل الوفي" شيئًا أسطوريًا، تمامًا مثل الغول والعنقاء.
هذا الصديق الذي تستأنس به في الطريق الموحش، وتستأمنه على سرك، وتسترشد برأيه عندما يحيرك أمر، وتتواصيان معًا بالحق والصبر، فيقيم عوجك إذا اعوججت ويشد أزرك إذا تعبت، وتتسابقان معًا إلى جنة عرضها السماوات والأرض.. ولكن أين هذا الشخص؟ هذا الشخص رزقٌ من الله يمنّ به على من يشاء من عباده وقتما يشاء، ويمكن أن يكون أيا ممن ذكرت، يمكن أن يكون والدك أو زميلك أو... أو ...
ولا تملّ يا أخي من البحث عن هذا الشخص، ولكن احذر كل الحذر أن يكون الأساس في هذه العلاقة هو أن "تبوح له بهمومك، وتفتح له قلبك"، فلقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم أنه: "من بث فقد اشتكى"، فليس من خلق المسلم أن يبثّ أو "يفضفض" لمجرد "الفضفضة" فإن هذا فيه نوع من "الشكوى" من القدر ومن الله سبحانه وتعالى.
والأولى أن تكون الشكوى لله وليس منه. ولكن لا مانع أن تكون هذه "الفضفضة" ليست هي أساس العلاقة، وإنما الأساس هو التناصح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.
وإن كنت تسأل عن أمثلة، فما أكثر أمثلة الصحابة والتابعين والصالحين، ولكن قبل كل هؤلاء ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصديقه أبو بكر الصديق رضي الله عنه أول من آمن بدعوته ونصره وهاجر معه، وزوجه ابنته، ثم أصبح خليفته بعد موته.
ندعو الله تعالى أن يرزقك "بالخل الوفي".